المحتوى الرئيسى

أصحاب دور الأيتام: نعانى لتوفير مشرفات بسبب صعوبة المهمة وضعف الأجور

03/12 10:17

يؤكد الكثير من القائمين على كثير من دور الأيتام، أن العثور على مشرفين ومشرفات قادرين على تولى زمام الأمور، وتقديم الرعاية المناسبة للأطفال، مع البقاء والاستمرار فى العمل فترة طويلة، يعد أمراً صعباً، فى ظل ضعف مرتباتهن، وكذلك إيجاد عمالة مدربة للتعامل مع الطفل واستيعابه بشكل تام يعتبر أمراً أكثر تعقيداً، ويعتبر الحفاظ على الأطفال وحمايتهم من التعرض لأى نوع من أنواع الاعتداء، فى غاية الأهمية، إلا أنه يتطلب الكثير من الاحتياطات.

فى الحى السادس بمدينة 6 أكتوبر، يقع بيت «آمنة لرعاية الفتيات»، وهو مبنى من ثلاثة طوابق، يضم بين جدرانه 18 طفلة، تتراوح أعمارهن بين 5 و11 سنة.

مديرة «بيت آمنة»: بعض الأمهات البديلات خريجات «هندسة وحقوق» والإشراف يتطلب منهن إقامة كاملة مع الأطفال 26 يوماً فى الشهر

قالت فريدة مطر، مديرة الدار لـ«الوطن»: «بدأنا هذا المشروع قبل 8 سنوات تقريباً، عام 2009، وكانت المشرفات الموجودات فى الدار خريجات معاهد تعليم متوسط، لكننى كنت فى الواقع أتعجب من كونهن خريجات معاهد، لأن معظمهن لم يكنّ يُجِدن حتى القراءة والكتابة، فيما كان الأطفال فى سن صغيرة ولم يذهبوا إلى المدارس بعد، فتغاضينا عن ذلك، لأنهم لا يحتاجون متابعة دراسية».

وأشارت «فريدة» إلى أنه فى الفترة الأخيرة، تتوافد على الدار مشرفات وأمهات بديلات، خريجات تعليم عالٍ، وبعضهن تخرجن فى كليات الحقوق والهندسة والشريعة، بعد أن تغيرت النظرة الدونية التى كانت تواجهها المشرفة، وبالتالى أصبحت المشرفات قادرات على متابعة الفتيات دراسياً، وفقاً للمواد التى يعتبرن أنفسهن متمكنات فيها.

وحول مرتبات المشرفات، أوضحت مديرة الدار، أنها تبدأ من 1000 جنيه، وتصل إلى 1500 جنيه، وفقاً لمؤهل المشرفة الدراسى، ونتيجة لتدنى المرتبات، تعتبر مهنة المشرفة غير جذابة لقطاع كبير من الخريجات خصوصاً أنها تتطلب الإقامة الكاملة فى الدار مع الأطفال، لمدة 26 يوماً شهرياً، مقابل قضاء 4 أيام فقط مع أسرتها.

أضافت «فريدة»: «الدار لدينا لا تعانى من تدوير العمالة بشكل مستمر كما هو حال كثير من دور الأيتام، بمعنى أن المشرفات يواصلن عملهن بالدار لسنوات، لعدة أسباب أهمها أننا لا نكلفهن بما لا يمكنهن القيام به، ونجعل مسئولية كل مشرفة طفلتين أو ثلاثاً على الأكثر، حتى لا تقع تحت ضغط عصبى كبير فى أثناء ممارسة عملها».

وأشارت إلى أن نظام الدار لا يسمح بوجود انتهاكات لحقوق الأطفال، لأن هناك مشرفات ليليات، يتابعن عمل الأمهات البديلات أو المختصات بالأطفال بصورة مباشرة، كما توجد كاميرات مراقبة فى كل الأجنحة الخاصة بالأطفال، وشاشات تلك الكاميرات، موجودة فى الإدارة فقط، لمتابعة العمل طول الوقت، لافتة إلى أن الدار تتبع سياسة صارمة ضد أى تعامل عنيف مع الأطفال.

تابعت: «مرة حصل تجاوز من مشرفة صفعت طفلة على وجهها، وشفت آثار اللطمة على وجه الطفلة، فطردت المشرفة من الدار على الفور، ودون مناقشة، ووقتها كانت للمشرفة شقيقة أخرى تعمل فى الدار، وهددت أنها سترحل معها، فقررت فوراً رحيلهما، لأن حماية الأطفال مسئولية، حتى زيارة الأطفال من قبل وافدين، يكون له مواعيد محددة، مثل أى بيت حتى لا يشعر الطفل أن خصوصيته منتهكة».

المشرفات الليليات وكاميرات المراقبة تحول دون الانتهاكات وطردت مشرفة صفعت طفلة

وحول مهام وطبيعة عمل المشرفة، أوضحت «فريدة» أن الدار تتبع نظاماً محدداً فى كل شىء، فالمشرفة تكون مسئولة عن تجهيز البنات صباحاً للمدرسة، وتوصلهن حتى الأوتوبيس الخاص بالدار الذى ينقل الأطفال إلى المدرسة، وخلال فترة النهار، لا نلزم المشرفة بأى عمل، ونوفر لها وجبة الإفطار، وهناك عاملات يتولين تنظيف جميع الغرف، حتى موعد عودة الأطفال من المدرسة، وعندها تساعد المشرفات الأطفال فى تغيير ملابسهم وتنظيفهم، ثم يتوجهون بمفردهم إلى غرفة الطعام لتناول وجبة الغداء، فيما تحصل المشرفات على وجبة الغداء قبل عودة الأطفال من المدرسة، وفى نهاية اليوم ترافق المشرفات الأطفال فى أثناء ذهابهم إلى الدروس، لأنه غير مسموح للأطفال الركوب بمفردهم مع سائق الباص، وبالتالى نحن لا نلزم المشرفات بمذاكرة جميع المواد مع الأطفال، بل نوفر لهم دروساً خصوصية كما هو حال فى معظم البيوت المصرية.

استطردت «فريدة»: «معظم المشرفات يبقين معنا لسنوات، لأنى أسمح لمن لم تتم تعليمها الجامعى بعد بالذهاب إلى الجامعة، دون اقتطاع ذلك الوقت من إجازتهن، كما يحصلن على وقت كافٍ للمذاكرة خلال فترة النهار، وجميع الوجبات نوفرها لهن وكذلك العلاج والأدوية، ومعظم المشرفات مغتربات من خارج القاهرة، لذلك يفضلن البقاء فى الدار، حيث تعتبر الإقامة مجانية».

فى مصر الجديدة، بمنطقة شيراتون هليوبوليس، تقع دار بشائر الفجر، فى شقة لا تتجاوز مساحتها الـ170 متراً، تضم الدار 8 فتيات أعمارهن من 8 إلى 11 سنة، وتوجد بالدار غرفتان للنوم، كل غرفة فيها 4 فتيات، وغرفة للسفرة، ورابعة للاستقبال.

قالت مها علام، مديرة «بشائر الفجر»، إنها ترفض أن تنادى البنات للمشرفات بـ«ماما»، لأن معظم المشرفات لا يستمررن كثيراً فى الدار، «بالكتير تقعد من 3 إلى 6 شهور وتمشى»، لافتة إلى أن دوافعها فى ذلك أنها تحاول الاهتمام بالجانب النفسى للأطفال، حتى لا يتعلقوا بالمشرفات، ويتأثروا نفسياً عند رحيلهن.

أضافت «مها»: «حياة المشرفات ليست سهلة، رغم أنهن يحصلن على 6 أيام إجازة شهرياً، وبقية الأيام يقمن بشكل كامل مع الفتيات فى الدار، وعددهن نحو 4، إضافة إلى عاملتين مختصتين بالتنظيف، فعندما قررت تخصيص دار للأيتام قبل 11 عاماً، تخيلت أننى سألتزم بعمل كافة الإجراءات، وتسجيل الدار فى وزارة التضامن الاجتماعى، وأننى سأتمكن بسهولة من توفير هيكل إدارى لها ومشرفات يتولين زمام الأمور، إلا أن الأمر صعب على أرض الواقع، حيث وجدت أن المسئولية أكبر من ذلك بكثير، وأن الدار تتطلب منى تفرغاً تاماً للحفاظ على الأطفال، نتيجة عدم وجود مشرفات مدربات قادرات على التعامل نفسياً وعملياً مع الأطفال، حتى بدأنا فى الحصول على تدريبات للمشرفات، لصقل قدراتهن ومهاراتهن، لكن للأسف بعد التدريب تستمر المشرفة فى عملها لعدة أشهر قليلة، ثم ترحل، ونبدأ العمل والتدريب من أوله مع مشرفة أخرى».

تابعت «مها»: «أشعر بالقلق على الأطفال، خوفاً من أن تنهار حياتهم بعد وفاتى، وأريد أن أضع لهم هيكلاً إدارياً قوياً، ليستمر المشروع دون وجودى، لكننا نعانى مادياً، ورغم ذلك أُصر على أن تدرس الفتيات فى مدارس تجريبية لغات، وأن تكون لديهن أنشطة رياضية، تسهم فى دعمهن نفسياً، ولكن مع كبرهن فى السن، يحتجن إلى مكان أكبر من تلك الشقة التى خصصناها لهم».

وعن حماية الفتيات من الانتهاكات، قالت إنها توجد بنفسها فى الدار كل يوم، عدا يوم «الجمعة» الذى تحصل عليه كإجازة، فيما تذهب شقيقتها وصديقتها إلى الدار للاطمئنان على البنات، وأضافت: «المشرفات على دراية تامة أنه غير مسموح لهن بأى تجاوز فى حق الفتيات، أو ضربهن بأى طريقة، ولكن أيضاً يجب أن نكون موضوعيين، فأحياناً يكون هناك أطفال غير أسوياء نفسياً فى دور الأيتام، يستفزون المشرفات، خصوصاً أنهم يعرفون أن العقاب والضرب غير مسموح به، ومن هنا يجب معاقبة الأطفال ولكن بطريقة تربوية سليمة، كحرمانهم من اللعب لفترة محددة».

وأشارت «مها» إلى أن اختيار المشرفات يخضع لعدة شروط، منها بالطبع أن تكون فى السن القانونية للعمل كمشرفة، وتراعى عدم تكليفها بما ترفضه، حتى لا تتعرض لضغط نفسى كبير، مستطردة: «المشرفات مظلومات مجتمعياً، لأنهن فئة مطحونة، ارتضين بمرتبات ضئيلة، وساعات عمل كثيرة، لذلك أترك لكل مشرفة المهام التى تفضل القيام بها، سواء قراءة قصص أو مذاكرة مع الأولاد، أو تحضيرهم وتنظيفهم، أو أعمال البيت، فكل مشرفة تحدد ما تفضله وعلى هذا الأساس يجرى توزيع المهام بينهن».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل