المحتوى الرئيسى

قصتان جميلتان | المصري اليوم

03/09 00:47

كانت لدىّ شرفة أعددتها لتكون خلوة للتأمل وملاذا عند الضيق. ملأتها بشتى أنواع الزهور ومختلف النباتات فعبقت بالروح والرياحين. أحضرت قفصا به عصفور جميل تلونت أجنحته بألوان قوس قزح، لا يكف عن الحركة والغناء، فاكتملت جنتى.

بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وتنحى الرئيس نال الشعب حريته فأردت أن ينعم كل من حولى بنعمة الحرية! ففتحت باب القفص وقلت للعصفور «أنت حر».

فرد العصفور جناحيه وسلمهما للريح. ظللت أتبعه وهو فى السماء حتى صار نقطة سوداء فى صفحة بيضاء. فى اليوم الثانى سمعت صوت عصفور فى الشرفة فلم أصدق أذنى! قلت لعله أحد عصافير الشوارع، ولكن حين دخلت الشرفة وجدت عصفورى واقفا على السور. لم أصدق عينى! هل تعرف العصافير الوفاء وجاء ليرانى؟ ولكن عينيه كانتا على القفص. اقتربت منه فطار. فى اليوم الثالث سمعت صوته، فدخلت الشرفة. وجدته يطير حول القفص محاولا الدخول. شعرت بالغيظ، كيف لا ترضى بهذه الحرية أيها العصفور الغبى؟ أحضرت عصا وأخذت أطارده حتى يخاف ويتعود على حريته الجديدة.

مرت الأيام ولم يعد العصفور، فرحت وقلت لعله اتخذ عشا على شجرة عالية ومعه وليف! يصحو نهاراً منطلقاً فى الفضاء الواسع ويعود فى المساء بالطعام.

وفى ليلة رأيتنى وكأنما العصفور يطوف حول القفص ثم يقول بلسان فصيح: «سامحك الله. لقد جنيت علىّ». استيقظت من نومى فزعا، فوجدت نور النهار يملأ حجرة النوم. خرجت مسرعاً إلى الشرفة فوجدت العصفور مُلقى على الأرض بلا حراك، فيه نحول شديد، وبعض الذباب يحوم فوقه، وصف من النمل متجه إليه!.

انتهت القصة المؤلمة، ولكنى أنوى أن أصالحكم بهذه القصة المفرحة الرقيقة.

كانت الصغيرة تتسلل من بوابة البيت الكبير كل خميس إلى ذلك الشارع الجانبى حيث البيت الصغير المبنى بالطوب اللبن، المسقوف بالخشب، والمكون من غرفة واحدة.

وكانوا يجلسون معظم الوقت تحت جذع شجرة توت تظلهم، وأمامهم فرن بلدى ينبعث منه نار ودخان يدفئ الدنيا كلها. تجلس الأم أمامه لتضع صينية كبيرة من الأرز واللبن والزبد بينما يجلس أولادها السبعة حولها فرحين فى انتظار هذه الوليمة المنتظرة نهاية كل أسبوع. تُكسّر الأم عيدان الحطب وتلقم الفرن تارة فى مهارة بالغة فلا تترك النار تتوهج أو تنطفئ. ومن جوفها تنبعث أذكى رائحة جذبتها دون وعى فى إحدى ليالى الشتاء فعرفوها وعرفتهم.

أشهى تلك المأكولات كان البصل المشوى اللذيذ، هذا كان مقصد الصغيرة كلما هربت من بيتها الكبير إلى بيتهم الذى يشع دفئا وكرما. تأخذ بصلتها المشوية التى تمنحها لها الأم فى أريحية نادرة، وتبدأ فى التهامها، وبجوارها يجلس الأطفال يحيط بهم جو من المودة والحنان. ثم تنهض والسعادة تغمرها، فيودعونها فى حفاوة، طالبين أن تعود فى الخميس القادم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل