المحتوى الرئيسى

علاء القاضي يكتب : الاستهلاك سيد الموقف ! | قوص النهاردة

02/23 15:47

الرئيسيه » اخر الأخبار » علاء القاضي يكتب : الاستهلاك سيد الموقف !

ماذا حدث للمصريين ؟ هذا السؤال أطلقه الأستاذ جلال امين، وهو يحاول يرصد ويحلل أهم التغيرات التي حصلت للمصريين خلال الخمسين سنة الماضية،  وأنا يمكننى أن أعيد صياغة السؤال ليكون : ماذا حدث لاستهلاك المصريين ؟

والموضوع هنا بيتكلم عن مشكلة مُرعبة وهى زيادة النزعة الاستهلاكية للشعب المصري .. أيوة يعني إيه ؟ يعنى ليه بقينا نشتري فوق احتياجاتنا .. يعني هل رجليك محتاجة أكتر من حذاء واحد ؟ طالما الإجابة لا يبقى إيه السر والسبب إننا ممكن نشتري ثلاث او أربع أحذية ؟ الأكل هو الشعار والطقس الاهم في التعبير عن كافة مناسباتنا الدينية والاجتماعية والثقافية المولد النبوي الشريف ارتبط بالحلويات والحصان والعروسة والمكسرات ودى طبعا أكلات دسمة ومتنوعة وكل الالوان والاختراعات.

ذكري عاشوراء : تحولت إلى طبق عاشوراء باللبن أحيانا بالقمح او بالرز علي حسب اختلاف العلماء،عيد الفطر المبارك : يعني الفول والحلاوة والمخبوزات واللانكشيه والكحك والبسكويت، عيد الأضحى : وفى رواية اخري عيد اللحمة هو عيد اللحوم بإختلاف تضاريسها من فشة وممبار ومخ وطحال وكبدة والذي منه، شهر رمضان : شهر رمضان يا جماعة .. شهر العبادات والبركة تحول لشهر الأصناف والمطابخ وتنوع الاصناف والاكلات قبل المغرب وبعدها.

تمتلك الشركات والتوكيلات العالمية منظومة قوية ومسيطرة من الدعايا والتسويق من  خلال الإعلانات اللي هتلاقيها في كل مكان ؛ في الميادين العامة ؛ الكباري ، أشهر الفضائيات والبرامج علي التليفزيون ، الجرائد ،  والعروض التجارية بالتعاون مع شركات عالمية أخري زي التعاون ما بين فودافون وكنتاكي ..

طبعا التسويق الإنتاجي يعتمد علي تنوع الإنتاج والإختيارات . تقريبا هو تنوع عبيط وزائف ؛ زي تنوع الألوان والنكهات والأحجام والمقاسات .عشان الزبون يحس إنه يتمتع بالحرية الكاملة في الاختيار بدون ضغوط أو توجيه .. وبصراحة هي حرية مقيدة وإختيار ما بين متعدد يعني هتجاوب هتجاوب وهتشتري يعني هتشتري.

” بلاش نادية .. خد سوسو ” وهكذا يستمر التسويق والبيع وإحنا فاكرين نفسنا ناصحين وقادرين نختار ونقارن لكن في الناية وقعنا في فخ الشراء وعظمة الألوان والماركات والمقارنات والتجديد. وسط الزحمة دي تفتكر إحنا فعلا بنمتلك وعي ناضج ؟ طب تفتكر إحنا عندنا وعي أساسا ؟! أيوة عندنا وعي لكنه مصطنع ، تم تغييبه أو توجيهه بشكل مسبق نحو إختيارات محددة في النهاية هي بتخدم منظومة التسويق والبيع المرسومة والمخطط لها مسبقا والأمثلة علي دة كتيير جدا :

* زي مثلا إختار نكهتك أو لونك المفضل .. يخلقوا تنافس بين المستهلكين وتصويت بالتليفون وعبر الانترنت عشان تختار نكهة التفاح .. فيقوم أنصار نكهة الكنتالوب يحسوا بالهزيمة فيكرسوا جهودهم ويحشدوا مواردهم لنصرة الكنتالوب .. وممكن تلاقي الفائز في النهاية نكهة البطيخ .. المهم إنه حصل منافسة وتصويت وأرباح هايلة للمنتجين وأصحاب الشركات والتوكيلات بملايين الجنيهات .. وطبعا كل شخص شارك في معركة النكهة المقدسة حصله رضاء ذاتي بالمشاركة والتنافس وميعرفش إن بسبب حماسه الزائد حبتين كان سبب فى حصول الشركة علي أرباح محترمة

أنا مش عايزك تشعر بأني شيوعي حاقد علي الراسمالية والرأسماليين .. إطلاقا والله

دة أنا حتي بحترم اللعبة والكورة الحلوة وتستهويني أفكار التسويق ومشاريع الريادة الإجتماعية ومبهور بيها وممكن تكتشف إني من أوائل الأشخاص المغفين اللي بيقوعوا فى شرك الإعلانات وبشتري بدل الصابونة صابونتين وتلاتة .. كلنا مغفلين يا عزيزي

وبعدين الرأسمالية حلوة ومميزة ومبهرة مفيش كلام .. خد عندك مثال إعلانات تسويق لمنتج معجون أسنان .. هتلاقي محور الإعلان بيتركز في فكرة إن المعجون دة هو سبب نجاحك في إجتيازك للإنترفيو والحصول علي الوظيفة أو بيعزز فرصة إنك تكون رائد فضاء أو إنك هتجذب بيه حبيبتك السابقة والجديدة واللي في النص كمان .. واضح إن دة سحر مش مجرد معجون أسنان .. شئ أشبه بعطور الشيخة المغربية اللي بترجع الحبيب وتصنع الزبيب وتمنع الطلاق وتصلح وتخطب وتجوز وكل ما تتمناه !!

الواضح إننا بنفقد الوعي وبالتالي بتنخفض مستوي الإرادة شيئا فشيئا .. كفاية مثلا لما تلاقي نجم كورة عالمي حالي أو سابق بيستخدم شامبو شعر معين بقصة شعر معينة

بشكل لا إرادي هيلاقي دة قبول كبير وهتتحول دفة ومسار الموضة لهذا الشكل وهذه المواصفت .. الإعلانات قادرة تاثر في الوعي بشكل قوي ومؤثر فوق ما نتخيل .. إنت بتسمتع أكيد بالشوبنج والشراء والاختيار لكن في النهاية إنت لامؤاخذة فأر أو أرنب – لو فار دي حسستك بالتقزز والقرف  – بس جوا المتاهة ؛ يعني أي إجتهادات وإختيارات هي مرسومة ليك من قبل ما تفكر فيها وإنت بتحقق أهدافهم ومبيعاتهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل