المحتوى الرئيسى

"ثوم" الإغريق وهلاوس المجاذيب..خرافات عالجتها السينما!

02/21 13:42

الفيل الأزرق” و”الغرقانة” و”اتعويذة” نماذج من غيبيات السينما

“سفير جهنم” فيلم بدأ موجة الشياطين في السينما

الخرافات تتحول بالوقت ونقص الوعي إلى إرث معرفي

“من “بابا أمين” وتقمص الموت واستحضار الفناء في “عيون ساحرة” إلى “المبروك” وخط “الفانتزيا” المتخيلة والصاعدة من ألف ليلة وليلة إلى عفاريت “إسماعيل ياسين”..وعالم “ريا وسكينة” إلى الكوميديا السوداء تجلت أدوات ومرئيات السحر والشعوذة..مروراً بـ”الإنس والجن”..وقراءة الكف وأنياب واستغاثة من العالم الآخر..ولم تترك السينما المصرية الخرافات والغيبيات ترقد في سلام وتصبح من تراث الماضي..فالحنين إلى الخرافات يطل برأسه بين الحين والآخر في أفلام هنيدي و”الشوق” لخالد الحجر..حيث حصلت سوسن بدر على جائزة التميز عن دورها في هذا الفيلم والتي اضطرت نتيجة لظروفها الاجتماعية القاسية أن تمارس “الدجل وقراءة الطالع والارتزاق منه وصولاً للمس الشيطاني الذي لحق بهذه الأم التعيسة وزوجها الغائب الحاضر والباحثة عن مرفأ لحياة لن تأتي أبداً”.

هكذا يبحث كتاب “الخرافات والغيبيات فى السينما ” الصادر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، لدكتور فاروق إبراهيم، وتقديم د.ناجى فوزي، في الخرافات والأساطير التي تناولتها السينما.

يتناول الكتاب الخرافة فى أبسط معانيها فالبعد عن الحقيقة اعتقاد خاطيء أو فكرة لا تتفق مع الواقع الموضوعي، ولذلك يفتقد التفكير الخرافى إلى العلية أو السببية العلمية، والدولة الحديثة لا تبنى بالخرافة ولكن بالعودة إلى المنهج العلمي وترك تلك السلاسل المقيدة من أجل التقدم والرقي ونبذ الخرافات السالبة لحرية الإنسان.

ويؤكد المؤلف أن الخرافة ظاهرة بشرية منذ الخليقة عند كل الشعوب، وفي جميع الثقافات.

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول الفصل الأول حول الجن، الشياطين، الأشباح، ظاهرة الموت في السينما والخرافات فى حوليات مصر.

أما الفصل الثاني عن مفاهيم غيبية، والسينما المصرية وعالم الغيبيات، والفصل الثالث عن الجن والعفاريت فى سينما محمد راضي مثل الإنس والجن، ويتناول أيضًا أفلام أخرى مثل التعويذة والكف، والبيضة والحجر.

على الرغم من أن موضوع التعرض للخرافات والغيبيات بشكل مباشر يثير الدهشة والبحث، فإن المؤلف د. فاروق إبراهيم في كتابه يتطرق بحذر لهذا الموضوع في مجال الإعلام المرئي، فالصورة الذهنية للخرافات هي اليقين القبلي، الذي من الصعب إزالة القناعة به، فتغيير الصورة الذهنية، يحتاج إلى إزالة ومحو الجانب السلبي فيها، ووضعها في سياقها العام وتقديم البديل، بأن ما ليس موجوداً بالفعل المادي، ليس موجوداً على الإطلاق، لكننا نستدعيه من قاع العقل الباطن، وكأنه حقيقة مطلقة، مع أن الأمر ليس كذلك.

يوضح المؤلف أن بعض الخرافات تمثل فناً وعقائد، وتراثاً إنثروبولوجياً، من خلال ثقافات الشعوب، من طقوس واحتفالات وأناشيد وتمائم، بل وخلق بيئة حاضنة لأبطال وهميين، وتجسيد هالات التقديس لهم، وإحداث منظومة غيبية تحفظه من المردة والشياطين، وجنيات البحر، والمشي على الماء، وهكذا تنتقل الخرافة من جيل إلى جيل، على أن تصبح تراثاً إنسانياً للتعارف بين أنظمة الثقافة الإنسانية بكل حولياتها وأدبياتها.

وقد عالجت السينما بأجناسها المتعددة، من وثائقية وتسجيلية إلى روائية، عالم الخرافات والغيبيات، بأشكال ورؤى متعددة، منها ما هو درامي يبعث على الخوف، باستدعاء هذه الكائنات الخرافية وعالمها الأسطوري من ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، إلى كائنات مستنسخة ومخلّقة، ما بين الإنسان وحيوانات مندثرة وأبطال، وسحرة خارقين للعادة، مستلهمة من الأدب الروماني والإغريقي إلى مصاصي الدماء، الذي رأينا له بعداً بمسحة كوميدية كمصاصي دماء المخرج رومان بولانسكي ونيكولاي كير، وغيرها من سينما عالجت مصاصي الدماء بشكل فلسفي في حياتنا المعاصرة “دكتور فاوست” والشياطين التي تعيش بيننا إلى ممارسة السحر الأسود.

وعلى نفس المنوال عالجت “المالتي ميديا” الخرافات بموضوعات مستمدة من التراث الهندي والمصري القديم، ومن حضارة بابل وآشور بأشكال وأنماط متعددة حتى إن بعض الأعمال لم تكن سينمائية فقط، بل تحولت بعض الطقوس إلى أعمال مسرحية كفاوست، للشاعر الألماني جوته، والتي ظل تأثيرها في الفنون كافة تأثيراً كبيراً وملهماً، خاصة هذا العمل الموسيقي لفاجنر الذي كتبه عام 1840.

عالم الخرافات والغيبيات كما يرى المؤلف من الأمور التي تتعلق بالتطور الحضاري والتراث الثقافي المتراكم عبر آلاف السنين من جيل إلى جيل، وكلما ازدادت الأمية الثقافية والمعرفية، والثقافية الهجائية ازدادت الخرافات تألقاً وازدهاراً.

ولم تترك السينما المصرية الخرافات والغيبيات ترقد في سلام وتصبح من تراث الماضي، إلا أن نوستالجيا الخرافات تطل برأسها بين الحين والآخر في أفلام هنيدي و”الشوق” لخالد الحجر.

يوضح المؤلف أن السينما العربية الوليدة لم يكن في أجندتها طرح ومعالجة عالم الغيبيات والخرافات في السينما، فلا يوجد إنتاج سينمائي كمي أو كيفي في تلك الموضوعات أو غيرها على الأقل، ومع ذلك تظل تلك العوالم الغيبية تثير الفنانين وصناع تكنولوجيا الرعب والخوف، إلى هذا العالم بجميع طرق المعالجات والتقنيات والأساليب المتنوعة لخلق عالم من الوهم المرئي.

فالسينما هي فن الدهشة والبحث عن مجهول يختبئ داخلنا لإخراجه على الشاشة بأي طريقة ممكنة، فالخرافات والغيبيات تحتاج إلى أدوات وتصورات عقلية وصورة ذهنية مسبقة ومؤكدة بما يسمى الاقتناع، والاقتناع يحتاج إلى تركيز الذهن لمدة طويلة ومتكررة ليتم الاقتناع، أي أن المرء عليه أن يركز ذهنه فيما اقتنع به لمدة طويلة ، ويتلاحم المنطق و الوجدان في ترسيخ هذا الاقتناع والإيمان به.

يوضح الكاتب أن الإيمان بالخرافة استعداد فطري متراكم فكلما ضعف الإنسان تمكنت منه الخرافة حتى ولو كان في مراتب علمية متقدمة, فهي تتعرع في المجتمعات ضعيفة الإيمان بقدراتها..فالخرافة نوع من الوهم الأخلاقي.

فعالم الخرافات والغيبيات من الأمور التي تعلق بالتطور الحضاري والإرث الثقافي المتراكم عبر آلاف السنين..وكلما ازدادت الأمية الثقافية والمعرفية ازدادت الخرافات تألقا وازدهارا.

يعرض الكتاب لخرافات من تاريخ الشعوب؛ فالجماعات البشرية لها تقاليد وعادات تختلف من مكان لآخر منها ما هو غريب ومثير ومنها ما لا يمكن تصديقه؛ لأنه يخرج من نطاق العقل إلى محافل الخرافة، ومن ذلك وفقاً للكتاب؛ أنه في العصور الوسطى كان الناس يرتدون قلائد من الثوم لطرد الشياطين ومصاصي الدماء.

والإغريق كانوا يعتقدون أن الثوم يطرد الأرواح الشريرة ويقمون في محراب “أبو للو” مسابقات لاختيار الفائز الذي أحضر أكبر عدد من رءوس الثوم.

بذور “الكوكا” مقدسة في كثير من البلدان كما أنها تعد رمزاً للصداقة والعداء وتدفن مع الأموات كما تدخل ضمن صداق الزوجة عند بعض القبائل الإفريقية.

الفراعنة كانوا يضعون البصل داخل توابيت الموتى مع رفاتهم المحنطة..لاعتقادهم أنه يساعد المتوفي على التنفس عندما تعود إليه الحياة.

في كثير من القرى العربية الأقرب إلى الريف تعامل الهلاوس الصادرة عن المرضى العقليين على أنها علامة من علامات الورع ويعامل ضعاف العقول على أنهم من أولياء الله.

ظن القدماء أن صحة الإنسان ومرضه وحظه مرتبط ببروج السماء وما زالت هذه الخرافة سارية إلى الآن. ويرى الكتاب أن الحرب النفسية تعد خرافات لزرع حالة من الخوف وإثارة الفزع غير المبرر لمحاصرة الوعي المغلق أو المفقود.

يوضح الكتاب أن فيلم “سفير جهنم” سيظل واحدا من الإرهاصات الأولى لأفلام الجن والشياطين والعالم السفلي في مصر.

ويعد الفيلم الأمريكي “الأرق” insomnia نموذجا لفوبيا اضطرابات الوسواس القهري. وهو إعادة لفيلم نرويجي أنتج عام 1996 والفيلم يتميز بجو من الإثارة والغموض عن المحقق “ويل دومير – آل باتشينو الذي يحقق عن قاتل إحدى الفتيات القاصرات في بقعة نائية ولكنه بطريق الخطأ يتسبب في مقتل أحد معاونيه..فيصاب بحالة من القلق والتوتر مما أصابه باضطرابات النوم وعدم تكيفه حتى مع ضوء النهار من جراء ملاحقة الكاتب الغامض “ويلر فينيش” فقد شاهد جريمته عن كثب.. وظل يحاصره أينما وجد مما جعله في حالة مرضية من القلق النفسي والانهيار العصبي وأصيب بفوبيا “القتل الخطأ” فالقلق مزقه حتى آخر أنفاسه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل