المحتوى الرئيسى

بالصور.. كيف فشلت الدولة في حربها ضد ''مافيا الدروس الخصوصية''؟

02/23 17:29

محافظات – إسلام عمار ومحمد إبراهيم ومحمد محروس:

رغم إعلان الدولة ممثلة في وزارة التربية والتعليم في الحكومات المتعاقبة محاربتها لمراكز الدروس الخصوصية، إلا أن تلك الظاهرة ما تلبث أن تزداد يومًا بعد يوم ملتهمة جيوب أولياء الأمور من الموظفين "الغلابة" والأسر البسيطة، خصوصًا بعد لجوء القائمين على تلك المافيا لرفع أسعار الحصص، معللين ذلك بغلاء أسعار السلع والخدمات.

بدورها اقتحمت "مصراوي" العالم السري لمافيا الدروس الخصوصية، كاشفة عما يدور داخله من استغلال للتلاميذ وأولياء أمورهم، وفشل جميع القرارات التنفيذية بغلق تلك المراكز، وذلك في محافظات كفر الشيخ ودمياط والأقصر.

كفر الشيخ.. تحرير العملة يرفع أسعار الدروس

ففي كفر الشيخ يقول أحمد يونس، محاسب، وأحد أولياء الأمور، إن الحكومة متمثلة فى وزارة التربية والتعليم ساهمت بشكل كبير فى انتشار ظاهرة الدورس الخصوصية، حتى أجبرتهم كأولياء أمور للاستعانة بها حفاظًا على لى تفوق أبنائهم بعيدا عن الاستعانة لسبل الغش، وذلك لعدم وجود تعليم بالمدارس، مضيفًا أن الحصة 40 دقيقة، يهدر منها 10 دقائق فى أولها، ومثلهم فى آخرها ويتبقى 20 دقيقة فقط، وبالطبع لا تكفى تلك المدة لشرح معلم لطلاب، موضحًا أن الدروس الخصوصية الآن تأثرت بتحرير سعر الصرف فارتفعت من 80 إلى 100 جنيه فى جميع المواد، والدرس الخصوصى من 100 إلى 120 جنيهًا.

ويؤكد أحمد على مصطفى - بالثانوية العامة أن تلقى الشرح فى الدروس الخصوصية، أفضل بكثير من تلقى الشرح فى الحصص المدرسية، حيث إن المعلم فى الدروس يوضح المناهج بشكل مبسط وموضح ويجرى معهم اختبارات للتأكد من مستوى الطالب، إنما المعلم فى المدارس يشرح المنهج فى حصته المدرسية وكأنه يؤدى الغرض الحكومى المكلف من أجله.

ويشير صلاح عثمان، وكيل وزارة التربية والتعليم بكفر الشيخ، إلى أن المديرية مستمرة فى محاربة الدروس الخصوصية، من خلال التنسيق مع رجال الأمن، عقب تلقى المديرية لأية بلاغات من مديرى الإدارات التعليمية الفرعية التابعة للمديرية، موضحًا أن هناك قوافل تعليمية تقام يومى الجمعة والسبت من كل أسبوع فى المدن التى تعانى مدارسها من وجود عجز بها مثل إدارات غرب كفر الشيخ، والحامول، وبلطيم، وبرج البرلس، ومطوبس.

وكان أولياء الأمور بكفر الشيخ، قد نظموا بمشاركة أبنائهم الطلاب، وقفات احتجاجية خلال العام المنقضى، أمام الإدارات التعليمية المختلفة، اعتراضًا منهم على تفعيل غلق مراكز الدروس الخصوصية، بناء على قرار مسبق من الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم السابق، علاوة على تنظيم مؤتمرات وندوات بشأن تلك الظاهرة.

الأقصر.. الشرح في المدارس لا يكفي

ويصر أولياء الأمور في الأقصر على الاستمرار في اللجوء للدروس الخصوصية مع عدم قدرة برامج وزارة التربية والتعليم على إنهاء ظاهرة الدروس الخصوصية، ويرجع السبب في استمرار ظاهرة الدروس الخصوصية بحسب بعض الدراسات التي أجريت في هذا الشأن إلى الثقافة المجتمعية وصعوبة المناهج الدراسية وتقصير المعلمين في أداء واجباتهم داخل الفصول.

فبحسب استطلاع أراء عدد من أولياء الأمور أكدوا جميعهم انتظام أبنائهم في الدروس الخصوصية في غالبية المواد الدراسية حيث يقول محمود حسن – موظف- :"لدي 4 أبناء واحد في الثانوية العامة واثنين في المرحلة الإعدادية والرابع في الإبتدائية وجميعهم يحصلون على دروس خصوصية بسبب صعوبة المناهج وعدم كفاية الشرح المقدم بالمدرسة".

ويقول جمال حجاج – صاحب بازار سياحي- : "أنا عيالي التلاتة بياخدو دروس خصوصية عشان المدرس ما بيراعيش ضميره داخل الفصل". مضيفًا: "المدرسين ما بيشرحوش كويس في الفصول عشان التلاميذ ياخدوه دروس خصوصية احنا مش ملاحقين علي مصاريف المدارس والدروس الخصوصية".

ويشير يحي إبراهيم مدرس رياضيات إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية لها أسباب عديدة لعل أهمها ضعف رواتب المعلمين ما يضطرهم للبحث عن حيل أخرى لتوفير نفقات أسرهم. مضيفًا: ثاني الأسباب تكمن في صعوبة المناهج الدراسية والتي تجعل الطلاب لا يكتفون بالشرح المدرسي فيلجأون للدروس الخصوصية. ويوضح أن القضاء على هذه الظاهرة يحتاج لحلول جذرية تكمن في تبسيط المناهج الدراسية وتحسين الأوضاع المالية للمعلم.

موسي عبدالله المتحدث الإعلامي لمديرية التربية والتعليم بالأقصر يقول إن مديرية التربية والتعليم تنفذ تعليمات الوزير في محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية من خلال شن حملات مستمرة بصفة دورية علي الدروس الخصوصية بالتنسيق مع الجهات المعنية مشيرا إلي أن محافظ الأقصر محمد بدر أصدر الشهر الماضي القرار رقم 23 لسنة 2017 بغلق مركزين للدروس الخصوصية بمدينة الأقصر وذلك لإدارتهما بالمخالفة لأحكام قرار وزير التربية والتعليم رقم 592 لسنة 1998 بشأن حظر الدروس الخصوصية هذا بالإضافة لمركزين آخرين تم إغلاقهما بمدينتي إسنا وأرمنت، مؤكدًا أن رئيس شئون العاملين بالمديرية والذي يحمل صفة الضبطية القضائية شكل لجنة تضم المعنيين بالأمر تقوم بشن حملات مستمرة على مراكز الدروس الخصوصية واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.

دمياط.. قرارات الغلق حبر على ورق

تُعتبر دمياط واحدة من أبرز المدن التي تشتهر بكثرة مراكز الدروس الخصوصية وارتفاع أسعارها، حتى تحولت منطقة ميدان سرور إلى بؤرة تضم الكثير من مشاهير المدرسين الذين انتهوا من تلقي طلبات الحجز في إجازة نصف العام فضلا عن تعيين سكرتيرات لتنظيم المجموعات حتى أن بعض هؤلاء أصبحوا من أصحاب أهم المحلات التجارية والمطاعم في المحافظة إلى جانب استمرارهم في عملهم.

وفي هذا السياق، قال محمود البيلي، نجار، إنه ينفق حوالي ألف جنيه شهريًا على مراكز الدروس الخصوصية لابنتيه إحداهما في الصف الثاني الإعدادي والأخرى في المرحلة الابتدائية، مضيفا "مهزلة حقيقية لكن ما باليد حيلة لأن مفيش تدريس في المدارس ولو كان فيه مدرس عنده ضميره فاللي زيه مش كتير وأنا يهمني بناتي يبقوا أحسن الناس رغم إني ساعات باستلف علشانهم، عايزين مدارس بجد واحنا نترحم من الفلوس اللي بندفعها من قوت عيالنا لكن بلاش نقول نقفل المراكز ومفيش بديل".

وبيّنت شيرين علي، محاسبة، أن ابنتها في الصف الثاني الإعدادي وأنها تتلقى دروس خصوصية في أربع مواد، مشيرة إلى أن مشاهير المدرسين قاموا برفع سعر الدرس من 80 جنيهًا إلى 120 شهريًا فضلا عن رفع قيمة المذكرة الواحدة إلى 100 جنيه، وتابعت "احنا مضطرين نعطي أولادنا، أنا بذاكر لابني الصغير لكن البنت مش بتاخد حاجة في المدرسة والمدرسين كمان بيشدوا عليهم علشان ياخدوا عندهم دروس، لكن خليها تاخد عند مدرس شاطر يعلمها أفضل منهم".

واستطردت حديثها "ساعات أقول نوفر الفلوس وأذاكر لها وعملت ده في أولى إعدادي معاها، لكن درجاتها في امتحانات الشهور كانت مش كويسة".

وقال خالد زكي، طالب بمدرسة الثانوية العسكرية، إن مدرس الفصل يفشل في شرح المعلومات المهمة للطلاب ويتفرغ للحديث عن إنجازاته في الحياة أو يدعو الطلاب إلى الحضور عنده في الدرس الخصوصي، مؤكدًا "فيه مدرسين بيعملوا امتحانات للطلاب في بداية السنة علشان يعرفوا مستواهم واللي درجاته قليلة بيرفضوه، وبنروح نحجز أول الترم وبندفع فلوس المذكرات، وفيه مذكرات مراجعة ليها حساب تاني والحصة الواحدة في نظام (الخاص) بتكون من 100 جنيه إلى 200 جنيه".

واعتبرت هبة محمد، طالبة بمدرسة اللوزي، أن "التعليم الحقيقي موجود عند المدرسين المعروفين لأنهم بيدربوا الطلاب على الامتحانات وبيقدروا يوصلوا المعلومة بشكل كويس وبنكون مؤهلين إننا نجيب درجات كويسة خصوصًا في الثانوية العامة لكن مش هنكون فئران تجارب لمنظومة فاشلة".

وعن رأيها في قرار غلق مراكز الدروس قالت "مين اللي قفل، كله حبر على ورق وكل الأسماء رجعت تاني يوم لأن كل المسئولين في بلدنا أولادهم بياخدوا دروس".

وقال محمد مختار، معلم، إن منظومة التعليم تحتاج إلى مراجعة بشكل واضح وصريح ومن قبل مؤسسات المجتمع ومن أولى الضرورات رفع أجور المعلمين وتوفير المناخ الأمثل في المدارس وتنقية المناهج ودعمها بشرائح تعليمية مميزة فضلا عن اعتماد امتحانات تعتمد على الفهم بعيدًا عن نظام التلقين والحفظ.

وأضاف مختار "دمياط بها أكثر من 10 آلاف مدرس يعملون في الدروس الخصوصية والمشاهير منهم حققوا ثروات طائلة، وبعض هؤلاء نشروا إعلاناتهم في الشوارع والميادين وعلى جدران مبنى ديوان مديرية التربية والتعليم ورغم أنني ضد العمل في هذا الأمر لكن قبل أن توجه اللوم للطلاب وأولياء الأمور يجب ترتيب وإعادة هيكلة نظام التعليم في مصر".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل