المحتوى الرئيسى

النساء جرس الإنذار الأول للإرهاب.. مستشارة الأمم المتحدة: انتبهوا لصوتهن المكتوم

02/18 22:18

ليست المرأة فقط المتضررة الأولى من انتشار الإرهاب في بلادها، وسيطرته التي تصل إلى بيعها كالرقيق وإجبارها على الزواج أو كبت حرياتها تمامًا في أفضل الأحوال، بل إنها أول من يستشعر نمو الإرهاب في مجتمعها ويلتقط إشاراته ويبذل قصارى الجهد للتحذير منه، بحسب ما أظهر تقرير لصحيفة «فورين أفيرز» الأمريكية.

كاتبة التقرير هي سانام ناراجي أندرليني، مستشارة الأمم المتحدة لشئون المرأة والصراعات، والمدير التنفيذي للشبكة الدولية لأعمال المجتمع المدني ICAN المهتمة بشئون المرأة والسلام. وأشارت في تقريرها إلى أن النساء كن أول من لاحظ انتشار الفكر المتطرف في سوريا، خصوصًا في الأماكن التي هجرها أهلها ومخيمات اللاجئين، قبل ظهور تنظيم داعش واحتلاله صدارة الأخبار والاهتمام العالمي.

ونقلت سانام خواطر صرحت لها بها ناشطة سورية بمجال السلام في 2012، قالت: «أطفالنا بحاجة إلى مدارس، لكن المجتمع الدولي غائب، بينما يقدم السعوديون مناهجهم الدراسية في مجتمعاتنا»، في إشارة إلى ما فوجئ به الأطفال بعد اندلاع الحرب الداخلية السورية من مناهج دراسية غريبة عليهم، تقدم التطرف والتزمت الديني باعتبارهما «الإسلام الحقيقي».

أيضًا لاحظت ناشطة أخرى كيف استجابت العائلات المشردة إلى إغراءات جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليًا) التابعة لتنظيم القاعدة، حيث قدمت لهم المال والطعام والحماية مقابل إرسال أبنائهم للقتال ضمن صفوفها. كما استجابت تلك العائلات لفكرة تزويج بناتهن الصغار لرجال يفقنهن عمرًا بكثير لحمايتهن، بدلًا من حياة المخيم. وبالفعل رصدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تلك الظواهر.

ولم تكن نساء سوريا وحدهن الأكثر حساسية لانتشار الظواهر المتطرفة، فقد كانت نساء مصر وليبيا وتونس من أوائل من حذروا من الظهور المفاجئ للقوى الإسلامية المتطرفة، بعد ثورات الربيع العربي في بلادهم في 2011؛ وهو ما دفع تلك القوى مع وصولها إلى السلطة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والقوى السلفية، إلى محاولة استمالة النساء بتصنع الدفاع عن حقوقهن، لكن بعضهم استمالهم في الاتجاه الآخر نحو أفكار متطرفة.

ففي ليبيا أعلن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، إلغاء حظر تعدد الزوجات، وذلك في أول خطاباته للشعب، وهو ما اعتبرته سانام انتهاكًا لحقوق المرأة في البلاد. وعلقت ناشطة ليبية على صعود السلفيين في بلادها بأنهم «طاردوا الموتى» - في إشارة إلى هدمهم الأضرحة الإسلامية والمسيحية – ثم طاردوا النساء.

وفي العراق، بينما انصرفت آلاف المنظمات الأمريكية عن برامجها لدعم التنمية في العراق، كانت شبكة ICAN من أوائل من التفتوا إلى بداية انتعاش تنظيم القاعدة في البلاد، وانتشار العديد من الجماعات المتطرفة الأخرى. وبدأت النساء في 2011 يلاحظن تحرش المتطرفين بالنساء في الشوارع وإفلاتهم بسهولة من العقاب، بل واستخدام الشرطة للمتطرفين المسلحين بالسكاكين في قمع تظاهرات شعبية، جاءت اعتراضًا على سن قوانين جديدة تحد من الحقوق والحريات. ورغم ذلك لم تُسمع التحذيرات النسائية، و«فوجئ» العالم بظهور داعش في العراق في 2014!

وعانت العراق بشكل خاص من تحكم المتطرفين في القوانين، في أعقاب الغزو الأمريكي الذي استبدل الدستور المدني الموحد بإمكانية احتكام المواطنين إلى زعماء طائفتهم الدينية في بعض القضايا ذات الطابع الاجتماعي، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال، وهو ما يجعلهم تحت رحمة الأهواء الشخصية للشيوخ.

لذا أثار ذلك حفيظة الناشطين من الرجال والنساء باعتباره يمس قضايا النوع الاجتماعي بشدة، فضلًا عما يسببه ذلك من انقسام وتمييز وتعميق للاختلاف في المجتمع، وبالتالي كان أحد أسباب اقتتال الطوائئف الدينية المختلفة في العراق وإنتاج جماعات متطرفة؛ وربما أمكن تدارك هذه الصراعات في مهدها لو أن المجتمع الدولي التفت للتحذيرات المبكرة في وقتها.

وحتى في أفغانستان التي تعاني لسنوات من حكم متطرفي طالبان، توقعت النساء سقوط مدينة قندوز في قبضة الحركة الإرهابية قبل أن يحدث في سبتمبر 2015، وأوضحت ذلك ناشطة بارزة وخبيرة أمنية أمريكية بقولها: «حذرنا الجميع من أن عناصر الشرطة لا تتقاضى أجرًا منذ ستة أشهر، وبالتالي لن تخوض الحرب ضد الإرهابيين، وعلمنا من نساء أفغانيات كيف تتسلل عناصر طالبان داخل المدينة، بينما تفسح لهم الشرطة الطريق».

أما في مصر، رأت سانام أن الناشطات كن وما زلن يحذرن من قمع الحريات، لكن أصواتهن تُكتم ويتجاهلهن العالم.

وتابعت سانام: «في أوساط الأمن الدولي تكون التحذيرات المبكرة سلعة ثمينة، والكثيرين منا – كعاملين في مجال المرأة والسلام والأمن – نشير منذ زمن طويل إلى أن «إشارات التحذيرات المبكرة المبنية على النوع الاجتماعي» يمكنها أن تقدم تحذيرات أكثر سَبقًا».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل