المحتوى الرئيسى

يا وزير الكهرباء: كهربتكوا ..كهربتنا | المصري اليوم

03/14 21:31

تصريحات وزراءنا أصبحت تثير الغم والهم في نفوس الناس، تصريح وزير الصحة الذي يتصدق على الشعب بالعلاج المجانى، جاء مواكبا لتصريح وزير الكهرباء عن الزيادة الكبيرة في أسعار الكهرباء في يونيو القادم .

أسعار الكهرباء تضاعفت بالفعل، فاتورة منزل استهلاكه بسيط تجاوزت 100 جنيه شهريا في فصل الشتاء، مع قدوم الصيف ومع الارتفاع الجديد في سعر الكهرباء، سترتفع فاتورة الكهرباء إلى مبالغ لن يكون بوسع شرائح كثيرة تحملها، وسيتوقف الآف المشتركين عن دفع فواتير الكهرباء ،وهو ما يحدث الآن بالفعل، ولا أظن ان المصالح الحكومية سترشد استهلاك الكهرباء، الشعب في النهاية سيدفع فاتورته وفاتورة الحكومة وفاتورة سارقى التيار الكهربائى.

«احمدوا ربنا إن مشكلة الكهرباء اتحلت، نسيتوا أيام مرسى وانقطاع الكهرباء بالساعات» كثيرا ما نسمع هذه العبارة، وهى الشقيقة الصغرى لحملة «احمدوا ربنا شوفوا سوريا وليبيا والصومال». بالعودة قليلا للوراء، نجد أن مصر لم تكن تعانى مشاكل كهرباء في عهد مبارك، فما حدث من تحسينات في المحطات العاملة وإنشاء محطات جديدة، أعادنا إلى فترة مبارك، مع الفارق أننا ندفع ثمن الكهرباء مضاعفا بدون دعم، والمشكلة الحقيقة التي يجب أن تؤرق السيسى وحكومته، كيف يمكن لمحدودى الدخل والفقراء أن يتحملوا أسعار الكهرباء الجديدة والتى لم تعد في متناول ايديهم، أولوية أي أسرة محدودة الدخل، إطعام الأفواه الجائعة، ونحن جميعا نلمس الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات والفواكه بعد تعويم الجنيه، سيلجأ أعداد كبيرة إلى التحايل وسرقة التيار الكهربائى، وهى مشكلة تعانى منها شركة الكهرباء بالفعل، أنا أعرف بعض العائلات البسيطة لم تعد قادرة على دفع فواتير الكهرباء، وبعد إنذارهم بقطع التيار الكهربائى، قدموا التماسا بتقسيط المبلغ، لعدم استطاعتهم الدفع مرة واحدة.

ناريندرا مودى رئيس وزراء الهند والرئيس السيسى كلاهما وصل لرئاسة بلده في نفس التوقيت تقريبا، مودى في مايو 2014 والسيسى في يونيو من نفس العام، كل منهما قضى في الحكم ما يقرب من ثلاث سنوات، وكل منهما قدم وعودا لناخبيه تتمحور حول العمل على نمو الاقتصاد، محاربة الفساد وتحسين حياة الفقراء. السيسى وعد بتوفير وخفض أسعار السلع والفاكهة والخضرعن طريق إلغاء الوسيط وتاجر القطاعى، ووصول الخضر والفاكهة من الحقل للمستهلك عن طريق سيارات مجهزة، يعمل عليها الشباب، وبهذه الخطة يضرب عصفورين بحجر واحد، يقلل أعداد العاطلين ويوفر السلع بأسعار معقولة، هذا المشروع لم ينفذ، بل حدث العكس ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكهة بشكل ملحوظ، وأصبح طبق السلطة الذي كان مكونا أساسيا على مائدة الأسرة المصرية مكلفا، حتى إن أسرا كثيرة استغنت عنه.

على الجانب الآخر، نجد مودى يرأس حكومة بلد يصل تعدادها إلى مليار وربع نسمة تقريبا، من بينهم 300 مليون هندى يعيشون بدون كهرباء وضعفهم بدون مراحيض وصرف صحى مناسب، فكان وعده أن يتم توصيل الكهرباء والصرف الصحى للجميع مع نهاية فترة ولايته، ولقد وعد ببناء 5 ملايين مرحاض في الـ100 يوم الأولى من حكمه. وضع مودى خطة زمنية لتوفير الكهرباء عن طريق محطات تعمل بالطاقة الشمسية وتوفير الواح الطاقة الشمسية للمنازل، ولقد حصل على قرض قيمته مليار دولار من البنك الدولى لهذا المشروع الذي سيوفر طاقة رخيصة ومستدامة للشعب وتحافظ على المناخ.

اخترت مثال المراحيض، الذي قد يراه البعض غير مناسب، لأنه مشكلة تؤرق فقراء الهند في الريف، ولم يخجل مودى من ذكرها أثناء حملته الانتخابية والتنويه على أن عدم وجود مراحيض، يعرض نساء الهند الفقيرات لأبشع صور التحرش والاغتصاب والقتل أحيانا في رحلتهم اليومية للذهاب لمراحيض في أماكن بعيدة عن القرى التي يعيشون فيها أو يفعلون ذلك في الحقول البعيدة التي تصبح مكانا مناسبا للتحرش بهن، لم يخجل مودى من فقر شعبه وظروف بلده الصعبة، لكنه وعد بالعمل على توفير الصرف الصحى المناسب لفقراء الهند، رغم أن ذلك سيكلف البلد مليارات كان يمكن ضخها في مشاريع ضخمة تسرع بالنمو الاقتصادى الذي وصل إلى 7%.

الشعوب تنتخب حكامها، لأنها تتوقع منهم حسن إدارة حياتهم ومقدرات بلدهم، ولا يمكن الحديث عن نجاح أي زعيم في إدارة بلاده، بالمشاريع الكبرى التي انجزها في فترة ولايته والاصلاحات الاقتصادية وتوفير بيئة استثمارية أو حتى بأرقام النمو الاقتصادى وفقط، لكن ايضا بمدى التحسن في حياة الناس خاصة الفقراء .

الصين ثانى اقتصاد في العالم بعد أمريكا، لا يمكن حتى هذه اللحظة اعتبارها دولة عظمى، لأن حياة شعبها مازالت دون المستوى الذي يعيش فيه شعوب أمريكا واوروبا وغيرها من الدول المتقدمة، هناك معايير أخرى غير المعيار الاقتصادى تحدد موقع الدول، ومدى تحضرها الذي يسمح لها أن تكون قدوة للشعوب الأخرى منها الالتزام بحقوق الإنسان والديمقراطية، ومستوى الخدمات المقدمة وتطبيق القانون ومحاربة الفساد وغيرها، والصين تعترف بذلك ولقد وضعت خطة طموحة لتحسين حياة سكان الريف للحد من الهجرة إلى المدن.

لا أحد يتصور أن في يد أي حاكم عصا موسى، وأنه يمكن أن يحل كل المشاكل المزمنة في يوم وليلة، لكن المهم أن يقتنع منذ اللحظة الأولى أنه خادم الشعب وليس سيدهم، وأن الشعب انتخبه ليدير حياته بصورة أفضل من منافسيه، ويحقق له حياة حرة كريمة. وهنا اتساءل لماذا لم يتم تنفيذ مشروع السيارات المجهزة للتخفيف عن كاهل المواطن وخاصة بعد إغراق الجنيه؟، لماذا لا توضع خطة خمسية لتحسين التعليم بأدوات عصرية (تابلت)؟ لتكون بديلا عن بناء المدارس وتعين مدرسين، متى يتم توفير مياه الشرب النظيفة والصرف الصحى لقرى مصر، مشروع التأمين الصحى المؤجل لماذا لا ينفذ؟ حل مشكلة القمامة التي أصبحت سبة في جبين مصرالتى تنفق الملايين على الترويج للسياحة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل