المحتوى الرئيسى

الإيكونومست: الاقتصاد المصري يظهر “علامات حياة”  

03/13 18:51

الإيكونومست: الاقتصاد المصري يظهر علامات حياة

الدواء المر بدأ يؤتي بنتائج.

بدأ الدواء المرّ يحقق نتائجًا في أوقات بدا فيها أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، الزعيم الاستبدادي، يخسر سحره،  أخبر السيسي المصريين -عندما وجد نفسه في مواجهه اقتصاد متداعٍ- أن عليهم تقديم تضحيات، ألا يأكلوا أو يناموا إذا لزم الأمر. وقال أنه يمكنهم التبرع له بـ “الفكة” أيضًا.

لكن يبدو أن التفتيش عن قروض ليس كافيًا لتغيير مسار اقتصاد أعياه الاضطراب السياسي،  وقطاع سياحي بات يخيف السياح والمستثمرين الأجانب. وعلاوة على ذلك، وبينما كان السيسي يحث مواطنيه على ربط الأحزمة، كان يهدر هو مليارات الدولارات من مساعدات دول الخليج لمصر، على الدعم والحفاظ على العملة المصرية المغالى في تقييمها. يمكن رؤية فشل هذه  السياسات في مجموعة من الأرقام: عجز مالي كبير يصل لـ 12% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وارتفاع في الدين العام بنسبة (101% من الناتج المحلي لإجمالي)، فضلًا عن نسبة البطالة التي تتخطى 12%.

لكن توجد إشارات بأن السيسي بدأ في إعادة مصر إلى مسار اقتصادي أكثر اتزانًا. ولأجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق لنقد الدولي العام الماضي، رفعت حكومته سعر الوقود والكهرباء المدعمين. كما فرضت ضرائب جديدة وحررت سعر صرف الجنيه.

وأعقب تعويم العملة ترنح مزعج فقدت فيه العملة 50% من قيمتها. وعاد الجنيه ليصعد من جديد في فبراير ومن ثم تراجعت قيمته مرة أخرى. ورغم أن العلاج كان مرًا، بيد أنه كان ضروريا لاجتذاب المستثمرين الأجانب داخل السوق المصرية. بالإضافة إلى بيع 4 مليارات دولار من سندات الدين  الحكومية في يناير الماضي، فضلًا عن تضاعف قوة الشراء الأجنبية لسندات الخزانة المصرية في نفس الشهر. ويعكس الإقبال على الاستثمار في مصر جزئيًا طلبًا أوسع على شراء ديون الأسواق الناشئة، لكنه أيضًا إشارة واضحة على تزايد الثقة في الاقتصاد المصري.

هذا التغير في المزاج شعر به أيضًا المصريون العاملون بالخارج. شكلت التحويلات المالية 7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012،  وانخفضت في الخمسة أعوام الأخيرة حيث كان يفضل الناس الاحتفاظ بالعملة الأجنبية بدلًا من إرسالها لبلادهم وتحويلها إلى جنيهات. ومنذ تعويم العملة، عادت التحويلات للارتفاع مرة أخرى.

وتحفز العملة الأضعف النمو، وإن كان تدريجيًا، في قطاعي التجارة والسياحة. زادت الصادرات غير البترولية بنسبة 27% في يناير مقارنة بالعام الذي سبقه. ويزيد الكسب من الصادرات جنبًا إلى جنب مع القروض الجديدة من صندوق النقد الدولي وغيرها من الموارد، من احتياطات العملة الأجنبية للبلاد. في فبراير، وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2011، مبشرةً بتخفيف نقص الدولار الذي عطل الشركات المصرية. لكن يرى رجال الأعمال أنه لايزال صعبًا الحصول على الدولارات التي يحتاجونها، وأن الحكومة لا تزال تسدد المتأخرات من التسديدات المؤجلة لشركات النفط وغيرها من الشركات متعددة الجنسية.

ولكن حتى مع احتفال المصدرين (بانخفاض العملة)، وتحديات الشركات التي تعمل في السوق المحلي،  فإن  مقياس مدى صحة الاقتصاد المحلي “مؤشر مديري المشتريات  من مؤسسة معهد إدارة  المشاريع – بنك الإمارات دبي الوطني”. يشير إلى أن الأنشطة  الاقتصادية التي يقوم بها القطاع الخاص في حقل النفط  تقلصت لمدة 17 شهرًا متتابعًا، رغم أن الأرقام الرسمية تظهر أن الاقتصاد إجماليًا ( بينها النفط والدولة)  ينمو.  أحد الأسباب وراء النمو الإجمالي أن  جهود الحكومة في خفض الدعم جعلت  المصريين  ينفقون نسبة أكبر من إجمالي  دخولهم على الوقود والكهرباء، ولا يتبقى لهم سوى القليل لتلبية احتياجاتهم الأخرى.

تؤدي العملة الضعيفة أيضًا إلى ارتفاع أسعار الواردات وتزيد من معدل التضخم الاستهلاكي. ولايزال الروتين الرسمي يقلق الشركات، رغم أن الحكومة سبق وأن وعدت بتسهيل ممارسة الأعمال، على سبيل المثال من خلال تسهيل الحصول على تراخيص وتصاريح افتتاح مصانع.

وكفاح شركة “جهينة” نموذجي في هذه الحالة، حيث انخفضت أرباحها بنسبة 34% في الربع الثالث من عام 2016 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2015. وتخطط الآن لزيادة أسعارها وخفض الاستثمار. يلقي سيف الدين ثابت، المدير التنفيذي للشركة باللوم في كل هذه الصعوبات على ” الركود الاقتصادي والقوى الشرائية المنخفضة للمستهلكين”.

ومع ذلك، يوجد ما يشير إلى اقتراب حدوث تعافي موسع. تشجع العملة الضعيفة بعض المصنّعين، مع تحوّل المستهلكين من الواردات باهظة الثمن إلى البدائل المحلية الأقل تكلفة. في يناير انخفض العجز التجاري المصري بنسبة 44%  عن  العام الذي سبقه.

لكن هذه المنافع لم تصل حتى الآن للمصري العادي. يقول أشرف محمد، حلاق من العجوزة:” نسمع عن التحسن على شاشات التلفزيون ونقرأ عنه في الصحف، لكن على الأرض، لا شيء يتحسن”. قفز معدل التضخم في يناير إلى 28%. وسيظل مرتفعًا على الأغلب إذا خفضت الحكومة الدعم وزادت الضرائب هذا العام، كما تخطط. أسعار المواد الغذائية ارتفعت فجأة، كما لم تعد منتجات أخرى متوفرة. يتابع محمد، المصاب بمرض السكري، أن “بعض الأدوية التي استخدمها اختفت لفترة”. ويتابع “بينما الآن هي متاحة، لكن بأسعار مرتفعة كما كانت عليه”.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل