المحتوى الرئيسى

محمد علي إبراهيم: جمال مبارك لا يخطط لأي دور سياسي في المستقبل

03/14 14:27

كشف الكاتب الصحفى محمد علي إبراهيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية القومية الاسبق تفاصيل لقائه مع نجل الرئيس الأسبق “جمال مبارك” في فرح “كريم حسين”، أدمن صفحة “آسف يا ريس”.

وقال “إبرهيم” - في مقاله المنشور بصحيفة “المصرى اليوم” تحت عنوان “ساعة مع جمال مبارك” - إن “جمال مبارك” لا يجيب على أي أسئلة تتعلق بالشأن السياسي، ولكن السؤال الوحيد الذي يجيب عليه، هو ذلك الخاص بـ”صحة والده”.

وأضاف أن “جمال” يشعر بمتعة كبرى في التحرك بدون حراسة، والاختلاط بالناس، مشيرًا إلى أن نجل الرئيس لا يخطط لأن يكون له دور سياسي في المستقبل، وأنه لا يقابل أحدًا كما يردد البعض؛ بل هو مواطن عادي يقرأ الصحف ويشاهد الفضائيات.

وفيما يلي نص المقال كاملًا:

غريب أن تتحول صداقة على فيس بوك إلى وشائج حقيقية.. الأغرب أن يكون الفارق العمري بين الاثنين أكثر من 35 عامًا.. هذا حالي مع “كريم حسين” أدمن صفحة (آسف يا ريس). لم يتجاوز الثلاثين من عمره، واستطاع في وقت قصير جدًا أن يبرز كأحد أهم المدافعين عن الرئيس الأسبق “حسني مبارك”.. المفروض أن يكون من الثوار الذين فجَّروا يناير، لكن من خلاله ومع أصدقائه المقربين، اكتشفت شبابًا آخرين يحنون إلى الزمن الماضي.. تمامًا كما أن هناك آخرين يكرهون كل مَن انتمى لـ”مبارك”.

تواصلت معه كثيرًا من خلال السوشيال ميديا.. فاجأني - قبل أسبوع - بأن فرحه يوم الخميس الماضي 9 مارس، ودعاني وشدد على حضوري.. الحقيقة خجلت أن أرده خائبًا، ورغم أن المسافة بعيدة جدًا بين منزلي والفندق الذي أُقيم فيه الفرح بالهرم، لكنني قررت الذهاب، حتى مع نوبة السكر المنخفض التي تلاحقني دائمًا.. وصلت قبل الزفة بدقائق، فإذا به يخرج إلىَّ من وسط الفرقة الموسيقية، مُعانِقًا ومُرحِّبًا بصديقه الذي لم يره فى حياته إلا من خلال مقالات في هذه الصحيفة المحترمة أو ربما غيرها.. أَصَر على دخولي، وقال: «عيب ما تشربش الشربات».

دخلت إلى القاعة الرئيسية، وفوجئت بـ”جمال مبارك” جالسًا على منضدة قريبة من الباب.. ما كدت أقترب منه حتى نهض مُرحِّبًا.. تعانقنا طويلًا.. لم أره منذ أكثر من ست سنوات.. لم يحدث أن التقينا قبلًا بعيداً عن الرسميات.. صحيح أنه حدثت لقاءات «مصغرة» أيام كان أمينًا للسياسات في الحزب الوطني المنحل، لكنها لم تخرج عن صفته الحزبية فقط.. لم أعامله كرئيس، لأن “مبارك” كان هو الرئيس الحقيقى لمصر، مهما قالوا غير ذلك.

سألني عن الزملاء ومَن أرى منهم، وتطرق الحوار إلى بعض السياسيين في الزمن الماضي.. الحميمية التي سادت الجلسة وأريحيته كانتا شيئًا لافتًا للنظر.. في كل مناسبة يتواجد فيها ابن الرئيس الأسبق يسألونه عن احتمال ترشحه للرئاسة.. وكل مرة يجيب حسب المكان والزمان.. يقول: «خلينا في المباراة.. أو إحنا في فرح.. أو نتكلم في الأكل».. انطباعي العام أنه لا يفكر في الترشح أو العمل بالسياسة نهائيًا.. السؤال الوحيد الذي يجيب عنه هو صحة والده فقط.

هذه الأسرة - التي كانت ملء السمع والبصر مجاملة أو تملقًا، وفي الوقت ذاته لوحة تصويب لسهام المعارضة من فساد واستغلال نفوذ ومسؤولية عن خراب مصر - تتجاهل ذلك كله الآن وأكثر منه، وتفكر في شيء واحد فقط، هو صحة “حسني مبارك”، عميد العائلة، واستجابته للعلاج.. لم يربِّ “حسني مبارك” ابنه - وهذا ما رأيته بعينى - على أنه سيخلفه في الكرسي.. نشأ “جمال” و”علاء” على أنهما سند الرجل.. لم يفكرا في نفوذ ولَّى أو مال نضب أو أضواء خبا بريقها.. كلا.. كان “مبارك” يعرف ما يُعده «أهل يناير» له، فأرسل في طلبهما وهما خارج الوطن ليكونا بجواره في أزمته.

لم تفكر الأسرة في التخلي عنه أو خيانته، كما يحدث في عائلات حاكمة كثيرة، ولكنهم فكروا في الوالد وليس الحاكم.. في الزوج والأب وليس في كرسي السلطة وصولجان الإدارة والسياسة.

أعود للمنضدة التي جلسنا عليها متجاورين فترة طويلة.. نتحدث عشر دقائق متواصلة، ثم يبدأ الهجوم عليه من جمهور الحفل للتصوير معه أو لحمل أولادهم.. ثم نعود للحوار.. رجال وشباب وسيدات.. محجبات وسافرات يسعون جميعًا لالتقاط الصور التذكارية معه بالموبايلات.. مَن كان يشاهد “جمال مبارك” في عز مجده يتصوره متعجرفًا متأففًا متعاليًا، وهي صفات تلخصها الكلمة الإنجليزية Snob، لكنه في حقيقته إنسان له خفة الظل المصرية التلقائية بـ«قفشاتها»، وله أيضًا مثلنا جميعًا النفور الطبيعي من شخوص يفتقدون كيمياء طبيعية معه..

كما قلت، فإن المنضدة التي جلسنا إليها قريبة من الباب، حتى يتسنى له الخروج دون أن يلحظ أحد، وبعد أن يجلس العروسان في الكوشة.. لكن “كريم حسين” طلب منه أن يكون شاهدًا على العقد.. تفاجأ بالطلب، لكنه أذعن.. كانت خطتي أن أتحدث معه مطولًا ونحن نهبط درجات السلالم عند انصرافنا إلى السيارات.. لكن ما حدث كان فوق التصور.. قبل أن ينهض طلبت منه زيارة الرئيس الأسبق، لأنني تحدثت معه تليفونيًا مرتين أو ثلاثًا فقط، ولم أتمكن من الحصول على تصريح لزيارته بالمستشفى.. قال: “نتكلم بعدين”.

بمجرد أن نهض من كرسيه ليتوجه إلى حيث المأذون والشهود، تصورت القاعة أنه سينصرف، فإذا بالحشد الهائل يحاصره لالتقاط الصور التذكارية والسلام عليه.. قلت لنفسي: “ماذا تغير في المصريين؟ أليس هذا مَن لعنوه وسبّوه بأحَطّ الألفاظ؟ أليس هذا مَن أصبح هو وزوجته وأولاده مدعاة للسخرية والرسوم الكاريكاتيرية والنكات في الصحف لسنوات؟ سبحان مغير الأحوال! هل مصر تغيرت أم المصريون؟”، المهم أنه سار مسافة 10 أمتار في حوالي نصف الساعة نتيجة التدافع المحموم عليه.. لا تملك إلا أن تتعجب: “ما الذى بدَّل الناس من حال إلى حال؟”.. عرف بعض المارة أنه موجود في الفرح، فوقفوا ينتظرون خروجه على الرصيف المقابل للفندق.. المهم أنه ذهب ليشهد على عقد القران، وسط حصار قوي من المدعوِّين.

كنت أسير بجواره، ونظرت خلفي، فوجدت كل مناضد القاعة الرئيسية خالية، كما لو كان الفرح «سريًا»، لكن الحقيقة أن الرغبة في مصافحته أو الكلام معه أو تذكيره بشخصية المتحدث إليه طغت على كل شيء.. تم إعلان «عقد القران» في الميكروفون الداخلي.. ونهض “جمال مبارك” للانصراف بعد أن هنأ العروسين، فإذا بنفس القاعة تسعى للتصوير معه مرة أخرى.. حملني المتدافعون بعيدًا عنه، ورغم وزني الثقيل كدت أسقط أرضًا.. هبطنا الدرج معًا بصعوبة حتى سيارته وسيارتي.. كنت الوحيد في الزفاف الذي لم ألتقط صورًا معه لأن علاقتي بالرئيس الأسبق وأسرته ليست للمتاجرة أو المفاخرة.

وتبقى عدة ملاحظات صحفية على “جمال مبارك” الإنسان قبل السياسي:

1- لم تُغير سنوات السجن الطويلة من صلابته البدنية والنفسية، ويشعر بسلام داخلي يُحسد عليه، وما كان لغيره أو لشقيقه أن يتحملاه.. ما حدث للأسرة كان قدرًا محتومًا، فما أصابهم ما كان ليُخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم.. وهل يملك النهر تغييرًا لمجراه؟!.

2- أنه يشعر بمتعة كبرى في التحرك بدون حراسة والاختلاط بالناس، فما جرى لهم لن يحدث أسوأ منه، وهذا نوع من الزهد ربما اكتسبه من سنوات السجن الطويلة.

3- الأسئلة التي وجهها لي عن أحوال السياسيين السابقين والزملاء الصحفيين تؤكد أنه لا يخطط لشيء، ولا يقابل أحدًا من أصدقائه، كما يردد البعض، وليست له أهداف سياسية.. مواطن عادي يقرأ صحفًا، ويشاهد الفضائيات فقط لا غير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل