المحتوى الرئيسى

بؤساء فيكتور هوجو وبؤساء "شيكولاتة" رجل الجيزة

03/14 17:26

”البؤساء” الرواية الأشهر في تاريخ الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر ، ألفها الكاتب الفرنسي الشهير فكتور هوجو، ونشرت لأول مرة عام 1862، وحققت حين ذاك أعلى نسبة مبيعات، خاصة بعد أن تحولت من عمل أدبي إلى مسرحية وفيلم يحملان نفس الاسم، وترجمت لعدد من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية والأفلام السنيمائية ويذكر بأنها أيضا حصلت على العديد من الجوائز، وقد ترجمت للعديد من اللغات من بينها اللغة العربية طبعا .

تدور أحداث الرواية عن الحياة الاجتماعية البائسة التي عاشها الفرنسيون بعد سقوط نابليون في عام 1815 والثورة التي حكم عليها بالفشل ضد الملك لويس فيليب في عام 1832، حيث يصور الكاتب المعاناة التي عاشها الفرنسيون من خلال شخصية جان فالجان الذي عانى مرارة السجن وعانى أيضا بعد خروجه منه الجوع والحرمان والمطاردة.

أحد مشاهد الرواية تروي أنه في أحد الأيام يتم القبض على رجل كان يسرق بسبب الجوع فلم يتعاطف معه مغفر الشرطة، وذلك لما كان له من سوابق مثل هذه الحادثة، ويشهد المحقق بأن هذا الرجل هو فعلا سارق، إلا أن عذاب الضمير الذي انتابه جعله يقدم نفسه ويعترف بأنه هو السارق حتى ينقذ الرجل البريء ما أدى إلى محاكمته ، فاضطر للهرب مرة أخرى والاختباء، وقضى حياته على هذا المنوال هاربا طريدا.

قصة في غاية الروعة والإنسانية تذكرها الرأي العام وعرضتها الفضائيات بعد نشر صور المتهم بسرقة قطع الشيكولاته من إحدى محال الجيزة، وقررت إخلاء سبيله بضمان محل إقامته، وأحالته إلى محكمة جنح الجيزة وحددت تاريخ 20 مارس الجاري لنظر محاكمته.

وكان المتهم برر سرقته لقطعة شيكولاته بانه اضطر لفعل ذلك تلبية لرغبة ابنه بعد أن ضاق به الحال ولم يستطع شراءها له .

أحدثت القصة ردود فعل واسعة في الشارع المصري وعلى صفحات السوشيال ميديا صحبها حالة من الحنق وضيق ذات اليد عند كثيرين ، فمنهم من وصفه باللص ومنهم من اعتبره مريضا نفسيا وآخرون اعتبروه ضحية البطالة وضيق الحال .

حالة السخط المجتمعي الذي صاحب الحادثة اضطرتنا لمناقشتها مع عدد من الخبراء في سياق التحقيق التالي:

لا نريد فتح باب البلطجة

يري د. حسن السيد حامد خطاب أستاذ الدراسات الإسلامية ووكيل كلية الآداب بالمنوفية ان الموضوع تعددت أوجه نقله وصورعرضه, وأضاف: في جميع الأحوال، لايجوز لإنسان أن يتعدى على ممتلكات الآخرين بحيث يمد يده ليأخذ منها دون إذن مالكها، إلا كان أخذًا محرمًا وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه” وقال صلى الله عليه وسلم:” لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه .

وعدد د خطاب صور هذا الأخذ المحرم، أولا: إذا كان جهارًا وأمام الناس فهو غصب والغصب حرام شرعًا، ثانيا: إذا كان خفية وبلغ النصاب (وهو ما يعادل ربع دينار من الذهب الخالص) أي أخذ ما يصل قيمته إلى نصاب السرقة فهو جريمة حدية عاقب عليها الشرع بعقوبة مقدرة وتدخل في مصاف جرائم الحدود.

أما إذا لم يبلغ النصاب ولم يتوافر فيها شروط السرقة فتعتبر جريمة تعزيرية للقاضي، إذ يقدر لها العقوبة حسب ما يراه محقق لمصالح المجتمع، ولكن حتى إذا كان “الأب” مد يده وأخذ واحدة من محل يعرض الشيكولاتة بدون علم صاحبه فهي حرام .

وأنهي أستاذ الدراسات الإسلامية تعليقه بقوله إن هذه الحالة قد يتسامح فيها عادة صاحب المحل، لكن لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه وسدًا للذريعة حتى لا يفتح باب البلطجة.

بينما يري الداعية الإسلامي المستقل عبد الشكور عامر أن العلماء اتفقوا أن بلوغ نصاب حد السرقة الذي تُقطع فيه اليد ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عرض يساويه والدينار يساوي مثقال، والمثقال يساوي أربعة جرامات تقريباً، فيكون ربع الدينار يساوي جراماً واحداً، وجرام الذهب في مصر الان يساوي 602 صباح هذا اليوم فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». متفق عليه.

وعندما سال يوسف الصديق إخوته عن جزاء السارق فقال في الاية الكريمة ” قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ من الواضح تماما ان جزاء السارق في دين إخوة يوسف وأبيه يعقوب الذي هو دين الإسلام هو أخذه أي سجنه، فكل ما لم يبلغ حد النصاب لا حد فيه وينقل لتقدير القاضي.

الباحثة ناهد زيان قالت نحن نصاب بالحب الذي يعمي البصر والبصيرة أحيانا أمام فلذات الأكباد وحبات القلوب فليس هناك أقسى من إحساس الأنسان بقلة الحيلة وقصر طاقته وعدم قدرته إشباع رغبة بسيطة لإبنه فساعتها فقط يشعر أنه خيال ظل ونصف رجل مقهور مكسور.

ولفتت إلى أن الرحمة تأتي قبل العدل والتراحم فوق المثالية “فكروا في مواقف الناس وكأنكم مكانهم وهو ليس بالمستبعد” فسبحان من منح ومنع وأعطى وأمسك وأغنى أناس وأفقر آخرين.

وقصت علينا قصة عاشتها وهي في السعودية قالت” كنت منذ ما يزيد على العام في إحدى المولات التجارية التي اعتدت التبضع منها لمستلزمات البيت وإذا بأسرة مصرية يبدوا عليها رقة الحال وكانت مكونة من أب وأم وفتاة في عمر السادسة عشر تقريبا وفتى يصغرها بحوالي عامين ثم طفلة تناهز السادسة وأخرى لا تتعدى الثالثة من عمرها.

الأب يرتدي جلبابا ويتحدث بلكنة تبدو صعيدية أوريفية من لهجات أهل الدلتا، وفجأة الطفلة الصغيرة إبنة الثالثة تعلقت بقالب شيكولاته جالكسي صغيرة كان سعرها لا يتعدى الريالات الثلاثة فأخذته منها الام ووضعته مكانه فتعالت صرخات الطفلة وتشير بيدها لرف الحلوى الذي سحبتها الام من امامه وأبعدتها عنه بينما كان الأب وابنته الكبرى يقلبان أكياس المكرونة مختلفة الانواع بحثا عن الأنواع منخفضة السعر التي عليها عروض مخفضة أكثر من غيرها والابن المراهق ذهب للوزان ليزن له كيس بطاطس وبضع حبات من الطماطم.

تستكمل زيان والتي تعيش مع زوجها في السعودية ” آذاني الموقف جدا خاصة أني سمعت الاب يقول للأم: خديها وإطلعي استنينا بره، نستقر بس وربنا يعدل الحال ونبقى نأكلهم كلهم شيكولاته

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل