المحتوى الرئيسى

آية عماد الدين تكتب: لمَ لا ننجرف مع التيار؟! | ساسة بوست

02/20 19:35

آية عماد الدينآية عماد الدين

منذ 1 دقيقة، 20 فبراير,2017

اليوم أُحاول جاهدةً أن أجد ما يُفترض عليّ المضي نحوَه، ما الوظيفة التي عليّ أن أتهيأ لها و أسعى إليها؟ ثم ما الذي أبرعُ فيه تحديدًا؟ ماهو شغفي وما هي رغبتي؟ ولا أظُنني وحدي، ففي هذه المرحلة العُمرية بالتحديد جميعُنا ندور بعقولنا كل يوم في تلك الحلقات المُفرَغه بلا نتيجةٍ واضحة. نعم أعلم أن الغاية الكُبرى في حياتنا ومهما علت الأشياء من حولنا هي التقرُّب إلى الله تعالى بالقيام بما علينا فعله، ما يتناسب معنا ومع اهتماماتنا ومهاراتنا، وهذا مما لا شك فيه بالنسبةِ إلي، لكن كيف السبيل؟ كمن يعلم وجهتَه ويجهلُ الطريق.

عُدتُ أتساءل أكثر عما يجب عليّ أن أُعطيه جُلّ وقتي، من أو ماذا يستحق أكثر؟ عائلتي أم دراستي أم ما أبذله في سبيل وظيفةٍ تُلبي طموحي الذي أحلم بلوغَه منذ الصِغَر! أفكرُ كثيرًا في كل هذا الهُراء، لا يمر يومان إلا وقد رتبت أوراقيَ كاملةً مرةً بعد أُخرى، لكني لا أهتدي لقرارٍ أبدًا.

أُرهِقتُ كثيرًا! عجزت عن فعل أي شيء سوى التفكير بلا جدوى، إلى أن اتخذت قراريَ أخيرًا بأن أكُف عن هذا كله و أمضي إلى ما لستُ أعرف بكل أريحية، قرارٌ مريح لكن يصعُب الالتزام به. لا استناد لشيء سوى رغبة عقليَ الصغير في أن يسكُن لفترة وحسب،كان الأمر أشبَه بِهُدنة، كنت أهدئ نفسي كل صباح قائلةً: حسنًا سنهتدي لشغفنا حتمًا، لكن ليس اليوم رُبما الغَد، فقط استريحي.

في هذه الأثناء بدأت أدرس بجِد، رغم أنني لم أحب تخصصي يومًا إلا أنني قلت لنفسي: هذا ما بوسعي أن أبذل فيه الآن. لم يكن لدي خيارٌ آخر، مُجبرٌ أخاك لا بطل! التفتت لجامعتي زاد اهتمامي بما أدرُس صرت أتوق إلى أن أساعد الناس بما أمتلك من معلومات ضئيلة في مجالي، ارتفعت معدلاتي بدأت أشعر بالإنجاز والثقة! يومًا بعد يوم يزداد دافعي نحو البذل أكثر، سعيت للتطوع في نشاطٍ طلابي يخص ما صرت فجأةً أهتم به. ياللعجَب! أظنني اليوم مستمتعة بما أفعل، لكن جزءًا مني رُغمًا عني يُشعرني أحيانًا بأن هذا ليس ما يناسبني، لكني أقول لنفسي لا بأس، أنا فعّالة بشكلٍ ما وأحظى بكثير من السعادة، لا مُشكلة!

كنت أتحدث إلى أحدهم حينما قال لي أنه قد أمضى الليل كله يشاهد بعض الفيديوهات المُصوّرة لمؤسسة TEDex، كنت قد سمعت الاسم قبلًا، وجُل ما أعرفه أن بعض الناس يعتلون خشبة المسرح ويسردون قصةً جديرة بأن تُحكى، أو يعرضون شيئًا يستحق العرض. فكرة لا بأس بها دفعتني لأن أتصفح موقع يوتيوب وأستكشفُ لعلي أهتدي لشيء ما، لعل قصةَ أحدهم موجهةٌ إليّ بطريقةٍ ما، لا أعلم. لكنني بالفعل فتحت التطبيق، كتبت مفاتيح الكلمات ودار محرك البحث: اقتراحات كثيرة أُحرك الشاشة هبوطًا وصعودًا، الكثير من الأحاديث المُلهمة، حسنًا جيد لكن لا شيء! فعلتُ هذا كل يوم، وفي إحدى المرات استوقفني مقطعٌ لأحد المتحدثين الأجانب بعُنوان: «stop searching for your passion!».

«أؤمن برسائل القدر، ويسرُني أن الله دائمًا ما يتولى أمري».

في الحقيقة كنت أتجول باحثةً أكثر عن إلهامٍ يدفعني لأن أكتب شيئًا بعد توقفي قرابة شهرين عن الكتابة رغم غزارة الأفكار بداخلي، لكنني وجدتُ الأفضل.. نعم ، وجدتُ ما جعلني أفتخر بقراريَ الذي اتخذته سلفًا، أنني سأتوقف عن البحث، أو بالأحرى أنني قد توقفت بالفعل بلا استنادٍ و بلا سبب واضح، لكني اهتديت هنا لمنطقٍ قوي. مُحتوى الفيديو يدفع أي شخصٍ بأفكاري إلى البُكاء كمن وجد ضالته. نعم، تقول السيدة تيري تريسبيشيو: أننا لابد و أن نوقف البحث عما يستهوينا، عما يُسمى بالشغف ظنًا منا بالخطأ أن هذا هو حتمًا ما سنبرع فيه وحده!

تقول تيري إن الشغف ليس خُطةً وإنما شعور، والمشاعر تتغير. فالشغف هو كل ما تبذله في سبيل كل ما هو صحيح و مفيد أمامك! لذا بدلًا من البحث بلا جدوى ينبغي عليك أن تعمَل المُفيد المُتاح. بعدما تركت وظيفتها المثالية مُجبرةً، لم تجد وظيفةً تلائم اهتماماتها وشغفها، كانت تتصل بوالدتها كل ليلةٍ تبكي قائلةً لها إنها لا تعلم ما الذي يتوجب عليها فعله، كانت أمُها تتوسل إليها أن تقبل بأي وظيفة وتغُض الطرف عن اهتماماتها مُعللةً بقولِها: «You don’t creat your life first then you live it, you creat it by living it! not agonizing about it».

تفترض تيري أنه إن كان ثمة شخص يعمل في تنظيف الزجاج و الأبنية لكسب قوته، و تتساءل مازحةً إن كان صاحبُنا شغوفًا منذ الصِغر بتلميع الزجاج، بطبيعةِ الحال لا! ثم تتطرق إلى مقالٍ لـ سكوت آدمز بعُنوان «How I failed the way to sucsess». يحوي المقال جُملةً قد ذكَرَتها تيري وحقيقةً أحبُ أن أضعها كما هي ولا انقُصُ منها شيئًا، فقد كتب سكوت عن نجاحه قائلًا: «In my life, my success always fueled passion, more than passion fueled success». ومن تعبيرات سكوت الشهيرة أيضًا قولُه ناصحًا الناس بألا يُقرضوا أموالهم لأشخاصٍ يتبعون شغفهم، بل لمن يريد أن يبدأ مشروعًا حقيقيًا، و كلما كان المشروع روتينيًا مملًا أكثر كلما كان أفضل!

خلال رحلة بحثك الراكدة و تساؤلك اليومي تُرى ما الذي ينبغي عليّ فعله؟ أنت تضيع فرصًا حقيقيةً قد تغير حياتك بأكملها للافضل، ومن يعلم؟ ربما تكون إحداها هي ما تبرع فيه بالفعل دون أن تدري! لم لا نبدأ بالعمل على ما نملكه اليوم، ما هو بأيدينا وما ينفع الناس ونتطلع فيه إلى الأفضل؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل