المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: وهم حل الدولتين في الشرق الأوسط

02/21 10:01

يُعد مصطلح حل الدولتين في الشرق الأوسط لإسرائيل والفلسطينيين مرجعية لغوية للدبلوماسية الدولية. ويتم استحضارهذا المصطلح باستمرار ـ داخل الأمم المتحدة وخلال مؤتمرات الشرق الأوسط، وفي مؤتمرات الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع أو قمة العشرين. ومن يهتم بالقضية الفلسطينية وبالأرض المقدسة التي لم تجد حلا، فإنه يطالب بضرورة الاتزام الكامل بحل قيام دولة للفلسطينيين ـ إلى جانب إسرائيل. وبعد ذلك سيمكن إحلال السلام في الشرق الأوسط.

العرب ساهموا فيما آلت إليه الأوضاع

لكن حقيقة رؤية الدولتين المعلنة بلا كلل أو ملل ليست كما تبدو: فهي تحولت منذ مدة إلى أوهام. ومنذ 1967 ـ أي منذ حرب ستة أيام، قبل 50 عاما تقريبا، وإسرائيل تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة وحينها أيضا سيناء. وبعد حرب ستة أيام انعقد اجتماع للجامعة العربية في الخرطوم حوَل الغضب والإغماء بسبب الهزيمة المهينة للبلدان العربية لمواجهة إسرائيل وتجلت النتائج في ثلاثة لاءات: لا لإسرائيل ولا للمفاوضات ولا للسلام. وبذلك تحجرت مواقف البلدان العربية وبدأ صعود منظمة التحرير الفلسطينية كعامل قوة ـ  من خلال أعمال إرهاب نهاية الأمر، مثل الاعتداء على الألعاب الأولمبية بميونيخ في 1972.

فقط الرئيس المصري أنور السادات حاول الخروج من الحلقة المفرغة للرفض. فسافر في 1977 إلى إسرائيل وتحدث أمام الكنيست وتفاوض مع الصقر الإسرائيلي ميناحين بغين وأبرم سلاما مع العدو اللدود السابق ـ  إنه "سلام بارد" ، لكنه بقى قائما حتى اليوم ـ وحصل السادات في المقابل على سيناء. مبدأ السادات كان تحت شعار "الأرض مقابل السلام". وهذا هو المبدأ الذي ارتكز عليه حل الدولتين: إسرائيل تعيد الأراضي المحتلة، مقابل الاعتراف بها من قبل العالم العربي والفلسطينيين. ثم إن ذلك سيفضي إلى تأسيس دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ويعم السلام. كانت تلك هي النظرية.

ولكن ماذا بالنسبة للجانب العملي؟ هل تعهد الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة بذلك ؟ـ جميع الأطراف تمسكت بهذه المهمة الدبلوماسية في الثمانينات والتسعينات أو في هذه الألفية الجديدة، سواءً في البندقية ومدريد أو أوسلو،  وكل من  جيمي كارتر أو بيل كلينتون. جميع الأطراف فشلت مرة بسبب مطالب الفلسطينيين المبالغ فيها، ومرة بسبب التعنت الإسرائيلي. وخلال الخمسين عاما الأخيرة أوجدت إسرائيل حقائق على أرض الواقع، فاستوطنت باستمرار الأرض المقدسة.

لا يمكن فرض حل الدولتين بسبب الاستيطان

وبالتالي أصبح قيام دولة فلسطينية مستقلة بدون مستوطنات إسرائيلية أمرا ممكنا من الناحية النظرية، لكن لم تعد الفكرة قابلة للتنفيذ من الناحية العملية. لأن إسرائيل لن تتخلى عن الجزء الأكبر من مستوطناتها. وبذلك تصبح أيادي الإسرائيليين والفلسطينيين مكبلة في آن واحد. وبذلك اكتملت الحلقة المفرغة ، وأصبح الحل الدبلوماسي أمرا في الخيال فقط.

وفي هذه الأثناء لم يعد المهم السؤال عمن عرقل في الماضي حلولا محتملة ـ سواء تعلق الأمر بياسر عرفات أو أرييل شارون. والخطوة الكبيرة هي التي خاطر بها فقط أنوار السادات في 1977. وبسبب ذلك فإنه تعرض للاغتيال، وكذلك الأمر بالنسبة لكل من خلفه على كلا الجانبين ـ ربما باستثناء اسحق رابين الذي لم يجرؤ على فعل شيء للحصول على السلام وتم اغتياله. وبالتالي فإن رؤية حل الدولتين تمخضت عن هوم على مدى 50 عاما. لكن لا أحد يعرف يستطيع من خلال هذه الحقيقة كيف يمكن التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط ـ إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وبدون التوصل إلى حل حقيقي سيبقى النزاع في الشرق الأوسط أكبر تحد بالنسبة للدبلوماسية الدولية.

تفيد منظمة حقوق الإنسان "بيتسليم" أنه تم في الضفة الغربية والقدس الشرقية من 1967 حتى منتصف 2013 بناء مستوطنات إسرائيلية رسمية ونحو مائة "مستوطنة عشوائية". السلطات الإسرائيلية استولت في الأراضي الفلسطينية، حسب مكتب الأمم المتحدة للمساعدة الإنسانية، على 35 في المائة من مساحة القدس الشرقية لبناء المستوطنات.

حاليا يتم تشييد مستوطنة يهودية جديدة في حار حوما بين القدس وبيت لحم في الضفة الغربية. قادة فلسطينيون يعتبرون أن سياسة الاستيطان غير القانونية التي تنتهجها إسرائيل تدمر فرص حل الدولتين وتعرقل حلا سلميا مع الفلسطينيين. ويلقى بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية انتقادا دوليا.

يبقى القانون الجديد للتشريع اللاحق لبناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية محل جدل. 16 مستوطنة ونقطة خارجية مستهدفة. ويتوقع تقديم تعويضات مالية لأصحاب الأرض الفلسطينيين ليتمكن المستوطنون اليهود من البقاء هناك.

القانون الإسرائيلي الجديد لا يسري على بيوت المستوطنين الذين تم إخلاؤهم بقرار قضائي. وكان حزب المستوطنين يهدف من خلال القانون الجديد إلى منع الإخلاء الإجباري لمستوطنة أمونا. منازل الأربعين عائلة تم إخلاؤها في الأسبوع الماضي. أربعة أيام فقط بعدها بدأت أشغال الهدم.

قررت المحكمة العليا في إسرائيل منذ نهاية 2014 هدم أمونا. وهذا الموعد تم تأجيله عدة مرات. وقد حاولت مجموعات يمينية ومستوطنون الوقوف في وجه إخلاء المكان وتدميره. وقد سافر كثير من المتظاهرين خصيصا إلى المكان المعني. وحتى على الجانب الآخر وقعت احتجاجات عنيفة من قبل فلسطينيين.

المستوطنون في أمونا يزعمون أن الضفة الغربية المحتلة من طرف إسرائيل منذ 1967 جزء من الأرض الموعودة للشعب اليهودي. ويعيش نحو 600.000 إسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتحصل من حين لآخر مواجهات بين المستوطنين وفلسطينيين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل