المحتوى الرئيسى

البطالة وثقة المستهلك والأجور مؤشرات غائبة عن بحوث الاقتصاد

03/12 09:22

نعمان خالد: طبيعة عمل المؤسسات المحلية تفرض عليها استهداف المستثمر

تجاهلت التقارير الاقتصادية- خلال الفترة الماضية- تأثير الأوضاع الحالية والمستقبلية على حياة المواطنين وسلوكهم الاستهلاكى، ومن ثم مدى مساهمتهم فى تحريك المؤشرات الاقتصادية المستقبلية، كما غابت عن توقعات المعنيين بإصدار البحوث والدراسات الاقتصادية مؤشرات مهمة، ومنها: البطالة، ومؤشرات الأجور، وثقة المستهلكين، والطلب فى سوق العمل.

ورغم دور المواطن فى تحركات الاقتصاد الكلى- باعتباره مصدر الطلب- إذ يمثل شراء السلع والخدمات فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجارى، نحو %1.2 من إجمالى الناتج المحلىs/43015-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AA%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A">الناتج المحلى الإجمالى، و%4.3من إجمالى الإنفاق العام، تركزت معظم التقارير الاقتصادية حول معدلات النمو المرتقبة، ومستويات التضخم، وأسعار الفائدة، وتوقعات سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، ومستويات الناتج المحلى، وعجز الموازنة المرجحة، وغيرها دون النظر لانعكاساتها على المستهلك- الذى يمثل لاعبًا أساسيًّا فى الاقتصاد- من شأنه تغيير المعادلة الاقتصادية بالكامل.

وتصدر العديد من المؤسسات الدولية، تقارير دورية لقياس ثقة المستهلكين فى المؤشرات الاقتصادية، كما تقيس معدلات الرضا والسعادة وغيرهما، وتأثير ذلك على حياة المواطن وسلوكهم الاستهلاكى.

ولعل المؤشر الأبرز عالميًّا هو موشر ثقة المستهلكين الأمريكى الذى يصدر بشكل دورى كل شهر، لقياس مدى تفاؤل أو تشاؤم المستهلكين إزاء الأوضاع الاقتصادية الحالية، والتوقعات الخاصة بالمسار الاقتصادى فى الأجل القريب الذى يؤثِّر على قرارات المستهلكين الإنفاقية والادخارية.

ويحدد مؤشر ثقة المستهلك الشكل الذى يتخذه الإنفاق، إذ كلما زادت ثقة المستهلكين فى الاقتصاد وفى مواردهم المالية الشخصية كلما أقبلوا على المزيد من الإنفاق، ومن خلال ذلك يقدم المؤشر رؤية مستقبلية عن الاتجاه الذى سيسير فيه النمو الاقتصادى.

كما تصدر شبكة حلول التطوير المستدامة "SDSN"، التابعة للأمم المتحدة، مؤشرًا سنويًّا للدول الأكثر سعادة عالميًّا، بتحليل ظروف الحياة اليومية فى 157 دولة، اعتمادًا على عدة معايير؛ مثل حصة الفرد من إجمالى الناتج المحلى فى دولته، ومتوسط العمر المتوقع، ومعدلات الفساد، وكذلك الحريات المتاحة.

ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن طبيعة عمل المؤسسات المالية المحلية تضع المستثمر العامل الرئيسى المرتقب من قياس المؤشرات الاقتصادية، وأن قياس رد فعل الشارع مسئولية منظمات المجتمع المدنى.

ويذكر آخرون أن تجاهل الأبحاث الاقتصادية لقياس تداعيات المؤشرات الاقتصادية المختلفة على حياة المواطنين، وإيلاءها اهتمامًا بالمستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، يضع تلك التوقعات عرضة للخطأ، ولاسيما فى حال ما اتخد المواطن قرارًا مختلفًا يتعلق بسلوكه الاستهلاكى أو الادخارى وغيرهما.

قال نعمان خالد، محلل الاقتصاد الكلى بشركة سى إى أست مانجمنت، إن محللى الاقتصاد يهتمون فى الأساس بتداعيات المؤشرات الاقتصادية على المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، دون النظر لمردود التغيرات الاقتصادية على الشارع.

وأضاف خالد أن تجاهل الجانب الاجتماعى فى الأبحاث الاقتصادية على خلفية طبيعة عمل المؤسسات المالية التى تجرى تلك الأبحاث واهتماماتها، فضلًا عن مدى ارتباط العاملين فى تلك المؤسسات بالشارع وحياة المواطنين، والشرائح الطبقية المختلفة.

وأشار خالد إلى أن تجاهل مردود المؤشرات الاقتصادية على حياة المواطنين يؤثر بدرجة ما على مصداقية تلك التوقعات، رغم بذل مجهود فى التحليل الاقتصادى للمؤشرات المختلفة، مستدلا على ذلك بتوقعات معدلات التضخم على سبيل المثال، إذ جاءت توقعات التحليل الاقتصادى خلال الفترة الماضية بارتفاع معدلات التضخم إلى نحو %25، فيما لم يتطرق الباحثون لتداعيات ذلك على القوى الشرائية، والتى من الممكن أن تغير المعادلة بالكامل.

ولفت خالد إلى أن هناك بعض التوقعات الاقتصادية تدمج بين طرفى المعادلة لغة الأرقام والمؤشرات ومردودها على حياة المواطنين، إلى أن تلك الأبحاث ليست بالانتشار الكافى، موضحًا أن عملية الدمج فقط تحتاج إلى مجهودات إضافية من قبل الباحثين وليس وحداث أبحاث متخصصة.

ومن جانبها، قالت رضوى السويفى، محللة الاقتصاد الكلى بشركة فاروس القابضة، إن بعض المؤشرات الاقتصادية والتوقعات لا يتم إصدارها إلا من خلال قياس ردود الشارع، خاصة تلك المرتبطة بالاستهلاك، ومنها معدلات التضخم، وما له من تداعيات على منظومة الاستهلاك، سواء بتقليل الإنفاق أو تغيير الثقافة الشرائية بالتوجه للمنتجات المحلية عن نظيرتها المستوردة.

وأضافت "رضوى" أن بنوك الاستثمار والمراكز البحثية الاقتصادية غير منوط بها فى الأساس قياس رد فعل الشارع، والذى يعنى بها منظمات المجتمع المدنى، فيما يبقى دور المراكز البحثية تسليط الضوء على المؤشرات الاقصادية من جانب دعمها للاستثمار.

وأوضحت أن هناك بعض التقارير الاقتصادية لا يتم إصدارها دون قياس العامل الفاعل المواطن بالأساس، والأخذ فى الاعتبار معدلات الدخل ودورها فى توقعات النمو الاقتصادى، وكذلك قياس قوة القطاعات الاقتصادية على سبيل المثال تحليل فرص نمو قطاع الأغذية والمشروبات أو العقارات وغيرهما.

وأشارت "رضوى" إلى أن الأوضاع السياسية فى البلاد يكون لها دور بارز فى بعض الأحيان فى توقعات الأداء الاقتصادى، وهو ما حدث فى مصر عقب ثورة 25 يناير، وما تلاها من إضرابات عمالية واحتجاجات، ومن ثم انعكاسات ذلك على الإنتاج ومعدلات النمو الاقتصادى.

وعلى صعيد موازٍ، أشار وائل جمال، الكاتب الصحفى والباحث الاقتصادى، إلى أن أغلب الباحثين يتجاهلون قياس تداعيات المؤشرات الاقتصادية على حياة المواطنين فى أبحاثهم، لعمل معظمهم فى مؤسسات تابعة لسوق المال أو جامعات يمولها رأس المال فى الأساس، ومن ثم تتجه اهتماماتهم نحو ما يدعم جذب الاستثمار.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل