المحتوى الرئيسى

أفنان عمر يكتب: اربتوا عليهم | ساسة بوست

02/18 19:20

منذ 4 دقائق، 18 فبراير,2017

واحدة من القضايا المهمة التي تشغل بال من يهتمون بعمليات التربية جميعًا، بل تشغل بال المجتمع، ولكن دون التوقف عندها لبعض الوقت،كيف تؤثر توجهات وتوجيهات الأسرة على شخصية الطفل؟

موضوع يشغل بال الكثيرين منا، ونتعامل معه جميعًا، ولكن دون وعي أن التشكيل الأساسي لبناء جيل يأتي من هذه النقطة، نقطة التأثير على توجيه الطفل كيف يأتي؟ فذلك الطفل الصغير اليوم ليس كطفل الأمس، ولكنه في النهاية طفل يتأثر بما حوله من المعارف والسلوك العام، وبموجب ذلك نحن نوجه الأطفال لنغرس بهم بعض الأشياء، ولكن هل نستطيع تمييز عقلية الطفل وميوله العامة؟ لنستطيع إدارك أن هذه التوجيهات صحيحة أم خاطئة، هل ترنو إلى مسعاها الحقيقي فعلًا، وهي التوجيه السليم الصحي مجتمعيًا للطفل، أم أنك تغرس بداخله شيئًا لا يتوافق مع ميوله،أو يطغى على شخصيته هو، ليتكون داخله شخص آخر، وفق ميولك وتطلعاتك أنت، ربما عاش بقية حياته مفتتًا من داخله بسبب ذلك!

وقلة من الأسر تهتم بذلك كله، أو تأخذ هذا الكلام على أنه جانب دقيق في التربية، فالأسر تواجه الكثير من الضغوط اليومية التي لا تستطيع من خلالها أن تجد الوقت لكل ذلك، ولكن ما فائدة أن توفر كل الماديات للطفل، ولكن في النهاية يشعر أنه بلا هوية وبلا أساس واضح نفسيته العامة محطمة داخليًا؟ لا يستطيع لملمتها، لتمر السنوات ويصبح مراهقًا تغلبه شهواته وميوله، وينفجر في وجهك ووجه المجتمع ووجه كل ما وُجه إليه، ليظهر حجم التناقض الذي كان يكبته في داخله لسنوات عديدة، ولكنها تنفجر في وقت ومكان غير ملائمين؛ لأنه في تلك المرحلة لن يستمع لأحد، ولن يأخذ بتوجهات أحد، فقد فاض به الكيل من كل التوجهات ومن جميع التوجيهات؛ ليجد نفسه حرًان فلا هو من وجد نفسه، ولا تدارك شخصيته الأساسية ليعود إليها ويميل إلى توجهاته وميوله الفطرية، إلا قليلًا.

فبعض الأسر تتخذ شكل التوجيه المباشر لفعل أشياء معينة، بدون الإلتفات لنقطة هل الطفل يستطيع فعل ذلك في هذا الجو المجتمعي أم لا ؟ ولكن هنا حذاري أن يكون التوجيه في شكل أوامر ونواهٍ، بل الأصح أن يكون في شكل تعريف للطفل كيف يتعامل مع الشيء الخاطئ ويبتعد عنه، وكيف يتعامل مع الصحي والصحيح ويحافظ عليه، ولكن بطرق تناسب شخصيته التي عن طريق مراقبة الأسرة له ستفهمها جيدًا.

وهنا نأتي إلى جانب آخر وهو تخوف من طرف الأسرة أن لا يتخذ الابن نفس المسلك الأسري في كل شيء، أو التخوف على مستقبله ونظرة المجتمع له إن حاد عن الطريق،أي أنهم يرسمون حياته أمامهم ويريدونه أن يسير على خطاهم كما يرونها، متناسين تمامًا أن لديه شخصيته وأحلامه، وحتى مكانته وسط أصدقائه، لما لا تتركه الأسرة يخطأ ويتعلم، ولكن عليها المراقبة من بعيد دون الصدام معه، ودون أن تتركه ينغمس في أخطائه أيضًا، حتى تلومه لتبدأ مرحلة التأنيب والأذى النفسي، بل هنا الاتجاه الأمثل في الاهتمام والحب والقرب والأحاديث، وخلق جو فيه الود والوئام معه هو.

وأحيانًا لا تدرك الأسرة هذه المشكلة، إلا في وقت متأخر جدًا تكون قد فقدت السيطرة فيه على التوجيه وعلى سلوكه وتصرفاته، وفقد هو الثقة في الجميع؛ لأنهم أصبحوا أيضًا لا يبادلونه الثقة، فيلجأ للعنف والتصرفات الخاطئة والعند، هنا ما المانع لو لجأت الأسرة لطبيب نفسي، يستطيع ربما أن يثق به ليخرج كل ما بداخله من أفكار وأحلام وكبت أحلام وأحاديث كثيرة.

نعم هناك الكثير من الأطفال الذين يحتاجون إلى التوجيه، ولكن دعونا نقف عند نقطة محددة، التوجيه هنا ليس مفاده أن تهاجمه، ولكن مفاده أن تثبت له أنه على خطأ، ولا تُسرع في أن تثبت له ذلك، بل بالتأني والمراقبة الجيدة والتعامل بالحب والشمول بالرعاية والحنان.

ونعم أيضًا هو جيل صعب أن تفهم ميوله وقدراته وتوجهاته ويحتاج مراقبة دائمة، وهنا تأتي نقطة الغرس السليم، والترابط الأسري وحب الأسرة والبيت، والرعاية التي لا تصب إلا فى موضعها السليم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل