المحتوى الرئيسى

شكراً لطفي لبيب

03/09 09:06

تحكي قصة غير موثقة المصدر أن الفنان لطفي لبيب قبل شهرته كان يكتب في أحد كافيهات المهندسين، ودخل عليه ذات يوم الفنان وحيد سيف رحمه الله وفي صحبته فاتنتان.

قام له لطفي وسلّم عليه بحرارة قائلاً:

– «أستاذ وحيد.. إزاي حضرتك» .

رد وحيد بطريقة جافة: «إزيك يا لطفي.. عامل إيه.. ابقى عدي عليّ نشوفلك حاجة تشتغل فيها بدل ما انت قاعد كده».

أغضبت الطريقة لطفي لبيب لكن وحيد سيف استمر متحدثاً:

– «صحيح.. إنت مش بتكتب؟ أنا باعمل اليومين دول إعلان غسالات.. ماعندكش فكرة حلوة؟».

رد لطفي لبيب بسرعة بديهته وقال:

– «عندي.. إسمع دي.. حضرتك حاتبقى لابس بدلة شيك جداً في مكان شيك جداً فيه سجادة حمرا وكاميرات وقنوات.. بتمسك المايك وبتقول كلمتين لطاف عن الغسالة ومميزاتها.. وبعدين بتسيب المايك.. وبتمشي عالسجادة الحمرا والكاميرات متابعاك والفلاشات شغالة تصوير.. بتطلع سلمتين وبنلاقي غسالة كبيرة في آخر السجادة.. حضرتك بتدخل الغسالة.. الغسالة بتشتغل وبنشوفها بتلف وصابون ورغاوي.. بتخلص غسيل وتقف ويطلع منها الأستاذ حسين فهمي، ونقول شفت إزاي الغاسالة قوية لدرجة إنها نضفت وحيد سيف».

ربما تكون تلك القصة بالكامل من خيال مؤلفها ولم تحدث فعلاً، لكن بالتأكيد هي تشبه لطفي لبيب تماماً، ذلك الفنان الموهوب المعجون بخفة دم مصرية غير عادية.

التخلي عن الحلم الشخصي ليس هينا لكن في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات كان الوطن بأكمله مسخراً من أجل استرداد الكرامة، استرداد سيناء.

لهذا وبمجرد تخرجه من معهد فنون مسرحية عام 1970 تم تجنيد – الفنان الشاب حينئذ – لطفي لبيب ليشارك في العبور العظيم في 6 أكتوبر 1973، كان ضمن أول كتيبة عبرت قناة السويس، وكان من أوائل من لمست أقدامهم الضفة الشرقية للقناة أمام العدو الصهيوني بصدور مفتوحة، ويخرج من الجيش عام 76 بعد 6 سنوات بينها 4 قضاها على الجبهة، ربما لم يفكر لحظة في مستقبله، ربما نسي حلم الممثل والفنان، ربما أنسته الهزيمة روحه وأسكره النصر حتى نسي حلمه، لكنه قط لم يتخلَّ عن خفة دمه حتى في أحلك اللحظات.

وكان سفره للعمل بالخارج لمدة 4 سنوات عقب إنهاء خدمته العسكرية دليلاً على أن الفنان في حاجة إلى استراحة محارب تسرب الحلم الشخصي من بين يديه من أجل حلم آخر للوطن.

لم يتبق من تلك الفترة داخل الفنان سوى كتابه «الكتيبة 26» وروح مقاتل لا يعرف الهزيمة

بالفعل يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل .

عاد لطفي لبيب إلى الوطن في بداية الثمانينيات، كانت دفعته في معهد الفنون المسرحية مازالت تعاني من سطوة نجوم الستينيات والسبعينيات، لم تجد متنفساً بعد تصل منه إلى الجمهور، شارك في أدوار صغيرة بداية من المسرح متنفسه الأول حيث يهب المسرح الممثل مساحة خاصة للنجاح، يصفق الجمهور فوراً للممثل الموهوب بغض النظر عن شهرته واسمه، على المسرح فقط كان لطفي لبيب يستعيد روحه الفنية رويداً رويداً.

وعلى عكس السائد إعلاميا أنه لم يعد للحياة الفنية سوى في عام 1981 خلال مسرحية «المغنية الصلعاء» شارك لطفي لبيب في مسلسل «أرض النفاق» عام 1975 خلال خدمته العسكرية، كذلك شارك في مسلسل «الخنساء» و«إصلاحية جبل الليمون» عام 1977، بل وشارك في مسلسل «عيلة الدوغري» الشهير عام 1980 قبل تلك المسرحية.

الصبر هو الصديق المخلص الذي لا يفارق الحكمة.

قدم لطفي لبيب في السبعينيات 4 أعمال كلها أدوار هامشية، وفي الثمانينيات قدم ما يقارب 20 عملاً لم تزد فيها مساحة دوره عن بضع كلمات قليلة، وكان أهم أدواره في تلك الفترة هو دوره في مسرحية «الملك هو الملك» عندما خصل على المساحة الكافية لإظهار موهبته الكوميدية العريضة في دور صديق السلطان الوهمي الذي يتم تعيينه وزيراً.

وخلال التسعينيات قدم ما يقارب 55 عملا، زادت مساحة الدور بحكم الاستمرارية والمرحلة السنية النادرة التي يمر بها، صار الجمهور يعرف ملامح وجهه لكن دون أن يعرف اسمه.. كان الصبر مازال يملأ مساحات أكبر من النجاح.

ومع بداية العقد الأول من الألفية الجديدة كان على موعد مع الشهرة والنجاح بعد تخرجه بحوالي 30 عاماً، حيث قدم في تلك السنوات العشر 106 أعمال، لملم فيها نجوميته خلال بضعة أدوار صغيرة في البدايات مثل دور «رجائي» في مسلسل «الرقص على سلالم متحركة»، وضابط الشرطة في فيلم «رشة جريئة»، ورئيس القناة الفضائية في فيلم «جاءنا البيان التالي» و«تمام أبو نوسة» في فيلم «اللمبي».

كانت السينما قد شبعت من أداء الفنان حسن حسني لدور الأب في الأفلام الكوميدية، وكان لطفي لبيب الاختيار الأمثل بقدرات تمثيلية مختلفة تماماً عن حسني.

لم يكن بديلاً ولكنه كان طريقاً وحده قد اختاره ليؤديه وينجح فيه وقد حصل على ما تمناه.

ملحوظة: قدم لطفي لبيب في العقد الثاني من الألفية الجديدة حوالي 60 عملاً حتى الآن.

لا يعرف الكثيرون أن لطفي لبيب أنتج وكتب فيلماً تسجيلي بعنوان «صرخة الأحجار»، وكذلك كتب قصة فيلم روائي قصير بعنوان «جنازة أم حسن» وأنه قارئ نهم للغاية ومتصل دائماً بالحركة الثقافية المصرية.

وبما أنه أحد أساتذة مدرسة المحاكاة «Simulation» في الوسط الفني المصري، تلك المدرسة التي كان ناظرها الفنان نجيب الريحاني، فإنه ربما لم يحقق الحلم بعد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل