المحتوى الرئيسى

نادر نور الدين: زراعة القمح مرتين «وهم».. والرئاسة منعت وقوع فضيحة فيه

02/22 19:36

خاطبت الرئاسة بعدم تكريم القائمين على مشروع.. واستجابت قبل أن تحدث «الفضيحة»

نصدر حاصلات بـ2 مليار دولار فقط ونستورد بـ7 مليارات دولار

ملفات عديدة أبرزها تجربة زراعة القمح مرتين فى العام والتى أثارت جدلا واسعا، على الساحة، بالإضافة إلى تراجع معدلات الإنتاج وزيادة الاستهلاك، فضلا عن أزمة الأسمدة وتراجع أسعار المحاصيل الزراعية.. كل هذه الملفات تناقشها «اليوم الجديد»، فى حوار مفصل مع الدكتور نادر نور الدين، الخبير الزراعى العالمى وأستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة والمستشار الثقافى فى إحدى المنظمات الفرنسية ومستشار وزير التموين الأسبق.. فإلى نص الحوار.

بداية.. كيف ترى تجربة زراعة القمح مرتين فى العام؟

الحقيقة أن الوزارات فى مصر دائما ما تعمل فى جزر منعزلة و«وزرا كتير لا يعملون للصالح العام». لذا موضوع القمح موضوع يخص وزارة الزراعة وحدها وكل ما يعملون فى وزارة الرى هم من خريجى كليات الهندسة ولا علاقة لهم بهذه الأمر على الإطلاق. فتطوير الإنتاجية واستباط بذور جديدة وغيرها من أعمال وزارة الزراعة. إذ بها أكبر مركز بحوث زراعية فى الشرق الأوسط والقارة الإفريقية بأكملها. كما أن لدينا  18 كلية زراعة على مستوى جامعات مصر. فكيف بجميع هذه الكليات وما بها من علماء وليس لديهم قدرة على تطوير منظومة القمح؟!

وما أسباب اعتراضك على هذه التجربة؟

هى تجربة فاشلة بكل المقاييس. والملاحظ فى حصاد القمح فى مدينة التل الكبير عدة أمور خاطئة منها على سبيل المثال هو أن «السنبلة» لا تزال خضراء و«الحبة» غير مكتملة النمو والنضج وهو ما ينتج دقيقا «طرى» مثل «الفريك». بالإضافة إلى وجود درجة رطوبة عالية وربما يتسبب ذلك فى «الصدأ» الذى يصيب الإنسان بـ«فيروس بى وسى». هذا بالإضافة إلى أن السنبلة صغيرة أيضًا وهو ما يؤكد النقص الشديد فى النمو. فضلا عن تضارب التصريحات فى وزارة الرى، إذ قالت إن متوسط إنتاج الفدان 10 أردبات وبعد ذلك قالت 14 أردبًا وهو ما يؤكد أن الفدان ينتج 50% فقط من الكمية. فضلا عن أنها تتسبب فى إجهاد التربة وتبوير.

وزير الرى الأسبق محمد عبد المطلب. وبكل صراحة الهدف منها هو أنه يريد أن يتقلد منصب وزارة الزراعة والرى بعدما علم أن الحكومة لديها نية فى دمج بعض الوزارات وهو فى الحقيقة وزير لا يرغب فى أن يعيش خارج منصب الوزارة. والدليل الحادثة الشهيرة له عندما رفض التغيير الوزارى واعتصم فى مكتب رئيس الوزراء فى عهد محلب ونجح فى أن يمكث 6 أشهر أخرى.

لكن قيل إن هذه التجربة معمول بها فى دول مثل روسيا وأمريكا؟

بالطبع. هذه الدول بها نوع للبذور غير التقاوى المصرية وأيضا اختلاف الجو. إذ توجد درجة «ثلجية» عالية، لذا فإن زراعة القمح فى شهر سبتمبر والمرة الثانية فى شهر فبراير فى مصر محظور. لأنه يسبب الإصابة بأمراض خطيرة مثل «الصدأ» بنسبة 100% كما ذكرت وفيروس بى وسى.

كما أن زراعته فى شهر فبراير من شأنها أن تجفف القمح وأن يضمر البذرة؛ لذا فهى تجربة مضيعة للوقت. وبالفعل زراعته فى دول مثل روسيا وبعض بلدان أمريكا الشمالية مرتان لأن البذور هناك توضع تحت الثلج ويحفظها حتى شهر مارس. لذا فإن نوع القمح الأوروبى يظل يشرب من مياه الثلج وما يعرف باسم الأقماح «المحورة وراثيا». وهذا عندما كانت تتعرض للموت؛ قام الخبراء الزراعة هناك بنقل «جين وراثى» من الأسماك التى تعيش فى بحر القطب الشمالى إلى القمح ونجت التجربة وجعلها تتحمل السقيع ولا تموت.

لكن الرئيس السيسى كان بصدد تكريم القائمين على المشروع؟

هذا صحيح. وأنا وزملائى أرسلنا خطابا للرئاسة. لأنه لو حدث تكريم لهؤلاء لكانت ستكون فضيحة لمصر عالميا. ونشكر الرئاسة أنها استجابت لنا قبل أن يكرم الرئيس السيسى هؤلاء. لأن الوزير أراد أن يكتف العلماء وألا يتكلم أحد فصرح بأن الرئيس سيكرمهم. لأن الحقيقة تقول إنه مشروع وهمى. وأقول للدكتور محمد عبد المطلب إن الزراعة ليست قمحا فقط؛ بل هناك 55 سلعة أو منتج يدخل جوف المواطن يوميا.

هل تلقيت اتصالا عن هذا المشروع لتقديم النصيحة أو المشورة وأنت خبير زراعى عالمى؟

كل الدول العربية والإفريقية ومؤسسات علمية فى الولايات المتحدة الأمريكية أعمل معها حتى الآن وأقدم لهم المشورات والنصيحة. وكثير من وزراء الزراعة السابقين يقومون بالاتصال بى كثيرا والرئاسة نفسها طلبت منى النصيحة فى مشروع المليون ونصف المليون فدان؛ لكن تجربة القمح التى قام بها وزير الرى الأسبق قد انفرد بها فى الغرف المغلقة. والدليل أنه لو نجحت التجربة فماذا يزرع المواطن ولدينا أزمة عنيفة فى الأعلاف ونحن نستورد أكثر من 80% من الخارج.

ما المحاصيل الأكثر استيرادا من الخارج.. وكيف نقوم بعمل اكتفاء ذاتى من القمح؟

سوال مهم للغاية. لدينا فجوة فى 7 سلع غذائية قاتلة وهى الفول والعدس والقمح والسكر الذى نستورده بنسبة 32% وزيت الطعام نستورده بـ100%. ومصر رابع أكبر دولة فى العالم استيرادا من الذرة الصفراء. كما تتربع على قمة أكبر10 دول فى استيراد القمح.

ولك أن تتخيل أن الدول الأوروبية كانت تصدر زيوتا بمعدل 19% والآن تصدر بـ2% فقط لأن هدفهم الأول هو تلبية احتياجات المواطن والفائض يكون للتصدير. لذا فهم قاموا بإنتاج «الإيثالين» كبديل للوقود وأمريكا مثلا قامت العام قبل الماضى بإعدام 140 مليون طن من الذرة وحولتها إلى غاز الإيثالين كبديل عن الوقود. وأنوه هنا بأن مصر تزرع نحو 1.5 مليون أرز والقطن تراجع لأقل من 130 ألف فدان فقط.

وتتم زراعة 3.5 مليون برسيم، 150 ألف فدان فول، 350 ألف فدان بنجر السكر، 350 ألف فدان من الشعير، و2.75 مليون فدان من القمح والاكتفاء الذاتى من هذه المحاصيل بسيط ويسير جدا لكن الحكومة لا تريد ذلك وهذا ما يكون فى خدمة المستوردين فقط.

ولماذا نجد غلاء كبيرا فى اللحوم والدواجن؟

لأن مصر سابع أكبر دولة فى استيراد فول الصويا لأن اللحوم تستورد كُسبة الفول الصويا وهى أغلى كُسبة فى العالم وتعادل 9 آلاف جنيه بالجنيه المصرى وكُسبة القطن تعادل 3 آلاف جنيه مصرى أيضا.

ما الفاقد من محصول القمح سنويا؟

عندما كنت مستشارا لوزير التموين فى عام 2005 قمنا بعمل دراسة وتأكدنا أن الفاقد 10% سنويا. وأنوه هنا بأن وزارة الزراعة أرادت أن تبالغ فى معدلات إنتاج القمح. لذا صرحت بأنه يتم إهدار 30% من المحصول وهذا غير صحيح. كما أن نسبة الفاقد بالشون والنقل فقط تمثل 1%.

لكن هناك تلاعبا فى توريد القمح بالفعل.. أليس كذلك؟

بالطبع. هناك تلاعب كبير وتصريحات الوزارة بأنها تقوم بتوريد من 7 إلى 8 ملايين طن سنويا غير صحيح وساعد الفاسدين ومافيا التجار بسرقة أكثر من 2 مليون طن سنويا وهذا رقم كبير جدا ويسجل مليارات الدولار. ذلك أن الصوامع تقوم بالتسجيل على الورق والحقيقة على أرض الواقع مختلفة تماما. هذا بالإضافة إلى خلط القمح المستورد درجة ثالثة إلى القمح المحلى ذات الجودة العالية.

لكن وزارة الزراعة مررت مؤخرًا صفقة قمح مصابة بفطر الإرجوت؟

أولا لا يجوز استيراد قمح من الخارج تزيد فيه نسبة الرطوبة على 13%.  لأن فطر الإرجوت يتسبب فى عمل سيولة فى الدم وبتر فى الأطراف، لذا فدولة مثل فرنسا تحاول سنويا أن تصدر لنا قمحا بدرجة رطوبة 14% وإنجلترا أيضا تريد توريد 5 ملايين طن لنا من القمح فائض لديها ومصر ترفض وهذه النسب تسبب الإصابة بـ«الأفلاتاكسون» الذى يصيب البشر بالعديد من الفيروسات الكبدية. كما أنه يجلب كثيرا من الفطريات التى تفرز «سُم» ثابتا ضد الحرارة لا يمكن القضاء عليه حتى لو بالأشعة البنفسجية أو تحت الحمراء وهو ما يكون أشبع بالعيش «المكمكم».

كيف ترى عدم وجود وزير الزراعة فى حصاد قمح التبريد؟

هو نوع من الاعتراض بسبب التعدى على التخصص ووزير الرى أعلن عن حضور 5 وزراء من بينهم وزير الزراعة لكنه رفض ذلك وأنا أحييه صراحة على عدم حضوره لأنه أراد عدم توريط نفسه. فالحديث عن التبريد غير صحيح ومعنى التبريد هو وضع البذرة فى ثلاجات تحت درجة حرارة بسالب 5% والجو فى مصر لا ينخفض عن 6% فنجد فارقا كبيرا.

وكيف نقوم بعمل اكتفاء ذاتى من القمح؟

الموضوع يسير جدا، فزراعة 2 مليون فول صويا وعباد شمس يعمل على الاكتفاء الذاتى. وتوفر نحو 3 مليارات دولار سنويا. وعندما نطالب الفلاح بزراعة الذرة وعباد الشمس يكون رده هو أن الدولة ترفض شراءه وهذا صحيح.

وما عدد مصانع الزيوت فى مصر؟

لدينا 16 مصنعا لزيوت الطعام منها 6 قطاع عام. وللأسف كل هذه الشركات تقوم باستيراد الزيت الخام من الخارج وإعادة تكريره فقط فى مصر والحكومة ترفض وضع تسعيرة للفول وعباد الشمس كى يُقبل الفلاح على زراعته.

ولماذا تركت وزارة الرى أزمة المياه وتعرض الأراضى للجفاف. وذهبت تبحث عن زراعة القمح مرتين؟

هذا صحيح. والدليل أن وزارة الزراعة هى من قامت باستباط أصناف الأرز الذى يتم حصاده بعد 4 أشهر بدلا من 6 أشهر.. وللأسف بعض الأشخاص والوزراء والهيئات لا يزالون يخدعون الشعب والقيادة السياسية لمجرد التمكين فقط.

ما حجم استيراد مصر من الخارج من الحاصلات الزراعية؟

أولا، مصر تصدر فقط بـ2 مليار دولار سنويا وتستورد بـ7 مليارات دولار وهذا فارق كبير. كما نستورد من 6 إلى 7 ملايين طن قمحا من الخارج والمفترض أننا بلد زراعى.

وما حجم استهلاكنا من القمح؟

 نحن نطحن 900 ألف طن شهريا بواقع 11 مليون طن قمح سنويا. هذا بجانب التوريد الوهمى والذى يتعدى الـ2 مليون طن كما ذكرنا.

ما عدد الشون التى تم تطويرها فى مصر؟

 تم تطوير نحو 1300 شونة ترابية وأكثر من 2000 شونة تابعة لبنك التنمية والائتمان الزراعى. كما أن الاتحاد الأوروبى قدم 150 صومعة ودولة الإمارات قدمت نحو 50 صومعة كمنح لمصر. وأؤكد هنا أن لدينا فراغات تتسع إلى  تخزين 5 ملايين طن من القمح. لكن المشكلة فى أن وزارة الزراعة كذبت على المواطن عندما قالت إن إنتاج القمح يتراوح من 8 إلى 9 ملايين طن وهذا ما شجع على الفساد والتسجيل الوهمى على الورق.

كيف ترى سياسة وزير التموين السابق خالد حنفى فى منظومة الخبز وغيرها؟

سؤال مهم، خالد حنفى كان كل همه أن يتربح أصحاب المخازن ورجال الأعمال دون النظر إلى مصلحة البسطاء. لأنه جاء من الغرف التجارية وهو من أوصل البطاقات إلى 83 مليون بطاقة خبز والسلع التموينية إلى 73 مليون بطاقة بحجة الناس الغرباء وهم مسجلون على ذويهم فهل من المعقول أن كل الشعب فقير.

هذا بالإضافة إلى أنه ابتكر ما يسمى بـ«الكارت الذهبى» أى إعطاء صاحب المخبز 5000 رغيف يوميا يبيعها للغرباء. وهذا يمثل مدخلا كبيرا للفساد المقنن. فصاحب المخبز يضرب الكارت كل يوم الصبح وهو ما يعادل دخلا يقدر بـ3000 جنيه. كما وجدنا تزويرا كبيرا للكروت وبيعها بـ100 جنيه للكارت فى بعض الأماكن.

كيف ترى قرار وزير التموين الحالى بزيادة أسعار الزيت والسكر فى البطاقات التموينية؟

الحقيقة أن الوزير يعيش فى جزر منعزلة، وهو من قام برفع أسعار الزيت والسكر 3 مرات وهذا أمر غريب. كما أنه يشجع التجار على زيادة الأسعار بشكل عشوائى فى ظل غياب الرقابة وهو قرار خطير على حياة البسطاء والأسعار تخطت الـ200%. وعندما كنت مستشارا لوزير التموين كنا ندعم المواطن بنصف ثمن السلعة أى بـ50%

كيف ترى ارتفاع معدلات الفقر والتضخم حاليا؟

معدلات الفقر ارتفعت إلى 27.8% والفقر مدقع إلى 5.1% وهذا يسمى «الوجه الجديد للجوع» طبقا لنصوص الأمم المتحدة. وهو ما يعنى وجود السلع بالسوق والمواطن غير قادر على شرائها. والأسعار مسئولية مشتركة بين «وزارة الزراعة التى لا تنتج ووزارة التموين التى لا تراقب».

ما المواصفات التى ينبغى أن تتوافر فى وزير التموين؟

لا بد وأن يكون حازما، شديدا، ذات رؤية. وأؤكد وشخصيات عديدة ومعروفة قد اشتروا المرسيدس والأراضى والعقارات من البقالين وأصحاب المطاحن والصوامع. والدليل أن لجنة تقصى الحقائق فى البرلمان ثبتت بالأوراق والمستندات أن رئيس السلع التموينة ممدوح عبد الفتاح فاسد ومرتش وشريك فى فساد القمح ومع ذلك قلده خالد حنفى قبل أن يذهب لمنصب رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية وانتظرنا الوزير الجديد أن يقيله إلا أننا فوجئنا بأنه ظل يده اليمنى وتلك كارثة.

على أى أساس. يمكن تقييم أداء الحكومة؟

 نجاح أو فشل أى حكومة متعلق بمدى ثبات الأسعار وعدم تعرض المواطن للسوق السوداء. ومثال أنك لو ذهبت إلى أمريكا وعدت إليها بعد 10 سنوات ستجد الأسعار كما هى ولا يتعرض المواطن للسوق السوداء أو الاحتكار.

والحكومة لم تنجح فى هذه الأشياء. كما أن السياسات الاقتصادية فاشلة والعملات فى ارتفاع والجنيه فى انهيار دائم ولم تحقق تنمية. والحقيقة أنها تلجأ إلى الضرائب على المواطن البسيط والجباية والقيمة المضافة والضرائب العقارية وزيادة الرسوم والخدمات وكلها من جيوب الفقراء.

كيف ترى أزمة الأسمدة الراهنة؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل