المحتوى الرئيسى

حكاية الرقص الشرقي من الألف للياء .. الرائعة نعيمة عاكف

02/26 07:45

يترك إسماعيل عاكف عمله كضابط بالشرطة ومدرس للجمباز بمدرسة البوليس ويعمل بالسيرك، وفي السيرك يشب إبنه سيد ويحب جميلة إبنة صاحبة السيرك «الأسطي مريم»، فيتم الزواج وينجبا من البنات ثلاث، لذلك لم يفرحوا كثيراً عند ولادة الرابعة لرغبة منهم في «الولد».

إلا أن تلك البنت التي لم يفرحوا بها كثيراً كبرت لتصبح نجمة السيرك الأولي قبل أن تتم الخامسة من عمرها لما أظهرته من براعة في الأكروبات والألعاب البهلوانية وحضور أكبر من سنها أمام الجمهور الذي كان يطلبها بالإسم.

وهي نفس البنت التي أعالت أمها بعد زواج الأب من أخري حين تركت السيرك وانتقلت ببناتها إلي شارع «محمد علي» بالقاهرة، عندما جابت الشوارع تقدم العروض البهلوانية من أجل ملاليم قليلة كانت بالكاد تسد الرمق، قبل أن يضمها علي الكسار لفرقته بعد أن ذاع صيتها وزاد شغف الناس بما تقدمه من عروض فتجني المال الوفير.

إنتقلت الفتاة الصغيرة بعد ذلك إلي فرقة «بديعة مصابني» حيث كان يتم صناعة النجوم، فمكنتها لياقتها البدنية ومواهبها المتفردة من أن تتعلم فن المونولوج وأن تتقن العديد من الرقصات الغربية بالإضافة إلي الرقص الشرقي، إلا أن إنطلاقتها الفنية إلي عالم السينما كانت بعد أن إنتقلت إلي ملهي «الكيت كات» الذي كان مقصداً لعديد من المخرجين.

وكان «ست البيت» للمخرج أحمد كامل مرسي هو أول فيلم تشارك فيه نعيمة عاكف كراقصة، إلا أن أول فيلم تشارك فيه كممثلة كان «العيش والملح» 1949 للمخرج حسين فوزي والذي إحتكرها كبطلة لأفلامه بعد نجاحها الكبير بعقد لمدة 10 سنوات قدما خلالها الكثير من الأفلام الناجحة أبرزها «لهاليبو» و«بابا عريس» وهو أول فيلم مصري بالألوان وبالطبع الفيلم الأشهر «تمرحنة»، وقد جمعهما بالإضافة إلي العمل علاقة حب إنتهت بالزواج عام 1953 رغم فارق السن الكبير، وبتلك الفترة عوضت نعيمة ما فاتها أثناء حياة السيرك فتعلمت القراءة والكتابة بالعربية والإنجليزية والفرنسية.

لمع إسم نعيمة في الوسط الفني وتألق نجمها، فلم تكن تشبه سوي نفسها بتلك الملامح المصرية الخالصة وذلك الحضور الطاغي كممثلة و ذلك الأداء السهل رغم دقته وتنوعه كلاعبة أكروبات أو كراقصة، فقد كان لديها كل أدوات العمل الإستعراضي تختار منها ما تشاء وفقاً للدور الذي تلعبه _سواء كانت الفوارق واضحة أم خفية_ ما بين فتاة السيرك التي تقفز علي الحبال أو راقصة الكلاكيت التي تلقي المونولوجات أو الغازية التي ترقص بالموالد والحانات أو فتاة العوالم إبنة شارع محمد علي أو راقصة المسارح في العصر الحديث وحتي جارية القصور في العصور القديمة، وغيرها من الأدوار التي جسدتها للسينما برصيد فني تعدي الـ20 فيلماً.

وبخلاف السينما، اختارها زكي طليمات عام 1956 بطلة لفرقة «الفنون الشعبية» حيث قدمت أوبريت «يا ليل يا عين»، كما سافرت في العام نفسه مع البعثة المصرية إلى الصين لتقديم نفس الأوبريت، وفي العام التالي إلى موسكو لعرض ثلاث لوحات استعراضية بعنوان «مذبحة القلعة» و«رقصة أندلسية» و«حياة الغجر» فخلبت بهم الألباب، لتحصل بعدها على لقب أحسن راقصة في العالم بمهرجان الشباب العالمي بموسكو 1958، وقد كرمها آنذاك الرئيس السوفيتي «نيكيتا خورتشوف» وأمر بصنع تمثال لها ما زال يزين مسرح البولشوي حتي الآن.

لم تتحمل «لهاليبو» غيرة الزوج فتم الإنفصال بعد 5 سنوات، وبعد عام من الطلاق الذي تم في هدوء شديد تزوجت مرة أخري من المحاسب القانوني صلاح عبدالمنعم، وكانت قد تعرفت عليه عندما ذهبت إلى مكتبه من أجل بعض الاستشارات القانونية، ثم بعد ذلك عندما أصبح المسؤول عن عقودها وارتباطاتها، وقد أنجبت منه ابنها الوحيد محمد.

وفي يوم 23 إبريل عام 1966 وبعد أقل من عام من إكتشاف إصابتها بالمرض اللعين ترحل نعيمة عن عالمنا قبل أن تكمل عقدها الرابع، وقد جاورت البهجة حزناً مقيماً بقلب كل من عرفها وشاهد فنها يوماً ما، لتترك زهرة التمرحنة الأحلي من الفل والأجمل من الياسمين التي ذبلت قبل الأوان مكاناً مازال شاغراً حتي الآن.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل