المحتوى الرئيسى

اسلام ايمن العدوي يكتب: أيَّ إصلاح نرجو؟ | ساسة بوست

02/19 17:50

منذ 11 دقيقة، 19 فبراير,2017

أيَّ اصلاحِِ نرجو وأيَّ نفعٍ نبتغي؟ الكل في بلادي مُنهَمك بالحديث عن المجريات السياسية والأحداث الاقتصادية والمباريات الرياضية ومع ذلك ترى خيبة الأمل في وجوه طالبي الإصلاح من هؤلاء الفئات.

ودائمََا عندما يُذكر الإصلاح يقع الجميع باللائمة على الأنظمة والحكام فهذا يَصُب اللعنات على الحاكم وذاك يَســـــكبها على الوزير وذاك يجعلها من نصيب رئيسه في العمل والكل يدور في دائرة هشّة وهي التشكي والتذمر من حالنا وواقعنا الذي يُسعد طائفةً منا كما يسعد أعداءنا.

ولا أعفي هذه الأنظمة من الفساد والاستبداد كما لا أبرئهم من هذه الأخطاء المفاهيمية التي أوصلوا إليها شعوبهم حيث جعلوا الإصلاح مجرد خفض للدولار أو هبوط للأسعار أو توافر للسلع التي يحتاجها الناس وفقط.

وتالله ما هذا الإصلاح الذي يُبتغَي وإن كانت هذه بعض صوره، ففي وطني قلما تجد رجلًا يجعل نفسه حَجَر عثرة في مشكلة الفساد المجتمعي والانهيار الأخلاقي والتردي القيمي حتى إذا ما أصلح نفسه صلُح له مجتمعه.

إن كل الناس بجميع طبقاتهم وتفاوت عقولهم تراهم يلخصون لك عملية الإصلاح في بيان رائع وذكر جميل ألا وهو قول الله سبحانه: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ولكن هل يا ترى أحد من هؤلاء الناطقين يُجرِي عملية الإصلاح على نفسه ومجتمعه الصغير.

إن المشكلة الحقيقية أيها السادة عدم إيماننا ويقيننا بأهمية التغيير للأفضل لنا ولذوينا واتخاذ خطوات تحدو بنا نحو ربط لحياتنا بحياة الصالحين المصلحين. إن علماء النفس دائمََا يقولون إن الاهتمامات والهموم التي تقع على كاهل الإنسان غالبََا ما يحاول إيجاد مخرج لها إذا وجد بيئة تساعده على ذلك كما يقال: «هَمّك ما أَهَمّك».

فهل الناس في مجتمعاتنا مهمومون بتحقيق الإصلاح الذي يعتبرونه هدفًا أسمى لهم يتشدقون بالمناداة به بل الأعجب الموت في سبيله؟

الإجابة لا تحتاج إلى ذكر حيث تأكيد المسلمات والحلف عليها هو ضرب من الجنون.

أقولها وقلبي ينبض حزنًا إن طلبنا للإصلاح طلب لا يجاوز الحناجر حيث إنه ليس نابعًا من أهمية هذا الشيء المطلوب فكل ما نفعله هو مجرد سجالات فكرية وإظهارات عقلية حيث يُرِي كل واحد منا غيره (من باب الترف الفكري) أنه يعرف الإصلاح وكيفيته ومناطاته وأنّ العيب في هذا المجتمع اللعين الذي فيه كثير من الأميين والجاهلين الذين لا يرون ما أرى من الطرق المؤدية لما فيه نجاحهم وفلاحهم.

ودائمََا ما أوقن أنّ رمي الفشل على المجتمعات وإبراء النفس منها هي بضاعة السفهاء الفاشلين. لن أتكلم عن الإصلاح وكيفيته والتغيير وطريقته فهذا ليس هدفي البتة، ولكن هدفي هو إيقاظ هذه الروح الغافلة وتنبيهها لأهمية الإصلاح الحقيقي لها ودق جرس إنذار لتبعات هذا التدهور في مجتمعاتنا وتنحية المصلحين إلى مسودة حياتنا وجنبات طريقنا.

لابد لنا من مراجعة أنفسنا وسؤالها بصدق هل أنتِ حقََا تريدين الإصلاح وتؤمنين بأهميته لك أم تَتَسَكّعين بالحديث عنه. فإن كانت الأولى وهذا ظني بأناس جُبِلوا على حب الحق والخير فهي سفينة إصلاح نركبها سويًا لتصل بنا إلى شاطئ نتمنى الوصول إليه وذلك في مقالات قادمة إن شاء الله.

وإن كانت الأخرى فأرجوك لا تضيع أوقاتنا بهمسك في آذاننا عن الإصلاح المزيف ولا تنسَ أن تكون منصفًا وتعلنها صريحة أنك رجل من رجالات الفساد وإن لم يكن بمعناه المُتَخيل حيث إن أناسًا لا يريدون إصلاحًا حقيقيََا هم في الحقيقة مفسدون.

ولا تتهم أحدًا في ما آل إليه أمرنا فأنت السبب في هذا ولا تطلب حقوقك إذ الحق قرين الواجب فلو أدى الجميع واجباتهم لوصل إلى الناس حقوقهم.

فأي مُتحدث عن الإصلاح غير مُطبق له على نفسه وذويه هو لص في ثوب واعظ يكتسب ثناء الناس ومديحهم من حديثه عن الإصلاح الفياض ثم هو مع نفسه لا يجاهدها فضلًا عن أن يُروضها ويجبرها ليكون أمام الناس المصلح الكبير وبينه وبين نفسه المفسد الذي امتطى الإصلاح جوادًا ليحقق له رغباته ونزواته وشهواته.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل