المحتوى الرئيسى

استراتيجية "الأرض المحروقة" ضد بوكو حرام في نيجيريا

02/21 21:06

تستلقي 4 نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و75 عاما على أسرتهن في المستشفى. فقد تعرضت وجوههن للحرق، وتعاني إحداهن من كسر خطير في ساقها، بعد هجوم شنه الجيش النيجيري على مقاتلي بوكو حرام في قريتهن.

وتتوقع هؤلاء النساء اللواتي كن ضحايا جانبية لنزاع دام يعصف بشمال شرق نيجيريا منذ حوالى ثماني سنوات، أن تلتئم جروحهن وسط روائح غير مستحبة في المستشفى الصغير لمدينة أعيد اخيرا "بسط الامن فيها".

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال ممرض طالبا التكتم على هويته، إن "بوكو حرام دائما ما كانت تأتي للتزود بالمؤن من قريتهن. وقد وصل الجنود ووضعوا النساء في شاحنة لاجلائهن". واضاف "وقبل ان يغادروا، اضرموا النار في المنازل للحيلولة دون عودة المتمردين. وبلغت النار الشاحنة ويا للأسف".

ولا تزال آثار الرعب والخوف واضحة المعالم على عيون هؤلاء القرويات اللواتي يضعن المناديل على رؤوسهن، والحلقات المذهبة في انوفهن، عملا بتقاليد اتنية كانوري التي تشكل القسم الاكبر من فصيل بوكو حرام الناشط في هذه المنطقة.

ويعمدن الى تجاهل الزائرين، خوفا من ان تتمحور الأسئلة حول ظروف "تحرير" قريتهن.

الى اين ذهب الرجال؟ يرد الممرض بالقول "لقد تبخروا". فقد قتل البعض منهم في المعارك، والتحق البعض الآخر بالميليشيات المدنية مع جهاديي بوكو حرام... او على الارجح بمراكز "التحقق" حيث يتحقق العسكريون مما اذا كان الرجال قد شاركوا في القتال مع بوكو حرام. وقد تستمر هذه العملية اسابيع او اشهرا، وخصوصا اذا كان الرجال ينتمون الى اتنية كانوري.

وقال جيمس اديونمي فالود، استاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية في جامعة لاغوس، ان مقاتلي بوكو حرام "مواطنون نيجيريون عاديون، وهذا ما يفسر الصعوبة القصوى لايجاد حل لهذه المسألة".

واضاف هذا الباحث المتخصص بالنزاع "انهم ليسوا خصوما عسكريين يمكن التعرف اليهم والقضاء عليهم في ارض المعركة". ويشكل كل قروي، وحتى النساء والاطفال الذين يزداد استخدامهم قنابل بشرية، تهديدا محتملا، ما ان يخرج عن نطاق المراقبة العسكرية.

وفي ديكوا، على الطريق نحو الكاميرون، استعادت الحياة هدوءا مشوبا بالحذر. لذلك يقول جندي ان الجنود يقومون "ببسط السلام واعادة ترميم الثقة مع الناس".

وحول ديكوا، وبعد اعادة بسط الامن في المدن الاثنتي عشرة الكبيرة، افرغت القرى من سكانها حتى لا تصبح ملاجىء للجهاديين ونقاطا للتموين وعمليات النهب، وحتى لا يتعرض السكان للخطف الجماعي من اجل إمداد صفوف المجموعة بالعناصر.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، يؤكد بولاما غوني، الزعيم السابق للقرية، ذو اللحية البيضاء، ان "بوكو حرام باتوا يتجاهلون حتى القرآن. يأتون فقط ليسرقوا اموالنا. انهم مجرمون، على شاكلة متسولين مثيرين للاشمئزاز".

وقد قرر الجيش النيجيري خنق التمرد الجهادي وقطع خطوط إمداده بالاسلحة والمواد الغذائية.

وأعطت هذه الاستراتيجية ثمارها على ما يبدو، لان بوكو حرام التي كانت تستطيع شن غارات في كبرى مدن شمال شرق نيجيريا، لم تعد تقوم إلا باعتداءات انتحارية عشوائية، وتنصب كمائن في مقابل الحواجز العسكرية.

لكن استراتيجية العزل هذه لم تسفر عن بسط الامن على كامل الاراضي، وتؤثر تأثيرا دائما على حياة المدنيين، فيما يواجه اكثر من خمسة ملايين شخص نقصا حادا على الصعيد الغذائي في شمال شرق نيجيريا، كما تقول الامم المتحدة. واضطر 2،6 مليون الى الفرار من منازلهم.

ولاحظ مسؤول امني في منظمة دولية غير حكومية كبيرة، ان "الجيش يسيطر على كل شيء في المناطق المحررة: الطرق والاتصالات والنفط والوصول الى المواد الغذائية". واضاف "هذا تكتيك كلاسيكي لمواجهة التمرد، منسوخ عن الحرب في فيتنام. لكن هذه الاستراتيجية ليست قابلة للحياة على المدى الطويل".

وكانت مونغونو، في اقصى شمال شرق نيجيريا، ملتقى تجاريا قديما، على حدود بحيرة تشاد التي تؤوي 100 الف مهجر في مخيمات. ويراقب الجيش العمليات التجارية ونقل المواد الغذائية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل