المحتوى الرئيسى

خبير: لولا إيران وروسيا وحزب الله لما بقي نظام الأسد حياً

03/15 22:56

DW: الحرب السورية توشك على دخول عامها السابع. سمعنا الكثير عن وحشية الرئيس السوري بشار الأسد. لكن حتى أكثر الزعماء دكتاتورية في العالم لا يمكنهم البقاء في السلطة دون حد معين من الدعم. ما الذي نعلمه عن الدعم الشعبي للأسد؟

يزيد صايغ: اليوم أعتقد، ومن خلال الحرب الأهلية، ليس هناك عدد كبير من السوريين الذين يرونه رئيسا عظيما. لكنْ هناك عدد كبير من السوريين لا يرون بدائل أخرى وفقدوا الثقة في المعارضة. لذلك لدينا ربما أعداد كبيرة السوريين الذين صاروا ينفرون من السياسة ولم يعودوا متحمسين للانخراط في العمل السياسي، وهذا المعطى من شأنه التأثير على أي انتقال سياسي من أي نوع. لكن تاريخيا لدينا رئيس وابنه حكما البلاد منذ سنة 1970، وأثبت كلاهما استعداده لاستخدام العنف الذي وصل إلى حد تعذيب السجاء أو عمليات القتل الجماعي كما حدث في مدينة حماه في فبراير 1982.

لكن كما هو الحال مع معظم الحكومات في كل مكان، هذا النظام يعتمد أيضا على استمالة الناس وضمان ولائهم من خلال تقديم نوع من المكافآت الاجتماعية والاقتصادية. وهكذا، في الواقع، حظي نظام الأسد بنوع من التسامح الكبير والتقبل في المجتمع بما في ذلك فئات انقلبت ضده في النهاية. بالتالي الريفيون وسكان المناطق الزراعية كانوا يعتبرون بشكل عام إلى غاية 2008 من داعمي النظام لأنهم يستفيدون منه. استفادوا في السنوات الأولى من سياسات التحرير الاقتصادي. فقط عندما بدأت الموارد تنفد، وبدأت المنافسة بين الدوائر المقربة من النظام أو في أجهزة الأمن تتوسع في الأسواق الخاصة والسوق السوادء، ومع تزايد الجفاف والهجرة من المناطق الريفية نحو المدن. فقط بعد كل هذا بدأت في السنوات القليلة الماضية تنقلب المواقف الداعمة للأسد سابقا ضده.

على الجانب الآخر، تبدو المعارضة منقسمة بشكل كبير. ما الذي يجعل من الصعب جدا على المعارضة الاتحاد تحت راية واحدة؟

هناك أسباب عديدة لذلك. احدها هو أن المعارضة لم تكن لها تقريبا أي خبرة سياسية بالمعني الجدي سابقا. على الأقل الأشخاص الذين تم الاعتراف بهم في الغرب وفي دول عربية كممثلين للشعب السوري أو المعارضة السورية. لم تكن لهم خبرة في العمل الحزبي لأن العمل الحزبي كان ممنوعاً، ما لم يكن ضمن في إطار حكومة حزب البعث. وهناك سبب أهم قد يكون غياب نقابات مستقلة للتجارة، وغياب النقابات العمالية والنقابات المهنية التي يمكن من خلالها للناس اكتشاب خبرة العمل الجماعي.

إن الأمر يختلف كثيرا عن الحالة الفلسطينية، فالفلسطينيون بعد فقدان وطنهم او طردهم منه في 1948، انخرطوا بشكل كبير في الأحزاب السياسية في البلدان التي استقبلتهم. وبحلول الوقت الذي برزت فيه منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة مسلحة، كانت قد تأسست على خبرة حوالي 15 أو 16 سنة من بناء القواعد الشعبية. هذه التجربة كانت غائبة تماما في سوريا. 

الحرب السورية تبدأ عامها السابع دون حلول تلوح في الأفق

سبب آخر هو أنه على عكس الافتراضات الساذجة لمن لم يعيشوا في سوريا والتي تلخص الموضوع على أنه حراك ديمقراطي ضد نظام دكتاتوري قمعي أو صراع السنة ضد العلويين، المجتمع السوري في الواقع هو أكثر تعقيدا مما يبدو عليه. ليس هناك شخصية للسنة أو شخصية للعلويين. وكما هو الحال في أي حرب أهلية أخرى يوجد في الواقع الكثير من التوجهات المختلفة اجتماعيا واقتصاديا على المستويات المحلية كما نرى اليوم في المعارضة المسلحة التي تضم الآلاف من من الجماعات المسلحة المختلفة كثيرا بضعها عن بعض.

في نهاية المطاف نجد أن النظام السوري سواء مع حافظ أو بشار الأسد، لطالما فرض سلطته من خلال تعامله بطرق مختلفة مع كل جزء من البلاد ومع كل فئة من المجتمع السوري. بالتالي لم يتعامل مع كل المزارعين بنفس الأسلوب وكذلك مع السنة وسكان المدن. سكان حلب مثلا مُنحت لهم حرية كبيرة في تطوير التجارة واجتذاب استثمارات من تركيا المجاورة. الرقة حظيت بدعم حكومي كبير. بالمقابل دير الزور كانت معاقبة بسبب الاحتجاجات على اصطفاف سوريا ضد العراق سنة 1991 في حملة تحرير الكويت بقيادة الولايات المتحدة. دير الزور كانت تربطها راوبط قوية بالمجتمع العراقي وبالتالي حرمت من الموارد وتم تجويعها من طرف النظام. إذن النظام يحكم دائما بطرق مختلفة في مناطق مختلفة.

وأعتقد أن لهذا أثراً تجلى في أن المعارضة نفسها تميل إلى تقليد النظام في ما يتعلق بوجود توجهات مختلفة ومخاوف مختلفة أيضا في كل منطقة. كل هذا لم يعمل لصالحها.

يزيد صايغ، باحث رئيسي في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت

وفي الأخير لدينا أيضا دور القوى الخارجية: الحكومات الغربية وحكومات الخليج بالخصوص التي تدعم المعارضة، بدأت بسرعة كبيرة في اتباع ما تتلوه أجندتها الخاصة، وتمويل مجموعات مختلفة ومستقلة بعضها عن بعض. هذه القوى اتبعت أيضا نماذج أيديولوجية وسياسية مختلفة فيما يتعلق بدعم المجموعات الإسلامية أو المجموعات غير الإسلامية وغير ذلك. هذه الحكومات الخارجية لم تحسن التنسيق بينها. وحتى عندما بدأت التنسيق من خلال مراكز العمليات العسكرية في عَمَّان وتركيا، فشلت في تجميع مواردها والاتفاق على أجندة موحدة، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضة المسلحة داخل سوريا.

كل هذا قوض بشكل أساسي تماسك المعارضة وأضعف محاولات ممثليها المعترف بهم في فرض سيطرتهم على من يتبعونهم.

ما مدى مسؤولية التأثيرات الخارجية على تحول الاحتجاجات السلمية إلى حرب وحشية؟

لا يوجد مجتمع منعزل تماما عن العالم الخارجي ومنطوٍ على نفسه بشكل كامل باستثناء ربما كوريا الشمالية، ومنه فالتأثير الخارجي موجود دائما. حتى عندما يحاول الخارج ألا يفعل شيئا إطلاقا فيبقى هذا تأثيرا خارجيا كذلك. لذلك علينا أولا تقبل فكرة أن التأثيرات كانت وسوف تبقى موجودة دائما وأننا لا يمكننا تحميل أمر واحد كامل المسؤولية عن تداعيات أو اتجاه سياسي معين. لكني أرى رغم ذلك أن العام الذي بدأ فيه الصراع، أي 2011، كان مهماً للغاية. أولا لأن أمرا مهما حدث في بداية 2011: ففي تونس ومصر انتفض الناس وتخلصوا من الأنظمة الدكتاتورية القائمة على رئيس مدى الحياة.

 لقد كان ذلك حدثاً دراماتيكياً وأثر في العديد من الشعوب الأخرى كالبحرينيين الذين انتفضوا ضد النظام الملكي والسوريين بطبيعة الحال. هذا كان جانبا من التأثير الخارجي. ضف إلى ذلك تقديم الغرب الدعم لتلك الانتفاضات، سواء أكان ذلك سياسيا أم خطابيا، ثم دعمه الانتفاضة الليبية عبر التدخل العسكري، كل هذا كان له أثر هائل على السوريين وتطلعاتهم. إذ أنه أقنع المعارضة السورية على سبيل المثال بأن الغرب ملتزم حقا بدعمها وهو ما جعلها تثق فوق اللزوم في قرب سقوط نظام الأسد. وفي العام التالي حدث أمر آخر في غاية الجدية، عندئذ قرر السعوديون، لأسباب لا تتعلق بسوريا مباشرة وإنما ترتبط بتنافسهم مع إيران، التصعيد ضد نظام الأسد واتجهوا لمجلس الأمن لاستخراج قرار يطلب رحيل الأسد. كان ذلك تصعيدا دبلوماسيا وسياسيا في غاية الجدية حظي بتأييد الغرب الذي دعم الخطوة عوض أن يقول للسعوديين: "علينا أن نتشاور أولا مع روسيا والصين لأننا في حاجة لضمان موافقة الجميع على اتخاذ هذه الخطوة التي كان سيترتب عليها تبني مجلس الأمن لموقف قاس جدا". وهكذا مضى السعوديون والغرب قدما وانتهت الخطوة باستعمال الروس والصينيين حق النقض.

رئيس النظام السوري بشار الأسد في مقابلة مع التلفزيون الصيني في دمشق.

أعتقد أن ذلك مثال آخر على سوء فهم الغرب حتى ذلك الوقت للوضع في سوريا وهو ما فعله تقريبا كل العالم: فرئيس الحكومة الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك مثلا صرح أنه كان يعتقد أن نظام الأسد كان سيسقط في عضون ثلاثة أسابيع، وعلى ما يبدو كانت روسيا تعتقد الشيء ذاته. بطبيعة الحال تمادى الغرب في تأييد موقف المعارضة السورية بدون التأكد من تقييم الوضع بجدية. وبعدها بأسبوعين أو ثلاثة غيرت الحكومات الغربية سياساتها وأيدت خطة لمجلس الأمن الدولي طالبت في منتصف مارس/ آذار 2012 بوقف لإطلاق النار وإجراء مفاوضات. هذا الموقف كان أقل تطرفا من سابقه بطبيعة الحال.

أمامنا إذن سياسات أمريكية وفرنسية وبريطانية خاصة مدعومة تقريبا من سائر الأوربيين، انخدعت بتقديرات مبسطة فوق اللزوم حول طبيعة النظام السوري ومكانته في المجتمع وسقوطه فورا وهذا ما شجع المعارضة على التفكير بتفاؤل زائد. وهكذا تعامل كل من الطرفين مع الآخر بتطلعات خاطئة وتورط بسببها.

ما قصدته بالتأثير الخارجي في المقام الأول هو تمويل الجماعات المسلحة من قبل السعودية وقطر والأنظمة الملكية الخليجية الأخرى التي قدمت الدعم لجبهة النصرة عبر تركيا مثلا. لكن رغم ذلك، ماذا عسانا نتوقع من مفاوضات أستانا التي انطلقت أمس الثلاثاء (14 مارس/ آذار 2017) وجنيف 4 التي ستبدأ الأسبوع المقبل نظرا لهذا العدد الكبير للاعبين الخارجيين في سوريا؟

جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي أو جامع بني أمية هو أكبر وأحد أقدم المساجد في مدينة حلب السورية. أصبح جزءا من التراث العالمي منذ عام 1986. شيدت مئذنة المسجد في عام 1090 ودمرت في نيسان/ أبريل من العام 2013 نتيجة للمعارك التي اندلعت هناك خلال أحداث الحرب.

تأثر الجامع بالمعارك الدائرة في حلب خلال الحرب السورية سنة 2013 فبالإضافة إلى تدمير مئذنته وسط اتهامات بين المعارضة والنظام، تعرضت مكتبته التاريخية للحرق نتيجة للمعارك الدائرة في محيطه. منذ نيسان/ أبريل 2013 اُعتبر المسجد من أحد مناطق الاشتباكات بين الثوار وقوات الحكومة السورية، التي تتمركز بمنطقة غير بعيدة عن المسجد.

سوق حلب القديم من أبرز معالمها التاريخية ويسمى أيضا بـ "بازار حلب" ويضم العديد من الأسواق التاريخية باعتبار أنه ينظر إلى حلب كعاصمة اقتصادية لسوريا ومدينة تجارة بامتياز. سوق حلب كان من المواقع التي كان السياح يحرصون على زيارتها.

شيدت معظم أجزاء السوق في القرن الرابع عشر وسميت حسب أسماء الحرف والمهن المزاولة فيها، مثل سوق الصوف. السوق منح للتجار ولبضائعهم خانات متواجدة حول الأسواق. أخذت الخانات أيضاً أسماءها من مواقعها وحرفة السوق الواقع فيه. كانت هذه الخانات قبل الحرب تتميز بواجهاتها الجميلة المحصنة بالأبواب الخشبية المتينة.

أما اليوم فقد تحول السوق الكبير إلى كومة ضخمة من الخراب والدمار والأنقاض بسبب المعارك الشرسة بين قوات الجيش النظامي وقوى المعارضة المسلحة.

وحتى المحلات والدكاكين، التي لم تدمر بالكامل أغلقت وانتهى النشاط التجاري في هذه المنطقة، وذلك بسبب استمرار الوضع المتردي.

قلعة حلب الأثرية التي تعتبر أيضا من أبرز معالم المدينة السياحية وهي مدرجة ضمن التراث العالمي. لم تتأثر بشكل كبير من الحرب لكن في أغسطس 2012 تعرضت بوابتها الخارجية لأضرار نتيجة قصفها إثر اشتباكات دارت بين الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي في محاولة السيطرة على القلعة.

صورة من فوق تظهر الفرق بين محيط قلعة حلب التاريخية قبل الأحداث وبعدها. دمار كبير غير ملامح المنطقة نتيجة المعارك القوية.

صورة شاملة لحلب من فوق تعود لسنة 2007، أي قبل أربع سنوات من بداية الصراع السوري.

حلب التي تعتبر من أقدم مدن العالم، ومحجا للسياح والمهتمين بالتاريخ تحولت اليوم إلى منطقة إستراتيجية تخضع لحسابات الحرب والتحالفات العسكرية.

باتت قوات الأسد والميليشيات الموالية لها تسيطر على أكثر من 85 في المائة من مساحة الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. وبات مقاتلو المعارضة محصورين داخل عدد من الاحياء في جنوب شرق المدينة، وسط مساعي لخروجهم عبر ممرات آمنة.

حلب الشرقية ما تزال تحت القصف..مقاتلو المعارضة ما يزالون يتحصنون في بعض الجيوب، بعد تقدم كاسح لقوات نظام الأسد فيما تبقى من أحياء المدينة.

المدنيون يحاولون الفرار من مناطق القصف في شرق حلب...منذ بدء هجوم قوات الأسد على شرق حلب في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 384 مدنيا بينهم 45 طفلا في حلب الشرقية جراء القصف والغارات والمعارك، فيما قتل 105 مدنيين في غرب حلب نتيجة قصف من مقاتلي المعارضة.

الأمم المتحدة أبدت قلقها ازاء معلومات حول فقدان المئات من الرجال بعد هروبهم من شرق حلب إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام، وكذلك منع آخرين من الفرار من مناطق المعارضة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل