المحتوى الرئيسى

مارك أمبندير يكتب: الدولة العميقة فى أمريكا.. كيف تعمل؟ | المصري اليوم

02/19 01:18

الأسئلة عن ماذا وأين ولماذا ظهرت أول فضيحة كبرى لإدارة ترامب- استقالة مستشار الأمن القومى مايكل فلين المخزية- تمت مناقشتها جميعها بشكل مستفيض. ولكن السؤال المهمل نسبيا، ويستحق المزيد من الاهتمام، هو: كيف ظهرت تلك الفضيحة؟ وحقيقة رحيل أحد كبار رجال الأمن القومى فى البلاد بفضيحة مرتبطة بمحادثة مسجلة يقدم نظرة نادرة حول كيفية عمل الدولة العميقة فى أمريكا.

إنها ليست قصة حول تمرد وكالات الاستخبارات خارج نطاق القانون، بل عن قوة داخلية واسعة النطاق تمكنوا من الحصول عليها داخل إطار الدولة.

وكما نعرف الآن فإن مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة الأمن القومى، بموجب الأمر التنفيذى رقم 12333، يملكان السلطة القانونية لمراقبة ورصد المكالمات الهاتفية وقراءة الرسائل النصية المرسلة من وإلى السفير الروسى فى الولايات المتحدة، سيرجى كيسلياك.

وعلى الرغم من أن مراقبة شخص معين يصنف تحت بند المعلومات شديدة السرية، ولا يمكن التصريح بها إلى الأجانب، إلا أن مراقبة السفير الروسى أشبه بالسر المعروف، وربما «كيسلياك» اشتبه فى أنه كان تحت المراقبة.

ومع وجود سيل من القوانين، تم تعديل معظمها بعد تسريبات سنودن، تحكم تداول المعلومات التى يتم الحصول عليها من خلال هذه المراقبة، وهنا تأتى أهمية فضيحة مايك فلين التى بدأت مع تسريب معلومات للصحافة تم جمعها خلال مراقبة «كيسلياك».

والطريقة التى من المفترض التعامل بها مع تسجيلات المراقبة تقضى بأن أى «شخص أمريكى»- مواطن أمريكى، مقيم دائم، أو حتى شركة أمريكية، تقع هنا أو فى الخارج- لها اتصالات مسجلة مع «كيسلياك»، فإن على مكتب التحقيقات الفيدرالى أن «يخفى» الجانب الأمريكى من المحادثة، إذا قرر المحللون أن المكالمات لا علاقة لها بجمع المعلومات الاستخباراتية.

ولكن إذا استمع محلل لمكالمة مسجلة لـ«كيسلياك» مع شخص يُعرّف نفسه بأنه رسول من الحكومة الأمريكية، وعبارة «مرحبا! أنا مايك فلين» بالتأكيد تؤهل لحدوث عدد من الأمور، وفقا لقواعد الحكومة الخاصة.

فى هذه المرحلة سيتم النظر فى التسجيل وأى نص يقع تحت مظلة «معلومات أولية تحت قانون مراقبة المخابرات الأجنبية»، وسيتم تداوله بشكل محدود للغاية فى وكالة الأمن القومى، ولن يطلع عليه أكثر من 40 من المحللين أو كبار المديرين فى حجرة التصنيف الفرعى، حيث يتم تصنيفه حسب واحد من خمس فئات مختلفة من الاستخبارات الأجنبية.

ومع ظهور أى شىء خارج عن المألوف- مثلما حدث فى تسجيل مايكل فلين- سيتم إخطار رئيس شعبة الأمن القومى، الذى سيعطى نص التسجيل غير المنقح لمدير مكتب التحقيقات الاتحادى، جيمس كومى، أو نائبه، ثم يقوم المدير ونائبه بتحديد ما إذا كان يجب الحفاظ على الجزء من الرسالة الذى يحتوى على كلمات فلين، ووكالة الأمن القومى لديها إجراءاتها الخاصة لتحديد ما إذا كان يجب تدمير أو الإبقاء على نصف التسجيل الخاص بالجانب الأمريكى.

وكانت هناك 3 مجموعات من الاتصالات بين فلين وكيسلياك، واحد على الأقل منها كان رسالة نصية. فى الفترة بين 18 و30 ديسمبر، بعد يوم من فرض عقوبات ضد روسيا وجواسيسها المتنكرين فى هيئة دبلوماسيين.

العوامل التى دفعت مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى ونائبه للنظر فى تعقيدات تلك القضية، أن فلين كان مسؤول استخبارات سابقا، وليس فى السلطة، فى وقت المكالمات، على الرغم من أنه كان يملك تصريحا أمنيا مؤقتا. ثم كان هناك السياق السياسى، حيث أرادت الولايات المتحدة أن تعرف لماذا قررت روسيا عدم الرد، وفقا لصحيفة «واشنطن بوست». لكن العامل الأهم أن فلين كان يتحدث إلى سفير الدولة التى اتهمت بالتدخل للتلاعب فى الانتخابات لصالح رئيسه (ترامب).

وبغض النظر عن محتوى تسجيل فلين من المكالمة، كان سيكون إهمالا جسيما إذا قرر مكتب التحقيقات الفيدرالى التقليل من شأن أو تجاهل هذه المكالمات، وذلك ببساطة لأن «فلين» المواطن لا يخضع للمراقبة، ولكن ما قاله فى المكالمات لعب دورا فى تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالى للحفاظ على التسجيل وعدم تدميره.

ولأسباب غير واضحة لنا، لم يعتقد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى، جيمس كومى، أن مكالمة فلين تشكل خطرا كبيرا على الأمن القومى، لذلك لم يرسل محققين إلى فريق ترامب، أو فلين. وربما كان يشعر بالحرج باتخاذ تلك الإجراءات قبل التنصيب.

لكنه أراد أن يعرف مزيدا من التفاصيل، وفى تحول غير عادى، أرسل محققين إلى البيت الأبيض لمقابلة فلين بعد بضعة أيام فقط من أداء ترامب اليمين، ولا نعرف ما توصلوا إليه. ولكن قبل 26 يناير تخلى «كومى» عن معارضته لإخطار البيت الأبيض، وفى هذه الأثناء، سُئل المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبيسر، حول المكالمات مرة أخرى، وكرر فلين الكذب.

وأبلغت القائم بأعمال النائب العام، سالى ييتس، مستشار البيت الأبيض، دون ماجهان، بأن إفادته لم تطابق ما أصر فلين عليه.

ولم يطلع «ماجهان» على نص التسجيلات، رغم وجود التصريح الأمنى اللازم، ولكن من الإنصاف أن نفترض أن العديد من أعضاء فريق ترامب لم يفعلوا ذلك. ولكن هذا لا يفسر لماذا استغرق نائب الرئيس مايك بنس 11 يوما، والذى بالتأكيد لديه التصريح، للاطلاع على تحذير وزارة العدل، كما أنه ليس من الواضح ما الذى كان يفعله البيت الأبيض لبحث والتحقيق فى هذه المعلومات لعدة أسابيع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل