المحتوى الرئيسى

كيف تؤثر الإنتروبيا على قدرة التعلم عند الدماغ؟

03/10 22:16

إن طريقة تعلم أدمغتنا للمعلومات الجديدة أودت بعلمائنا للحيرة لعدة عقود، إذ نصادف الكثير من المعلومات الجديدة يوميا، فكيف يستطيع دماغنا تخزين المعلومات المهمة ونسيان الأخرى بطريقة أكثر كفاءة من أي جهاز حاسوب قد اخترعناه؟

لقد تبيّن أنه قد تتحكم بهذه العملية نفس القوانين التي تتحكم بتشكيل النجوم وتطور الكون حيث أظهر فريق من علماء الفيزياء على المستوى العصبوني أنه يمكن لعملية التعلم في نهاية المطاف أن تكون محدودة بموجب القوانين الديناميكية الحركية.

وأخبر الباحث سيباستيان غولت Sebastian Goldt من جامعة شتوتغارت في ألمانيا لليزا زيغا Lisa Zyga من Phys.org: "إن الأهمية الأكبر في عملنا هي أننا نطبق القانون الثاني للديناميكا الحرارية Thermodynamics لتحليل الشبكات العصبية".

إن القانون الثاني للديناميكية الحرارية هو واحد من أكثر قوانين الفيزياء شهرة، وينص على أن مجموع الإنتروبيا (العشوائية أو الاضطراب أو الفوضى) لنظام معزول يكون في زيادة دائمة عبر الزمن.

الإنتروبيا entropy هي كمية دينامية حرارية غالباً ما يشار اليها كمقياس اضطراب في نظام ما، وهذا يعني أنه بدون وضع طاقة إضافية في النظام لا يمكننا عكس التحولات، حيث سيتفاقم اضطراب الأشياء باستمرار لأنها أكثر كفاءة بهذه الطريقة.

تعتبر الإنتروبيا حالياً الفرضية الرائدة لسبب مضي سهم الوقت الى الأمام فقط دون إمكانية عكسه. يقول القانون الثاني للديناميكية الحرارية أننا لا نستطيع إلغاء انكسار قشرة البيضة بعد كسرها لأن هذا سيخفض من إنتروبيا الكون، ولهذا السبب سيكون هناك دائماً مستقبل وماض.

ولكن ما علاقة كل هذا بالطريقة التي تتعلم فيها أدمغتنا؟ تجد أدمغتنا الطريقة الأكثر كفاءة لتنظيم نفسها، تماماً كارتباط الذرات وتنظيم جسيمات الغاز في النجوم.

وأوضح جولت لزيغا: "إن القانون الثاني هو تصريح قوي جداً حول التحولات الممكنة- والتعلم أيضاً هو مجرد تحول في الشبكة العصبية على حساب الطاقة".

إذا أبقينا في عقلنا حقيقة أن التعلم في أبسط حالاته تحكمه مليارات من الخلايا العصبية الثائرة داخل أدمغتنا، فإن إيجاد أنماط في نتاج تلك الطاقة، يجعل الأمر أسهل. ولعرض كيفية عملها، عمل غولت وفريقه على إعداد شبكة عصبية، وهي نظام كمبيوتر يعرض نشاط الخلايا العصبية في الدماغ البشري.

كتب الفريق في دورية Physical Review Letters: "عملياً، يجمع كل كائن حي معلومات حول بيئته الصاخبة ويبني نماذج من تلك البيانات معظمها باستخدام الشبكات العصبية". أراد الباحثون استنتاج كيفية تصفية العصبونات للضوضاء والاستجابة للمدخلات الحسية الهامة فقط. 

اعتمدوا بنماذجهم على ما يسمى نظرية هيبيان Hebbian التي تفسّر كيفية تكيف الخلايا العصبية أثناء عملية التعلم، حيث تلخّص عادة بالمقولة: "إن الخلايا التي تثار معاً، تتشابك معاً"، ما يعني أنه كلما تثار الخلايا بشكل أفضل في أنماط معينة، تزداد الأفكار الناتجة متانة فتتعزز أكثر في أدمغتنا. 

أظهر الفريق باستخدام هذا النموذج أن كفاءة التعلم كانت مقيّدة بالإنتاج الكلي من الإنتروبيا في شبكية عصبية ما، ولاحظوا أنه كلما أبطأ العصبون في التعلم كلّما قلّ إنتاجه للحرارة والإنتروبيا وهذا ما يزيد من كفاءته. 

ولكن ماذا يعني كل هذا لنا؟

للأسف لا تخبرنا النتيجة الكثير حول طريقة أفضل وأذكى للتعلم، كما أنها لا تقدم أي حلول سحرية لكيفية إنشاء أجهزة الكمبيوتر التي يمكن أن تتعلم بكفاءة كدماغ الإنسان، ويمكن تطبيق هذه النتائج الخاصة فقط على خوارزميات التعلم البسيط التي لا تستخدم التغذية المرتجعة.

ولكن ما قام به الباحثون هو وضع منظور جديد عن الدراسة المتعلقة بالتعلم، وقدمت أدلة على أن الخلايا العصبية لدينا تتبع نفس قوانين الديناميكية الحرارية كبقية الكون، وليسوا أول من فكر في موضوع أدمغتنا من هذه الناحية. فقد اقترح فريق من فرنسا وكندا العام الماضي بأن الوعي قد يكون بكل بساطة تأثيراً جانبياً للإنتروبيا ما يجعل أدمغتنا تنظم نفسها بالطريقة الأكثر فعالية. 

وكانوا قد كتبوا في ذلك الوقت: "من الغريب أننا وجدنا نتيجة بسيطة، تتميز حالات الأرق العادية بأكبر عدد من التكوينات الممكنة للتفاعلات أو الصلات بين شبكات الدماغ متمثلة بأعلى قيم الإنتروبيا".

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل