المحتوى الرئيسى

أزمة تشكيل حكومة المغرب في شهرها الخامس.. الخيارات البديلة

02/24 11:45

يبدو أن تشكيل الحكومة المغربية يتجه نحو أيامه الأخيرة، إما بالإعلان عن الحكومة الجديدة أو الفشل في ذلك.

فبعد أزيد من أربعة أشهر من المشاورات التي أطلقها عبد الإله بن كيران لتشكيل حكومة جديدة، بعد تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس له رئيسا للحكومة، عقب تصدر حزبه العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية في 7 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خرج ابن كيران، السبت الماضي، ليقول إنه ينتظر عودة الملك محمد السادس من جولته لعدد من الدول الإفريقية، ليخبره بمصير تشكيل الحكومة.

ففي لقاء له مع شباب حزبه، قال ابن كيران إن "المشهد السياسي لن يبقى كما هو الآن إلى الأبد، فلا بد من حل"، وقال: "قد نعيد الانتخابات، رغم أننا قلنا إننا لا نريد الإعادة؛ لأن الانتخابات هي لحظة مخاض صعب".

وألقى ابن كيران باللائمة في "عرقلة" تشكيل حكومته الجديدة على الأحزاب التي قال إنها "لا تبالي بالديمقراطية".

وفي خلفية هذا التصريح ما بات يعرف في المشهد السياسي المغربي بـ"مؤامرة 8 تشرين الأول/ أكتوبر"، التي كشف عنها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال.

ادعى شباط أن رؤساء أحزاب تداعوا إلى اجتماع ليلة 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بيوم واحد، ليتداولوا في قرار الإعلان رفضهم جميعا المشاركة في حكومة يرأسها العدالة والتنمية وتوجيه ملتمس للملك بتعديل الدستور، الذي قال شباط إنه رفضه، وانفض الجمع بلا قرار.

ولم يتردد ابن كيران في القول إن الوضع في المغرب "يجعلنا نعيش أمام مشهد سوريالي غير معقول"، و"لابد أن نتحمل مسؤوليتنا التاريخية".

ليعلن قراراه: "أنا بصراحة أنتظر رجوع جلالة الملك، لأنه حينها، إما أن تكون لي حكومة لأرفعها له، أو لا لأقولها له".

لكن رئيس الحكومة المكلف ترك الباب مواربا، وعاد في تصريح لاحق مقتضب، الاثنين الماضي، إلى القول إنه "متفائل بمستقبل مشاورات تشكيل الحكومة"، وأنه ينتظر رد كل من عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، وامحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، على عرض جديد قدمه لهما، بعد استئناف المشاروات، التي كان ابن كيران أعلن عن توقيفها في 8 كانون الثاني/ يناير الماضي.

واشترط الحزبان سابقا مشاركة الاتحاد الدستوري والاشتراكي في الحكومة، وهو ما رفضه ابن كيران، الذي قرر الاقتصار على الأحزاب الأربعة التي كانت تشكل الحكومة، وهي العدالة والتنمية (125 مقعدا)، والتجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا)، والحركة الشعبية (27 مقعدا) والتقدم والاشتراكية (12 مقعدا)، خصوصا أن هذه الأحزاب بإمكانها تغطية العدد المطلوب في مجلس النواب لتشكيل الحكومة (198 مقعدا).

ورغم أن ابن كيران لم يكشف عن العرض الجديد الذي قدمه لحليفيه المفترضين أخنوش والعنصر، في مقابل امتناع هذين الأخيرين عن الكشف عمّا دار بينهما وبين ابن كيران، فإن تصريح هذا الأخير، بأن حزب الاتحاد الدستوري يمكن أن يلتحق بالحكومة، بعدما شكل هذا الحزب تحالفا وفريقا (كتلة) برلمانيا واحدا في مجلس النواب مع التجمع الوطني للأحرار، واستمرار رفض ابن كيران مشاركة الاتحاد الاشتراكي، قد يشي بطبيعة عرض ابن كيران لأخنوش والعنصر.

ورغم أنه لا يعرف إلى الآن موعد عودة الملك محمد السادس من زياراته لعدد من الدول الإفريقية، فإن ابن كيران قد حدد مصير تشكيل حكومته بطلب لقاء الملك بعد عودته.

وفي تفسيره لتصريحات ابن كيران، قال ، الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط خالد يايموت، إن هذه التصريحات "تأتي في سياق التواصل بين الملك رئيس الدولة ورئيس الحكومة المعين".

وأضاف أن الملك عمل على متابعة المشاورات الحكومية وسبق له أن بعث بمستشاريه، عبد اللطيف المنوني، وعمر القباج، اللذين التقيا بشكل رسمي ابن كيران، للاطلاع على مسار المشاورات، كما عمد الملك على بعث مستشاره فؤاد عالي الهمة، في مهمة غير رسمية التقى ابن كيران في بيته.

واعتبر يايموت أن تصريح ابن كيران "دعوة جديدة من جانبه للتواصل المباشر مع الملك بشأن تعثر تشكيل الحكومة، فقد كانت المبادرة الأولى من الملك، وهذه المرة المبادرة تأتي من رئيس الحكومة المعين".

وأوضح أن ابن كيران من خلال هذه الدعوة "يريد أن يترك للملك المبادرة للتدخل لحل الإشكال، عبر تيسير المفاوضات لتشكيل الحكومة أو الدعوة لانتخابات جديدة".

وأضاف أنه "في حال اختيار الملك بالتشاور مع ابن كيران، إعادة الانتخابات، فإن الملك من الناحية الدستورية، يمكنه إعلان ذلك في خطاب رسمي يوجهه للأمة".

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية عمر الشرقاوي، إن "الخلاصة الأساسية بعد 140 يوما من انسداد المنافذ السياسية لتشكيل الحكومة، هي المفاجأة في القرارات السياسية",

وأقر بصعوبة توقع القرار الذي يمكن أن تصل إليه النخبة السياسية المشاركة في المشاروات، لذلك "يصعب توقع القرار أو الاحتمال أو السيناريو أو المشهد القادم".

يقول الشرقاوي، مضيفا: "المؤكد أن قرار العودة إلى استئناف المشاورات بعد بلاغ ابن كيران الشهير بـ"انتهى الكلام" (بيان 8 كانون الثاني/ يناير)، ليس بالسلبي، لكنه ليس كافيا للقول بإمكانية التوصل إلى حل".

واعتبر الشرقاوي أنه "خلال الأسبوعين المقبلين سيكون القرار النهائي حول مصير المشاروات، إما إيجاد حل رابح/ رابح بين ابن كيران وأخنوش، والعقدة هنا هو حزب الاتحاد الاشتراكي، وإما سيغلق ملف الخيار السياسي، وسنكون أمام خيارات دستورية"، معتبرا أن "هذه الخيارات الدستورية يمكن أن يكون فيها مخاطر".

وأضاف الشرقاوي أن الخيار المعلن الآن هو "عودة رئيس الحكومة المكلف إلى الملك لإعلان فشله في تشكيل الأغلبية الحكومية".

وقال إن هناك خيارات متعددة عدد منها "إعادة تعيين ابن كيران، مع توصية ملكية بتوسيع دوائر المشاروات، أو تعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنيمة، أو دعوة الملك إلى حل مجلس النواب وإعلان انتخابات سابقة لأوانها".

وتابع الشرقاوي أن "هناك احتمالا أن يعين الملك شخصية أخرى لرئاسة الحكومة"، موضحا أنه "في هذا السياق يمكن فهم تصريح ابن كيران بإمكانية الاصطفاف في المعارضة إذا اقتضت مصلحة الوطن ذلك".

واعتبر أن "هذا التصريح يحمل في طياته نوعا من الاعتراف بإمكانية أن يعين الملك شخصية أخرى، دون اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها".

وأشار "أن الفصل 47 من الدستور الذي يقول إن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، "فيه الكثير من الغموض والبياضات".

وأضاف أن "المسألة الكفيلة برفع هذا الغموض، هو تعديل دستوري لتفسير هذا الفصل تفسيرا واضحا، أو قيام أعراف دستورية".

وشدد على أنه "في جميع الحالات، فإن الخيارات المطروحة لا يجب أن تخرج عن روح الدستور، التي تعطي للحزب الذي تصدر الانتخابات الأولوية وليس الحصرية في تشكيل الحكومة".

وفي وقت سابق اقترح ابن كيران، تشكيل الحكومة الجديدة من الأحزاب التي شكلت الحكومة السابقة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل