المحتوى الرئيسى

فحم المغارة.. سيادة الرئيس | المصري اليوم

03/13 22:37

استفزنى إعلان بإحدى الصحف القومية عن طلب إحدى شركات صناعة الأسمنت بالصعيد توريد 50 ألف طن فحم حجرى بيتومينى لمصانعها.. وسألت نفسى: مادمنا نتجه لاستخدام الفحم بديلاً عن مصادر الطاقة الأخرى.. فى أفران صناعة الأسمنت.. فلماذا نتجاهل الفحم المصرى الذى اكتشفناه منذ عشرات السنين فى جبل المغارة جنوب العريش بحوالى 170 كيلومتراً.. وكان على وشك الإنتاج ولكن فاجأتنا حرب يونيو 67.. ثم أعاد الكيميائى الكبير عبدالهادى قنديل، عندما كان وزيراً للبترول والثروة المعدنية، تأهيله وتجهيزه.. وبدء الإنتاج منه فى أواخر الثمانينيات، بل وأخذ هذا الفحم طريقه للتصدير إلى هولندا وإيطاليا وتركيا لاستخدامه هناك فى تشغيل محطات الكهرباء.

ويومها قالوا إن بهذا الفحم شوائب ضارة بالبيئة.. ورغم أننا فكرنا أيامها فى استغلاله لتشغيل محطة لتوليد الكهرباء على خليج السويس.. فإن المشروع والمنجم دخلا كهف النسيان. وضاعت جهود عبدالهادى قنديل - شفاه الله وعافاه وأطال عمره - هباءً.. وضاعت معها فلوس القرض الذى حصل عليه من بريطانيا وهكذا فقدنا، ونفقد، ملايين عديدة من عائدات استغلال هذا الفحم.. بل وبكل أسف تجرى تصفية شركة فحم سيناء هذه.. ترى كم من الأموال أنفقناها على هذا الاكتشاف منذ المهندس السيناوى الفار وتجهيزه للإنتاج مرتين، الأولى فى منتصف الستينيات.. والثانية فى أواخر الثمانينيات.

وإذا كان هذا هو طلب شركة واحدة لصناعة الأسمنت «50 ألف طن فحم» فماذا عن باقى شركات الأسمنت فى مصر، وهى عديدة، وكم تحتاج سنوياً.. بالقطع سوف يزيد طلبها من الفحم ربما على حجم الإنتاج السنوى لمنجم المغارة.. وربما نتشجع لزيادة إنتاج هذا المنجم.. وربما نفكر فى مناطق أخرى يعرف أسرارها رجال الجيولوجيا والثروة المعدنية فى مصر، سواء فى سيناء نفسها، أو فى جبال البحر الأحمر.. أو فى صحراء الصعيد.. أليس هذا أفضل من الاستيراد.. ولن نتحدث هنا عن «جحا.. ولحم طوره».. حتى لا يتهمنى أحدهم بالإسفاف.. ألسنا أولى باستغلال ثرواتنا.. حتى ولو كان فيها بعض الشوائب.. وهى - للعلم - لم تمنع دولاً أوروبية متقدمة - مثل إيطاليا وهولندا - من استخدامه كمصدر لإنتاج الأسمنت. وهنا نقبل «هذه الشوائب» إما لحين اكتشافنا وسائل علمية لتقليل هذه الشوائب.. أو لاستخدامه مؤقتاً إلى أن نعبر فترة الاختناق الحالية.

نقول ذلك لأننا نلجأ إلى إحراق الغاز الطبيعى لإنتاج الكهرباء.. أو استخدام المازوت والديزل والسولار لنفس الغرض.. تماماً كما نلجأ الآن إلى إنشاء محطات كهرباء نووية - فى الضبعة - لتغطية العجز فى الكهرباء. مع العلم أن «كل صناعة الأسمنت» ملوثة للبيئة.. ولهذا تتخلص أوروبا من مصانعها - هناك - لتشترى مصانع الأسمنت خارج بلادها.. ومصر من بينها.. ولا أحد يجادل الآن فى أن معظم مصانع الأسمنت المصرية باتت فى أيدى ملاكها الجدد.. من دول أوروبا.

ثم هل نسينا ما سببته مصانع الأسمنت فى مصر، وبالذات، فى مناطق حلوان وطرة وباقى مدن الصعيد من أمراض، أقلها تحجر الرئة؟! طيب يا جماعة الخير.. أو جماعة الشر: نستخدم الفحم المصرى - من منجم المغارة - لمدة قصيرة.. إلى أن ننجح فى معالجة ناتج استخدامه.. أو نعبر مرحلة الاختناق.

■ ■ نقول ذلك لأن الكميات التى تحتاجها صناعة الأسمنت من الفحم كلها سيتم استيرادها.. يعنى يزداد الطلب على الدولار.. وبالتالى تزيد أسعاره، عما هى عليه الآن.. ويزداد خلل الميزان التجارى المصرى.. ومصر أحوج لما تحتاجه عملية استيراد الفحم من الخارج بينما فى مصر - من الفحم - ما يغطى احتياجاتها!!

■ ■ أليس ذلك هو لب الأفكار من خارج الصندوق - أم نظل رهينة لكل الأفكار التقليدية.. أى «نستسهل» المتاح.. ولا نلجأ لبذل قليل من الجهد.. وقد ننجح علمياً فى تركيب «فلاتر» لتقليل خطر التلوث الناتج عن استخدام الفحم المصرى.

■ ■ تلك صرخة تنطلق من قلوبنا.. وتعبر عنها حناجرنا للاستفادة مما هو موجود.

ويا سيادة الرئيس السيسى: لماذا لا تحرك هذا الملف النائم.. وتؤلف لجنة «قومية.. وطنية» لحسم هذه القضية الحيوية.. أليس هذا أفضل من إهدار الدولارات.. ومن إهمال استخدامنا للمتاح من مصادر ثرواتنا؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل