المحتوى الرئيسى

القصة الكاملة لـ«إهانة جلالة الملك رمسيس» (تحقيق)

03/11 00:15

رئيس البعثة الألمانية: وزن الرأس 3 أطنان وكان غارقًا فى المياه الجوفية على عمق مترين.. ولم تكن هناك طريقة ثانية

مسئول البعثة المصرية بالمطرية: جفَّفنا المياه بالكامل لكنها عادت.. واستخدمنا هذه الطريقة لمنع انهيار عقار على بعد مترين

فندت كل الجهات ذات الصلة بعملية اكتشاف تمثالين ملكيين من الأسرة الـ19، الذين عثرت عليهما البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة بمنطقة سوق الخميس (المطرية) في منطقة عين شمس الأثرية، الخميس، انتقادات خبراء آثار حول طريقة استخراج الكشف الأثرى عبر «رافعة»، مشيرة إلى اتباع الطريقة السليمة فى انتشال الأثر.

كانت البعثة الأثرية المصرية الألمانية المشتركة، قد عثرت على تمثالين ملكيين من الأسرة الـ19، فى أجزاء فى محيط بقايا معبد للملك رمسيس الثانى، بناه فى رحاب معابد الشمس بمدينة «أون» القديمة.

ومعبد «أون»، من أكبر المعابد بمصر القديمة، إذ حجمه ضعف معبد الكرنك بمدينة الأقصر، ولكنه تعرض للتدمير خلال العصور اليونانية الرومانية.

وكان التمثال الأول للملك سيتى الثانى، أما التمثال الآخر فهو للملك رمسيس الثانى وهو تمثال مكسور إلى أجزاء كبيرة الحجم من الكوارتزيت، وجرى استخراج الرأس الذى تظهر به أذن واحدة وعين وجزء من التاج فقط، فيما توقع أثريون احتواء منطقة عين شمس الأثرية على معبد لرمسيس الثانى يتضمن البهو وصالة الأعمدة. وفور الإعلان عن الكشف تواصلت ردود الفعل المنددة باستخراج الأثر بطريقة تخالف الأعراف العالمية.

«الدستور» تواصلت مع رئيس البعثة الألمانية التى اكتشفت التمثالين الملكيين، ورئيس البعثة المصرية الألمانية لحفائر المطرية، والعالم الأثرى الدكتور زاهى حواس، وخبراء آثار معارضين لطريقة الاستخراج، لعرض جميع وجهات النظر.

قال الدكتور ديترش رو، رئيس البعثة الألمانية التى اكتشفت التمثالين الملكيين، إن البعثة عثرت على تمثال رمسيس الثانى مقسما لعدة قطع، مشيرًا إلى أنه «لم يجر العثور سوى على قطعتين من التمثال فقط، وهما جزء من الرأس يزن 3 أطنان (جرى استخراجه بالفعل)، وجزء كبير من الجسم يزن 7 أطنان (لم يجر استخراجه حتى الآن).

وأضاف لـ«الدستور»، أن الطريقة التى جرى استخراج التاج بها هى أنسب طريقة، نظرًا لأن الأثر كان غارقًا فى المياه الجوفية على عمق 2 متر»، ولم تكن هناك طريقة ثانية سوى ما فعلناه»، مؤكدًا «قمنا بنقل القطعة الصغيرة بالحفار، ولم يحدث أى كسر إطلاقًا».

وقال: «أتمنى أن يتأكد المصريون أنه من المستحيل السماح بالتسبب فى ضرر لأهم الكشوفات الأثرية فى الفترة الأخيرة».

وحول القطعة الأخرى التى لم يجر استخراجها (جزء من جسم التمثال)، أوضح أن «القطعة الكبيرة المتبقية لابد من رفعها بالونش، لأنه لا يوجد طريق آخر، لأنها موجودة تحت المياه الجوفية وإذا لم تنقل بهذه الطريقة لن تنقل أبدًا، وسيحدث ذلك بعد غدٍ الإثنين»، مشددًا على أن «كل أعمال النقل تجرى بطريقة علمية مدروسة، مع الاستعانة برؤساء حفائر مدربين على مستوى عال ومشهورين بنقلهم للآثار من قديم الزمن من بلدة قفط بجوار الأقصر».

واعتبر الدكتور ديترش أن الكشف الأخير ردَّ على كل من كان يردد أن منطقة المطرية ليس بها آثار مهمة، وقال: «المنطقة مليئة بالمعابد والمسلات والتماثيل الضخمة، لأن المطرية كانت قديمًا موطنًا للملوك فقط، والمصريون القدماء كانوا يؤمنون بأنها مقر «إله الشمس» الذى خلق منه العالم.

قال الدكتور أيمن عشماوى، رئيس البعثة المصرية الألمانية لحفائر المطرية، إن ما جرى استخراجه يمثل جزءًا من رأس تمثال رمسيس الثانى، يظهر به أذن واحدة وعين وجزء من التاج فقط، وهو عبارة عن كتلة حجرية من الكوارتزيت، مشيرًا إلى أن «التمثال كان غارقًا فى المياه الجوفية، وما فعلناه كان أنسب طريقة يمكن استخراج القطع الأثرية بها.. لو كنا نفعل شيئًا خاطئًا أو مخالفًا للأعراف لم نكن لندعو وسائل الإعلام إلى الحضور».

وأضاف «عشماوى»، لـ«الدستور»، أنه كانت هناك 3 طرق لرفع الجزء الموجود من رأس التمثال، موضحًا أن الطريقة الأولى كانت رفع الرأس عن طريق «ونش عمودى» بأسلاك وحبال، «لكن بهذه الطريقة كان يمكن أن يفلت الرأس أثناء رفعه، أو يحدث احتكاك بجسم التمثال الموجود فى التربة»، أما الطريقة الثانية فهى المستخدمة منذ سنوات وتتضمن رفع الآثار بواسطة عمال محترفين بالطريقة اليدوية، التى كان يستخدمها المصرى القديم، عبر رفع القطع على عوارض خشبية، غير أن هذه الطريقة «كانت مستحيلة لثقل وزن التمثال وطبيعة التربة الممتلئة بالمياه الجوفية»، وأخيرًا كانت هناك الطريقة التى جرى استخدامها وهى خروج التمثال فى «وعاء كامل» خارج التربة وهى أقل الطرق فى معدلات الخطورة، وقال: «عملنا بحرص شديد على وضع الرأس بشكل سليم فى الوعاء لرفعه خارج التربة بأمان».

أما بالنسبة للانتقادات الموجهة بعدم تجفيف المياه الجوفية قبل استخراج الجزء الموجود من رأى التمثال، فقال: «يوم الإعلان عن الكشف بدأت أعمال سحب المياه من السابعة صباحًا باستخدام 3 مواتير سحب لكنها لم تكن كافية فجرى الاستعانة بطرق أخرى فى التجفيف، ولكن المياه كانت تندفع من التربة كالنبع، وكان من المستحيل إيقافها، فبعد تجفيف المياه بشكل كامل امتلأت التربة مرة أخرى فى مدة لا تزيد على نصف الساعة فقط.. كنا قد جففنا الأرض بالفعل قبل وصول الإعلاميين لكنها عادت مرة أخرى».

وذكر أن الكشف كان على بعد 2 متر فقط من أقرب نقطة سكنية (عقار من 5 أدوار) و«هو ما جعل مهمة الانتشال أصعب، إذ اتبعنا أقل الطرق ضررًا للتربة المحيطة حتى لا نسمح بخلخلة التربة ما يترتب عليه تعريض المنزل المجاور لخطر الانهيار»، مشيرًا إلى أن «التمثال الآخر الذى جرى الإعلان عنه وهو تمثال بالحجم الطبيعى للملك سيتى الثانى مصنوع من الحجر الجيرى بطول حوالى 80 سم، فكان قد جرى رفعه ونقله إلى وحدة الترميم قبل أيام، ولم يتبق فى التربة سوى جسم تمثال الملك رمسيس».

وحول ما يتردد عن أن الكشف الأثرى كان أسفل منطقة مقام عليها سوق، ذكر أن «الحديث عن الموقع الأثرى يقع داخل سوق خاطئ، لأن اسم منطقة سوق الخميس لا يعنى أنها سوق فعليًا بل هى موقع مقترح لنقل السوق.. لم نكن نعمل وسط سوق أو تجمهر شعبى من الأهالى بل إن أغلب الموجودين كانوا من الصحفيين والإعلاميين الذين جرت دعوتهم لحضور أعمال الكشف عن التمثال، وباقى الموجودين كانوا من العاملين بوزارة الآثار وأعضاء البعثة الألمانية وعمال رفع الآثار»، مشددًا على أن «الجزء الذى جرى استخراجه تم تنظيفه ولم يقع أى احتكاك بينه وبين المعدة التى استخرجته».

قال الدكتور محمود عفيفى، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، إن عملية الاستخراج جرت تحت الإشراف المباشر من الأثريين والمرممين المصريين والألمان العاملين بالموقع، مشيرًا إلى أنه «جرى تدعيم الكتلة بواسطة العروق الخشبية وألواح الفلين لفصلها عن الجسم المعدنى للرافعة، ولم يتعرض التمثال للخدش أو يمس بسوء».

> حواس : الطريقة سليمة

فسر الدكتور زاهى حواس، عالم الآثار الكبير وزير الآثار الأسبق، العثور على أجزاء من تمثال رمسيس الثانى مهشمة بأنه «فى العصر المسيحى المبكر كان المسيحيون يعتبرون هذه التماثيل وثنية، ولذلك جرى تدمير أغلب المعابد والتماثيل فى عين شمس وهذا ينطبق على هذا التمثال».

وقال «حواس»، لـ«الدستور»، إنه عمل فى موقع «سوق الخميس» من قبل وجميع التماثيل التى عثر عليها كانت مكسورة إلى أجزاء، مشيرًا إلى أن عالم الآثار الألمانى، الدكتور ديترش رو، رئيس البعثة الألمانية، من أهم علماء الآثار و«قد أرسل لى إيميلًا بالصور موضحًا كل الخطوات التى قام بها لنقل أجزاء التماثيل».

وقال: «أستطيع أن أؤكد أن ما قامت به البعثة صحيح من الجانب الأثرى»، مشيرًا إلى أن الكشف حقق دعاية كبيرة لمصر فى الخارج و«كان يجب استغلاله جيدًا فى الداخل».

> صالح: هذه هى الطريقة الصحيحة

اعتبر أحمد صالح، مدير آثار أسوان، أن ما حدث فى المطرية «جريمة تستوجت وقف مسئولى الكشف»، موضحًا أنه فى علم الآثار لا تستخدم «كراكة الحفر ذات السنون» فى التنقيب فهى ليست الأداة المناسبة فى رفع القطع الأثرية مهما كان حجمها.

وقال: «يمكن أن نرى كيف استخدمت مصلحة الآثار المصرية رافعات فى رفع الكتل الأثرية بمعبدى أبوسمبل وفيلة وكلابشة منذ 60 سنة، فكيف لنا فى القرن الواحد والعشرين أن نقوم بمثل هذه الجريمة؟»، مضيفًا أنه طبقًا لمنهج التنقيب سواء فى حفائر الإنقاذ السريعة لسبب ما أو التنقيب فى الظروف العادية كان لابد من الاستعانة بمواتير شفط المياه خارج الحفرة الموجود بها التمثال، لمعرفة شكل وحدود ومعالم التماثيل أو أى أثر، ثم الاستعانة برافعة (Crane) وليس بكراكة حفر ذات سنون، لأن الكراكة ستتلف الأثر فى أى تحرك».

وأضاف «صالح»، لـ«الدستور»، أنه كان على البعثة أن تكون جاهزة بحبال سميكة تتناسب مع حجم الأثر وكميات كبيرة من الفلين والأسفنج لإحاطة الأثر من كل ناحية مع وضع الحبال على شكل شبكة حول الأثر، وعند الاطمئنان يجرى رفع الأثر ببطء بطريقة رأسية من أسفل لأعلى، وعند الوصول لأعلى سطح الحفرة بمتر تتحرك الرافعة بشكل أفقى إلى مكان التخزين أو الشاحنة الموضوع عليها منصات خشبية أو إسفنج لنقلها مباشرة إلى المخزن.

> أستاذ تاريخ: حدث مرعب

قال الدكتور محمد قاسم، أستاذ مساعد بقسم التاريخ والحضارة بكلية الآداب جامعة عين شمس، إنه يجب اتباع المنهج العلمى فى انتشال التمثالين من أجل الحفاظ عليهما من الكسر أو الخدش، و«هو ما كان يستلزم عدم انتشالهما باللوادر والأوناش خاصة أن أجزاءهما غير ظاهرة لأنهما غارقان فى الوحل الطينى».

وذكر «قاسم»، لـ«الدستور»، أنه «كان يجب اتباع عدة خطوات أهمها شفط المياه الجوفية لتجفيف الموقع، والحفر المتأنى حول التمثالين فى الموقع لالتقاط شذرات وبقايا التمثالين المتحطمة وبقايا أساسات مبانٍ لأن التماثيل تقام أمام منشآت، على أن يجرى الانتشال بواسطة حبال مخصوصة تتحمل ثقل القطع الأثرية المكتشفة مع رفع التماثيل بأوناش بعد تأمينها فى حالة السقوط احترازيا»، معتبرًا أن «ما حدث مرعب ومخالف للأعراف العلمية فى حضور وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار المصرية».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل