المحتوى الرئيسى

حكايات السبت.. «هنا الضبعة» ووزراء وسياسيون | المصري اليوم

02/25 01:08

أحسست أننى ضئيل وقيمتى محدودة عندما زرت مع نخبة من الأصدقاء والزملاء رؤساء التحرير والإعلاميين والفنانين، أبطال القوات المسلحة المصابين فى العمليات التى تخوضها قوات الجيش ضد الإرهاب فى سيناء. شكرت الزملاء فى إدارة التحرير والديسك المركزى الذين اختاروا عنوانًا معبراً للتقرير فى الصفحة الثالثة من عدد أمس الجمعة «مصر فى زيارة (مصابى الإرهاب)» بمستشفى المعادى العسكرى. حوارنا المطول كان مع جنود مصابين. منهم من فقد ساقه. ومنهم من فقد يده.. ومنهم من استقرت عدة شظايا فى وجهه. هم أقوى منا. عزمهم على مواجهة الإرهاب أقوى من كل الكلمات. وسأكتب عنهم بشكل منفصل قريبًا. الأسبوع الماضى، تعايشت أيضًا فى ملتقى شهير وفى عدة موضوعات صحفية مع فيروس سى وسبل علاجه بعد تحقيق مصر إنجازات مهمة بشأنه وتجاوز عدد الحاصلين على علاج مليون شخص. هنا أيضًا عدد من الحكايات السريعة سأبدأ بها عن المشروع النووى والوزراء الجدد والمصانع المغلقة.

علاقتى بالمشروع النووى معقدة جداً. وعندما تظهر هذه الكلمات للنور- السبت - سأكون ضمن وفد رسمى وصحفى داخل أرض «الضبعة» حيث المشروع الحلم لمصر. كما كتبت هنا قبل أسابيع، فاننى أعلنت مساندتى للمشروع أكثر من مرة من باب دخول مصر للعصر النووى وللتواصل مع تاريخنا البحثى والعلمى. فى هذا المجال. مصر لديها مفاعلان بحثيان عتيقان «أنشاص والأرجنتنى».. ونحن بدأنا فى هذا السباق مع باكستان والهند. سبقنا إيران والعراق. تعثرنا كثيراً لتردد القرار السياسى ولظروفنا الاقتصادية انتهاءً بكارثة تشرنوبل. المهم فى هذا السباق وما يخصنى بالتحديد، أننى وبعد أن قرأت أن تكلفة «المشروع» وفقًا لما صرح به وزير الكهرباء ومسؤولو الشركة المنفذة «روسيا توم» فى حدود 30 مليار دولار، تراجعت. فى ظروفنا الاقتصادية الحالية، يصبح المشروع نوعًا من الترف إذا كنا نستطيع أن نحقق الاكتفاء الذاتى من الكهرباء بوسائل أقل تكلفة، وللتضييق اللانهائى على التكنولوجيا النووية وندرة الوقود النووى. إضافة إلى حالة التجريف شبه المتعمد فى الدراسات والأبحاث المرتبطة بالمشروع النووى، وخاصة فى كليات العلوم والهندسة. لذا، أعلنت معارضتى لاستمرار المشروع. فى المقابل ومع إصرار الروس على ربط عودة السياحة لمصر بشكل نهائى بالتوقيع على المشروع النووى. كما أكد بعض المسؤولين بعيداً عن التصريحات الرسمية، بدأت أقرأ الصورة بشكل مختلف. بحثت عن مزايا جديدة خفية فى المشروع.. لم أستمر فى هذا المسعى طويلاً. تم الإعلان عن بداية الدعاية للمشروع النووى فى الضبعة. زميلنا المثقف والمتمكن من مصادره هشام عمر عبدالحليم حصل على تفاصيل هذه الدعاية.. وتم نشرها. وفد من محافظة مطروح جاء لدعوتنا. المحافظ النشيط والمخلص اللواء علاء أبوزيد قدم لنا جزءا من معالم «التحرك الجديد». كيف سيتواصل خبراء الشركة الروسية وكذلك خبراء هيئة الطاقة الدولية مع الأهالى بشكل مباشر فى حضور أكثر من وزير. على رأسهم وزير الكهرباء بالطبع الدكتور محمد شاكر؟. قبل سفرى للضبعة، قمت بخطوتين مهمتين: الأولى، تواصلى مع الدكتور محمد المخزنجى الكاتب الروائى الذى له موقف رافض للمشروع النووى، من منطلق أخلاقى وعلمى أيضًا، ونعتز بمقاله فى «المصرى اليوم»، وأبلغته بهذه الخطوة- الدعاية للمشروع وسفرى للضبعة. كما أكتب هنا من خلال هذه السطور لصاحب عمود «نيوتن» لدينا، وهو من المتحفظين على المشروع، وله منطق رائع وعميق فى ذلك، أبلغه بالخطوة.. وأقول للاثنين «المخزنجى، ونيوتن»: أنا صحفى ولست سياسيًا.. أذهب لـ «الضبعة» لأن هناك خبراً وحدثًا.. والأهم، أن الجزء المساند للمشروع النووى فى داخلى قد انتصر.. وأهلاً بما تكتبانه من مواقف مغايرة لما قد أذهب له أنا وغيرى حول المشروع.

بعض الوزراء الذين كتبت جزءًا من حكاياتهم فى التعديل الأخير.. وعن ملابسات بقائهم وكذلك عدد من الخارجين، أغضبتهم كلماتى الأسبوع الماضى. لم يكذبنى أحد. الغالبية ممن ذكرتهم شكرونى. أنا حصلت على أكثر من خبر قمت بصياغته بشكل بسيط فى مقالى لأن مجال النشر فى تقرير إخبارى كان قد مضى. أكرر تقديرى للذين خرجوا وللمستمرين وكذلك للوافدين الجدد. أنا متفائل بأكثر من وجه جديد، وخاصة وزراء التخطيط والتربية والتعليم والتنمية المحلية والتموين والتجارة.. أربعة وجوه سياسية تجيد التعامل مع الرأى العام والإعلام. أنتظر تحقيق إنجازات من باقى الوجوه الجديدة. أثق فى قدرة الوزيرة الدكتورة سحر نصر على إدارة ملفى الاستثمار والتعاون الدولى معًا. علاقاتها الدولية رائعة. سمعت ذلك خارج مصر. رأيت نشاطها بشكل مباشر فى برلين. سمعت عن خبراتها مع البنك الدولى من صحفيين كبار أثق فيهم. بالمناسبة، سمعت أنها تعانى من عدة مشاكل فى الحصول على معلومات مهمة من وزارة «الاستثمار»، وأنها بصدد سؤال مساعدى الوزيرة السابقة داليا خورشيد. وزير الخارجية سامح شكرى، الذى كتبت عنه مرتين، وغضبوا فى الوزارة، كانت صورته منشورة فى صدر الصفحة الأولى لعدة أيام. ندعم «الخارجية» وندعمه شخصيًا إذا عمل لصالح مصر، سننتقده لو رأينا أخطاء هنا وهناك. باختصار، لا نعادى الرجل.. ولن يحدث ذلك.

من الوزراء الذين تمنيت بقاءهم فى الوزارة، وقد تحققت الأمنية وزير التجارة والصناعة طارق قابيل. رجل جاد. لا يتكلم كثيراً. لديه شىء ليقدمه. أتذكر أن زميلتى المثقفة والمحترمة ياسمين كرم حصلت منه على موعد بإتمام ندوة فى مكتبه بامتداد شارع رمسيس قبل عام تقريبًا. ذهبنا أنا وزميلى ناجى عبدالعزيز وأميرة صالح بصحبة ياسمين. فى بداية الندوة، كان مأخوذاً منا. إجاباته قصيرة. يحاول أن يمضى بالإجابات وباللقاء كله إلى بر الأمان. حصل على تطمينات من ياسمين- ومنّى- بأن ما يقوله سينشر.. امتد الحوار لنحو ثلاث ساعات. أفسدنا مواعيده اللاحقة. قلت لزملائى يومها: هذا الرجل سينجح ويستحق البقاء. ظروف الصادرات صعبة، لكنه رجل واقعى ومحترم. شاهدت كيف طلب الرئيس منه الاهتمام بمبادرة مصنعك جاهز بالتراخيص. قدم إنجازات عديدة فيها، لكن المشروع مازال فى مهده. أدعوه للالتفات إلى ما هو أهم. لا أقصد التقليل من أهمية مشروع الرئيس. ولكن أتمنى أن يبذل جهداً أكبر فى ملف المصانع المغلقة. التى يتراوح عددها بين أربعة آلاف وسبعة آلاف مصنع. أطلب من مساعديك ومن أرباب الصناعة أن يساعدوا فى الحل. سمعت من خبراء وإعلاميين وطنيين أفكاراً مهمة، أبرزها تخصيص جزء من مليارات المشروعات العملاقة بشكل فورى وعاجل لهذه المصانع. استمعت إلى جانب من معاناة أصحاب مصانع النسيج فى المحلة وفى الدقهلية، وبالتحديد فى سلامون القماش وبلدى «المقاطعة». لدى أصحاب المصانع أفكارٌ للحل. تواصلت مع مسؤولين فى المحليات، قالوا لنا: ما لدينا حلول لمشاكل الكهرباء والتأمينات. لكن أصل الأزمة فى إغلاق هذه المصانع مسؤولية وزارة الصناعة. خصص يوماً فى الأسبوع يا سيدى لزيارة المصانع المغلقة. اصنع لنفسك تاريخًا شخصيًا مجيداً إلى جوار العظماء فى مجال الصناعة المصرية، وعلى رأسهم عزيز صدقى. سنساندك.. وخصص جزءًا كبيراً لزياراتك ولمشاكل هذه المصانع التى يعمل فيها الملايين. الرئيس يحترمك ويقدرك. أعرف أنك كنت من القلائل الذين تأكدوا من بقائهم فى التعديل الأخير، حين طلبت منك «الرئاسة» أن تسافر لكينيا بصحبة الرئيس، وكان الترتيب قبيل التعديل والسفر بعد أداء اليمين بيوم واحد. يا سيدى.. أدعوك لاستغلال هذه الثقة وتقديم حلول لأزمة هذه المصانع.

رغم قربى من فندق «مينا هاوس» فإننى لم أدخل قاعاته قبل مساء الثلاثاء الماضى. قلت للزملاء: كان دخولى هناك لحضور حفل استقبال ميسى أكثر الفوائد الشخصية فى هذا الاحتفال. كتبت «بوست» على فيسبوك بكلمات محدودة، وأن هدف الزيارة نبيل ولكن التنظيم كان سيئًا. لم تعجبنى بعض الردود السلبية. استقدام المشاهير عملية مهمة فى الترويج لسلعة أو لمنشأة أو لمشروع، فما بالكم بأعظم حملة عرفتها مصر وهى علاج مرضى «فيروس سى». استمعت إلى عدد من كبار الأطباء حول الحملة وعظمتها. حضرت حفلاً قبل عدة أشهر على مسرح الصوت والضوء، حيث احتفلت «الصحة العالمية» بالمشروع المصرى وبريادته. أتذكر الأخبار التى نشرناها من قبل حين كنا ننتقد تأخر «الصحة» فى علاج المواطنين، والروتين الحكومى وصولاً لصرف العلاج. الدول التى سبقتنا فى الحصول على مزايا مهمة من الشركات الكبرى، وخاصة مع «سوفالدى». الأمر تبدل فى شهور معدودة. مصانع تنتج أدوية لعلاج المرضى. انتهاء قوائم الانتظار. عدد من تم علاجهم تجاوز المليون. أشكر أعضاء فريق «الفيروسات الكبدية» فى وزارة الصحة. أشكر الوزير الحالى والوزير السابق. أقدر دعم الرئيس والقوات المسلحة فى هذا الشأن. وفى هذا السياق، أتوجه بتحية خاصة لشركة برايم فارما، وشركة فاركو للأدوية، والقائمين على الحملة العالمية لبرنامج السياحة العلاجية «Tour n’Cure»، خاصة الأستاذ تامر وجيه. كل ما أطلبه منهم فى المستقبل مزيد من الحزم والدقة فى «التنظيم» إذا قدرت لهم دعوة مزيد من النجوم الدوليين سواء فى الفن أو الرياضة، دعمًا لحملتهم التى عَرفت من صديقى المتميز إبراهيم الطيب أنها تنتظر مفاجأة كبرى بالإعلان عن علاج مصرى خالص لفيروس سى قريبًا.

كتبت الفكرة التالية مرات عديدة.. ومزقتها.. عدد من المسودات حشرتها فى ثنايا الكتب داخل مكتبى.. والأهم من ذلك إحصائية حول عدد الوفيات بـ «فيروس سى» فى قريتى. والآن، حزمت أمرى وتشجعت لأكتب عن هذا الموضوع وسأختصر كثيراً.. وعذراً إذا لمست اسم صديق أو أخ راحل، فهدفى نبيل.

قبل عدة سنوات، توفى أحد أقاربى بتليف فى الكبد الناتج عن إصابة قديمة بفيروس سى. وقفت فى صف العزاء فى دار الضيافة بقريتنا لعدة ساعات وقبلها أمام المقابر. تلقيت العزاء مع عائلتى على مدار اليوم. كنت أنظر فى الوجوه.. وجوه جيرانى ومعارفى وأقاربى. كنت قد غبت عن هذه المناسبات لفترة. الوجوه تبدلت. اصفرار يظهر فى وجوه كثيرة. تناقشت أنا وأخى الأكبر كرم - الذى كان يتلقى هو الآخر علاجًا مكثفًا من فيروس سى- فقال إنه ربما تكون إصابات الكبد لدينا فى الدلتا أعلى نسب الإصابة العالمية بالفيروس. النسب الرسمية متبدلة، لكنها لا تقل بأى حال من الأحوال عن 10% من السكان. فكرت فى نفس الليلة أن أجهز موضوعًا مختلفًا ومتميزاً عن المرض فى الدلتا. وأنطلق من قريتنا. قلت لأخى ولعائلتى إن النسب الرسمية حول الإصابة متباينة وغير دقيقة، وكذلك نسب الوفيات التى سببها أمراض الكبد.. فلماذا لا أنطلق من الوحدة الصحية فى قريتنا «المقاطعة»؟. أسباب الوفاة لكل حالة وفق التقرير الظاهرى لطبيب الوحدة.

«الوحدة الصحية» تشغل شقة كبيرة فى بيتنا، طلب أخى من الموظف المسؤول إحصائية بعدد المتوفين خلال عام كامل، والسبب المباشر لوفاة كل حالة. كان الموظف المسؤول عن هذه البيانات شابا ثلاثينيا أسمر ورائعا، اسمه أشرف أبوالدهب. ابن عائلة طيبة.. جذوره صالحة. صديق لكل العاملين معه.. مبتسم بشكل دائم. شرحت لأشرف هدفى. وأن الإحصائية غير رسمية ولن تظهر فى أى تقرير لكنى سأسترشد من خلالها على نسب الوفيات التى تسببها أمراض الكبد فى قرية كبيرة بتوابعها فى قلب الدلتا الموبوء بفيروس سى. بعد أسبوع كامل أرسل لى أخى إحصائية دقيقة للغاية فى ورقتين بخط اليد، تضم ما يزيد على سبعين حالة وفاة خلال العام. نصف العدد على الأقل كان بسبب الكبد. الوفاة بسبب أمراض الشيخوخة كانت أقل بكثير من الوفيات فى منتصف العمر وبأمراض الكبد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل