المحتوى الرئيسى

ياسر سلطان يكتب: الطلاق الشفهي وعصر النوادر.. فلتُقطع ألسنة الرجال

02/19 17:49

في واحدة من تجلياته حكى لنا رئيس الدولة ذات يوم ما دار بينه وبين ركاب أحد الأتوبيسات العامة في الإسكندرية, حين توقف الأتوبيس فجأة إلى جانبه وهو يتمشى على الكورنيش.. "ماتخافش احنا معاك".. قالها الرجل في الأتوبيس موجهاً كلامه للرئيس, لينقلها إلينا الأخير دليلاً على وقوف الناس إلى جانبه. لم تكن هذه النادرة هي الوحيدة بين نوادر الرئيس, بل سبقها وأعقبها الكثير غيرها, نتذكر منها على سبيل المثال حديث الثلاجة, أو استعداده لعرض نفسه للبيع في سبيل الوطن, وهي نماذج من النوادر التي تحمل بصمة صاحبها, وربما تحتاج ذات يوم إلى جمعها في كتاب يحمل اسمه, سيكون جديراً بلا شك بأن ينضم إلى غيره من كتب الفكاهة العربية البارزة التي تضم نوادر الثقلاء والبخلاء والطفيليين.

ولكني دائماً ما أقول أن بادئة هذه النوادر جميعاً– وان لم يكن للرئيس حضور مباشر بها- هي واقعة اللواء عبد العاطي مخترع الجهاز الشهير للعلاج من فيروسي سي والإيدز معاً, فهي واقعة نموذجية, أو "فضيحة بجلاجل" كما يقولون. وهي واقعة بمعناها اللغوي الذي يعني الكارثة أو المصيبة.

كانت تلك الواقعة افتتاحية نموذجية لعصر من النوادر الكبيرة, عصر سيختلط فيه المعقول باللامعقول ويُنسف فيه المنطق كلياً, عصر تُدافع فيه أجهزة الدولة بكل استماتة عن حق دولة أخرى في ضم جزء من أراضها, ويسجن العشرات من الشباب بتهمة الترويج لشائعة أن أرضهم هي أرضهم, ولا يجد الرئيس مبرراً لذلك غير وصية والدته له برد الأمانات إلى أهلها.

تماشياً مع هذه الأجواء الفكاهية حد السواد, واتساقاً مع حالة الخطل الجماعية والسيولة الهذيانية, ليس غريباً أن يعزى رئيس الدولة زيادة معدلات الطلاق إلى فلتان لسان الأزواج, هكذا بكل بساطة, فالأزواج سريعو الغضب يرمون بكلمة الطلاق في وجه زوجاتهم, وهكذا تحدث المصيبة وتتفكك الأسر, وعلينا أن نجد حلاً لهذا الفلتان حتى نحد من معدلات الطلاق ونواجه حالة التفكك الأسري التي يتسبب بها. وليس غريباً في ظل هذه الأجواء أن تستغرق الدولة بإعلامها وكتابها وقنواتها التليفزيونية في نقاش طويل حول الفكرة, على رغم ما بها من تهافت وسخف وانحدار في الرؤية والاستنتاج واستخفاف مزري بالعقول. فهذا هو آخر ما تفتق عنه ذهن الرجل الذي يشغل أعلى منصب رسمي في الدولة المصرية كحل لكبح التزايد الملحوظ في معدلات الطلاق بين المصريين, ولأنه الرئيس, كان على أجهزة الدولة أن تجد حلاً تشريعياً لهذا الاجتهاد العبقري, وعلى المؤسسات المشهود لها بالرصانة أن تتعاطى مع الأمر بجدية, فيخرج علينا الأزهر مفنداً للفكرة في وجل ببيان خجول, حين أتصور بنات أفكار كاتبه وهو يخط سطوره بيديه مرغماً على التعاطي مع فكرة هذيانية كتلك أستغرق في الضحك, لعله ضحك كالبكاء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل