المحتوى الرئيسى

خبيرة ألمانية تحذر من "جيل الصدمة" وخطر معاناة الأطفال على مستقبل سوريا

03/10 14:41

DW: في سوريا حوالي ثلاثة ملايين طفل لا يعرفون سوى الحرب والموت والدمار. ماذا يعني لك ذلك؟

اِليزه بتنبندر: كل واحد منا تعرض لصدمة كبيرة أو صغيرة، وعادة، تعالج هذه الصدمات وتزول، ونعود إلى حياتنا الطبيعية وتصبح هذه التجربة (الصدمة) جزءا من الماضي. أما الأطفال في مناطق الحرب، فيعانون كثيرا من الصدمة والخسارة التي تلحق بهم مثل موت الأهل والأصدقاء وضياع المدرسة أو الوطن حين يجبرون على النزوح.

البعض تتطور الصدمة لديهم وتتحول إلى أعراض وسبب لأمراض أخرى مثل الصداع والأرق والصعوبة في التركيز وسلس البول الليلي. أو عدم معرفة الزمن، أي هل هو في الحاضر أم الماضي أم يعيش الحالة من جديد؟ وهذا خوف مرضي يبقى قائما حتى بعد مضي التجربة (الصدمة).

بهدف معالجة الصدمات النفسية خصوصا لدى ضحايا تنظيم داعش، تفتتح ولاية بادن-فورتنبرغ الألمانية قريبا بمدينة دهوك شمالي العراق معهدا للعلاج النفسي وعلم الصدمات النفسية. وتندرج هذه الرعاية النفسية ضمن مكافحة أسباب اللجوء. (25.02.2017)

بعد الاعتداء المأساوي الأخير في برلين وما نجم عنه من صدمة اجتاحت البلاد، حاورت DW الخبير النفساني كريستيان لودك حول سبل التعايش مع الصدمة الجماعية أو المجتمعية في مثل هذه الحالات. (31.12.2016)

وقد وصف طفل في الحادية عشرة الحالة بشكل ممتاز بقوله "إنني دائما متعب، علي التفكير دائما بصور محددة تخيفني كثيرا. لذلك لا أستطيع التركيز في المدرسة. حيث دائما لدي الخوف من حدوث شيء لأهلي. وكل هذا يسبب لي ألماً ولا أستطيع أن آكل".

هل لدى الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية بسبب الحرب، فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية؟

حين نتحدث مع أطفال أو كبار من مناطق الحرب، يقولون إنهم يريدون نسيان التجارب السيئة وعيش حياة طبيبعية عادية. وحين نقول لهم هذا غير ممكن، يحني كثيرون رأسهم حزنا. إذن يبدو أنهم يعرفون بأن التجارب سترافقهم دائما. لكن ما يمكن أن يكون مفيدا، هو أن تستعيد أمور حياتية أخرى أهميتها من جديدة وتنال الأولوية، وأن تصبح التجارب الصعبة (الصدمة) غير ذات أهمية ولا تسيطر على حياة الشخص.

الخوف من القصف والقنابل تلازم الأطفال في سوريا

وكيف يمكن أن يحدث هذا؟

حسب كل حالة، أي أن هناك مجالات وإمكانيات وفرص متاحة لعلاج الصدمة النفسية. لكن المهم هو أن تكون لدى الطفل آفاق مستقبلية وتجارب تجعله يشعر بالثقة بالنفس والإبداع وليس العيش كمصاب فقط. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الرياضة أو التواصل والعيش المشترك أو مجموعة عائلية. لكن يمكن أن يكون من المفيد بالنسبة لبعض الأطفال أن يفهموا لماذا تؤثر هذه التجارب عليهم كثيرا ولمَ لا يستطيعون نسيانها.

ماذا يحدث حين لا يتلقى الأطفال المساعدة؟

حين يعاني الأطفال من أعراض صدمة شدديدة ولا يتلقون المساعدة، يمكن أن يتحول ذلك إلى مرض دائم. ونعلم أن ذلك يبقى مرافقا لهم مدى الحياة ويمكن أن ينتقل إلى الجيل التالي أيضا. وهناك دلائل أيضا على أن من لا يتلقون العلاج المطلوب ولا يشفون بسبب عدم مساعدتهم أو اليأس، فإن ذلك يتحول لديهم إلى غضب وعدوانية. فإذا لم يكن لدى المرء الإمكانية لتجاوز الصدمة والشفاء منها، يمكن أن يصبح عنيفا أيضا!

طفلة سوريا من دوما في ريف دمشق تنظر معالجتها من صدمة الحرب

تشير دراسة لمنظمة "أنقذوا الأطفال" إلى قيام ملايين الأطفال والشبان السوريين بجرح أنفسهم أو تناول الكحول أو المخدرات للتخلص من الإرهاق الذي تسببه لهم الحرب! ماذا يعني هذا العدد الهائل من الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية، بالنسبة لمستقبل البلاد؟

لو فكرنا بما حصل في ألمانيا بعد الحرب العالمية، فقد كان هناك أيضا كثير جدا من الأطفال والكبار الذين يعانون من الصدمات النفسية. وما ساعد فيما بعد، كان الشعور العام المشترك بأننا سنعيد بناء البلاد معا. وساهمت المعجزة الاقتصادية فيما بعد، على أن يركز الناس على شيء جديد. والمثال العكسي هو كوسوفو، حيث المشكلة الكبرى هي أنه ليس لدى الشباب فرص، لأن الوضع الاقتصادي سيء.

اِليزه بتنبندر: تعالج منذ 25 عاما الأشخاص الذين يعانون من صدمات نقسية ضحايا الحروب والجنود الأطفال.

إذن، ما هي نتائج صدمة الحرب والانهيار الاقتصادي؟

إن ذلك لا يؤدي إلى فقدان آفاق مستقبلية شخصية فقط، حيث مررت بتجربة سيئة صعبة جدا لا أستطيع التخلص منها ولا بدء حياة جديدة لأنه ليس هناك أي أفق اقتصادي. وحين يعاني كثيرون في مثل هذا الوضع، يعني ذلك أن كل البلاد متأثرة بذلك ويمكن أن يتحول الأمر إلى حالة اكتئاب جماعية عامة.

اِليزه بتنبندر: هي مديرة اتحاد مراكز معالجة اللاجئين وضحايا التعذيب في ألمانيا. وهي تعمل منذ 25 عاما كمعالجة نفسية للأشخاص الذين يعانون من صدمات نقسية في مناطق الحروب وضحايا الحرب والجنود الأطفال.

عبرت طفلة سورية عمرها نحو 10 سنوات، خلال تواجدها في مخيم للاجئين في اليونان، عن قصص الخوف والحزن التي عاشتها. بالرسم وبكلمات بسيطة عكست الأوضاع المأساوية للسوريين. رسمت قبرا لوالديها ولسوريين آخرين، ودبابات وطائرات تدك منازل سطعت فوقها "شمس الموت" حسب تعبيرها.

قبور على شكل جبال تعلوها شواهد على شكل صلبان، يرقد فيها سوريون. ورغم أن والدي الطفلة يعيشان معها في المخيم اليوناني إلا أنها كثيرا ما عاشت لحظات بكى فيها أطفال وهم يودعون أهلهم في قبور منفردة حفرت على عجل أثناء رحلة الهروب بحثا عن الحياة والأمن.

رسمت صورة لجسد الطفل السوري أيلان كردي، الذي جرفته الأمواج إلى سواحل تركيا على بحر إيجة، فهو باق في كوابيس الطفلة الصغيرة. لقد انتشرت صورة أيلان منبهة إلى مأساة اللاجئين، وأصبح رمزا لمعاناة الأطفال الذين يعبرون البحر أملا في حياة جديدة.

الأزرق هو مياه البحر. ومن معاني البحر في لغة الرموز: رحلة إلى مستقبل أفضل، وإلى عالم مجهول. لكنه عند الطفلة الصغيرة مقبرة للسورين الهاربين من جحيم الحرب والحرمان. الصورة تروي قصة أسرة لم يبق منها سوى طفل صغير يمسك بذراع أمه الغريقة.

داخل خيام اللاجئين توقفت أحلام الأطفال. كثيرون منهم كانوا يحلمون بلقاء أبائهم، الذين عبروا البحر قبلهم، أملا في الوصول إلى أوروبا ثم استقدام عائلاتهم. الطفلة الصغيرة لم يبق في ذاكرتها سوى الخيام وبوابة المخيم التي يحرسها عسكري لا يتحدث لغتها غالبا، أما الأحلام فكان مصيرها سلة المهملات.

في هذه الصورة تتحدث الطفلة عن ضياع الحلم. الأطفال في المخيم اليوناني يحلمون في العيش بسلام في أوروبا. بعضهم قال لـ DW إنهم يريدون أن يصبحوا أطباء أو مهندسين. لكن اللاجئين يقضون أحيانا سنوات في المخيمات ولا يصلون إلى أوروبا، وكل ما على الأطفال الآن هو الانتظار.

هنا مجتمع المخيمات، الذي يكبر الأطفال فيه وتتشكل شخصياتهم وسط "ظروف صعبه" كما كتبت الطفلة السورية في هذه الصورة، التي رسمتها تسجل فيها اجتماعا لبعض اللاجئين داخل المخيم، وهم يلتقون بين الخيام ويشكون لبعضهم هموما متشابهة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل