المحتوى الرئيسى

مصير العلاوة الاجتماعية.. فى يد البرلمان

02/19 21:48

مواطنون لـ«الوفد»: العيشة مرار والحكومة تماطل فى الصرف

«سلوى» موظفة بالمعاش: استغنيت عن العلاج.. فآلام المرض أرحم من الجوع

«حسن» موظف بمدرسة: الموظفون أصبحوا فقراء يستحقون الصدقة

لم يعد للمواطنين فى الشوارع حديث إلا عن مصير العلاوة الاجتماعية التى وعدت الحكومة بصرفها للعاملين غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية.. الذين يقدر عددهم بنحو 3 ملايين موظف.

تلك العلاوة التى كانت تعد مجرد مسكنات مؤقتة لغلاء الأسعار، أصبحت بلا جدوى فى ظل ما تشهده الأسواق من موجات يومية من الغلاء، ورغم ذلك ظلت الحكومة على مدار 7 أشهر متتالية تماطل فى صرفها، دون إبداء أسباب مقنعة.

فسادت حالة من اليأس وفقدان الأمل بين المواطنين الذين طال انتظارهم للعلاوة، الأمر الذى يراه الخبراء ينذر بكارثة تعيد من جديد موجات الغضب فى المجتمع.

فى ديسمبر الماضى أعدت وزارة المالية قانوناً لصرف العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة من غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية وتم إرسال القانون إلى مجلس الوزراء لمناقشته وإحالته لمجلس النواب لإقراره على أن يتم صرف 10٪ من الأجر الأساسى لنحو 3 ملايين موظف بالدولة بتكلفة قدرها 2٫5 مليار جنيه، وهم غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، على أن يتم الصرف بأثر رجعى بدءاً من شهر يوليو الماضى، ويستفيد من تلك العلاوة العاملون بالجهات والهيئات التى لا توجد لديها لائحة خاصة بالخدمة المدنية مثل المدرسين والأطباء والعاملين فى وظائف القطاع العام والخاص والتأمينات والعاملين بالجهات الطبية والجامعات وهيئة النقل العام والسكك الحديدية.

ولا تسرى العلاوة على العاملين فى الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة.. وفى نهاية شهر ديسمبر الماضى أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قراراً بصرف العلاوة بأثر رجعى إلا أنهم فوجئوا مؤخراً بتأجيل مناقشة مشروع قانون العلاوة الاجتماعية بمجلس الشعب، نظراً لتغيب مندوب وزارة المالية عن حضور الاجتماع الذى كان سيتم فيه حسم الأمر، وبعدها أجلت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب إقرار العلاوة والإعلان عن موعد صرفها لحين إعلان التشكيل الوزارى الجديد، الأمر الذى أصاب أكثر من 2٫5 مليون عامل بالصاعقة، فتلك العلاوة ينتظرها الملايين لمواجهة غلاء الأسعار، الذى التهم رواتب الموظفين، منذ أن تم تعويم الجنيه، فوفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أدت قرارات تحريك سعر الصرف إلى ارتفاع معدل التضخم لأكثر من 24٫3٪ فى نهاية شهر ديسمبر الماضى.

وأدت الزيادات المتتالية فى الأسعار إلى فقدان الجنيه لأكثر من 50٪ من قيمته الشرائية، كما فقدت أجور المصريين أيضاً 50٪ من قوتها الشرائية، وهو ما أثر على أصحاب الدخول المحدودة، والطبقة المتوسطة، ويدخلهم فى دائرة الفقر.

وكشف الجهاز عن أن نحو 27٫8٪ من السكان فى مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وما يقرب من 57٪ من سكان ريف الوجه القبلى فقراء مقابل 19٫7٪ من ريف الوجه البحرى.

وأكد تقرير آخر للجهاز ارتفاع معدل زيادة الأسعار فى يناير 2017 إلى 28٫1٪ بعد أن كان 19٫4٪ فى نوفمبر 2016 الماضى.

وأظهر التقرير الشهرى للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن الارتفاع فى سعر الحبوب والخبز بلغ 54٫1٪، وبلغت الزيادة فى أسعار الأرز نحو 77٪، كما ارتفعت أسعار الدقيق بنسبة 52٫7٪، والملابس بنسبة 17٪.

بلغت مخصصات الأجور فى مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 02016/2017 نحو 228٫136 مليار جنيه لتمويل أجور ما يقرب من 5٫9 مليون موظف وعامل بزيادة 4٫6٪ عن العام المالى 2015/2016.

سادت حالة من الاحتقان والغليان الشارع المصرى بعد أن اجتاحت موجة الغلاء كافة السلع ولم يكن الفقراء وحدهم من يصرخون من نار الأسعار وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم، بل شاركهم الموظفون أيضاً، والذين يئسوا من طول انتظار العلاوة التى وعدهم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكانت تعد بمثابة النواة التى تسند الزير، فى ظل ما تعانيه الأسواق الآن، وعندما التقينا بالمواطنين كانت حالة اليأس وفقدان الأمل تبدو على وجوههم، تقول مدام سلوى موظفة بالمعاش: لم أشعر بالمعاناة من غلاء الأسعار إلا بعد خروجى لسن المعاش، فالأسعار تزداد يوماً بعد يوم ولا توجد زيادة فى المعاشات لمواكبة نار الأسعار.. وكل ما أحصل عليه فى نهاية الشهر لا يكاد يكفى إلا بضعة أيام، فأسعار الأدوية زادت للضعف، وأحتاج لعلاج شهرى يصل إلى 600 جنيه تقريباً، ولم أعد قادرة على شرائه.. فأضطر لتحمل الألم لتوفير نفقات العلاج ولم نعد نتحمل مزيداً من الأعباء، فقد حولت موجات الغلاء محدودى الدخل إلى فقراء، ومع ذلك لا تقوم الحكومة بالنظر إلى أصحاب المعاشات الذين يعانى أغلبهم من أمراض مزمنة، وينفقون نحو نصف راتبهم على شراء الأدوية.. هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء والمياه، وتؤكد سلوى أنها تضطر لدفع 150 جنيهاً شهرياً لفاتورة المياه رغم كونها تعيش مع ابنها خريج الجامعة الذى ما زال يبحث عن فرصة عمل ملائمة منذ تخرجه.

وبلهجة غاضبة وصوت مرتفع شاركت «أم عبده» فى الحديث قائلة: العيشة مرار، فأسعار السلع لم تعد تتلاءم مع الرواتب وزوجها عامل فى أحد المصانع وراتبه لا يتعدى 1500 جنيه، وهذا الراتب الضئيل لا يكفى لإطعام 3 أطفال فى مراحل التعليم، وعندما سألتها عن ملاءمة هذا الراتب الضئيل لاحتياجاتها أكدت أنها عندما تنزل للأسواق تبحث عن أرخص الأسعار دون الاهتمام بجودة السلعة، فهناك خضراوات وفاكهة درجة ثانية بسعر أقل لدى كل تاجر، وهى التى أصبحت تلقى إقبالاً كبيراً من غالبية المواطنين بسد احتياجاتهم، ومع ذلك ما زالت الحكومة تطلق الوعود الزائفة بصرف العلاوة، ثم تتراجع مرة أخرى، وهذا يرجع لعدم شعور المسئولين بمعاناة المواطن المطحون.

وتتساءل: كيف تعيش أسرة مكونة من 5 أفراد براتب لا يتعدى 1500 جنيه، وهم بحاجة إلى مصروفات للدراسة، وللمأكل وللإنفاق على شراء الأدوية، فمتى يشعر المسئولون بأمثالنا؟

وأضافت: أى وجبة بسيطة أصبحت تتكلف ما لا يقل عن 50 جنيهاً يومياً، فسعر كيلو العدس الذى يعد وجبة أساسية للغلابة وصل إلى 24 جنيهاً، والأرز 10 جنيهات والفول 14 جنيهاً، فكيف نعيش فى ظل تلك الظروف الطاحنة؟ وأوضحت أنها عندما تصطحب أحد أبنائها للصيدلية حال مرضه، فإنها تدفع مبلغاً يمثل هامشاً كبيراً من راتبها، رغم أنها ترفض الذهاب للأطباء وتكتفى بالصيدلية لتقليل النفقات.

حسن محمد، موظف بإحدى المدارس، كان يقف أمام بائعى الخضار ليسأل عن الأسعار وعندما اقتربنا للحديث معه كانت علامات الغضب تبدو على وجهه، بعد أن أصبح فى حيرة من أمره، فراتبه الضئيل يعجز عن شراء احتياجات المنزل، والأسعار فى زيادة مستمرة كل صباح.

سألناه عن كيفية تدبير أموره فى ظل موجة الغلاء الطاحن، فأكد أن الأسعار لم تعد تتلاءم مع دخل المواطن فراتبه الشهرى لا يتجاوز 1500 جنيه.

ويضيف: «رزقنى الله بثلاثة أطفال، وكنا نأمل بالعيش حياة كريمة، إلا أن الأوضاع ساءت للغاية، فأنا أضطر للسير مسافات طويلة للذهاب لأرخص الأسواق لشراء احتياجات المنزل، كما لم أعد أفكر فى شراء اللحوم مطلقاً، بعد ارتفاع أسعارها، ونضطر لتدبير أمورنا بأبسط الأطعمة التى تسد جوع الصغار، ونتحمل من أجل تربيتهم»، ويستكمل حديثه قائلاً: «للأسف كانت زيادات الأسعار تضرب الأسواق مع إعلان الحكومة عن صرف العلاوة فقط.. فيبدأ التجار رفع الأسعار قبلها بعدة أيام، أما الآن فالأسعار ترتفع يومياً، دون أن نحصل على أى زيادات فى الراتب أو العلاوة التى وعدتنا بها الحكومة، والتى تصل إلى 10٪، ورغم ذلك لن تؤثر تلك العلاوة لأنها لا تناسب الزيادات المتتالية فى الأسعار، فالمواطن أصبح فى معاناة تزداد يوماً بعد الآخر، ولم تكن أسعار السلع وحدها هى السبب فى معاناة المواطنين، فأنا أضطر لدفع إيجار شهرى للشقة، فضلاً عن فواتير الكهرباء، التى ارتفعت عدة مرات خلال عام، ولا يتبقى من راتبي سوى القليل وهو ما نقوم بإنفاقه طوال الشهر ونستغنى عن أساسيات عديدة، ورغم ذلك فالراتب لا يكفى الشهر، والموظف الآن أصبح فقيراً يستحق الصدقة، والغلاء يطاردنا فى كل مكان، ومع ذلك لا توجد أى زيادة فى الرواتب».

«مش عارفين نعيش».. بتلك العبارة بدأت رانيا السعيد حديثها لـ«الوفد»، قائلة: الأسعار نار والحكومة اكتفت بإطلاق التصريحات والوعود الزائفة، بصرف العلاوة للعاملين بالدولة، فمنذ شهر مايو الماضى ونحن نسمع مجرد أقاويل عن العلاوة التى لن تؤثر فى تخفيف حدة زيادة الأسعار، ورغم أننى أعمل بوظيفة مرموقة، ويصل راتبى إلى 3500 جنيه شهرياً، فإن هذا الراتب لم يعد يتلاءم مع غلاء الأسعار، فالتزامات المنزل لا تنتهى ولم يعد راتبى وراتب زوجى يكفى الشهر.

وتستكمل قائلة: لدىّ طفلتان فى المدارس، وتحتاج كلاهما إلى راتب شهرى يتم تخصيصه للدروس الخصوصية، والكتب الخارجية والملازم فضلاً عن مصروفاتهم الشخصية، والأدوية والملابس، أما الطعام والشراب، فقد أصبحا عبئاً كبيراً على ميزانية الأسرة.

فمنذ بدء العام الدراسى تخليت عن شراء اللحوم والفواكه بعد ارتفاع أسعارهما وأصبحنا نبحث عن بدائل رخيصة لا ترهق الميزانية، ومع الأسف الأوضاع أصبحت تسير من سيئ إلى أسوأ، والحكومة أصبحت تعيش فى واد منعزل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل