المحتوى الرئيسى

حفتر يتحول إلى محور صراعات الدول الكبرى والقوى المحلية في ليبيا

03/11 16:11

تطورات متسارعة في الساحة الليبية، التي أمل المجتمع الدولي أن تصل إلى شيء من الاستقرار بعد اجتماع أهم قادتها في مصر قبل أسبوع للاتفاق على الالتزام بالحوار على أساس اتفاق الصخيرات. فقد صرح أوليج كرينيتسين، رئيس شركة RSP الروسية المختصة بالخدمات الأمنية، لوكالة «رويترز» بأن مجموعة من المسلحين التابعين للشركة عملوا في جزء من ليبيا يقع تحت سيطرة المشير أركان حرب خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، دون أن يحدد من تعاقد معه لاستقدام المقاتلين إلى ليبيا.

وأضاف كرينيتسين أن مسلحي الشركة حصلوا على السلاح في ليبيا، وأن الشركة لا تتبع وزارة الدفاع الروسية لكنها «تتشاور» مع وزارة الخارجية الروسية، وأن تعاقدها مع الجانب الليبي هو «تعاقد تجاري». وفي ذلك أكد خبراء لـ «رويترز» أن تحركًا كهذا لا يمكن أن يحدث بدون علم الإدارة في موسكو، حتى لو لم تكن الشركة تابعة للدولة رسميًا، لا سيما مع تاريخ روسيا في استخدام شركات الأمن الخاصة كوكلاء لتحقيق مصالحها في دول الشرق الأوسط.

وجاء ذلك التصريح الذي نشرته الوكالة حصريًا أمس الجمعة، بعد فترة من زيارة حفتر لروسيا ولحاملة الطائرات الأميرال كوزنيتسوف، بحث مع وزير الدفاع الرسي سيرجي شويجو مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، عبر دائرة تليفزيونية مغلقة، ثم تسلم من الجانب الروسي شحنة من الأدوية اللازمة للجيش والمدنيين في ليبيا؛ وفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الروسية في 11 يناير الماضي.

وأثار ذلك التعاون بين حفتر وروسيا قلق الولايات المتحدة وحلفائها، ففي فبراير الماضي طالب مايكل فالون، وزير الدفاع البريطاني، بمنع الدب الروسي من غرس مخالبه في ليبيا، ما دفع شويجو إلى السخرية منه ومن رمز الأسد على الشعار الرسمي البريطاني في فاعلية رسمية بروسيا، بقوله: «لدينا مثل قديم يقول جميع الأسود قطط لكن ليست جميع القطط أسودًا، لذلك ليهتم كلٌ بشئونه، ولا نظن أن وحشًا نشأ في حديقة الحيوانات التابعة لهم قادر على فرض إملاءاته على دب الغابة».

أيضًا أصدر مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، بيانًا في الشهر ذاته أعرب فيه عن قلق بلاده من إنشاء «الحرس الوطني الليبي» التابع لحكومة الإنقاذ، التي تتبع المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بعد تعيين حكومة الوفاق الوطني دوليًا، ونشره للآليات المسلحة في العاصمة طرابلس، معتبرًا أن ذلك سيتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار.

وقالت الولايات المتحدة أن زيارات حفتر لروسيا تكررت، حيث عبر الجنرال توماس وولدهاوزر، قائد اقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، لوكالة «سبوتنك» الروسية أمس الجمعة، عن قلق وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إزاء لقاءات جمعت مؤخرًا عددًا من السياسيين والعسكريين الليبيين مع نظرائهم الروس خلال الفترة الأخيرة. وأضاف مسئولون بالنتاجون ومجلس الشيوخ الأمريكي أنهم قلقون بشأن تنامي النفوذ الروسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبعيدًا عن اتجاه حفتر إلى التعاون مع روسيا، في مقابل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المحتفظة بالولاء للأمم المتحدة ودول الغرب،  فإن الخلاف بين قائد الجيش الليبي وفائز السراج رئيس المجلس تمتد إلى أبعد من ذلك.

ففي مطلع يناير الماضي قال حفتر لصحيفة «كرييري ديلا سيرا» الإيطالية أنه لن يستكمل المباحثات مع السراج، لأن حكومته تتعاون مع ميليشيات «فجر ليبيا» الإسلامية المسلحة، مضيفًا ان المحادثات بينهما بدأت منذ عامين ونصف دون الوصول إلى نتائج، ومعتبرًا أن الأولوية الآن أصبحت لمحاربة الإرهاب، ثم يأتي بعد ذلك تناول مسألة السياسة والديمقراطية.

وحاولت الإدارة المصرية لم الشمل بين الطرفين بترتيب لقاء لهما في القاهرة، لكن نتائج اللقاء بدت غير واضحة في ظل زعم بعض الوسائل الإعلامية أن السراج رفض لقاء حفتر، وتأكيد بعضها الآخر أنهما اتفقا على الالتزام باتفاق الصخيرات.

رغم اشتداد الصراع على منطقة الهلال النفطي بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، حيث سيطرت عليها قوات الجيش في عملية باسم «البرق الخاطف» بعد معركة مع قوات حرس المنشآت النفطية في نوفمبر 2016، عاد الصراع مرة أخرى بقرار من المجلس الرئاسي لآمر جهاز حرس المنشآت العميد إدريس بو حمادة بتسلم المنشآت النفطية في منطقة الهلال، لتأمين لموانئ والمرافق والحقول التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط.

ورفض المجلس في بيانه الصادر الثلاثاء الماضي التصعيد العسكري والصراع في أية بقعة في ليبيا، وفي منطقة الهلال بشكل خاص، داعيًا إلى حقن الدماء ومغادرة قوات الجيش فورًا؛ وذلك بعد يومين من تحرك كبير لما يُسمى «كتيبة الصواعق» بالجيش تجاه الهلال النفطي بقيادة الرائد عماد الطرابلسي، للرد على هجوم من قوات إسلامية هي «سرايا الدفاع عن بنغازي».

وتتمتع سرايا بنغازي بدعم معنوي من حكومة الوفاق التي لا تعتبرها قوات متطرفة، وتتهم حفتر بتجنيد رجال القبائل المصرية والليبية لانتزاع الهلال النفطي من «ثوار» بنغازي، بل وتطالبه بالاستجابة لمطالبهم وتسليمهم ميناءي السدرة ورأس لانوف؛ كما جاء على لسان اللواء سليمان العبيدي، مستشار وزارة الدفاع بحكومة الوفاق.

وأسفرت تلك التصعيدات عن سحب البرلمان في طبرق اعترافه بالمجلس الرئاسي وباتفاق الصخيرات، لكن السفير صلاح الدين الجمالي، مبعوث جامعة الدول العربية إلى ليبيا، وصف ذلك بـ «التصرف الانفعالي» متمنيًا سرعة تراجع البرلمان عنه.

وحاول فائز السراج امتصاص حدة الصراع ببيان رسمي أصدره أمس، دعا فيه إلى انسحاب طرفي النزاع في الهلال النفطي «لإخراج مقدرات الليبيين من الصراع بكافة أشكاله، وتوحيد كافة مؤسسات الدولة الحيوية لتخدم الليبيين جميعًا». كما دعا إلى التوحيد الفوري لحرس المنشآت النفطية من الطرفين، تحت جهاز يخضع لإشراف المؤسسة الوطنية للنفط.

لكن ناصر الهواري، مؤسس المرصد الليبي لحقوق الإنسان، أكد أن مجموعة سرايا بنغازي هي مجموعة إرهابية، رصدت المنظمات الحقوقية العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها في البلاد بحق المدنيين من قتل وتعذيب، لا سيما في منطقة أجدابيا وما حولها. مضيفًا أنها أعلنت في مقاطع مرئية عن احتجازها أسرى وأجبرتهم على توجيه رسالة إلى القيادة العسكرية الليبية بفك الحصار عن الإسلاميين وفي بنغازي، وإلا فسوف تمنع عنهم الطعام والشراب أسوةً بمقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي. 

وأوضح لـ «اليوم الجديد»: «تردنا أنباء من منطقة الهلال النفطي عن منع سرايا بنغازي لتجوال المدنيين، وإلقائها القبض على عدد من الشباب المؤيدين للجيش الليبي في منطقتي السدرة ورأس لانوف، وتعريضهم للإهانة والتعذيب؛ لكنها تظل أنباء غير مؤكدة ولا زلنا نترقب تأكيدها».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل