المحتوى الرئيسى

أسواق بقايا الطعام! | المصري اليوم

02/24 22:23

كارثة جديدة تطال ملايين الفقراء الآن فى بر المحروسة، اسمها أسواق بقايا الطعام، أطلق عليها أحد البرامج التليفزيونية اسم «كسر الطعام»، من خلال تقرير مؤلم من داخل إحدى الأسواق، التى ظهرت بها بقايا كل شىء تقريباً، بدءاً من بقايا جاتوه الأفراح، وأرجل دجاج محال الطيور، مروراً بحواف الجبنة الرومى من محال البقالة، ومخلفات محال الجزارة، وانتهاء بما يشبه السردين، وما يشبه الزيتون، وما يشبه الطعام بجميع أنواعه.

هذه النوعية من الأسواق أصبحت منتشرة فى كل الأحياء الشعبية تقريباً، وفى كل المدن دون استثناء، الزحام هناك كبير، بما يشير إلى أن الجوع كافر كما يقولون، بعض رواد السوق يبكون وهم يتحدثون عن ضنك المعيشة، البعض الآخر يشتاط غضباً حينما تناقشه، آخرون لا يستطيعون مجرد التعبير عن الحالة، يرددون طوال الوقت «حسبنا الله ونعم الوكيل»، نساء ورجال، شباب وفتيات، أطفال وشيوخ، السوق متخمة بالرواد بحثاً عما يسد الرمق بأقل ثمن، لا يهم النوعية ولا الصلاحية، ولا من أين جاءت.

الباعة فى مثل هذه الأسواق يتحدثون عن أن بضائعهم مخلفات أو بقايا مصانع، الرواد يؤكدون أنهم غير مطمئنين إلى صلاحية الطعام، إلا أنهم يقولون: ماذا نفعل، هناك بطون خاوية يجب أن تأكل.. أصبحنا نرى طوال الوقت من يبحث فى القمامة عن طعام، فى البداية كان البحث للأكل فقط، الآن أصبحوا يبحثون ثم يتوجهون بها إلى مثل هذه الأسواق لبيعها، أصبحنا نرى من يتجولون حول مصانع الأغذية والمعلبات بصفة عامة، بحثاً عما يمكن أن يكون قمامة مصانع أو كسر مصانع كما يقولون، بعض المصانع أصبحت لا تلقى قماماتها فى الخارج، بعد أن أصبح هناك من يأتى لشرائها، سوف نجدها فى النهاية على عربات الباعة فى أسواق بقايا الطعام!!.

هى كارثة ما بعدها وما قبلها، فى الوقت الذى تتصدر فيه مصر دول العالم فى العديد من الأمراض المزمنة وغير المزمنة، كان يجب أن نبحث عن السبب، كان يجب أن نعمل من خلال القاعدة المتعارف عليها فى هذا الشأن، وهى أن الوقاية خير من العلاج، الآن لم تعد هناك وقاية ولا علاج، الأمراض تعيش بيننا فى صورة أسواق علنية فى عز الظهر، لا رقيب عليها ولا حسيب، الخطورة هنا كما قال لى أحد المسؤولين عن سلامة الغذاء هى أن رواد هذه الأسواق من المواطنين الغلابة، هم الذين يقاومون الرقابة، هم الذين يتصدون لمفتشى الصحة وغيرهم، ومعهم حق، نحن أمام جوعى لا يملكون قوت يومهم، وقد ارتضوا هذا البؤس، حتى لو كان المصير معروفا سلفاً، وهو المرض.

إلا أن هذه الذرائع لا يمكن قبولها أبداً، خاصة إذا نظرنا من حيث الشكل الظاهرى لمجمل هؤلاء المواطنين بهذه السوق أو تلك، الأمراض واضحة على وجوههم الشاحبة دون استثناء، بما يؤكد أننا أمام وضع خطير لا يمكن قبوله، ولا يجب أبداً السكوت عليه، ناهيك عن أنه ليس باستطاعة أى منهم الذهاب إلى طبيب أو الحصول على علاج، هم فى حقيقة الأمر أصبحوا أشباه بَشَر، يحصلون على شبه طعام، فى شبه سوق، فى شبه دولة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الوضع جد خطير أيها السادة، مصر لم تكن دولة فقيرة أبداً، لا فى ثرواتها الطبيعية، ولا ثروتها البشرية، ولا ما حباها الله به من طبيعة، نسبة الفقر تتزايد، ونسبة الطبقة الوسطى تتراجع، ونسبة الأمراض ليست مسبوقة، فى الوقت الذى ارتفعت فيه تكاليف العلاج إلى أرقام قياسية، هى صرخة أوجهها إلى المسؤولين، علّ وعسى يمكن تدارك الأمر قبل خروجه عن السيطرة، لا أقصد هنا أبداً الثورات والانتفاضات وما شابه ذلك، هذه متوقعة بين لحظة وأخرى، أقصد الخروج عن السيطرة الصحية، فلا يعقل أن نصمت حتى نجد أنفسنا أمام شعب معظم أفراده من المرضى، لا يستطيعون العمل، ولا يستطيعون الإنتاج.

لم نعد نطلب من حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة- وما أكثرها!- قدراً من الرفاهية، أو قدراً من حياة أفضل، فقط نناشدهم إطعام الناس، سد رمق الفقير بطعام صحى، هناك الملايين الذين لا يجدون فرصة عمل، من أين يقتاتون إذن؟، هناك نسبة تتجاوز الآن ٣٥٪‏ تحت خط الفقر، من أين يأكلون إذن؟، هى مسؤولية الدولة أولاً وأخيراً، كما لسنا أبداً فى حاجة إلى كل هذه الاستدانة دون أهداف واضحة، والتى سوف يتم تصديرها للأجيال المقبلة، فقط نحن أمام شعب يريد أن يأكل، يريد أن يحيا بكرامة، الموقف جد خطير من كل الوجوه، اجتماعياً، وأمنياً، وصحياً، لنتداركه قبل فوات الأوان.

كارثة جديدة تطال ملايين الفقراء الآن فى بر المحروسة، اسمها أسواق بقايا الطعام، أطلق عليها أحد البرامج التليفزيونية اسم «كسر الطعام»، من خلال تقرير مؤلم من داخل إحدى الأسواق، التى ظهرت بها بقايا كل شىء تقريباً، بدءاً من بقايا جاتوه الأفراح، وأرجل دجاج محال الطيور، مروراً بحواف الجبنة الرومى من محال البقالة، ومخلفات محال الجزارة، وانتهاء بما يشبه السردين، وما يشبه الزيتون، وما يشبه الطعام بجميع أنواعه.

هذه النوعية من الأسواق أصبحت منتشرة فى كل الأحياء الشعبية تقريباً، وفى كل المدن دون استثناء، الزحام هناك كبير، بما يشير إلى أن الجوع كافر كما يقولون، بعض رواد السوق يبكون وهم يتحدثون عن ضنك المعيشة، البعض الآخر يشتاط غضباً حينما تناقشه، آخرون لا يستطيعون مجرد التعبير عن الحالة، يرددون طوال الوقت «حسبنا الله ونعم الوكيل»، نساء ورجال، شباب وفتيات، أطفال وشيوخ، السوق متخمة بالرواد بحثاً عما يسد الرمق بأقل ثمن، لا يهم النوعية ولا الصلاحية، ولا من أين جاءت.

الباعة فى مثل هذه الأسواق يتحدثون عن أن بضائعهم مخلفات أو بقايا مصانع، الرواد يؤكدون أنهم غير مطمئنين إلى صلاحية الطعام، إلا أنهم يقولون: ماذا نفعل، هناك بطون خاوية يجب أن تأكل.. أصبحنا نرى طوال الوقت من يبحث فى القمامة عن طعام، فى البداية كان البحث للأكل فقط، الآن أصبحوا يبحثون ثم يتوجهون بها إلى مثل هذه الأسواق لبيعها، أصبحنا نرى من يتجولون حول مصانع الأغذية والمعلبات بصفة عامة، بحثاً عما يمكن أن يكون قمامة مصانع أو كسر مصانع كما يقولون، بعض المصانع أصبحت لا تلقى قماماتها فى الخارج، بعد أن أصبح هناك من يأتى لشرائها، سوف نجدها فى النهاية على عربات الباعة فى أسواق بقايا الطعام!!.

هى كارثة ما بعدها وما قبلها، فى الوقت الذى تتصدر فيه مصر دول العالم فى العديد من الأمراض المزمنة وغير المزمنة، كان يجب أن نبحث عن السبب، كان يجب أن نعمل من خلال القاعدة المتعارف عليها فى هذا الشأن، وهى أن الوقاية خير من العلاج، الآن لم تعد هناك وقاية ولا علاج، الأمراض تعيش بيننا فى صورة أسواق علنية فى عز الظهر، لا رقيب عليها ولا حسيب، الخطورة هنا كما قال لى أحد المسؤولين عن سلامة الغذاء هى أن رواد هذه الأسواق من المواطنين الغلابة، هم الذين يقاومون الرقابة، هم الذين يتصدون لمفتشى الصحة وغيرهم، ومعهم حق، نحن أمام جوعى لا يملكون قوت يومهم، وقد ارتضوا هذا البؤس، حتى لو كان المصير معروفا سلفاً، وهو المرض.

إلا أن هذه الذرائع لا يمكن قبولها أبداً، خاصة إذا نظرنا من حيث الشكل الظاهرى لمجمل هؤلاء المواطنين بهذه السوق أو تلك، الأمراض واضحة على وجوههم الشاحبة دون استثناء، بما يؤكد أننا أمام وضع خطير لا يمكن قبوله، ولا يجب أبداً السكوت عليه، ناهيك عن أنه ليس باستطاعة أى منهم الذهاب إلى طبيب أو الحصول على علاج، هم فى حقيقة الأمر أصبحوا أشباه بَشَر، يحصلون على شبه طعام، فى شبه سوق، فى شبه دولة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل