المحتوى الرئيسى

أشرف نهاد نعمان الريكاني يكتب: ماذا نستنتج من كتاب «وعاظ السلاطين» للدكتور علي الوردي؟ | ساسة بوست

02/19 21:59

منذ 13 دقيقة، 19 فبراير,2017

«لم اكتب هذا الكتاب لهذا الجيل، ولكنني كتبته للأجيال القادمة، التي أصبحت تدرك أن الصراع الطائفي نقمة على هذه الأمة»، هذا ما صرح به كاتب خلال كتابه، وهذه ما احتوته كلمات الكتب التي كانت تدعو إلى العقلانية والتفكير الحر .

كل ما يطلبه الكاتب منك في كتابه أن تبتعد في قراءتك للتاريخ عن التفكير الأفلاطوني الذي يعتمد على الحقيقة المطلقة التي لا تخلو من شائبة، ولكنه يدعوك إلى النظر للتاريخ بطريقة الحقيقة النسبية، فهو يحكم على البشرية حسب الطبيعة البشرية والظروف الاجتماعية في ذاك زمان ليس إلا.

نستطيع أن نلخص الكتاب حسب الفصول التي احتواها الكتاب، وهي كالآتي:

يرى الكاتب أن هناك فجوة بين الوعظ والمجتمع،  وذلك أن الوعظ يدعو الناس إلى ترك الدنيا وملذاتها، في حين إن الطبيعة البشرية تدعوه إلى تلك الملذة، فهو مجبول على حب المال والشهوة الجنسية، وإن هذه الفجوة أدت إلى حدوث صراع نفسي، فهو واقع بين ضميره الذي يدعوه إلى اتباع الوعظ وبين الطبيعة البشرية التي تجذبه إلى حب المال والشهوة، وهذا أدى إلى ازدواج في شخصية الفرد، فهو مجبور أن يكون أمام الناس والوعظ إنسانًا تقيًا، وعندما يخلو بنفسه يمجد حب المال والبنون.

يرى الكاتب أن البداوة والاسلام متناقضان، فالبداوة تدعو إلى الكبرياء وحب الرئاسة وتفتخر بالقوة والنسب، والإسلام دين خضوع والتقوى والعدالة، لذلك ظهرت في مجتمعات البدوية التي دخلها الاسلام ازدواجية في الشخصية، وهو يرى العراق خير مثل على ذلك، فالإنسان قد يدعو إلى العدالة والمساواة واحقاق الحق، ولكنه مستعد أن يناصر عشيرته، وحتى إن كانت على خطأ، ويعلل الكاتب سبب عدم ظهور هذا تناقض في بداية الاسلام وعهد أبي بكر وعمر، أنهم انشغلوا بالجهاد الذي وحد هدفهم، وبهذا الهدف جعل الطبيعتين المتناقضتين البداوة والاسلام في غاية واحده وهي نصرة الإسلام، وعندما توقف الجهاد في وقت عثمان عاد هذا التناقض إلى الظهور مرة أخرى، ففي المؤتمر الذي جمعه عثمان وأصحابه للتشاور وإصلاح الامر، وقمع الفتنه قبل اشتدادها قال عبدالله بن عامر أحد ولاته على الأمصار «أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمرهم في المغازي؛ حتى يذلوا لك فلا يكون همه إلا نفسه».

يرى الكاتب أن الازدواجية في الشخصية نشأت بسبب صراع بين الطبيعة البشرية وأفكار الوعظ الأفلاطونية التي تدعو إلى أبراج العاجية والمثالية الكاملة، وكذلك يرى أن الازدواجية في الشخصية موجوده في المجتمع الإسلامي بصورة كبيرة، ولكن ليس إلى درجة التعميم الشامل، فخلفاء الأمويين والعباسيين أول من اتصف بهذه الصفة، فهم كانوا في النهار يستمعون إلى الواعظين ويذرفون الدموع خوفًا، وفي الليل يحيون جلسات الطرب والرقص والغناء، وكذلك علماء السلاطين ذاك الزمان ممن كانوا يبررون للخليفة أفعاله، كشراء الجواري، وفي نفس وقت ينصحون الناس بالالتزام بتعاليم الإسلام وعدم الخروج على سلطان، وحتى إن كان ظالمًا.

يرى الكاتب أن هناك تباعدًا بين أهداف الواعظين وأهداف الحياة الواقعية، أهداف الواعظين هي أفكارهم الأفلاطونية، حيث وضعوا في الأخلاق مقياسًا صعبًا لا يناله، إلا من شذ وندر، وإن الوعظ يجعل من الناس شديدين في نقد غيرهم، فالمقياس الأخلاقي الذي يسمعونه من أفواه الوعاظ عالية جدًا، فهم لا يستطيعون تطبيقها على أنفسهم؛ فيلجؤون إلى تطبيقها على غيرهم، ولذلك يكون نقدًا شديدًا، يرى الكاتب أن كل إنسان فيه عيب من عيوب، لا يخلو أحد من عيب، ولكن الواعظين يعتقدون بأن السلف الصالح كانوا معصومين من العيوب، وهم بذلك يريدون أن يكونوا كالسلف الصالح، وكذلك يرى الكاتب أن توالي الطغاة علينا جعلنا لا نأبه للخير من الناس ونحترم الشر، وبذلك فقدنا أعظم ما يعتز به الإنسان من حافز المكافأة الاجتماعية، أهملنا مخلصين بيننا؛ فقل بذلك ظهور المخلصين، يعلل الكاتب أن سبب ذلك هو دعوة الواعظ للظالمين وتحريم الناس في الخروج عليه؛ مما جعل الناس في صراع مع أنفسهم، فهم إن خرجوا على الحاكم الظالم قد يعني خروجًا من الدين كما يقول الواعظ، وهو في قرار نفسه يرفض الظلم الذي حل به وبأبناء قومه ولا يتحمله أن يدوم.

يرى الكاتب أن مشكلة وعاظ هذا الزمان، أنهم يريدون من الناس أن يكونوا كالسلف السابقين الذين يعتبرونهم معصومين من الخطأ، وهم بذلك يحاولون زراعة افكار أفلاطونية أصحاب أبراج العاجية، يرى الكاتب أن السلف قد نجحوا ثم فشلوا وهم يخطئون كسائر البشر ويتوبون، ويقول الكاتب أن عمر بن الخطاب قد أدرك أن نجاحهم لن يستمر طويلًا، وهو يستشهد بقول عمر بن الخطاب عن الإسلام: ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعًا، ثم ثنيًا، ثم رباعيًا، ثم سديسًا،  ثم بازلًا، ألا فهل ينتظرون بالبازل إلا النقصان، ألا فإن الإسلام قد بزل. ويرى الكاتب أن منطق الوعظ القديم خطأ؛ فمنطقهم يقول إن الحسن يبقى حسنًا على الدوام، والقبيح يبقى قبيحًا إلى يوم القيامة، ولكن المنطق الاجتماعي الجديد لا يتفق مع هذه الرأي، ويقول: ما تره اليوم حسنًا، قد يصبح غدًا قبيحًا، وأنا أرى أن المنطق الذي يؤيده الدكتور علي الوردي هو صحيح، بدخول داعش إلى العراق لقد رأينا من كنا نظن بهم حسنًا قد تحول إلى قبيح.

يسرد الكاتب في كتابه أن كل إنسان فيه خير وشر في آن واحد، فتكون الشخصية البشرية قائمة على أساس التفاعل بين نزعة الخير ونزعة الشر فيه، واختلاف الناس فيه هو اختلاف نسبي، حيث تتخذ نزعة الخير وتضعف في البعض الآخر بناء على ما تمليه عليه ظروفه الاجتماعية والنفسية، ويرى الكاتب أن المفكرين والواعظين الأفلاطونيين يرون أن البشر مادة ثابتة، إذن هو خير يبقى خير إلى الأبد، وهذا منطق غبي؛ لأن ما تراه اليوم خيرًا قد يصبح غدًا شرًا، وإن الواعظين دائمًا ما يطالبون الإنسان بسلوك أبراجهم العاجية، والالتزام بالأخلاق العالية، وهم بذلك يجهلون الطبيعة البشرية.

يرى الكاتب أن ابن سبأ شخصية وهمية، وهو يعلل ذلك بأن الصحابة والإسلام في ذلك الوقت لم يكونوا ضعفاء فكريًا لكي يأتي إنسان حديث في الإسلام ويحرضهم على بعضهم البعض، فهو يرى أن أبا ذر أكبر من أن يسمع كلام ابن سبأ، وأن أبا ذر ليس حديث عهد بالإسلام،  وإنما من الأولين الذين أسلموا مع الرسول، وأعانه مع أصحابه، وقاتل معهم، وكذلك يرى الكاتب أن المجتمع الإسلامي في فترة ثورة أبى ذر كان يعاني من أزمة اجتماعية كبرى، فكان الفرق الطبقي بين الأغنياء والفقراء قد اتسع، وأن الثورة في ذلك الزمن كان لابد منها، وكذلك يسرد الكاتب أن كل انتفاضة اجتماعية يعزوها أعداؤها إلى تأثير أجنبي، فالنبي على الصلاة والسلام اتهمته قريش في بداية الدعوة بأنه كان يأخذ تعاليمه من غلام نصراني اسمه جبر، واتهمه البعض بتلقي أفكاره من بحيرا الراهب وسلمان الفارسي، وكذلك في ثورة أبى ذر اتهمه بتلقي أفكاره من ابن سبأ، وكذلك يرى الكاتب كيف يخفى على عثمان رضي الله عنه وولاته في الأمصار وعماله، ويغفلون عن هذا المجرم ولا يتم اعتقاله وحتى قتله، ويرى الكاتب أن ابن سبأ اختراع مترفي ذلك الزمن الذي لم يعجبهم دعوة أبى ذر، فكل غني يرى أن تغييرًا في النظام العالمي خطر عليه، وهو بذلك يحاول بشتى الطرق منع هذا التغيير، يقول الكاتب بالحرف الواحد في كتابه «إن ابن سبأ موجود في كل زمان ومكان، فكل حركة جديدة يكمن وراءها ابن سبأ، فإن نجحت اختفى اسم ابن سبأ من تاريخه، وأصبحت حركة فضلى، وأما إذا فشلت، فالبلاء نازل على رأس ابن سبأ، وانهالت الصفعات عليه من كل جانب».

يرى الكاتب أن المؤرخين قد اخطأوا في تصنيفهم، فهم يدرسون رجال التاريخ على اعتبار قسم منهم على حق، والقسم الآخر على باطل، وتراهم لذلك يحتكرون جميع أفعال الخير للقسم الأول، وجميع خصال الشر للقسم الثاني، وكذلك يرى الكاتب أن أصحاب النبي كانوا بشرًا مثل غيرهم من الناس، تجري عليهم نواميس الطبيعة البشرية، ويقول إن الصحابة الذين آمنوا بعد فتح مكة لم يتغلغل الإيمان في قلوبهم، كأصحاب النبي الذين دخلوا الإسلام أيام ضعفه، وعانوا من مشقة النفسية بسبب تغير الدين، ومن عذب قريش، وكذلك يسرد الكاتب أن الدين والعقيدة لا تغير كثيرًا من أخلاق الفرد، وبذلك وقع المؤرخون في خطأ تصنيفهم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن المؤرخين يرون كل إنسان رأى الرسول علية الصلاة والسلام من أصحابه ، حتى الذين حاربوا الإسلام، ثم دخلوه بعد الفتح، يقول الكاتب بالحرف الواحد في كتابه «إن من المدهش حقًا أن نجد قومًا، وهو يقصد بقريش يحاربون النبي نيفًا وعشرين سنة من أجل أوثانهم، ثم يرونها فجأة مطروحة في التراب، وهي محطمة، فلا يبالون ولا يحزنون»؛ ويعلل الكاتب سبب ذلك أن قريش لم تهتم بالأصنام، وإنما كانت تخاف على مكانتها ومصلحتها وكرامتها، وعندما دخلوا في الإسلام وجدو أن مكانتهم ومصلحتهم مصونة.

وكذلك يرى الكاتب أن إسلام أبى سفيان وابنه معاوية الذين هم سبب بلاء هذه الأمه إسلام شكلي، ولم يدخل إلى قلوبهم، وهو يأتي بالأدلة النقلية والعقلية على ذلك، منها: عندما انهزمت جيوش المسلمين في واقعة حنين التي تلت فتح مكة عندما رأى أبو سفيان المسلمين ينهزمون قال «ما لي أراهم يقفون دون البحر»، وبداخله ربما يتمنى أن يقع جيش المسلمين في البحر، وكذلك عندما استأذن أبو سفيان وسهيل بن عمرو وجماعة من كبار قريش الدخول إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يأذن لهم، ولكنه أذن لبلال وصهيب، وهما موليان فقيران، قال أبو سفيان «لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه»، وكذلك يسرد الكاتب قصة تولي عثمان بن عفان الخلافة رضى الله عنه، يقال إن أبا سفيان سأل أقرباءه في ذلك اليوم هامسًا «أفيكم أحد من غيركم»، ولما اطمأن من عدم وجود الغرباء في المجلس هتف قائلًا يا بني أميه، تلقفوها تلقف الكرة، فالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة، وكذلك يرى الكاتب أن مقتل عثمان كان من مصلحة معاوية ومروان، فلو لم يقتل عثمان لتولى الخلافة من بعده علي ابن أبي طالب رضى الله عنه، لذلك يظن أنهم دبروا محاولة القتل، وشجعوا الثورة بأفعالهم، فهم لم يرغبوا في تولى علي الخلافة بسبب كرههم لعلي، وكره علي لهم.

يرى الكاتب أن الاسلام قد أهمل الشعر على خلاف قريش في الجاهلية، حيث كانت تقدس الشعر والشعراء، وهو بذلك استبدل بالشعر الخطابة، وذلك للتحويل من نظام قبلي إلى النظام الديني الجديد، وهو يقول إنه لما تولى معاوية الخلافة سارع إلى عودة أمجاد قريش في الجاهلية؛ فمجد الشعر والشعراء، حيث قال معاوية «اجعلوا الشعر أكبر همكم وأكثر أدبكم، فإنه مآثر أسلافكم ومواضع إرشادكم»، وهو بهذا يدعو إلى إعادة أمجاد قريش في جاهلية، والكاتب بهذا يريد توضيح أمر، وهو أن بني أميه لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم، ولكنهم ادعوا الإسلام، فهنالك اختلاف بين أقوالهم وأفعالهم، فأقوالهم تدعي أنهم أسلموا، وافعالهم أفعال جاهلية، من إحياء للشعر، وبغض كل من هو أعجمي، أو عبد أو فقير أو ليس من أشراف قريش ، فهو يرى أن ما جرى في موقعة الحرة التي انتهكت فيها حرمات الأنصار واستشهد فيه ثمانون من الذين شهدوا بدرًا دليل قاطع على كره بني أميه للإسلام، وأن العصبية الجاهلية كانت تجري في دمائهم.

يرى الكاتب أن عمار عانى من عذاب قريش، وأخذ الحصة الأكبر من أصحابه من عذاب قري، وهذا زرع في عقله الباطني حقدًا دفينًا تجاه قريش، وهذه الكراهية لها مبرر، فليس هناك بشري على هذه الأرض يعذب، ويرى أمه وأباه وأخاه يقتل أمام عينيه وينسى بلمحة البصر، وقريش نفسها عند دخول الإسلام لم تنس العداء بينها وبين من عذبتهم، وهذا خير دليل على شكلية إسلامهم الذين كان يسميهم القرآن المؤالفة قلوبهم، يعود الكاتب في هذا الفصل مرة أخرى إلى قصة ابن سبأ الذي اخترعته قريش، فهو يرى أن ابن سبأ مجرد اختراع وهمي؛ لكي تبرر قريش موقفها من الثوار: علي وعمار وأبى ذر، وهو يتعجب أين اختفى الداهية ابن سبأ عند مقتل عمار الذي قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام: تقتلك الفئة الباغية، ولم نر حديث المؤرخين عنه، وكذلك يربط بين عمار وابن سبأ؛ فهو يرى أن قريش كانت تقصد بابن سبأ عمار، وهي لم تستطع الاعتراف بذلك مباشرة؛ بسبب مكانة عمار، وهو يأتي بأدلة وبرهانين على ذلك، إن قريش كانت تسمى ابن سبأ بأبن السوداء، وكذلك عمار معروف عند قريش بأبن السوداء، وكان عمار من أب يماني، وهو بذلك سبئي، فأهل اليمن هم أهل سبأ، وإن عمار شديد حب لعلي، وإن ابن سبأ كان يغالي في حب علي، وينسب إلى ابن سبأ قوله إن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، وأن صاحبها الشرعي علي بن أبي طالب، وهذا هو نفسه رأي عمار، ومن الجدير بالذكر أن عثمان لم يعرف عن ابن سبأ شيئًا، وكيف لا يعرف عثمان من يحرض الناس عليه.

يروي الكاتب خصال الإمام علي وصفاته والأحاديث التي تمدح عليه، ويقول إن كلًا من الشيعة والسنة يدعون حب علي، لكنهم لا يسيرون على خطاه في مجابهة الفاسدين والظالمين، ثم يسرد الكاتب قصة الخلاف الذي حدث بين علي ومعاوية، فعلي يرى أن معاوية لم يطالب بدم عثمان من أجل الإسلام، بل من أجل مصالحه الخاصة، فمعاوية بعد انتصاره على علي ترك دم عثمان، وكذلك يرى كاتب أن تطرف الأمويين في ذم علي وفي سب علي على المنابر وخطب الجمعة قد أنشأ في جهة اخرى تطرفًا في مدح علي كردة فعل، وكذلك يرى الكاتب أن معاوية يقرأ القران ويصوم ويقيم الصلاة ويحج البيت، وهو بذلك لا يختلف عن علي اختلافًا أساسيًا، ولكن علي لا يهتم بالطقوس بقدر ما يهتم بالعدالة الاجتماعية، فعلي يدرك أن هناك اختلافًا بين الطقوس والشعائر وبين تطبيق الدين، فمعاوية بطقوسه وصلاته كان ظالمًا غير عادل بين الناس، وهو في داخله حاقد على السلام ليس إلا، فعلي يرى مسالة المبدأ لا مسألة مظاهر وطقوس، يرى الكاتب أن فتوحات الأمويين أدخلت الكثير في الإسلام، ولكن إسلامهم لم يغير شيئًا من وضعهم الاجتماعي الذي كان سيئًا، وقد فطنه الخليفة عمر بن عبد العزيز؛ فأوقف الفتوحات في عهده، و ركز كل اهتمامه نحو إقامة روح العدالة، واعتبر ذلك أهم من إقامة صروح الإمبراطورية.

يرى الكاتب أن مشكلة الباحثين والمؤرخين أنهم يعتمدون على المنطق القديم الذي يؤمن بالحقيقة الثابتة والمقياس المطلق، وكذلك يرى أن مقارنة علي مع معاوية مقارنة خاطئة، فالباحثون يرون أنهم تنافسوا على الخلافة؛ فربح أحدهم وخسر الآخر، والرابح في عرفهم أفضل من الخاسر، وهذا لا يجوز لأن معاوية رجل سياسه بامتياز، وعلي رجل ثوره اجتماعية، ويرى الكاتب أن عليًا لم يكن خليفة بقدر ما كان ثائرًا، فعلي لم تتح له فرصة الحكم، فقد بايعه الثوار، وهو بذلك أصبح قائدًا لهم وثائرًا.

يقول الكاتب إنه كتب هذا الفصل للأجيال القادمة ويقصدنا نحن، ويرى الكاتب أن الشيعة والسنة في العهد الأموي كانوا من حزب الثورة، فالشيعة يثورون على الظلم بسيوفهم، وأهل السنة يثورون على الظلم بأحاديثهم النبوية، هؤلاء كانوا ينهون عن المنكر بألسنتهم، وأولئك ينهون عنه بأيديهم، وكذلك يرى الكاتب أن مصطلح السنة والشيعة ظهر في زمن المتوكل، وكذلك يرى الكاتب أن أئمة السنة الأربعة كانوا مع اهل البيت في ثورتهم ضد السلاطين، وبذلك كان الشيعة والسنة يدًا واحدة، يرى الكاتب أن الفرس كانوا من السنة، ولكن مع ظهور الصفوين الذين مارسوا كل وسائل الإكراه بحق الفرس لدخولهم مذهب التشيع كأفعال الأيوبيين بحق أهل مصر الذين كانوا فاطميين، ويرى الكاتب أن الصفويين قد نزعوا من التشيع النزعة الثورية، ويرى الكاتب حدوث مفارقة كبرى على ضفتي دجلة شمالي بغداد، حيث إن الإمام الأعظم مدفون على الضفة اليسرى، والإمام الكاظم مدفون في اليمنى، وهناك عبر هذا النهر تحدى أهالي الأعظمية والكاظمية يتبادلون الشتيمة والبغضاء، نسى هؤلاء المغفلون أن أماميهم كان من حزب واحد، إذا كان من أعداء السلاطين.

Comments

عاجل