المحتوى الرئيسى

خبراء لـ"العين": التجربة المغربية في التصدي للإرهاب ناجحة

02/17 13:49

في ظل موجة الإرهاب، التي ضربت عدة دول عربية وغربية، اتخذ المغرب مجموعة من التدابير والاجراءات لمواجهة هذا التهديد الإرهابي، الذي بات يحدق بالعالم أجمع.

وتعرض المغرب في سنوات 2003 و2007 و2011 لهجمات إرهابية، في كل من مدينتي الدار البيضاء (2003-2007) ومراكش (2011)، راح ضحيتها 62 قتيلا وعشرات المصابين من المغاربة والأجانب.

ويرى خبراء تحدثت معهم بوابة العين الإخبارية أن التجربة المغربية في مكافحة الإرهاب ناجحة، ودعوا إلى إيجاد آلية للتعاون بين الدول الإسلامية تعمل على المدى القريب والمتوسط من أجل حماية الشباب من التشبع بأفكار التنظيمات الإرهابية.

وعن تلك التجربة يقول عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، "إن المغرب بادر، منذ هجمات الدار البيضاء 2003، بالقيام بمجموعة من الخطوات والتدابير لمكافحة العنف والإرهاب"..

وكانت الخطوة الأولى، بحسب تصريحات الخيام لـ"بوابة العين"، هي تغيير بطاقة التعريف الوطنية (بطاقة الهوية) القديمة واستبدالها بأخرى "بيوميترية"، بعدما تبين أن الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها وقتها كانوا يتحركون في ربوع المملكة ببطاقات مزورة، مما كان يسهل عليهم الهروب من مراقبة الأجهزة الأمنية.

وأشار إلى أنه تم تطبيق استخدام جواز السفر البيوميتري، مما قيّد من تحركات الإرهابيين.

وأضاف أنه "في 2003، صدر قانون الإرهاب الذي فصل جرائم الإرهاب عن باقي الجرائم، كما تم تطوير أداء رجال الأمن من الناحية القانونية والتقنية وتطوير آليات عملهم، فظهر في المغرب ما يعرف أولا بـ"شرطة القرب"".

وتابع قائلا "بقي مسلسل الإصلاحات مستمرا حتى ظهرت في السنوات الأخيرة فرق "حذر"، وهي فرق أمنية مشكلة من رجال الأمن ورجال القوات المسلحة الملكية، وهدفها حماية المؤسسات العمومية والأمكن العامة".

وأشار إلى أنه تم إنشاء جهاز يختص فقط بمواجهة الخطر الإرهابي والجريمة العابرة للقارات، تحت اسم "المكتب المركزي للأبحاث القضائية" الذي يعتبر الذراع القضائي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والتابع لها إداريا، وخصص مجال عمل هذا المكتب في جميع الجرائم المنصوص عليها في الفصل 108 من قانون المسطرة الجنائية المغربية، والتي تشمل الإرهاب والمسّ الداخلي بأمن الدولة، التهريب الدولي للمخدرات، تزييف العملة وجرائم أخرى منصوص عليها في نفس الفصل.

واعتبر الخيام، أن قوة المغرب في محاربة الإرهاب تكمن في إجهاض جميع المحاولات التي تستهدف المساس بأمن المملكة، مؤكدا أن المغرب ينهج استراتيجية استباقية، وهي الاستراتيجية التي وضعت لها قوانين حتى تشتغل السلطات الأمنية تحت مظلتها، وحتى تتم مواجهة الشباب الذي يلتحق بالتنظيمات الإرهابية من أجل تلقي تدريبات أو تعليمات، بالقانون أيضا، حسب تعبير ذات المتحدث.

في هذا السياق، أفاد المحافظ المدير العام للتعاون الدولي بوزارة الداخلية المغربية، السيد محمد مفكر، ضمن ندوة نظمت مؤخرا بمجلس المستشارين المغربي، أن السلطات المغربية، فككت، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، 168 خلية إرهابية.

وأوضح ذات المسؤول الأمني، أن حوالي 50 خلية من ضمن هذه الخلايا المفككة ذات صلة بمناطق التوتر، على الخصوص بالمنطقة الأفغانية والباكستانية والعراق وسوريا ومنطقة الساحل، مضيفا أن العمليات النوعية أسفرت عن إلقاء القبض على 2963 مشتبها بهم، وإحباط 341 مخططا إجراميا.

وأضاف أن المعطيات والمعلومات المتوفرة تشير إلى أن أكثر من 1600 مواطن مغربي سافروا للقتال ببؤر التوتر، 147 منهم عادوا إلى المغرب وجرى التحقيق معهم، فيما تم توقيف 132 شخصا وتقديمهم للعدالة، إلى جانب توقيف 6 أشخاص عند محاولتهم مغادرة الأراضي المغربية.

ورغم أن المغرب نجح في التصدي لمجموعة من التهديدات الأمنية وتفكيك خلايا إرهابية كانت تستهدف أمن المغرب، لكنه لم يستطع بعد منع استقطاب الشباب المغربي من طرف التنظيمات الإرهابية.

وعن آليات هذا الاستقطاب، اعتبر عاطف بكمزا، الباحث في العلاقات الدولية، أن الإرهاب تطور وتطورت معه أساليب عمل التنظيمات الإرهابية وتطورت قنواتها في الاستقطاب، كما تطورت آليات تنفيذها للعمليات الإرهابية، معتبرا تنظيم "داعش" من التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تدخل في الجيل الثالث من التنظيمات الإرهابية، بعد التجربة الأفغانية والتجربة العراقية والتي أصبحت تتوجه إلى أساليب عمل أكثر تطورا من سابقاتها.

واعتبر أن "الإرهاب اليوم أصبح معولما أمام انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتعدد وسائط الإعلام التي أصبحت في متناول هذه التنظيمات الإرهابية، والتي تيسر لها عمليات الاستقطاب والتجنيد بسرعة قصوى".

وقال "كما أن ارتكازها على خطاب ديني متطرف يركن إلى تيار السلفية ويتخذ من مفهوم الجهاد المحدد في اشتغالها وأسلوبها الأول والأخير في التغيير، أكسبها نوعا من المشروعية الدينية في الاشتغال وسط المنتمين إليها، كما سهل عليها عمليات استقطاب المتعاطفين مع خطاب الجهاد.

وحول انضمام نساء مغربيات لتنظيمات إرهابية، أكد عبد الحق الخيام، أن هناك فعلا 185 امرأة مغربية في صفوف تنظيم داعش، ومعهن 135 طفلا يتلقون يوميا تدريبات عسكرية صارمة على يد الإرهابيين، مشيرا إلى أن هؤلاء النساء التحقن أساسا بأزواجهن وأخذن معهن أطفالهن الذين يتم استغلال براءتهم وتجنيدهم للقيام بأعمال عنف وتخريب في مناطق الصراعات.

وأوضح الخيام، أنه بالنسبة للأجهزة الأمنية المغربية، هؤلاء النساء هن معروفات وإذا ما رجعن إلى المغرب، وخصوصا أن هناك تقارير تقول إنهن ينوين العودة فعلا، فسيتم التعامل معهن بحزم وفي إطار القانون بتهمة الالتحاق بتنظيم إرهابي، مؤكدا أن القانون المغربي لا يميز بين المرأة والرجل.

في ذات السياق، يرى عبدالفتاح الزين، الباحث في علم الاجتماع، أن علاقة النساء بالعنف هو الذي يطرح إشكالا كبيرا، معتبرا ولوجهن إلى هذا العنف غير الشرعي وغير المقبول أخلاقيا وقانونيا؛ في الوقت الذي لا يزال ينظر فيه إلى النساء كضحايا لهذا العنف؛ يظل مفارقة.

وقال الزين، في تصريحاته لـ"بوابة العين"، إنه "من المفارقات أن تكون من تمثل الخصوبة وترمز إليها تصبح، ليس فقط راغبة في الموت بل وحاملة ومنتجة له (الانتحاريات) من أجل نموذج مجتمعي يستعبدها ولا يعترف بكينونتها (مجتمع الإرهابيين).

وأكد الزين أن استخدام النساء من طرف داعش يكون ليس فقط لضمان التوازن النفسي للمحاربين (الزوجة، جهاد النكاح..)، ولكن أيضا للمساهمة في إعادة إنتاج المجتمع (النسل، والتنشئة وفق القيم التي يحارب من أجلها الإرهابيون)، ولأن النساء أقل تعرضا للمراقبة والتفتيش (سهولة التحرك والعمل).

ولمواجهة تجنيد الشباب المغربي والمسلم ومواجهة الانزلاق خلف الأفكار المتشددة، يؤكد الدكتور أحمد العبادي، رئيس الرابطة المحمدية للعلماء، أن هناك حاجة إلى التثقيف بالنظير، وذلك بالنظر إلى قدرة النظراء، المتقاربين في السن والمتشابهين في الآمال، على التأثير في بعضهم البعض، داعيا إلى التعبئة للنظراء بطريقة بانية وليس بطريقة تحكمية، لكي يتم تبنيهم لقضاياهم في إطار جمعيات المجتمع المدني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل