عاش الحضري مات الحضري - Goal.com

لا نجيد في مصر أكثر من جلد الذات وتضخيم التوافه وتقزيم العمالقة ومحاربة الناجحين ، لا نهوى الإقتداء بالنماذج الناجحة ولا نحاول تقليدها بقدر ما نهوى التحقير منها ، وهنا يكمن الفارق بيننا وبين الغرب فهم يصنعون النوابغ ويوفرون لهم كل سبل النجاح والتقدم ، ونحن نقضي عليهم.أتحدث هنا عن واقعة طرد عصام الحضري حارس مرمى وادي دجلة ومنتخب مصر من مران فريقه بعد مشادته مع زميله خالد وليد ، قرار المدير الفني لا يجب التعقيب عليه أو التدخل فيه ، ولكن القرار الصادم كان قرار ماجد سامي رئيس النادي والذي عرض "السد العالي" للبيع على "الفيس بوك" على طريقة بيع الهواتف المحمولة والشقق والسيارات !!.اللاعب الذي كان حديث العالم منذ أسابيع قليلة ونال إشادة عمالقة حراسة المرمى في العالم مثل بوفون وكورتوا وكاسياس ، يباع في بلده بطريقة مهينة .الحضري هو الحارس الأعلى مشاركة في تاريخ قارة أفريقيا برصيد 154 مباراة دولية ، والأعلى سنا حيث شارك في النسخة الأخيرة وعمره قد تخطى الـ44 سنة .الحضري يملك 4 بطولات لأمم أفريقيا ، وكانت مشاركته في النسخة الأخيرة من كأس الأمم مطلبا شعبيا حيث وصفه البعض بالهرم الرابع والأسطورة ، ووصفه البعض الآخر بـ"جامايكا" الذي لا يقهر ، وطالب الكثيرون بعودته للقلعة الحمراء.منذ أقل من شهر من الآن كان الكل يطالب بعمل تمثال للحضري ومنحه وسام الجمهورية ، والآن تغير الحال وأصبح الحضري مطالب بالإعتزال وترك الفرصة لمن هم أصغر وأكفأ منه ! ، تغير الحال 180 درجة على طريقة عاش الملك مات الملك !.صاحب الـ33 بطولة أخطأ بشدة حين هرب من الأهلي لكنه عوقب بشكل كافي من جماهير الأحمر ومجلس إدارته ، الحضري أخطأ أيضا خلال مشادته مع زميله في وادي دجلة بالأمس ولكن عقابه يجب أن يكون بشكل إحترافي وليس بشكل مهين كما حدث من ماجد سامي .في رأيي أن الحضري لم يخطىء حين إستمر في الملاعب حتى هذه المرحلة لأنه أثبت بكل جدارة أنه يستحق الإستمرار بفضل إرادته وعزيمته وفي ظل تذبذب وإهتزاز مستوى الحراس الذين في نصف عمره ، إلا أني أرى أنه حان الوقت بأن يعتزل أو يلعب موسمه الأخير خارج مصر ، فلا كرامة لنبي في وطنه.أخيرا ، أتمنى أن لا نكون متطرفين في الإشادة ، وأن لا نكون متطرفين في العقاب ، فلا يوجد أفضل من التوازن والوسطية.