المحتوى الرئيسى

أمير الجماعة الإسلامية بكردستان: أنظمة الانقلابات سبب التطرف .. وتقليد السلف مذموم

02/24 17:39

الاجتهاد حياة الإسلام وإغلاق بابه جمود وتخلف

 التجديد يكون بفهم الدين وليس في ذاته

تغلغل السلطات في المؤسسات الدينية أفقدها الثقة

بروز داعش في العراق وسوريا نتيجة طبيعية للاضطهاد الطائفي

 أفضل طرق مواجهة التطرف عرض الإسلام كما أنزل

أكد الشيخ علي بابير، أمير الجماعة الإسلامية في كردستان العراق، في الجزء الثاني من حواره مع "مصر العربية"، أن تخلف المسلمين دينيًا ودنيويًا جاء بسبب ابتعادهم عن الوحي وتمسكهم بالتراث والتقليد وإغلاق باب الاجتهاد.

وشدد على أن حياة الإسلام في الاجتهاد، وأن التجديد يكون في فهم الدين وليس في الدين ذاته، وأن اتباع السلف لا يكون باتباع فتواهم واجتهاداتهم وإنما باتباع منهجهم الذي تعاملوا به مع الوحي ومع الواقع الذي عاشوه.

وأصاف "بابير" أن الضغوط التي تعرضت لها المجتمعات والشعوب الإسلامية، خارجيًا من القوى الكبرى، وداخليًا من الأنظمة المستبدة، والانفراد بالسلطة، أهم أسباب ظهور الجماعات المتطرفة والإرهابية.

وأن بروز داعش في العراق وسوريا داء نتيجة طبيعية للاضطهاد الطائفي والاستبداد والتهميش في البلدين.

المسلمون الآن مع الأسف ابتعدوا عن الإسلام فهما وتطبيقاً، أولاً اعوج فهم المسلمين لدينهم المتجسد في الكتاب والسنة، وهذا لم يحدث في عصرنا فقط، وإنما حدث الانحدار والجمود والتراجع منذ أزمان سحيقة، ويرجعه بعض العلماء والمفكرين إلى القرن الرابع الهجري عنما اكتملت المذاهب الفقهية والطرق والمدارس التزكوية في التصوف والأخلاق.

 حدث بين الأمة تراجع وجمود فكري، حيث قرر كثير من العلماء في ذاك الوقت إغلاق باب الاجتهاد، رغم أن الإسلام يثبت حيويته من خلال الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد هو التجديد، والتجديد هو في فهم الدين وليس في الدين ذاته، لأن الدين المتجسد في القرآن والسُنة ثابت، فعندما يُقفل باب الاجتهاد يُقفل باب الاستفادة أو نيل الفوائد من الوحي.

إننا نقف عند ما استنبطه السابقون السلف الصالح ومن بعدهم ومنهم الأئمة المجتهدون، فإذا أغلقنا باب الاجتهاد يعني أغلقنا باب التفكير في الوحي، الذي هو صالح لكل زمان ومكان، وفكر البشر نسبي ربما يصح في هذا الحال ولا يصح في حال آخر، وربما يصلح لهذا الزمان ولا يصلح لزمان آخر، والعلماء هكذا فعلوا.

واتباع السلف الصالح ليس باتباع فتواهم وآرائهم واجتهاداتهم وأفكارهم، وإنما باتباع منهجهم الذي تعاملوا به مع الوحي ومع الواقع، كيف تعاملوا عندما كانوا ينظرون إلى الواقع وتحدث فيه وقائع ومستجدات لم تحدث في السابق، كانوا يرجعون إلى الوحي يستنبطون حكم هذه المستجدات والوقائع، هكذا فعل السلف الصالح.

إذن اتباعهم هو أن نفعل كما فعلوا لا أن نقلد ما استنتجوه واستنبطوه لأن هذا تقليد ذمه الله سبحانه وتعالى في أكثر من آية، عندما قال تعالى " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ".

عندما ننظر في كتاب الله لا نرى أي من الأنبياء  لم يستخدم العنف فقط بل حتى لم يهدد به، إذن من أين أتى للبعض هذا الانطباع؟

ولكن نتيجة لوقوع بعض المسلمين تحت الضغوط التي تعرضوا لها من قبل الأنظمة الحاكمة المستبدة التي أتت بالانقلابات والانفراد بالسلطة والاستحواذ على الثروة وكذلك الضغوط التي مورست على الشعوب والمجتمعات الإسلامية من قبل القوى الكبرى الشرقية والغربية  جاء رد الفعل.

القاعدة تقول إن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الاتجاه، لذلك لجأت بعض الحركات الإسلامية إلى العنف نتيجة الأجواء غير الطبيعية المفروضة على العالم الإسلامي سواء محليًا أو عالمياً، وأنا لا أبرر العنف، ولكني أفسر الواقع وأقول نتيجة هذا مثلا داعش لماذا رفعت برأسها وترعرعت في سوريا والعراق؟ لأن فيهما أقسى ما رأينا من الاضطهاد الطائفي والحزبي والإقصاء والتهميش.

 نحن لا نبرر لداعش ولا لغيره فهو أسوأ حلقة من حلقات العنف المحسوب على التيار الإسلامي على مر التاريخ، وأعتقد أن المسلمين إذا ما تغيرت أوضاعهم الاقتصادية والسياسية المتأزمة وعاشوا أوضاعاً طبيعية اعتيادية لن يشهدوا مثل هذه الحركات العنيفة.

رسولنا محمد يعرفه سبحانه وتعالى في الآية رقم 107 من سورة الأنبياء" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فالرسول جاء رحمة للعالمين ولم يقل وما أرسلناك إلى رحمة للمسلمين وإنما للعالمين.

لم يُبعث النبي بالسيف إنما " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ "، ولم يلجأ إلى السيف إلا مضطرا و كارهاً، عندما اعتدي على الإسلام والمسلمين، الرسول استعمل الهجوم كوسيلة للدفاع .

تخلف المسلمين وتراجعهم دينيًا ودنيويًا يأتي على مستوى العامة والقادة والعلماء والمؤسسات حتى تحركات التيار الإسلامي ليست على المستوى المطلوب، ولا نستثني أي جهة عن هذا التخلف والتراجع خصوصًا الجهات والمؤسسات الرسمية الدينية التي تدعمها الحكومات.

لو كانت هذه المؤسسات على المستوى المطلوب، لما لجأ الشباب الفتاوى من الفيس بوك وغيره، فالذي يجد الماء الصافي لا يلجأ إلى الكدر ليشرب منه إلا من اضطر.

ومع الأسف الحكومات المتسلطة على رقاب المسلمين في العالم العربي وغير العربي، جعلت المؤسسات الرسمية مجروحة العدالة وغير موثوقة بسبب تغلغلها وتلاعبها بها وإملاءاتها عليها، ما أفقد الناس الثقة فيها، وبقدر ما تعيد هذه المؤسسات النظر في نفسها وتصلح نفسها ترجع ثقة الناس بها.

أفضل طريقة هي عرض الإسلام كما هو أي كما أنزله الله في كتابه الكريم، وجسده الرسول في سنته المباركة، أنا أعتبر السُنة النبوية تجسيدا وتطبيقا للكتاب، والإسلام إذا عُرض كما هو في القرآن والسنة النبوية الصحيحة تقبله الفطرة والعقول السليمة.

وقد أكدت هذا في كثير من كتبي وخطبي أنه إذا رأيت مسألة ما تٌنسب إلى الإسلام وتصطدم بالعقل والفطرة والواقع والعلم، فاعلم من البداية أنها ليست من الإسلام، وهذا لم أقله أنا فقط ويقوله ابن تيميه رحمة الله عليه في كتاب "درء التعارض بين العقل والنقل"، فيقول أي حديث منسوب للنبي إذا ما عارض القرآن أو عارض الواقع والعلم والعقل معارضة حقيقية، فاعلم أنه ليس من النبي في شيء.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل