المحتوى الرئيسى

أحمد منيب .. صانع الموسيقى الذي يشبه النيل

02/25 07:35

لم يحفر النيل وحده مساره من الجنوب إلى الشمال، بل فعلها أحمد منيب أيضًا، عندما اتقن الشاب النوبي المولود في  4 يناير عام 1926 العزف على آلة «الطنبور» الوترية ذات الأصول الفرعونية ثم تعلم وأجاد العزف على آلة العود مايسترو التخت الشرقي، ليبدأ في اكتشاف مساره الخاص رابطًا الجنوب بالشمال، ليمس السلم الخماسي للمرة الأولى آذان المصريين وأرواحهم.

وكدرويش مجذوب في حضرة الإمام، انضم أحمد منيب إلى فرقة زكريا الحجاوي أحد أهم رواد الفن الشعبي المصري وجال معها مدن وقرى الوطن، شمالا وجنوبا لمدة عامين كاملين، وكأنه في رحلة حج خاصة، يعود منها لما خلقه له ربه، فنان نوبي مصري يحمل بين جنباته ثورة موسيقية قادمة.

ومع ثورة يوليو 1952، كانت أفاق الشاب وأحلامه تتسع بعد انشاء إذاعة «وادي النيل» لربط خطابها الأيديولوجي بامتداد مصر الجنوبي ممثلا في السودان.

لكن أحمد منيب وزميله الشاعر وَجَّهَا رسالة شخصية للرئيس جمال عبد الناصر طالبا فيها بالسماح للموسيقى النوبية بمساحة في الإذاعة المصرية كتأكيد على مصرية النوبة.

و استجاب الرئيس الراحل لندائهما وجاء برنامج «من وحي الجنوب» ليسمع المصريين اللغة النوبية بلسان عبد الفتاح والي وألحان العازف الشاب أحمد منيب.

إلا أن سيطرة ألهة الأوليمب الموسيقية في مصر على ساحة الأغنية لم يدع مجالا لحلم الشاب، اعتادت الأذن المصرية على أغاني كوكب الشرق والعندليب الاسمر وموسيقى موسيقار الأجيال وبليغ حمدي وهذا المزج ما بين موسيقى شرقية وغربية تحمل بين طياتها روحا مصرية.

حتى منتصف السبعينات، عندما رحل جيل الكبار، وبدأت الشباب المصري الذي ولد بعد ثورة يوليو يكسر الأطر التي اعتاد عليها المجتمع، فيذهب الانفتاح الاقتصادي بوعي البعض الثقافي، ويذهب التحول الشديد بوعي البعض العاطفي، وتسقط أغنية السبعينات على يد أجهزة موسيقية بدت وكأنها قد انتزعت منها الروح وألحان تشبه الصدى لا أصل الصوت إلا من رحم ربي من الفنانين الحقيقيين.

في الوقت ذاته كان النهر الجنوبي يلتقي بنيله الأزرق الشاعر عبدالرحيم منصور، وثالثها الشاعر مجدي نجيب، ليجد الجميع مصبا في صوت المطرب الشاب حينذاك محمد منير، ويبدأون سويا مشوارا جديدا، قام فيه بتلحين 45 أغنية لمحمد منير وحده في أول 10 ألبومات، ولحن أيضا لمطربين مثل حميد الشاعري وعلاء عبد الخالق وعمرو دياب وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد وفارس وحسن عبد المجيد وحنان ومنى عبد الغنى وهشام عباس، من كلمات شعراء كبار مثل  فؤاد حداد، صلاح جاهين، عبد الرحيم منصور، مجدي نجيب، عصام عبد الله، أحمد فؤاد نجم، سيد حجاب، جمال بخيت.

ليصبح العم منيب ابتسامة خاصة على وجه مواليد الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ويصبح لوجود اسمه ملحنا على أغنية مميزة بالسلم الخماسي، ودقات الدف النوبي وذلك الرتم المميز لألحانه ..معنى واحد..هو ذلك الإحساس الذي يشعر به الظاميء عند الارتواء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل