المحتوى الرئيسى

«أبناء الصمت» فى معهد «السمع والكلام»

03/09 22:12

ملائكة يسيرون على الأرض.. إنهم أطفال جمعهم المرض ووحدهم الصمت.. يعيشون حياة بدون سماع أصوات.. بدون القدرة على الكلام.. عجز عن التعبير عما بداخلهم.. هذا هو ملخص بسيط لحياة الأطفال الذين يعانون الصمم وفقدان السمع وضعاف السمع.

فى إمبابة، يستقر معهد السمع والكلام، وسط أيدى تنفذ عمليات تطوير يشعر بها المرضى المترددون عليه، والذين لا يستطيعون الاستغناء عنه.

فالمعهد هو الوحيد فى مصر المتخصص فى جراحة الأنف والأذن والحنجرة ومشكلات السمع والتخاطب.

ومعروف أن أول عملية زراعة قوقعة بمصر تمت عام 1971، وأجراها الدكتور عبدالجليل فخر، عميد معهد السمع والكلام الأسبق، وتوقفت بعد ذلك التوقيت ليعود إجراؤها مرة أخرى بالمعهد بعد قرار الدولة بتحمل نفقات إجراء زراعة القوقعة من خلال الهيئة العامة للتأمين الصحى بالمشاركة فى تكاليف العملية بمبلغ 90 ألف جنيه، ما يوفر على الدولة مستقبلاً تكاليف إعانة من الدولة للمعاق سمعياً.

فى جولة لـ«الوفد» بالمعهد، التقينا الطفل «مالك»، وهو فى الرابعة من عمره ومتأخر فى الكلام.

عيناه مليئتان بالكلام الذى يعجز عن التعبير عنه.

تقول والدته وهى تنظر إليه بنظرات كلها حب: «لاحظت تأخره فى الكلام منذ أن بلغ عاماً، ثم بدأت أحضر به إلى المعهد بعد سنتين ونصف السنة مرتين أسبوعياً من أجل إعطائه جلسات التخاطب لمدة ساعة واحدة وأدفع فى الجلسة الواحدة 12 جنيهاً.

وتعبر الأم عن سعادتها عندما سمعت من ابنها لأول مرة كلمة «ماما» وهى تقول: «تحسنت حالة مالك.. الحمد لله وكل ما أتمناه أن يصبح مثل باقى الأطفال».

أما «عبدالرحمن»، فحالته حرجة أكثر من «مالك» لأنه يعانى من مشكلة فى المخ ولا يتحدث إطلاقاً.. وتبذل أمه جهداً كبيراً معه، فهى متفرغة لرعاية أبنائها، خصوصاً أن لديها طفلاً آخر يبلغ من العمر سنتين ولا يتحدث أيضاً وهى تحاول تعليم «عبدالرحمن» أسماء الألوان والفرق بين الكبير والصغير وهى مهمة ليست سهلة على أى أم.. لكن لديها ثقة كبيرة بأن حالته ستتحسن.

وتقول أم طفلة ثالثة اسمها «جنات»: «مش قادرة أصدق أن ابنتى رجعت تسمع تانى.. كنت بزعل وبتعب نفسياً كل ما أشوف حد من العيال بيتكلم قدامى، وهى عاجزة عن السمع والكلام.. كنت فاقدة الأمل أنها تتكلم أو أننى أحقق الحلم فى إجراء عملية زراعة القوقعة لها ويعود الأمل إلى حياتنا من جديد».

وتضيف: «نصحنى الجيران بالتوجه لمعهد السمع والكلام وهنا أجروا لابنتى فحوصات طبية وجاءت نتائج قياس السمع بالكمبيوتر ضعيفة جداً.. وعملت سماعة أذن خارجية لمدة 6 أشهر مع إجراء جلسات تخاطب أثبتت أن حالتها لم تتحسن وتحتاج لزراعة قوقعة.. وبعدها تغيرت حياتنا إلى الأفضل وأصبحت تتحسن أكثر من جلسات التخاطب».

أما إسماعيل، الذى يبلغ من العمر 6 سنوات ونصف السنة، فتأخر عن دخول المدرسة بسبب تأخره فى الكلام، وبدأ يتردد على معهد السمع والكلام.. وتقول والدته: «طلبوا منى شراء كتاب معجم الحروف المصورة وبدأت فى تدريب ابنى فى المنزل ولاحظت تحسناً تدريجياً بعد حضوره جلسات التخاطب بالمعهد.. وكل ما أتمناه هو أن يدخل ابنى المدرسة ويصبح مثل بقية الأطفال».

وبالقرب من «إسماعيل» تقف طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها الثلاث سنوات تدعى «جنى» كان والدها يحملها بين ذراعيه ويقول: «نأتى من أوسيم من أجل حضور جلسات العلاج.. فطفلتى لديها مشكلة فى الكلام.. ولا يشغلنى طول الطريق، المهم أن أرى ابنتى وهى تتحدث، فهى أهم شىء فى حياتى».

فحص الأمهات للمولود وملاحظته من الأمور المهمة والضرورية للاطمئنان على حواسه، خصوصاً حاسة السمع.

وتضيف الدكتورة ريم عبدالكريم، إخصائى أمراض التخاطب، قائلة: «يجب على الأم مراقبة طفلها والتأكد من أنه يقوم بالالتفاف ناحية الأصوات المحيطة حوله للتأكد من أنه لا يعانى من إعاقة بالسمع.. وإذا لاحظت عدم انتباه فى هذه الحالة يجب التوجه إلى الطبيب المختص أو الذهاب إلى وحدة الكشف المبكر لضعاف السمع لعمل الفحوصات الطبية والاختبارات السمعية للكشف عن سلامة أذن الطفل».

وتؤكد الدكتورة ريم وجود ما يقرب من 1700 حالة تتردد على العيادات الخارجية، منهم 1500 حالة تأهيل تخاطبى، ويزداد هذا العدد فى فترة الإجازات، علماً بأن متابعة الطفل من قبل الطبيب تكون مرتين أسبوعياً.

أما أكبر مشكلة تواجهنا، فهى غياب الوعى عند الأسرة، متوقعين تحسن الطفل سريعاً.. الأمر الذى قد يستغرق مدداً طويلة والمهم هو التشخيص والتدخل المبكر.

وبالنسبة لمرضى الضعف السمعى، فقد يكون السبب وراثياً نتيجة زواج الأقارب أو بسبب الإصابة بمرض الحصبة الألمانى والالتهاب السحائى أثناء فترة الحمل أو تناول بعض العقاقير الطبية أثناء تلك الفترة.

وتقول ولاء شحاتة، معالج كلام ولغة: «أقوم بتدريب الأطفال الذين لا يتكلمون من خلال تزويدهم بالحصيلة اللغوية وتعريفهم بأسماء الخضر والفاكهة وبعض المفاهيم مثل الداخل والخارج، الكبير والصغير.. فيصبح الطفل تدريجياً قادراً على قول بعض الكلمات المفردة واستخدام الجمل القصيرة المكونة من كلمتين».

وتضيف «ولاء»: «يجب على الأم أن تستشير فى وقت مبكر طبيبة تخاطب فى حالة وجود مشكلة فى السمع لأن الطفلة البالغة من العمر 4 سنوات يصبح عندئذ عمرها اللغوى سنة أو سنتين».

وتقول الدكتورة سحر نصار، استشارى أمراض التخاطب: أن النقد المستمر للطفل أو نعته ببعض الصفات السلبية قد يؤدى إلى صعوبات فى التعلم أو التلعثم.. وكذلك عدم تشجيعه. كل هذا من شأنه أن يفقده الثقة بنفسه.

وتشير إلى أهمية عدم ترك الأطفال طويلاً أمام أفلام الكرتون لأنها تؤثر سلباً أيضاً على قدرة الطفل على التعلم.. ونحن هنا نحاول مساعدة الطفل على التغلب على مشكلته وتطوير ذكائه الفطرى.

التقينا الدكتور محمد حسنى، مدير معهد السمع والكلام، وهو يقول: «يستقبل المعهد يومياً نحو 800 مريض فى التخصصات المختلفة، وتشمل الأنف والأذن والحنجرة والأسنان والأشعة والتحاليل والتخاطب والعمليات.. ويوجد العلاج المجانى لغير القادرين والعلاج بأجر، ويكون بأجور رمزية وثمن تذكرة العلاج 10 جنيهات، ويتم تقديم الخدمة الطبية للجميع فى نفس العيادات وبنفس الأطباء الاستشاريين ونفس غرف العمليات ويتم عمل جراحات بالمجان لغير القادرين».

وعن الوحدات الحديثة والمميزة بالمعهد يوضح الدكتور محمد حسنى أنه تم تدعيم المعهد بوحدة تشخيص ضعف السمع لدى الأطفال حديثى الولادة، وذلك لاكتشاف أى مشكلة سمعية مبكراً. وتوجد فى تلك الوحدة أحدث أجهزة فى العالم ويقوم عليها أطباء استشاريون، والطفل الذى لا يسمع لا يتكلم، لذلك يتم التعامل مع الطفل المريض مبكراً بتركيب سماعة أو زراعة قوقعة ليتعرف المخ على الإشارات السمعية مبكراً حتى يلحق بالطفل الطبيعى بعد العلاج ولا يحتاج إلى مدارس خاصة، بالإضافة إلى أن الطفل عندما يتجاوز عمره الست سنوات ولم يتم علاجه من الصعب أن يصبح نطقه طبيعياً لأن المخ يكون قد فقد القدرة على ترجمة الإشارات السمعية.

ومن الوحدات الجديدة التى يضمها المعهد وحدة تشخيص صعوبات البلع وهى وحدة حديثة ينفرد بها معهد السمع على مستوى وزارة الصحة. ويتم تدريب الأطفال عليها فى الخارج، بالإضافة إلى وحدة تشخيص مشاكل النوم مثل توقف التنفس أثناء النوم والشخير والنوم المتقطع، إذ يقضى المريض بالوحدة ليلة كاملة يوضع خلالها على الأجهزة لمراقبة التنفس أثناء النوم. وبناء على ذلك يتم وصف العلاج للمريض سواء كان علاجاً دوائياً أو بالتدخل الجراحى أو بالاستعانة بأجهزة مساعدة للتنفس أثناء النوم.

وبناء على ذلك يتم وصف العلاج للمريض سواء كان علاجاً دوائياً أو بالتدخل الجراحى أو بالاستعانة بأجهزة مساعدة للتنفس أثناء النوم حتى يحصل الجسم على حاجته المطلوبة من الأكسجين أثناء النوم لأن نقصه يجعل الإنسان يشعر بالتعب ويؤثر على وظائف الجسم الآخرى.

الإنجاب بعد الأربعين أحد أسبابها.. مليون طفل فى قلب المعاناة

مليون طفل فى مصر يعانون من مشاكل السمع والكلام، من إجمالى 10 ملايين طفل على مستوى العالم بحسب أحدث الدراسات الامريكية، كشفت دراسة صادرة عن إخصائيين فى علاج أمراض التخاطب والسمع والأنف والأذن والحنجرة بمدينة مونستر الألمانية، أن عدم قيام الطفل الرضيع حتى عمر ستة أشهر بأية محاولات للكلام أو الهمهمة يمكن أن يشير إلى إصابته بضعف حاسة السمع، مؤكدة أن عدم استجابة الطفل البالغ من العمر عامين سوى للأصوات العالية الموجهة له وعدم قيامه بنفس الاستجابات للأصوات الصادرة من خارج محيطه يمكن أن ترجع إلى السبب نفسه أيضا.

ولفتت الدراسة إلى أن نسبة الأطفال الذين يعانون من ضعف سمع حسى عصبى فى المجتمعات الإنسانية تصل تقريباَ ما بين 9-27 من كل ألف. ويتساوى توزيع صعوبة السمع بين الذكور والإناث ، وتحدث الإصابة غالباً منذ الولادة و10-20% تكتسب بعد فترة الشهرين الأولين من الولادة.   

وأكدت الدراسة احتمالية الإصابة بالأمراض الوراثية نتيجة للإنجاب بعد الأربعين ترتفع لتصل النسبة ما بين‏2%‏ و‏5%‏ والعامل الثانى للإصابة بالإعاقة السمعية يرجع لميلاد الطفل غير كامل النمو نتيجة لضعف الأم‏,‏ وسوء حالتها الصحية فينزل الطفل قبل موعده ويحتاج لدخول حضانة ويكون معرضا للإصابة بالإعاقة السمعية بنسبة واحد إلى خمسين، ويؤكد ان عدم علاج ضعف حاسة السمع لدى الطفل فى هذه المرحلة الحساسة من عمره فى عدم تطور قدرته على السمع بشكل سليم، وفقدانه للقدرة على تحليل الإشارات الكلامية على نحو سليم أيضا، ومن ثم تتراجع القدرة اللغوية لديه ويتراجع تطوره المعرفى بشكل عام.

ولمواجهة هذه المشكلة تقوم جمعيّة كاناليس الأرجنتينية بتحويل الكتب المدرسية وقصص الأطفال إلى فيديوهات تسرد الأحداث بلغة الرموز الأرجنتينية. وتحتوى هذه الفيديوهات على ترجمة صوتية لمساعدة الأهل على تعلّم اللغة أيضا. تهدف هذه العمليّة إلى تعزيز القراءة عند الصم وضعاف السمع كما تسمح لهم بتوسيع مجالات المعرفة التى يطلعون عليها كثقافات أو لغات أو غيرها.

د. عزة سامى: ثلاثة أطفال من كل 1000 طفل يولدون مصابين بفقدان السمع

تقول الدكتورة عزة سامى، استشارى أمراض التخاطب ورئيس قسم التخاطب بمعهد السمع والكلام:  يولد نحو طفلين إلى ثلاثة أطفال من كل ألف طفل، وهم يعانون من ضعف شديد فى حاسة السمع، مؤكداً أن خضوع الطفل للعلاج بصورة مبكرة وعلى نحو سليم يعد الطريقة المثلى لإتاحة الفرصة له للتمتع بتطور طبيعى بعد ذلك.

وتضيف: هناك بعض الأسباب المرضية التى تؤدى لفقدان الأشخاص حاسة السمع من أهمها:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل