المحتوى الرئيسى

"جنيف 4".. مفاوضات لن يتحاور فيها السوريون

02/23 13:51

وفد النظام السوري يصل إلى جنيف

في مارس/آزار 2011 خرج السوريون إلى الشارع منددين بالاستبداد والقمع والفساد وكبت الحريات، وبدلاً من أن يتطور الأمر إلى حوار سياسي بين السلطة والأصوات المعارضة، تحول إلى حوار بالبندقية، تدخلت فيه أطراف أخرى، وتطور الأمر حتى صار حل الأزمة بأيدي هذه الأطراف، وليس أصحاب المشكلة الأصليين.

ويكشف المشهد في مفاوضات "جنيف 4"، المقرر عقدها اليوم الخميس عن هذه الإشكالية؛ فالمعارضة التي طلبت أمس أن تتفاوض مع النظام السوري وجهاً لوجه، هي ذاتها التي تدرك أن تفاوضهم لن يكتب بنود الحل، طالما أن الأطراف التي أصبحت في المشهد لم تتوصل إلى اتفاق بعد.

وتعد إيران من أبرز الأطراف الخارجية في الأزمة، ذلك بحكم وجودها الفعلي على الأرض السورية.

ولم تنتظر إيران استدعاء الرئيس السوري بشار الأسد لتقديم خدماتها العسكرية والمادية؛ فهي ترى أن بقاء الحكومة السورية ضمان لمصالحها، لأن سوريا حليفة إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979، كما أنها توفر الطريق الاستراتيجي لحزب الله في لبنان.

وظهرت أهمية سوريا لإيران في التصريحات التي خرجت عن بعض قادتهم، ومنها قول رئيس غرفة التخطيط للحرس الثوري الإيراني في مارس/آذار 2015، إن سوريا هي "المحافظة رقم 35" لإيران.

وتجلى الدعم الإيراني لسوريا في تصريح لوزير الاقتصاد السوري في يناير/كانون الثاني 2014، أثنى فيه على دعم طهران المالي والذي وصل إلى 15 مليار دولار، على حد قوله.

جرائم إيران مستمرة.. طهران تدرب طلابها على القتل في سوريا

وزير خارجية إيران: ارتكبنا أخطاء في سوريا

وتدرك المعارضة السورية أن إيران صارت رقماً صعباً في المعادلة السورية، ومن الصعب الوصول إلى حل بدونها، وهو ما عبر عنه المعارض السوري برهان غليون، أول رئيس للمجلس الوطني السوري، الذي كان يمثل المعارضة السورية.

غليون قال أمس، عبر صفحته الرسمية بموقع "فيس بوك": " عندما يردد جواد ظريف والمسؤولون الإيرانيون أن الوضع في سوريا معقد، كما يفعلون اليوم عشية مفاوضات جنيف؛ فذلك يعني أنهم سيعطلون أي حل، وأن مفتاح الحرب والسلام بين يديهم. وهذه هي الحقيقية".

وإذا كان الوجود الإيراني في سوريا جاء سريعاً، فإن روسيا التي لم تدخر جهداً في تقديم الدعم السياسي للنظام السوري منذ بداية الأزمة، أضافت لهذا الجهد وجوداً عسكرياً على الأرض.

ووافق مجلس الاتحاد الروسي في 30 سبتمبر/أيلول 2015 على طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للسماح باستخدام القوة الجوية الروسية لصالح الحكومة السورية.

وكان المبرر الذي ساقه بوتين لتبرير هذا التدخل هو محاربة التنظيمات الإرهابية، وقال بعد حصوله على موافقة الاتحاد الروسي: "سندعم الجيش السوري فقط في كفاحه الشرعي ضد التنظيمات الإرهابية تحديدا، وسيكون هذا الدعم جوياً فقط دون مشاركة في العمليات البرية".

ويكشف الواقع عن أن نطاق التدخل الروسي في الأرض السورية يتعدى حدود محاربة التنظيمات الإرهابية، واستطاعت روسيا تقديم خدمات كبيره للنظام السوري ساعدته على استعادة الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة.

موسكو تكشف "الهدف الجيوسياسي" للعملية الروسية بسوريا

بعد 8 أيام من إعلان موسكو.. السلام في سوريا يصطدم بالواقع

وهذه الخدمات التي تقدمها روسيا ليست خدمة لمصلحة بشار الأسد بقدر ما هي خدمة لمصالحها، فهي تريد حماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية في سوريا، وخصوصاً القاعدة العسكرية التابعة للبحرية الروسية في مدينة طرطوس، والموجودة هناك منذ فترة الاتحاد السوفييتي. 

وتحتاج روسيا إلى من يؤمن لها هذه المصالح، وما بشار الأسد بالنسبة لها إلا وسيلة لتحقيق تلك الغاية، وعندما تجد البديل الذي يؤمن لها المصالح نفسها بدونه، فإنها لن تتردد في دعم جهود تنحية بشار من المشهد.

وأعلنت روسيا في أكثر من مناسبة ذلك بشكل غير مباشر أقربها قبل انطلاق مفاوضات "جنيف 4"، حيث قال أحمد رمضان المسؤول الإعلامي في الائتلاف الوطني السوري، إن الروس أبلغوا المعارضة المشاركة بالمفاوضات أنهم غير معنيين ببشار الأسد ومستقبله إنما بالدولة السورية.

وحتى هذه اللحظة لم تعقد روسيا الصفقة التي تؤمن لها مصالحها في سوريا، وكانت هناك توقعات في ظل التقارب الروسي الأمريكي المنتظر بعد وصول دونالد ترامب إلى الحكم، أن يحدث اتفاق بينهما ينهي الأزمة، لا سيما أن تصريحات ترامب بخصوص الأزمة إبان حملته الإنتخابية، أخذت موقفاً أقل تشدداً من بشار الأسد.

وقال ترامب إبان حملته الانتخابية أنه من الحماقة المطالبة برحيل بشار الأسد في الوقت الراهن، وهو ما يعني أنه ليست لدية مشكلة في رحيله، ولكن لدية مشكلة في التوقيت.

وليس ببعيد عن المشهد –أيضاً– التدخل التركي والسعودي في الأزمة، واقتصر هذا التدخل في البداية على دعم المعارضة سياسياً وتزويدها بأسلحة خفيفة، ثم تحول إلى تدخل بري بالنسبة لتركيا، واستعداد لهذا التدخل بالنسبة للسعودية.

وفي 24 أغسطس 2016 دخل عدد من الدبابات التركية برفقة مقاتلين من المعارضة إلى مدينة جرابلس السورية لتبدأ عملية أطلقت عليها اسم "درع الفرات" والتي قالت إن هدفها الأساسي تطهير الحدود التركية من تنظيم داعش وقوات سورية الديمقراطية.

 وفي مطلع شهر فبراير 2016، قال أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود إن الحكومة السعودية على استعداد لإرسال قوات سعودية برية في سوريا لمحاربة تنظيم داعش.

وقبل بدء مفاوضات "جنيف 4" أعرب دي ميستورا عن أمله في أن يقود التقارب الحادث حاليا بين تركيا الداعمة للمعارضة وروسيا الداعمة للنظام إلى حلول للأزمة. 

 ولكن يبدو أن دي ميستورا كان متفائلاً أكثر من اللازم، إذ يرتبط الحل بتوافق أمريكي روسي يستوعب كل أطراف الأزمة، وهو ما يبدو أن من الصعب تحقيقه الآن، حيث لم يسعف الوقت الإدارة الأمريكية الجديدة لتكوين رؤية واضحة للحل.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل