المحتوى الرئيسى

معاذ يوسف يكتب: «التريند» الذي لا يُحبه أحد! | ساسة بوست

02/23 15:19

منذ 16 دقيقة، 23 فبراير,2017

أصبح العالم في الوضع الحالي صغيرًا جدًا، مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي، والتي جعلت التقاء البشر يحدث بشكل يومي؛ حيث لا يكاد يحدث شيء في منطقة معينة، إلا وتجده كالفيروس في مواقع التواصل الاجتماعي، الكل يتحدث عن الأمر، يتناوله بالتحليل والتفنيد والنقد، ثم تمر بضعة أيام، ويصبح الأمر سريعًا في طي النسيان، إما لأن الأمر أصبح قديمًا للحديث عنه، أو بسبب وجود شيء جديد يستحق التناول، هذه الظاهرة التي نعرفها جميعًا باسم «التريند».

هل يمكنك أن تتذكر الأشياء التي سيطرت على واقعنا العام الماضي؟، نصف العام الماضي؟، الفصل الماضي؟، الشهر الماضي؟ البعض قد يتذكر الكثير من هذه الأشياء، والبعض يتذكر القليل، والبعض قد يتذكر اللا شيء!، والأسئلة التي أتمنى أن نجيب عليها سويًا عبر هذا المقال، هل «التريند» يمثل شيئًا سلبيًا في واقعنا؟ وهل كل ما نحتاج إليه هو الحديث عنه فقط؟ أم أن الأمر يحتاج منّا أن نتجاوز الحديث إلى الفعل؟ لنبدأ معًا.

«التريند» الذي لا يُحبه أحد!

بمتابعتي لما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، دائمًا ما أجد أن العديد من الناس ينقسمون فيما بينهم إلى جزئين، الأول تجده يقبل «التريند» الحالي ويتحدث عنه طوال وقت انتشاره، والثاني يرفضه رفضًا قاطعًا، ويرى فيه كل السوء الممكن في العالم.

على سبيل المثال، الأول يشجع المنتخب بحماسة شديدة، والثاني يرى أن كرة القدم هي محاولة لإلهاء الناس عن الوضع الحالي. الأول يدعم شيئا معينًا، والثاني يرى أن هذا الدعم حماقة. الأول يدعو لحلب لأنها تحترق، والثاني ينتقد الدعاء ويتحدث كيف أن العرب لا يفعلون شيئًا في النهاية سوى الدعاء. يمكنك أن ترى كل شيء في هذا الإطار، حتى إنه أحيانًا يتجاوز القضية الرئيسية بشكل كبير، ويتحول إلى معركة شديدة القوة، بين المؤيد والمعارض؛ لأن الأمر يقفز من كونه قضية مجتمعية معينة، إلى دفاع عن وجهة نظر شخصية.

ومن هنا تبدأ المشكلة؛ لأن البحث عن حل لقضية يدفعنا إلى التعاون من أجل فعل ذلك، لكن السعي المطلق للدفاع عن الرأي الشخصي، فهو ما يخلق حالة الجدال بين الأشخاص؛ وبالتالي فإن الأمر ينتهي كما ذكرنا دون أن نحصل على استفادة حقيقية، كيف نتصرف الآن؟

كيف نستغل «التريند» بأفضل شكل ممكن؟

يمتلأ العالم بأولئك الذين يقولون ولا يفعلون، حسنًا.. لا تكن واحدًا من هؤلاء.

التعامل مع قضايا «التريند» التي تحل علينا هي في الواقع مسألة تحتاج إلى تفكير بعض الشيء، وإليك بعض الخطوات التي يمكنها أن تساعدك في التعامل مع الأمر.

1- الحديث عما يشغل الجميع هو في الواقع أمر مغرٍ جدًا؛ لأنه من الصعب على البعض أن يقاوم مشاركته في إدلائه برأيه فيما يُقال، فإن كان الكل يتحدث، لماذا لا أكون مثلهم؟؛ وبالتالي فالخطوة الأولى هي أن تتعلم كيف تسيطر على ذاتك وتمنعها من المشاركة في الأمور المختلفة، فقط لأن الناس يفعلون ذلك، هذا الأمر سيجعلك توفر طاقتك الشخصية، وتنجح في التركيز على اهتماماتك الحقيقية.

2- بناءً على ذلك؛ إن قررت أن تشارك فعليك أن تكون مدركًا بينك وبين نفسك ما الذي يدفعك إلى المشاركة، مثلًا اهتمامك بهذه القضية بالفعل في حياتك بشكلٍ عام، وأنها من ضمن الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، أو لأنك ترى أن الأمر سيؤثر على المستقبل بشكلٍ ما يرتبط بك شخصيًا أو بوضع المجتمع، كأن تقرر المشاركة والحديث عن ظاهرة ثقافية، كونك شخصًا يهتم بالأدب وحال الأدب العربي، وتتمنى أن تجعله أفضل.

3- تأكد أنه ما دام الأمر معروضًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فلا بد وأنك ستجد مشاركة من العديد من الأشخاص؛ وبالتالي لا يجب أن تحدد موقفك من الأمر بناءً على هؤلاء، فالعديد يفعل ما ذكرناه في النقطة الأولى، أو تندفع للمشاركة لتكون من المشاركين فقط، فإذا رغبت في تكوين رأيك، لا تفعل ذلك اعتمادًا على ما يقوله الجميع، لكن طبقًا لبحثك في القضية، وتأكدك من المعلومات المعروضة، وبحثك الكامل عن الحقيقة الفعلية.

4- على الرغم من فكرة «التريند» الذي لا يُحبه أحد التي تحدثت عنها، إلا إنه في رأيي -أي «التريند»- لا يمثل دائمًا شيئا سلبيًّا، بل إنه يمكننا أن نستغله في جانب إيجابي؛ على سبيل المثال، منذ عدة أعوام ظهر «التريند» الخاص بانتشار القراءة، وهو شيء جيد، حتى وإن كنت ترى أن ما يُقرأ ليس هو المطلوب، هنا دورك أن توجه الأشخاص نحو استكمال رحلة القراءة بشكل صحيح، لا أن تجعلهم يبتعدون عنها بحجة أنهم يفعلون ذلك تقليدًا لغيرهم.

5- الحياة تمضي، والنسيان يصيب الكثيرين، هذه حقيقة تحدث معنا بالتأكيد؛ لذلك إن كنت حقًا مهتمًا بمسألةٍ ما، فعليك أن تجعل هذا الاهتمام يتحول إلى أفعال تقوم بها في حياتك دائمًا، وألّا تنتهي بمجرد انتهاء الحديث عن «التريند» الحالي والانتقال إلى الجديد.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل