المحتوى الرئيسى

نظر على مُسلمي الروهينجا.. أكثر الأقليّات اضطهادًا في العالم

03/11 15:46

يبدو الوضع في "ميانمار" أشبه بفيلم رعب مُخيف، لما تشهده من فظائع تُرتكب بحق مُسلمي الروهينجا، يعتبرها المجتمع الدولي بمثابة "عمليات إبادة مُمنهجة" ضدهم.

وفي هذا التقرير نُلقي الضوء على ماهيّة أقليّة الروهينجا، وطبيعة الصراع الذي يواجهونه في ميانمار، ورد فِعل المجتمع الدولي عليها.

مَن هم "الروهينجا"؟ ولِمَ يعانون من الكُره في ميانمار؟

يعيش نحو 1.1 مليون من أقليّة الروهينجا، الذين لا جنسية لهم، في ظروف أشبه بالفصل العنصري في شمال غرب ميانمار، حيث يحرمون من حقوق المواطنة.

ويعتبرهم كثيرون في الدولة ذات الغالبية البوذية مهاجرين غير شرعيين، وتعتبرهم الأمم المتحدة "أكثر الأقليّات اضطهادًا وبؤسًا في العالم".

وبينما تُعرف "البوذية" بأنها الديانة الرسمية لميانمار، حيث يعتنقها أغلب سُكانها، يُعتقد تحوّلها إلى مجتمع مُتعدد العرقيات في الألفيّ سنة الأخيرة.

وتقول صحيفة "ذا انديان اكسبريس" الهندية إن ظهور الإسلام في ميانمار يعود إلى القرن الـ 15، غير أن من يُطلقون على أنفسهم "الروهينجا" لديهم جذور أكثر تعقيدًا، تجعل ظهورهم في النقاط الحدودية للدولة "إشكالية" في نظر الأغلبية.

ترجع أصول الروهينيجا إلى أولئك الذين قدموا إلى غرب ميانمار، (في إشارة إلى ولاية راخين التي كانت تُعرف سابقًا بـ "أراكان")، بعد احتلال الاستعمار البريطاني لبورما في 1842.

وينتمي الغالبية العُظمى منهم إلى "شيتاغونغ"، الدولة المجاورة لبنجلاديش، الذين أحضرتهم بريطانيا كعُمّال مزارع.

المُعدّل الضخم لدخولهم "أراكان"- راخين حاليًا- أثار استياء سكانها المحليين، وولّد بداخلهم شعورًا قويًا بالنزعة القومية تنامى فيما بعد. وبعد الحرب العالمية الثانية، غادر البريطانيون ومعهم عدد كبير من الهنود الذين نقلتهم بريطانيا أتباعًا لها.

بعد قترة قصيرة، اندلعت اشتباكات طائفية بين السكان البوذيين المحليين ومُسلمي بنجلاديش الذين بقوا. وشكّل العديد منهم جماعات طالب بعضها إما بإنشاء دول مستقلة لأنفسهم أو الانضمام إلى باكستان الشرقية التي تشكّلت حديثًا وقتئذٍ.

وبمرور الوقت، ذهبت أقليّة الروهينجا تُعامل معاملة "الأجانب" في الدولة التي تشكّلت حديثا ويُهيمن عليها البوذيّون.

كيف فرضت الحكومة البورمية تمييزًا مؤسسيًا ضد الروهينجا؟

في 1982، مرّرت حكومة بورما قانون مواطنة ما يزال ينظر إليه المجتمع الدولي على أنه "عُنصري" و"غير مُنصِف".

بموجب هذا القانون تُمنح الجنسية فقط إلى البورميين ممن يثبُت أن لهم أسلاف عاشوا في البلاد قبل الاستعمار البريطاني، وهو ما شكّل تمييزا عنُصريًا ضد الروهينجا الذين وجدوا أنفسهم "مواطنين مُنتسبين".

وفي ظل هذا القانون العنُصري، حُرِم الروهينجا من العمل في أي مكتب حكومي، وكذلك الحرمان من عدة حقوق مواطنة أخرى، إلى جانب تقييد عمليات الزواج، ومرُاقبة مُعدلات المواليد الخاصة عن كثب.

مع تنامي التمييز العُنصري الذي تواجهه الروهينجا، تُشير "ذا انديان اكسبريس" إلى اندلاع صراعات مُسلّحة متكررة، بهدف تدمير قرى ومساجد مسلمي الروهينجا، أعقبتها نزوج جماعي للروهينجا إلى البلدان المجاورة، لاسيّما في بنجلاديش والهند.

ما أزاد وضع الروهينجا سوءً في ميانمار، بحسب الصحيفة، هو إنكار هويّتهم البورمية من جانب بوذيّي راخين؛ إذ يعتبر البوذيّون أن الروهينجا "هويّة دينية مُلفّقة"، ويستشهدون في ذلك بوثائق تاريخية وسجلات نسب، تزعم عدم وجود مجتمع يحمل اسم "روهينجا" في بورما في الماضي.

ما هي أسباب اندلاع اشتباكات طائفية في بورما في أكتوبر 2016؟

في التاسع من أكتوبر من العام المُنصرم، تعرّضت ثلاث نقاط حدودية في ميانمار وبنجلاديش لهجوم من قِبل جماعة من المتشددين الإسلاميين، أفضت إلى مقتل تسعة من أفراد الشرطة.

وألحق الهجوم، الذي قيل إنه نُفّذ من جانب منظمة التضامن لحقوق الروهينجا، بهجوم إرهابي نفّذته قوات ميانمار المُسلّحة، المعروفة باسم "تاتماداو".

وشهدت الأشهر التلية، وقوع قرابة الـ 100 قتيل بين صفوف الروهينجا، واعتقال نحو 1200 آخرين بتهمة حرق المباني والممتلكات.

وتشير بعض التقارير إلى تعرّض عشرات النساء إلى الاغتصاب والاعتداء على يد ضباط الجيش تحت تهديد السلاح.

وحظِر دخول المساعدات الإنسانية في المناطق الوقاعة تحت هجوم عسكري، وأجبِر ما يقرب من 30 ألف شخصً للنزوح والفرار حفاظا على حياته.

ولفتت الصحيفة إلى أن معظم هؤلاء المُضطهدين من عمال الأرز والتجار ممن يعيشون تحت ظروف فقر قاسية.

وبحسب ما نقلته شبكة "رويترز" الإخبارية عن مسؤولين اثنين بالأمم المتحدة- رفضا ذكر اسميهما- فإن السلطات البورمية قتلت ما يزيد عن 1000 شخص خلال حملة القمع الأخيرة التي نفّذها جيش ميانمار على مُسلمي الروهينجا، شمال شرق ولاية راخين، وهي حصيلة أكبر بكثير مما تحدثت عنه التقارير سابقًا.

ونقلت رويترز عن أحدهم، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن: "الحديث حتى الآن يدور حول مئات القتلى. ربما يكون هذا تهوينًا في التقديرات، من الممكن أن نتحدث لاحقًا عن آلاف."

وأقرّت الحكومة بقتلها بعض أفراد الروهينجا خلال حملتها القمعية، فيما أنكرت ارتكابها المزاعم التي أفادت بارتكابها فظائع في حق المدنيين، بما في ذلك ادعاءات تُشير إلى تعرّض النساء والأطفال للقتل والاغتصاب إلى جانب الحرق المُتعمّد للممتلكات، بل رجّحت قيام "الروهينجا" أنفسهم بحرق المباني والمنشآت للحصول على تعاطف دولي.

وأعلنت الحكومة التي تقودها أونج سان سو كي، الأسبوع الماضي، أنها ستحقق في المزاعم الواردة في التقارير.

بدوره، قال زاو هتاي، المتحدث باسم الرئاسة في ميانمار، إن أحدث التقارير الواردة من القادة العسكريين تشير إلى مقتل أقل من 100 شخص في عملية لمكافحة التمرد ضد مسلحين من الروهينجا هاجموا نقاطًا حدودية للشرطة في أكتوبر.

كيف تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة؟

في الوقت الذي وصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحملة القمعية العسكرية على أقليّة الروهينجا في ميانمار بأنها "تطهير عِرقي"، أعلن مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن الأزمة في البلد الشرق جنوب آسيوي "يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".

في نوفمبر 2016، وصل الرئيس السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، إلى ميانمار هو وفريقه، لبحث الصراع المُسلّح الدائر هناك، والتقى متظاهرين مُعارضين للتدخّل الأجنبي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل