المحتوى الرئيسى

عواجيز بوتين.. هل تواجه روسيا خطر الشيخوخة الدبلوماسية؟.. إليك أعمار بعض مسؤوليها

03/13 02:52

يجب أن يتنحى يوري أوشاكوف، مستشار السياسة الخارجية لفلاديمير بوتين، يوم الإثنين القادم، 13 مارس/آذار 2017، وفقاً للقانون، وهو اليوم الذي سيُتم فيه الرجل 70 عاماً، السن التي تعد الحد الأقصى المسموح بالوصول إليه قبل التقاعد للمسؤولين الحكوميين.

وكانت أغلب الأحاديث التي تدور بين الدبلوماسيين الروس تتعلق بخليفة أوشاكوف المُحتمل. هل يكون أندريه دينيسوف، السفير الروسي لدى الصين؟ أم ربما دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم بوتين؟

أصبح الصمت يخيِّم الآن على الكرملين فيما يتعلق بهذا المسألة، بحسب ما جاء في المقال الذي نشرته صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.

وقال فاليري سولوفي، الأستاذ بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية MGIMO، الذي يتدرب فيه الدبلوماسيون "تَوَقَّعوا أن يبقى لعام آخر على أقل تقدير. وطالما تظل الأمور الخاصة بالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة غير مؤكدة، فلن يتخلى عنه بوتين أو يسمح له بالذهاب".

ويتسبب الشك الذي يشعر به الكرملين حيال تقاعد أوشاكوف في إلقاء الضوء على البيروقراطية التي توجِّه موسكو وتقودها خلال أهم وأخطر مواجهاتها مع الغرب منذ الحرب الباردة، وكذلك هندسة الدفع بمسعى روسيا لاستعادة مكانتها كقوة عالمية. وهو النظام الذي بُني في إطار الاتحاد السوفيتي، ويعمل فيه الأشخاص الذين جمعوا مهاراتهم وخبراتهم خلال الحقبة السوفيتية.

ولا ينسب الدبلوماسيون الروس المُطلعون على التفاصيل، الفضلَ في نفوذ موسكو المتزايد إلى حنكة بوتين في معرفة الفُرص المناسبة واستغلالها فحسب، بل إلى المؤسسة الدبلوماسية ذات المؤهلات والخبرات العالية أيضاً.

استولت روسيا منذ عام 2014 على شبه جزيرة القرم (كريميا)، وضمتها إليها، وأشعلت الصراع الانفصالي في شرقي أوكرانيا، وغيّرت مجرى الحرب الأهلية السورية مع التدخل العسكري، وأقحمت نفسها بالقوة في المفاوضات في ليبيا وأفغانستان، وتحرّكت لتعزيز علاقاتها عبر آسيا، وكذلك تعميق الروابط مع الشعبويين في الغرب.

قال السفير الروسي السابق لدى اليمن وليبيا وتونس، فينيامين بوبوف "السبب الرئيسي لنجاح سياستنا الخارجية مؤخراً، هو ضعف الغرب. وكان الرئيس بارعاً جداً في اتخاذ قراراته بسرعةِ التحركِ لملء الفراغ الذي يطرأ في أي مكان".

وأضاف "والسبب الذي يجعلنا قادرين على التحرك بتلك السرعة، هو أن الدبلوماسيين الروس تلقوا تعليمَهم بشكل جيد للغاية في الاتحاد السوفيتي، فقد تراكمت لديهم خبرات لا مثيل لها، كما أن الفريق الخاص بنا مُستقر بدرجة كبيرة".

ولكن، مهما بلغت درجة سهولة سير المؤسسة الدبلوماسية وتنظيمها، ستكون بحاجة إلى التجديد. ويتساءل البعض في الداخل والخارج عن مدى استعداد موسكو لذلك.

يقول بوبوف "هذه هي الأزمة الكبيرة التي نواجهها الآن: الفجوة بين الأجيال". ففي السنوات التي تلت تفكك الاتحاد السوفيتي، كافح السلك الدبلوماسي لاستبقاء الموظفين ذوي الرُّتَب المُتوسطة أو جذب الشباب، إذ كانت الوظائف التي تعرضها البنوك والأماكن الأخرى في القطاع الخاص، تعرض رواتب أعلى وأفضل.

توقَّف ذلك التَدَفُّق،. لكنه خلَّف وراءَه فجوةً. يقول بوبوف "يحرص الشباب اليوم على شغل مناصب الدبلوماسيين مرة أخرى، ولكننا نفتقر لوجود أفراد من جيل ما بين القدامى والشباب".

تَخَطَّى الدبلوماسيون الروس سنَّ التقاعد القانونية بكثير. فقد أبقى بوتين على سيرجي لافروف، وزير الخارجية، الذي يُتم 67 عاماً الشهر الجاري، لمدة 13 عاماً. وقارن الرئيس بينه وبين أندريه غروميكو مازحاً، فقد كان الأخير وزيراً للخارجية في الاتحاد السوفيتي، وخدم لمدة 28 عاماً، وتسبب أسلوبه الصعب الذي لا يُقهر في المُفاوضات، في إطلاق لقب "مستر نيت- Mr Nyey" عليه.

توفي فيتالي تشوركين، سفير روسيا لدى الأمم المتحدة الشهر الماضي، وذلك قبل يوم مولده الـ65، بعد أن قضى 11 عاماً في منصبه.

أما سيرغي كيسلياك، الذي يكمل عامه الـ67 هذا العام، فقد كان سفير موسكو للولايات المتحدة لأكثر من 8 سنوات. يُعرف في واشنطن بكونه مُحِباً للتعارف والالتقاء بالآخرين. وقد أُلقي به في دائرة الضوء مُؤخراً بسبب رفض اثنين من أعضاء إدارة ترامب مُشاركته لبيانات التواصل معهم خلال الحملة الانتخابية الأخيرة في الولايات المتحدة. وكان من المُقرر أن يتقاعد كيسلياك عام 2016، ولكن موسكو أبقت عليه لمساعدتها في التعامل مع عملية انتقال السلطة في الولايات المتحدة، التي قد تكون لها عواقب لا يُمكن التنبؤ بها بالنسبة للعلاقات الثنائية والعالمية.

يبلغ عُمر السفراء الروس في الكثير من الدول 65 عاماً أو أكثر، مثل ألمانيا وفرنسا والصين واليابان ومصر وإسرائيل والأردن وتونس والمغرب. كما أن هناك 5 من نواب لافروف الـ10، يتخطى عمرهم 60 عاماً، وأكثر من ثلث الإدارات في وزارة الخارجية يرأسها أشخاصٌ فوق سن التقاعد المُتعارف عليها.

ووفقاً لفاينانشال تايمز، فإن الأشخاص المُطلعين على تفاصيل وزارة الخارجية، قالوا إن لافروف بنى السلك الدبلوماسي الروسي ليكون "شبكة من المُخضرمين"، مدعومة بعلاقاته الشخصية التي دامت لعقود.

يقول سولوفي "إنه يعرف الجميع، وما عليه إلا أن يرفع سماعة الهاتف ويتصل بالسفير أو الأخصائي، وهُم يفهمون فوراً بدورهم ما يعنيه ويريده".

ووفقاً لمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، فإن أكثر من 20 شخصاً ممن تخرجوا في المعهد، بينما كان لافروف يدرس فيه، يعملون الآن في السلك الدبلوماسي برتبة سُفراء.

وكانت الفوائد والمنافع جلية بالنسبة للسياسة الروسية في الشرق الأوسط. يقول الدبلوماسيون الإقليميون إن ميخائيل بوغدانوف، نائب الوزير المسؤول عن المنطقة، يتحدث مع نظرائه بلغة عربية شِبه مثالية، ويعتمد على العلاقات التي يعود أصلها إلى عقود مضت.

ويحذِّر الدبلوماسيون الغربيون من أن عدم وجود موظفين أصغر سناً في الأدوار الدبلوماسية الرفيعة، يضع موسكو في خطر الخطأ في تقدير التطورات السياسية والاقتصادية اللازمة.

ومن جانبها، تنفي وزارة الخارجية الروسية تلك المخاوف، قائلة إنه يتم اختيار الموظفين طبقاً "لخبراتهم المهنية وصفاتهم الشخصية". وأضافت أن التدريب المُستمر لجميع دبلوماسييها، بغض النظر عن عمرهم، يضمن مواكبتهم لكل ما يطرأ على الساحة، فيما يتعلق بـ"مُتطلبات الحداثة التي يفرضها التعيين في السلك الدبلوماسي".

وأضافت الوزارة: "إن تغير الأجيال الدبلوماسية يُعد عمليةً عاديةً تماماً، وتحدث بصورة طبيعية عندما يتقاعد الدبلوماسي رفيع المستوى".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل