المحتوى الرئيسى

مدنيون احتموا بالأقبية من القصف والجهاديين في مدينة الباب السورية

02/26 17:54

مع اشتداد القصف في الأسابيع الاخيرة على مدينة الباب في شمال سوريا، أمضت أم عبدو وعائلتها أياماً طويلة داخل قبو خوفاً من الغارات ومن الجهاديين أيضاً الذين كانوا يبحثون عن مخبأ.

وبعد اعلان حملة "درع الفرات" التي تضم قوات تركية وفصائل سورية معارضة قريبة منها سيطرتها الخميس على المدينة اخر ابرز معقل لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حلب تستعيد عائلات من بين مئات صمدت داخل المدينة في السنوات الاخيرة فصولاً من المعاناة تحت حكم الجهاديين.

تروي أم عبدو، في الثلانينيات من عمرها وأم لأربعة أطفال، وهي تقف في زقاق ضيق لفرانس برس، كيف ان مقاتلي التنظيم "كانوا في كل مرة يجدون عائلة مختبئة في قبو، يحاولون اخراجها ليحلوا مكانها".

وعندما بدأ القصف المركز على المدينة، توضح المراة التي ترتدي عباءة وتغطي وجهها وراسها بوشاح اسود "لم يكن يسمحون لأحد بالخروج وفي الوقت ذاته لا يمكنك الاختباء في القبو، بل عليك البقاء تحت القصف".

وتروي "عانينا كثيراً من هذا الامر. اختبأنا في القبو وحاولنا ألا يعرف أحد اننا نختبئ حتى الطفل حين يعلو صوته كنا نصرخ بوجهه لأنه كان من الصعب علينا أن نخرج من هنا".

وبات مقاتلو التنظيم في الايام الاخيرة وفق أم عبدو "شرسين أكثر من قبل وكنا نتحاشاهم كثيراً" قبل ان تحمد الله على نجاتها وعائلتها.

وكانت الباب التي تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً عن الحدود التركية تحت سيطرة الجهاديين منذ العام 2014. وفي ديسمبر/كانون الاول، باتت هدفاً رئيسياً لعملية "درع الفرات" التي بدأها الجيش التركي في اب/اغسطس في شمال سوريا دعماً لفصائل معارضة بهدف طرد الجهاديين من المنطقة الحدودية.

على بعد امتار من ام عبدو، يلهو اطفالها مع اولاد عمهم. يقترب احدهم من هرة ويلاعبها فيما يحمل ثلاثة اخرون دمى احدها على شكل دب كبير ابيض اللون. وفي الخلفية يمكن سماع اصوات رصاص متقطعة.

وتشهد المدينة على ضراوة المعارك والغارات التي استهدفت مواقع الجهاديين وتحركاتهم. تضيق الازقة الداخلية بالركام. ويمكن مشاهدة سيارة متوقفة في وسط الطريق بعدما تركها اصحابها.

وعلى جانبي الشوارع لا سيما الرئيسية منها، تصدعت واجهات الأبنية أو انهارت سقوفها وتدمر بعضها بشكل كبير. كما يمكن مشاهدة هياكل سيارات متفحمة.

- "نبقى ونموت أو نعيش" -

وعلى غرار مئات العائلات التي بقيت في الباب، حاولت عائلة أم عبدو الفرار من المدينة خلال وجود الجهاديين.

وتقول "حاولنا الهروب لكننا لم نقو على ذلك (..) لدينا اطفال صغار، لم نتجرأ على الخروج".

ويوضح ابو عبدو (38 عاماً) ان حواجز التنظيم التي كانت منتشرة بكثافة داخل المدينة كانت دائماً جاهزة لصد كل من يفكر في المغادرة.

ويقول "لم نتمكن من الخروج في الوقت الذي نريده كما أن الطريق مزروعة بالألغام.. كثيرون أصيبوا او ماتوا جراء ذلك واسعفنا اخرين" متابعاً "لم نعد نتجرأ على الخروج ولهذا السبب فضلنا ان نبقى، فإما نبقى ونعيش وانما نموت وينتهي الامر".

بعد ثلاثة ايام من طرد الجهاديين، يحتاط الاهالي العائدين او الموجودين في تنقلاتهم جراء كثرة المفخخات والالغام.

ويؤكد الرجل الملتحي الذي يرتدي سترة رمادية اللون ان مقاتلي التنظيم قبل مغادرتهم "زرعوا الألغام وفخخوا البلد كلها".

وتجري القوات التركية والفصائل المعارضة عملية تمشيط داخل المدينة. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم الجمعة ان "هذه المدينة في حالة فوضوية، هناك متفجرات وقنابل وكمائن"، متحدثاً عن "عملية تطهير بدقة شديدة".

واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل 14 شخصا على الاقل بينهم مدنيون يومي الجمعة والسبت جراء انفخار الغام تركها التنظيم خلفه.

ورغم الحذر الشديد في انتظار انتهاء عمليات التمشيط في المدينة، لا يخفي أبو عبدو الذي كان يعمل موظفاً في شركة تختص بشؤون الكهرباء قبل وصول التنظيم الى المدينة، سعادته بطرد الجهاديين منها.

ويستعيد الرجل بانفعال حالة الخوف التي عاشها، كما الاف العائلات في المدينة.

ويقول "بعد بدء المشاكل تركت وظيفتي وفتحت محل سمانة ثم ساء الوضع" واضطر الى اغلاقه.

ويتابع "أمضينا السنوات الأخيرة برعب وخوف. لم يدعنا داعش نرتاح وكان يضايقنا، حتى بيوتنا هجرنا منها وجعلها نقاطاً عسكرية".

وفي الاطار ذاته، تروي أم عبدو "أخرجونا أول مرة من البيت بحجة انه يقع على خط جبهة، ثم انتقلنا الى بيت اخر.. وكلما انتقلنا الى منزل يقولون لنا هذا خط جبهة ويخرجوننا منه".

وينفعل أبو عبدو لدى حديثه عن اسلوب التنظيم في التعاطي مع المدنيين بكثير من "الاستهزاء" على حد وصفه.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل