المحتوى الرئيسى

الحق فى حياة زوجية سعيدة

02/19 22:03

ثار فى الآونة الأخيرة جدل كبير حول «الطلاق الشفوى»، حيث ظهرت الدعوة إلى «توثيق الطلاق» على غرار ما هو معمول به فيما يتعلق بإجراءات الزواج. ومناسبة هذا الجدل تعود إلى التقرير الصادر مؤخراً عن مركز معلومات مجلس الوزراء، الذى يؤكد أن مصر الأعلى عالمياً فى معدلات الطلاق. وللتعرف على هذه الظاهرة المقلقة وأسبابها، يبدو من المناسب إلقاء الضوء على بعض البيانات التى تضمّنها التقرير، وذلك حتى يتسنى تخيُّر الحلول المناسبة لها. فوفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق، وتبلغ حالات الطلاق فى اليوم الواحد 250 حالة. ووصلت حالات الطلاق والخلع عبر المحاكم خلال العام 2015م إلى أكثر من ربع مليون حالة انفصال، مسجلة زيادة تقدر بتسعة وثمانين ألفاً عن العام 2014م.

والواقع أن الزواج فى أصله وحقيقة معناه رباط بين رجل وامرأة، يفترض المودة والمحبة بينهما. وفى هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن لفظ «الرَّاحَةُ» فى أحد مدلولاته اللغوية يعنى «الزَّوجَةُ» (راجع: معجم المعانى الجامع). ولعل هذا المعنى يتسق مع قوله تعالى: «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا» (سورة الأعراف: الآية 189). وقال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (سورة الروم: الآية 21). وفى تفسير هذه الآية، قيل إن المودة هى المحبة، والرحمة هى الرأفة. وقيل أيضاً: جعل بينكم بالمصاهرة مودة تتوادون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمة رحمكم بها، فعطف بعضكم بذلك على بعض.

ومع ذلك، فقد فقدت الحياة الزوجية فى «زمن الإنترنت» الكثير من معانى الألفة والمودة والمحبة، ولم يعد مسكن الزوجية مكاناً للراحة. فقد أسهمت وسائل التواصل الاجتماعى إلى حد كبير فى حدوث خلل جسيم فى العلاقات الزوجية، وفى تغيير السلوكيات المتعارف عليها بين الأزواج. ويمكن القول بأن «الفيس بوك» يُعد المتهم الأول والرئيس فى إضعاف الروابط الأسرية بين أفراد الأسرة، بمن فيهم الزوجان.

ومن ثم، يبدو سائغاً القول بأن السبيل الأمثل لخفض معدلات الطلاق هو إصلاح الحياة الزوجية ذاتها، وتغيير ثقافة الزواج عند الرجل والمرأة، وبحيث يمكن الحديث عن حق كل من الزوج والزوجة فى حياة زوجية سعيدة. فلا يكفى مجرد الحديث عن «الحق فى الزواج»، وإنما ينبغى النظر إلى الحياة الزوجية باعتبارها منظومة مجتمعية ينبغى أن تحظى باهتمام ورعاية المجتمع والدولة (المادة 16 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان؛ المادة 23 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية؛ المادة العاشرة من الدستور المصرى لعام 2014م).

ويمكن أن يلعب الخطاب الدينى دوراً مهماً فى تكريس مفهوم «الحق فى حياة زوجية سعيدة»، وذلك من خلال إبراز مدى اهتمام الشرع الإسلامى بالعناصر المختلفة لهذا الحق. ففى محكم التنزيل، يقول الله عز وجل: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» (سورة النساء: الآية 19). وفى تفسير هذه الآية، قيل: أى طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسِّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله. ورُوى عن عائشة رضى الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى». ويقول الرسول الكريم: «استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله». ولم ينس النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع أن يوصى بالنساء. وتقول أم المؤمنين عائشة: «ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له قط، ولا جلد خادماً له قط».

أهم أخبار توك شو

Comments

عاجل