المحتوى الرئيسى

الشيخ محمدعطيه يكتب: الشهامة  وإغاثة الملهوف | قنا البلد

02/20 16:58

الرئيسيه » رأي » الشيخ محمدعطيه يكتب: الشهامة  وإغاثة الملهوف

يمثل اختلاف معادن الناس واختلاف طباعهم  آية من آيات الله في خلقه، فترى من الناس مَن حَسُنَ خلقه وكرمت عليه نفسه، فهو ذكي متوقد يتحمل الصعاب، يقوم بما كلف به، بل يتطوع بأداء الأمور الجسام، ومع هذا لا تراه إلا حمولاً صبورا طيب النفس بما حُمِّل ذا عقل راجح وفكر ثاقب ورأي نافذ ، وهذا هو الشهم.

إن وجود هذه الصفة في المرء ينبئ عن علو همته وإباء نفسه وشرفها، وإذا شرفت النفس كانت للآداب طالبة، وفي الفضائل راغبة، وأما علو الهمة فإنه باعث على التقدم، أنفةً من خمول الضعة، واستنكارًا لمهانة النقص.

النبي صلى الله عليه وسلم سيد الشُّهوم، وخير من اتصف بهذه الصفة الكريمة، فيقول أنس بن مالك رضي الله عنه: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس. ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قِبَل الصوت فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: لم تُراعوا، لم تُراعوا. وهو على فرسٍ لأبي طلحة عُري ما عليه سَرْجٌ في عنقه سيف، فقال: لقد وجدته بحرًا”.

وعند الشدائد كان يظهر من صنوف الشجاعة والشهامة ما لا يخطر على بال؛ ففي حُنين حين كانت الجولة للمشركين وقد تكاثروا عليه نزل من على بغلته وجعل يقاتلهم وهو يقول: “أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب”. قال البراء رضي الله عنه: فما رُئي من الناس يومئذ أشد منه”.

لقد ربى الإسلام أهله على مكارم الأخلاق فكانوا قمما شامقة ، وضربوا أروع الأمثلة في الإيثار والتضحية والشهامة ،  من الأمثلة التي تحتذى في الشهامة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم. فقال: كفى بالله شهيدا. قال: فائتني بالكفيل. قال: كفى بالله كفيلا. قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى. فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا. فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه. ثم زجج موضعها (سواه وأصلحه)، ثم أتى بها إلى البحر. فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا، فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بك. وسألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا فرضي بك، وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني أستودعكها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده. فخرج الرجل الذي أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال. فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار، فقال: والله مازلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشدًا”.

إن تقديم العون والنصرة لمن يحتاج إليها سلوك إسلامي أصيل، وخلق رفيع تقتضيه الأخوة الصادقة، وتدفع إليه المروءة ومكارم الأخلاق. وقد كانت حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خير مثال يحتذى في كل شيء، ولا سيما إغاثة الملهوف، وتقديم العون لكل من يحتاج إليه، حتى لقد عرف بذلك قبل بعثته، فعند نزول الوحي عليه أول مرة رجع إلى خديجة فأخبرها الخبر ثم قال: “لقد خشيت على نفسي”. عندئذ أجابته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها: كلا والله! ما يخزيك ا لله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

هكذا استدلت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها على حفظ الله له، وعدم تضييعه إياه بصنائع المعروف التي كان يصنعها، وبإغاثة الملهوف؛ فالجزاء من جنس العمل، وفي الإسلام رأينا كيف أن الإغاثة أصبحت واجبًا ينهض به القادرون، وعملاً من أعمال الخير يتنافس فيه المتنافسون، وأصبح من الحقائق المسلمة عند المسلمين أن: “من كان في حاجة الناس كان الله في حاجته”، كما أخبرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم.

بل رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بإغاثة الملهوفين، فحين نهاهم عن الجلوس في الطرقات، إلا إذا أعطوا الطريق حقها، بيَّن لهم أن من حق الطريق: إغاثة الملهوف: “وتعينوا الملهوف، وتهدوا الضال”.

وإغاثة الملهوف صدقة من العبد له أجرها وبرها.. فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “على كل مسلم صدقة. قالوا: يا نبي الله! فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيده ويتصدق. قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف…”الحديث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل