المحتوى الرئيسى

سفراء «الإسبرانتو» يتحدثون: الإنجليزى جَبَر

03/11 13:27

تخيل لو اختفت كل الحروف والكلمات القديمة، وغابت كل الاختلافات الثقافية والعرقية، وأصبح الجميع يتحدث لغة واحدة، لا فضل للسان أعجمى على عربى، الكل سواسية ويتحدث «الإسبرانتو».

ولمن لا يعرف «الإسبرانتو» فهى لغة مزيج من الإسبانية، والإيطالية، والألمانية، وعدة لغات أخرى بينها العربية.

أول ظهور لها كان عام 1870 على يد العالم البولندى الفيزيائى الخبير اللغوى لوديك زامنهوف، بعدما رأى أنه بإمكان العالم أن يتحدث لغة واحدة مستوحاة من كل لغات العالم الأصلية، وبهذا لن يكون هناك أعداء، لكنها لم تنتشر بشكل حقيقى إلا مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعى، لتبدأ فى أسر قلوب الشعوب، ويتخذ محبوها شعار النجمة المحاطة باللون الأخضر، رمزا للسلام والمحبة بين الشعوب.

«الدستور» تحدثت مع سفير اللغة فى مصر، ومع عدد من عشاق اللغة الجديدة حول العالم، لتوضح تفاصيل لغة تصنف بأنها الأسرع انتشارًا على مستوى العالم، وتتعرف على أسباب جذبها نحو ٢ مليون شخص فى وقت قصير.

تقرير دولى الإنجليزية تقترب من الاندثار

لم يكن يتخيل خبراء اللغة أن يأتى اليوم الذى تصبح فيه اللغة الإنجليزية مهددة بالاندثار، لكن تقريرًا أعده المعهد الملكى للشئون الدولية فى لندن «Chatham House»، أظهر أن خبراء اللسانيات يتوقعون أن الإنجليزية فى طريقها للانهيار، بسبب التنوع اللغوى الكبير، الذى يصل إلى حد أن أبناء اللغة الواحدة قد لا يستطيعون فهم بعضهم البعض، لذلك بدأ بعضهم فى الدعوة إلى تطوير لغة قائمة بذاتها، تحل محل الإنجليزية.

16 قاعدة فقط للغة.. وأداة تعريف واحدة.. و2.7 مليون مستخدم

لن يجد محبو «الإسبرانتو» صعوبة فى تعلّم اللغة، فدائمًا ما يجد المتعلم الجديد سهولة فى حفظ مفردات اللغة، لأنها مأخوذة من عدة لغات أخرى.

ويقول ناصر إنه بالإضافة إلى سهولة المفردات، فإن قواعد اللغة سهلة وبسيطة، : الإسبرانتو فيها 16 قاعدة فقط، مفيش شواذ ولا استثناءات، وأداة تعريف واحدة تُستخدم فى جميع الحالات المفرد والجمع، المذكر والمؤنث، وهذا ما يجعلها سهلة التعلم والممارسة، مضيفًا أن «اللغة سهلة جدًا علشان كده بقى فيه 2.7 مليون مستخدم لفيسبوك حول العالم بيستخدموها، وكل سنة بيزيد عدد المشاركين فى المؤتمر السنوى للغة اللى بيعقد كل مرة فى مدينة مختلفة».

ويشير ناصر إلى أن عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى بها الكثير من محبى اللغة، وهم دائمًا على استعداد لمساعدة المتعلمين الجدد منها مجموعة «Esperanto» على «فيسبوك» وبها أكثر من 21 ألف ناشط، وكذلك موقع تعليم اللغات «ديولينجو» وبه 736 ألف متعلم للإسبرانتو، وبذلك تتتفوق اللغة فى عدد متعلميها على عدة لغات أخرى.

أما عن مصادر تعلم الإسبرانتو المجانية، فهى كثيرة، أهمها موقع «lernu» وهو أحد أكبر المواقع لتعليم «الإسبرانتو»، الذى يوفر نسخة عربية منه، كذلك يوفر موقع «Duolingo» برنامجًا تدريبياً لتعلم «الإسبرانتو»، بل تم إدراجها فى ترجمة جوجل، من أجل تسهيل مهمة محبى اللغة من جميع اللغات الأخرى إلى تطوير ترجمتها.

نسخ من القرآن بـ«الإسبرانتو».. والبهائيون يشجعون استخدامها

فى السنوات الأخيرة نجحت الإسبرانتو فى أن تكون مادة يكُتب بها أدب وشعر، تنتج بها أفلام وأغان، تطُبع بها صحف، وبُثت الإذاعات بها من أماكن متعددة، وكُتبت بها الكتب والمراجع، حتى إن هناك نسخًا من القرآن الكريم مكتوبة بالإسبرانتو.

النشاط الموسع للغة الجديدة لا يأتى من فراغ، فوراء ذلك منظمات عالمية لها شأن، يذكرها ناصر: «اللغة لها كونجرس خاص يُنتخب فيه الأكثر نشاطًا حول العالم من المتحدثين بها، ليكونوا فى مجلس «الإسبرانتو»، الذى يعمل على دعم اللغة بكافة الأشكال، ويتخذ رئيس الكونجرس قصرًا مخصصًا فى هولندا مقرًا له، إذ يُنتخب كل عامين، وفقًا لأهمية نشاطه عالميًا، كما يمكنه تجديد فترة رئاسته.

كما أن هناك عدة مؤسسات دولية تعمل على تنشيط تعلم اللغة فى الأوساط المختلفة، مثل مؤسسة الإسبرانتو العالمية، ورابطة صحفيى الإسبرانتو بالعالم، بل إن منظمة اليونسكو العالمية اعترفت بالإسبرانتو لغة سلام ودعوة لحياة بلا عنف.

كما أنه يوجد عدة منظمات اتخذت «الإسبرانتو» لغة رسمية لها، مثل مؤسسة اللاوطنية الدولية،وأصبحت لغة رسمية لجمهورية روز، الواقعة بالقرب من إيطاليا، وتحظى اللغة بحب ممارسى ديانة «الأوموتو»، إضافة إلى أن الديانة البهائية تشجع استخدامها لغة دولية إضافية.

ويرى ناصر أن أحد أهم إنجازات اللغة، هو خدمة «جواز السفر»، وهى خدمة لمتحدثى الإسبرانتو حول العالم فى 90 دولة، يتمكن خلالها أصحاب اللغة من الإقامة فى أحد منازل متحدثى اللغة فى البلد الذى يتوجهون إليه، وتكون الإقامة بشكل مجانى أو بأجر رمزى.

أوجوستو البرازيلى.. تعلمها خلال 15 يومًا

جايرو أوجوستو، برازيلى يعيش فى مدينة ساو باولو، 50 سنة مهندس ميكانيكا، رحلته مع الإسبرانتو بدأت بصدفة غريبة، عندما سقط كتاب صغير به قواعد لغة «الإسبرانتو» فوق رأسه، أثناء تفحصه بعض الكتب القديمة فى المكتبة العامة لمدينته، وخلال 15 يومًا كان قد تعلم اللغة الجديدة، بسبب سهولتها وقواعدها البسيطة.

المشكلة التى واجهته لمدة 15 عامًا، هى عدم وجود من يتحدث باللغة، لكنه لم ييأس وظل يبحث حتى وجد مجموعة من الطلاب يعرفون اللغة، وبعد ظهور الإنترنت بدأت انطلاقته الحقيقية فى نشر «الإسبرانتو» على نطاق أوسع، من خلال كتاباته وتعليمه للعديد من الشباب، بمساعدة أستاذ جامعى.

ويحاول «أوجوستو» نشر اللغة بطرق مختلفة لكن الأكثر قوة هو التعلم والتواصل الشخصى عبر الإنترنت مع الأشخاص.

أحمد ناصر، شاب مصرى محب للغات، أخذ على عاتقه مهمة تعريف 90 مليون مصرى باللغة التى قد تصبح اللغة الأولى للعالم فى المستقبل، يقول: تنوع مصادر اللغة الإنجليزية بين البريطانية، والأمريكية، والأسترالية، والهندية والروسية، يهدد اللغة بشكل واضح، وهو ما دفع موسوعة «ويكيبيديا» إلى صنع نسخة خاصة للغة، لتسهيل التواصل بين المتحدثين بالإنجليزية.

ويضيف ناصر أنه نتيجة للحالة التى تمر بها اللغة الأولى فى العالم، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، كانت الفرصة مواتية للمطالبة بجعل «الإسبرانتو» اللغة الرسمية فى أوروبا، وبدأت بالفعل حملات جمع التوقيعات على موقع «آفاز» وحملة تعريفية على موقع «change».

وإذا نجحت المبادرات فى مساعيها على المدى الطويل، فعلى الجميع أن يستعد من الآن بتعلم «الإسبرانتو»، وهو أمر بسيط للغاية، فالأمر لا يكلفك أكثر من ثلاثة أشهر.

أركويلوس الإسبانى.. أتقنها منذ 40 عامًا

فى إسبانيا، يعيش آنجل أركويلوس، رجل فى العقد السابع من عمره، من أقدم الموجودين حاليًا ممن تعلموا اللغة، فقد عرفها وأتقنها منذ 40 عامًا، من خلال أكاديمية فى العاصمة الإسبانية مدريد، وأصبح أحد أهم القائمين على اللغة فى بلاده، وأحد أنشط الأعضاء فى أوروبا عامة.

يصعب على «أركويلوس» تحديد عدد المتحدثين بلغة الإسبرانتو فى القارة الأوروبية: «هناك آلاف من المتحدثين بلغة الإسبرانتو فى أوروبا، لكن من الصعب الحصول على إحصائية دقيقة، والمعروف أن العالم يضم ما يقرب من 2 مليون متحدث بها».

«من السهل إقناع الناس بها، لأنها سهلة جدًا، وبمجرد تعلم القواعد تصبح اللغة ملكًا للشخص، وتدخل القلوب مباشرة»، يقول «أركويلوس» الذى يرى أن لغته المفضلة هى لغة القلوب والسلام لا يحتاج الشخص إلى أى سبب ليتعلمها غير الحب والسلام. ولأنها لغة الحب فزوجته وأصدقاؤه يتحدثون بها معه ومع بعضهم البعض، بل ويفضلونها على اللغة الإسبانية، فمثلهم مثل جميع البلدان الأوروبية التى تحب اللغة الجديدة، وتحاول تعلمها.

ويؤكد «أركويلوس» أن اللغة تنتشر فى كل الدول الأوروبية، بما فى ذلك عقر دار اللغة الإنجليزية: كل الدول بها أعضاء ناشطون وقائمون على نشرها، بما فى ذلك دولة إنجلترا التى تحتضن مكتبة تضم أكثر من 10 آلاف كتاب عن الإسبرانتو.

مايسارى الإندونيسية:دول الخليج الأقل معرفة بها

وأخيرا فى قارة آسيا، انتشرت اللغة فى الكثير من بلدانها.. ففى إندونيسيا تنشط مايسارى الفردوسى، فتاة فى الـ«23» من عمرها، تعلمت «الإسبرانتو» منذ ثلاثة أعوام، عبر مجموعة لتعليم اللغات على موقع «فيسبوك»، وانجذبت إلى «الإسبرانتو» لسهولة قواعدها وسهولة نطقها، وبدأت فى إتقان اللغة عبر مواقع تعلم اللغات، لكنها وجدت أن الأفضل هو التعرف على ممارسين للغة على أرض الواقع، من أجل ممارسة اللغة بشكل فعلى.

تقول: لدينا طرق مبتكرة لنشر اللغة وتعريف الناس بها، مثل مسابقات «الإسبرانتو»، التى تلفت الانتباه إلينا، وتجعل التساؤلات تدور فى ذهن الناس التى يدفعها الفضول إلى معرفة المزيد عن اللغة الجديدة، وهناك طريقة أخرى وهى استغلال المناسبات التى يكون بها تجمعات كبيرة، مثل «يوم بدون سيارات»، حيث تكون تلك المناسبات فرصة كبيرة لنشر «الإسبرانتو».

توضح الفتاة أن هناك مئات وربما الآلاف فى إندونيسيا يتحدثون «الإسبرانتو»، لكنها تعتقد بأن دول الحليج العربى هى أقل الدول التى ينتشر بها «الإسبرانتو»، ورغم أن أصدقاءها المقربين فى إندونيسيا لا يتحدثون بلغة «الإسبرانتو»، لكنها تعرفت إلى الكثير من الأصدقاء عبر الإنترنت، خاصة من دولة البرازيل، من خلال اللغة الجديدة، التى تتمنى الفتاة أن تصبح اللغة الأولى فى العالم.

فى مدينة «جاكرتا» أنشئ مركز يسمى «إسبيريجا»، خاص بعشاق الإسبرانتو، يتجمعون فيه من أجل تعلم الجديد وممارسة اللغة بشكل أكبر، توضح الفردوسى أنها تذهب إليه بشكل دورى، من أجل ممارسة اللغة وتنمية مهارات التحدث مع زملائها فى المركز، وهو ما يتم بصورة مشابهة فى مراكز منتشرة فى عدة مدن بإندونيسيا.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل