المحتوى الرئيسى

كيف أعادت كرة القدم أهل اللاذقية إلى ما قبل الحرب؟

02/21 18:10

ثلاثون ألف متفرج احتلوا مدرجات ملعب الباسل في مدينة اللاذقية السورية الأسبوع الماضي لحضور ديربي بين قطبي المدينة الدائمين، حطين وتشرين.

في اليوم نفسه، أفاق سكان مدن سورية أخرى على أصوات طلقات أو تفجيرات، وكأن هوّة تفصل بين سكان أهل البلد الواحد، وشرخاً يشعر الناس أنه لن يلتئم.

لكن المدرجات أعطت الجمهور أملاً وشعوراً مختلفاً. تلونت الصفوف بالأصفر والأحمر، وعلت الهتافات في سماء المدينة. وكأن المباراة احتفال بعودة الفريقين اللذين لطالما احتلت أخبارهما حيزاً واسعاً من الوعي الرياضي في الذاكرة السورية، واحتفال بامكانية اجتماع المدينة من جديد.

لم تشهد البلاد تجمعاً ضخماً كهذا لهدف غير سياسي منذ العام 2011. وقد كان ينسى أهلها معنى الفرحة الجمعية التي لا تكون سباباً لحزن أُناس يقبعون على ضفة سياسية مواجهة.

حتى جاء هذا الأسبوع الدوري السوري لكرة القدم. بدأ في حلب، التي شهدت أكثر معارك القرن دموية، ثم انتقل إلى حمص، مدينة فريقي الكرامة والوثبة.

وهكذا جمعت الساحة الخضراء أهالي محافظات سورية مختلفة، وأعادتهم إلى ذكريات ما قبل الحرب، لتشي المدرجات بتعطش للفرح يجمع السوريين رغم القذائف والموت المحيط.

عالمياً، تتغنى البطولات الرياضية العالمية بقدرتها على جمع ما فرقته النزاعات والحروب والعنصريات. فهذا شعار الألعاب الأولومبية وكأس العالم. لكن هل تستطيع بالفعل أن تفعل ذلك في سوريا؟

يقول لؤي سليمة، معد ومقدم برنامج أسبوعي عبر الانترنت ومشجع رياضي معروف في اللاذقية: "توقف الدوري السوري فعلياً مع مطلع الحرب ولعدة سنوات، قبل أن يعود مؤخراً بقوة ونشاط عبر 14 فريق وفي كل المحافظات وملاعبها، وأيضاً في موعده نفسه ما قبل الحرب، الثانية ظهراً من كل يوم جمعة".

شارك غردحينما أعادة مدرجات كرة القدم ذكريات أيام السلم في بعض المدن السورية

شارك غردتتغنى البطولات الرياضية بقدرتها على جمع ما فرقته النزاعات والحروب فهل تفعل ذلك في سوريا؟

وهو يرى أن عدد المشجعين قد ازداد عن ما قبل الحرب، لأنه الكثيرون يربطون بين الأنشطة العامة وأيام السلم، ويرغبون في العودة إليها. فملعب اللاذقية لم يشهد هذا الكم من المشجعين سابقاً.

ويضيف سليمة: "هذه المرة الأولى التي لا يشتم الجمهوران بعضهما فيها، الجميع جاء هنا للفرح".

شاهد رامي كوسا، الصحافي والمشجع الرياضي فيصف صور المباراة من غربته في بيروت.

كان من المفترض أن يكون جزءاً من الحدث، لولا الحرب التي دفعته إلى السفر. لكنه رغم ذلك شعر بالفرحة حينما أعادته الصور إلى حياته في بلده.

"صحيح أنها لم تكن دولة فاضلة، لكن الراهن الذي نعيشه اليوم يجعلنا نتمنى لو أن الزمن يعود بنا إلى ست سنوات خلت، يومَ كان السلاح مظهراً غريباً في الشوارع، ويوم كان النّاس يتجمعون لمناصرة هذا الفريق أو ذاك"، يقول كوسا.

من الصعب تصور المشهد هذا،  تجمع ضخم في سوريا اليوم ، بدون الحضور الأمني المكثف.

وهو ما حصل بالفعل،  فيصف سليمة الإجراءات الأمنية بالمكثفة والشديد والمدعومة بكلاب للتفتيش.

بل وتسربت أخبارٌ أثارت حفيظة الجمهور عن اتفاق يقضي بخروج الفريقين متعادلين من أرض الملعب، لتفادي أي اشتباك ممكن.

يقول الكابتن زياد شعبو، لاعب منتخب حطين، أن أهمية التجمع تكم في أنها بعيدة عن السياسة.

وأضاف: " انكسر حاجز الخوف عند الجميع في هذه المباراة التي ستكون انطلاقة تاريخية متجددة للدوري السوري دون أدنى شك".

ويرى شعبو أن عودة الاتحاد والحرية للعب في حلب وبقية الفرق على مستوى سوريا يحمل معه مسؤولية تقع على عاتق الرياضيين باعتبار أن اللعبة عادت إلى جماهيريتها وخرجت من إطار المنافسة الضيقة التي فرضتها الحرب.

هجّرت الحرب السورية أغلب محترفي كرة القدم ودفعتهم للتعاقد مع أندية في دول أخرى، ففقد الجسم الرياضي الكثير من نجومه. سيما فريق الكرامة الحمصي، الذي حاز قبل الحرب على ميداليات وعلى لقب وصيف بطل آسيا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل