المحتوى الرئيسى

عبد الله السناوى في «ندوة اليوم الجديد»: «الإخوان» لن يظهروا مرة أخرى قبل 20 عامًا

03/14 21:46

من النسخة الورقية للجريدة الأسبوعية.. كل يوم أحد مع الباعة

- السناوى فى «ندوة اليوم الجديد»: البرلمان يبرر فشله بالهجوم على الصحافة.. ومستوى الإعلام المصرى مزرٍ

- السيسى المستفيد الأول من حكم مصرية «تيران وصنافير».. و«الجن الأحمر» لا يستطيع أخذ الجزيرتين

- مشروعا فيلمين لم يكتملا عن قصة حياة هيكل.. ولم يكن يحب متابعة الأعمال التى تجسده على الشاشة

ضيف خفيف إنسانيا لكنه من النوع الثقيل صحفيا وفكريا، هكذا حضر الكاتب الصحفى الكبير والمحلل السياسى عبد الله السناوى إلى جريدة «اليوم الجديد»، الأحد الماضى، فى ندوة استمرت لساعتين، تناول فيها مع إدارة الجريدة وأسرة التحرير، تفاصيل الصورة الآنية، وأجاب عن أسئلة عديدة لاحقته طوال الجلسة.

البداية كانت بالسياسة، ثم حديث باستفاضة عن الإعلام الذى هو «أمن قومى» فى رأيه، قبل أن يتطرق الحوار إلى دور مجلس النواب ومعركته الأخيرة مع الصحافة، ثم قراءة فى الصورة الداخلية بمصر، قبل أن نختتم الحوار باستعادة سيرة الراحل الكبير محمد حسنين هيكل، الذى انتهى السناوى -وهو تلميذه النجيب- مؤخرا من كتاب عنه بعنوان «أحاديث برقاش: هيكل بلا حواجز»، نُشرت منه فصول فى صحف مصرية وعربية.

السناوى، بدا -كعادته- قلقا على أوضاع عديدة، ومحذرا من تصرفات لا يرضاها، ومشددا على اعتبارات وطنية وقومية فى الإعلام والسياسة بدا أننا نسيناها، لكنه فى كل ذلك كان -كعادته أيضا- موضوعيا ومنطقيا، حتى عندما تأخذه الحماسة والشغف بمهنته ومهنتنا المقدسة؛ الصحافة، وكان لنا معه هذا الحوار:

• كتبت مقالًا اقتبست فيه مقولة كاتب أمريكى يقول «نخشى أننا لو انتخبنا ترامب لا يحترمنا العالم»، كيف ترى توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؟

- ترامب بشكل أو بآخر صفحة عابرة فى تاريخ أمريكا، الصراع أمامه ضارٍ، هو دخل سلسلة المعارك مع دول أمريكا اللاتينية والمسكيك والصين بجانب تحرشاته بإيران ورغبته فى الحصول من الخليج على المال مقابل حمايتهم، كما أن مشروع إقامة مناطق آمنة بسوريا غير واضح المعالم، وهناك أيضا أزمات داخلية بعدائه للإعلام والأجهزة الأمنية والقضاء والأقليات، هذا يؤكد أنه لن يستمر طويلًا، خصوصا مع الحديث عن علاقته بروسيا، التى قد تؤدى للإطاحة به، وعامة إذا مر بولايته الأولى لن ينتخب ثانيا، وهو ما يجعل الوضع الأمريكى مرتبكًا.

• فى ظل هذا الارتباك، كيف تقيم العلاقات المصرية الأمريكية؟

- يتردد كثيرا فى الفترة الحالية حديث عن توافق أو «كيميا» بين ترامب والرئيس عبد الفتاح السيسى، وأن العلاقات الشخصية والتشابه بينهما ستغير السياسات الدولية، هذا الحديث يجب أن يخفف من الإعلام المصرى قبل زيارة الرئيس لواشنطن، لأثرها السلبى والتى ستعود بحملة مضادة من الإعلام الأمريكى ضد مصر، خصوصا فى ظل أزماتنا مع الولايات المتحدة.

• ما هى أبرز تلك الأزمات فى رأيك؟

- الأزمة الأولى بدأت منذ 30 يونيو، والأحداث التى صاحبتها، فهناك نوع من الكراهية لمصر، خصوصا مع الانتقادات للملفات الحقوقية، وسيضاف لذلك أزمة التشابه بين ترامب والسيسى، لأن علاقة الرئيس الأمريكى بإعلامه وصلت للكراهية المعلنة والمتبادلة، فالحديث حول التوافق سيحمل مصر عبء هجوم جديد.

ترامب يتحمل مسئولية سياساته، التى هى بالمناسبة سياسات خرقاء، تثير عداء العالم، ونحن لسنا طرفا لنحمل أنفسنا أخطاء ترامب.

• وما رؤيتك لسياساته بشأن المنطقة العربية؟

- سياسات مزعجة، واللقاء الذى جمعه بنتنياهو يؤكد أننا أمام سيناريوهات خطيرة، سيناريو نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، وسيناريو عدم الاعتداد بالقرار الأممى بشأن تجريم المستوطنات، والذى شهد إجماعا دوليا، وكان أيضًا أداؤنا وقتها متراجعًا ومرتبكًا، عندما سحبنا مشروع القرار، ثم صوتنا لصالحه، بجانب الحديث عن حل الدولة الواحدة كبديل لحل الدولتين، وهو بالطبع لا يقصد دولة تجمع العرب واليهود، فهذا سيناريو مقبول لأنه خلال 10 سنوات سيكون العرب أغلبية، لكنه يقصد دولة يهودية، وهنا ستظهر حملة التطهير العرقى ونقل الفلسطينيين للخارج، والحديث عن تبادل أراض أو نقل الفلسطنين لسيناء، وهذه سيناريوهات حقيقية وليست مجرد تسريبات.

• وماذا يجب أن يكون دورنا؟

- أن نتكلم بوضوح واستقامة وخشونة أكثر مع الولايات المتحدة، ونؤكد أن هذه الأمور خطوط حمراء، حل الدولتين لا تراجع عنه، القدس الشرقية عاصمة فلسطين، بناء المستوطنات مجرم دوليا، وأن أراضى مصر مقدسة وغير مقبول التنازل عنها ولا يجب طرح هذا الأمر، فهو مثل باب جهنم غير مقبول فتحه.

• ننتقل للشأن الداخلى، ما هو تقييمك للوضع الإعلامى فى مصر حاليا؟

- أصبحت حقيقة ملموسة لا يمارى فيها أحد، أن المشهد الإعلامى المصرى مزرٍ لا يحترمه ولا يثق فيه أحد، المأساة كبيرة، وكنا إعلام عريق له تاريخ فى الحرية، ورواد بالمنطقة العربية والآن أصبحنا فى ذيل القائمة.

• كيف ترى الاهتمام بالقنوات الفضائية، وفى المقابل إهمال تام من قبل الدولة لماسبيرو؟

- أكبر جريمة تتم الآن هى إطلاق رصاصة الرحمة على ماسبيرو، نحن أمام قلعة ضخمة، فجميع الفنيين والكوادر الذى عملوا بالقنوات الخاصة وعلموا الأشقاء العرب ودفعوهم للحاق بركب الإعلام الحديث خرجوا من ماسبيرو، وعندما يصل الأمر ببعض مؤسسات الدولة أن تنشأ محطات فضائية خاصة تكلف مليارات حسب التقديرات، ولديها قلعة كبيرة اسمها ماسبيرو، فهذه جريمة.

• التبرير الذى يقدم فى هذا الشأن هو ارتفاع عدد الموظفين فى المبنى وترهله.. فما الحل؟

- صحيح هناك تضخم فى عدد الوظائف فى ماسبيرو ويعود هذا للمجاملات إلا أنك عندما تتدخل لإصلاحه تدخل من المدخل الخطأ، وهو لفظ «هيكلة ماسبيرو» مما يعطى طابعًا للعاملين أنهم أمام مجزرة فصل. رأيى أن المدخل يجب أن يكون مهنيًّا.

- مثلًا ندمج القناة الأولى بالفضائية المصرية، ونأخذ أفضل المهنيين من مصورين ومعدين ومخرجين، ونكون قناة فى مدينة الانتاج الإعلامى، ونرفع الرواتب للمنافسة، ونضخ الإعلانات التى تأتى للقنوات الخاصة فى هذه القناة، هذه تكون البداية، وتكون القناة باسمك وتستفيد من العائد الذى سيضخ لإصلاح ماسبيرو.

• لماذا لا يؤثر إعلامنا فى المحيط المستهدف بقدر تأثير الإعلام الغربى؟

- يعود هذا للنظام العام الذى لا يساعد على التدريب ورفع الكفاءة، ودون قدر من الموضوعية والمهنية والحرية يكون الإعلام فقيرا، فإعلامنا يصرخ ويفقد صلته بمجتمعه بالتدريج، ولا يوجد لديه مهنية أو تنوع، مما يفقد المجتمع تماسكه الداخلى وعندها تدار مؤشرات التليفزيون للقنوات العالمية مثل BBC  وفرانس 24 وروسيا اليوم، أو العربية مثل الجزيرة والعربية، ونظرًا لأن المواطن لديه أنين اجتماعى لا يجد صداه فى الإعلام المصرى، وصل الأمر إلى أنه يذهب للقنوات الإخوانية.

وبشكل عام، عندما يفقد الإعلام قدرته على التأثير والمصدقية، فالرسالة الإعلامية تتبخر فى الهواء، لأنه فى حالة الرغبة فى توصيف شىء إيجابى يجب منح المشاهد الصورة الكاملة، ويكون حق النقد متاحًا، لكن حينما يتم التضييق على حق النقد فإنك تدمر تقاليد العمل الإعلامى فى الموضوعية والمهنية، وتصل لعدم تصديق أحد له.

•  البعض يقول إن الدولة تلجأ لإنشاء هذه قنوات خاصة لتكون موجهة للخارج؟

- حتى يكون واضحا، BBC  وفرانس 24، وغيرهما قنوات موجهة للعرب وهدفها نشر الثقافة الخاصة ببلادنها وأهدافها، وتؤدى رسالتها بشكل مهنى، ولكن فى بلادنها داخليا هناك تنوع فى القنوات، وكلٌ منها يقول ما يريد طبقًا لسياساته وانحيازاته، لكن فى مصر هناك تشوه فى ملكية القنوات.

• هناك اقتراح بأن يتم بث قنوات مماثلة بعدة لغات للبلدان الأوروبية، ما رأيك فى هذا الاقتراح؟

- «بلاش»، لأن المحتوى الذى سيقدم هو نفس المحتوى الذى نسمعه هنا، وهو ما سيزيد الإساءة لمصر، فأنت إذا لم تكن تستطيع مخاطبة الداخل فلن تستطيع مخاطبة الخارج.

• ما أثر الإعلام على الأمن القومى؟

- الإعلام حاليًا يعمق الفجوة مع الحاضر ويصنع الكراهية، ويعزز الانقسام المجتمعى ما قد يرفع معدلات الكراهية التى تؤدى لزيادة الجريمة الإرهابية، التى تتوافر البيئة الحاضنة لها، هذا بجانب أن تضييق المجال العام سيدفع المثقفين للانسحاب من المشهد، عندها تكون المواجهة بين الأمن والإرهاب، ولن ينجح الأمن إلا بمساندة الشعب.

• كيف تابعت هجوم البرلمان على جريدة الأهرام؟

- رأيت استعلاء من البرلمان وتحريضا على القدر المتاح من حرية الصحافة، فهناك معايرة من البرلمان لمؤسسة الأهرام، لنشرها خبرًا ينتقدهم، بأنهم يعطونهم أموالًا، هذا كلام غير مقبول فالأهرام إحدى مؤسسات الدولة، وليست من جماعات المتسولين على باب السيدة زينب، ولهذا الكلام سبب وهو أن البرلمان فشل فى الرقابة على السلطة التنفيذية والتشريع، وهنا بحثوا عن عدو متخيل لتبرير هذا الفشل.

• نبقى مع البرلمان، كيف ترى رفضه اعتماد عضوية عمرو الشوبكى إلى الآن؟

- يقول بعض النواب إن حكم محكمة النقض خطأ، وهو أمر غريب، إذا لم يحترم البرلمان أحكام القضاء، كيف يطالب باحترام الصحافة له، وإذا لم تكن الأحكام النهائية محل اعتبار، فكيف سينظر المواطن للبرلمان بالاعتبار، فعندما تسقط هيبة الأحكام تسقط هيبة نفسك، وبالتالى لإعادة احترام البرلمان لنفسه ومحكمة النقض يجب إعادة حق الشوبكى.

• من الحاضر للمستقبل، كيف ترى الحديث عن مد فترة الرئاسة؟

- مستقبل مؤسسة الرئاسة تحكمه الشرعية الدستورية التى حددت مدة الرئاسة وعدد فترات للرئيس كما منعت إحدى المواد تغيير هذه المواد. ما تقدم به أحد النواب مخالف للدستور، وهذه المعارك خاصمها الزمن والتطور الديمقراطى، نحن عانينا من حكم فرد 30 سنة، بسبب تغيير السادات لمادة بالدستور لم يستفد منها، وإذا أحب أحد أن يقول أننا لدينا عقدة مما حدث فنعم لدينا، نحن لا نعرف الظروف القادمة.

• بالحديث عن مؤسسة الرئاسة، هل ترى أن المشروعات التى تمت فى عهد الرئيس السيسى تعيد للأذهان مشروعات عبد الناصر وتدفع الاقتصاد للأمام؟

- قولًا واحد لا، كنت أحتاج لتحريك القطاعات الإنتاجية شبه المتوقفة، والتى تسببت فى أزمة الجنيه، كنت أحتاج دعم الاقتصاد، ولكن هناك بعض المشروعات لها منطق وأخرى لا لزوم لها والبعض ليس وقتها، فمثلًا العاصمة الإدارية لا لزوم لها، هذا مشروع عقارى مكلف، وهناك مشروعات من الممكن تأجيلها مثل شبكة الطرق، بينما مشروع قناة السويس مشروع مهم ولكن وقع فى خطأ أنه تم تدشينه فى سنة بدلًا من ثلاث، وتسبب فى تأجير كل كراكات العالم ودفع العديد من المليارات.

ويجب أن نعترف أن أزمتنا مع تلك المشروعات التهويل، فمثلا قناة السويس، هل أحد يتحدث عنها؟ وفى المؤتمر الاقتصادى، قالوا إننا جلبنا استثمارات بالمليارات، ومشروع المليون ونصف المليون فدان وهو رقم غير حقيقى، والمعلومات التى قدمت للرئيس لم تكن دقيقة، نحن لدينا أزمة رفع التوقعات عند المواطن.

• وكيف رأيت قضية جزيرتى تيران وصنافير؟

- تيران وصنافير مصريتان إلى الأبد، ولا يملك أحد تسليمهما للسعودية أو إلى «الجن الأحمر»، وهى قضية تتعلق بالأمن القومى فى البحر الأحمر، وأعتقد أن ما اُرتكب من الأخطاء جاء القضاء وصححه، ونظام الحكم الحالى هو المستفيد من الحكم رغم ما يتردد عن ذهاب الحكومة للطعن أمام المحكمة الدستورية.

يجب أن يعلم الجميع أن جزءا من حصانة مصر فى رفض أى مشروع صهيونى بشأن سيناء، تحقق فى قضية تيران وصنافير، ويبرز هذا فى ما قاله رئيس حزب العمال الإسرائيلى، أنه «إذا كان المصريون رفضوا تسليم تيران وصنافير هيتخلوا عن سيناء؟».

يجب أن نعرف أنه بمجرد رفع أى علم آخر على جزيرتى تيران وصنافير سينتهى كل شىء وسيفتح الباب على التنازل عن حلايب وشلاتين ثم سيناء، ولن يتوقف الأمر، لذا الحكم القضائى حافظ على وحدة مصر، والنظام هو المستفيد الأول منه.

• ننتقل لملف «الإخوان»، هل ممكن تكرار تجربة نجم الدين أربكان فى تركيا مع الإخوان فى مصر؟

- لا، صعب، أربكان وضعه مختلف، فالرجل لم يستخدم العنف، ورجاله هم من وصلوا للحكم، عكس الوضع بعد عزل الإخوان، فسواء التحريض على العنف أو الشماتة، لا تلقى قبول المصريين، وتجعل الجماعة بعيدة عن الظهور مجددا فى فترة من 10 إلى 20 عاما.

وعموما، أنا أطالب بضرورة إيجاد رؤية للتعامل مع الإخوان الذين انقسموا ثلاثة أقسام، الأول تخلى عن العنف ويريد العمل السلمى، والثانى ابتعد عن الصورة، والثالث إما فى السجن أو خارج البلاد.

يجب بحث ضرورة إيجاد حل فى إطار الدستور، ولا أمانع فى عودة من فى الخارج بشرط المراجعة والسير طبقًا للشرعية الدستورية، وأنا توسطت وفعلت هذا مع أحد الإعلاميين الذى عادوا دون أن يمسه ضر وكنت أنتظر أن تعمم التجربة، ولا أعرف لماذا توقفت، فهناك العديد من الأشخاص يعيشون حياة صعبة ويريدون العودة والتبرؤ مما حدث، فلماذ نبعدهم؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل