المحتوى الرئيسى

الإسلام كما أدين به

02/16 21:28

الخيرية التى أخرجها الله لنشرها خيرية مطلقة لا تستثنى أحدا من البشر ولا تهمل شيئا واحدا من المسخرات، فـ«المسلم الخير» يعلم يقينا أن الكون كله ملك خالص لله سبحانه، ومعنى هذا أن كل الكائنات مخلوقة لله يجب الحفاظ عليها، كما يعلم المسلم أن جميع البشر ــ بغض النظر عن فوارقهم ــ جميعهم إخوة لأب وأم وهما آدم وحواء، وتلك أخوة نسب ودم لا يجوز تقطيع أوصالها ولا تفريق أعضائها ولا تعطيل قدراتها.

يفهم المسلم أنه ضيف على هذه الحياة بكل مكوناتها، فيتصرف مع الجميع تصرف «الضيف الخلوق» فلا يتحرك إلا لمنفعة عامة، ولا يطوى صدره على مضرة لأحد من الخلق، ضيف مكلف بالإعمار والإحسان، مكلف بالعدل والإتقان. وإن أول العدل أن تجعل البشر جميعا عائلتك ومسئوليتك، فكل ضعيف يحتاج إلى مساندتك، وكل مريض يحتاج إلى مواساتك، وكل ضال يحتاج إلى هدايتك إلى الرشد برفق ولين ورحمة، وليس عليك أن يطيعك الناس، ولست قاهرا ولا مسلطا عليهم، بل قصارى أمرك أنك تبحث عن فرصة لإرضاء ربك فى خدمة الناس.

والمسلم الخير فى حياته لا يحتاج إلى سلطة يقهر بها مخالفيه، ولا يحتاج إلى زعامة ليتسربل بها، فحسب المسلم أنه عبدالله كسائر العباد يحمل همهم ويرجو صلاحهم ويسعد بفرحهم ويأس لأى ضر يصيب أحدهم. هكذا أمر الله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ..)). فلا ترفع على الخلق ولا استعلاء على بشر، ولا حق لأحد فى إدعاء امتلاك الحقيقة، ولا سبيل إلى الله إلا سبيل الخير والرفق والعلم والرحمة. فالخيرية التى يتحملها المسلم خيرية معمرة غير مدمرة، وخيرية حلم وصبر لا تهور فيها ولا تعجل، وخيرية جامعة لا تفرق. حانية راعية على بنى الإنسان تنشد خيرهم وتحذر ما يصيبهم.

فالمسلم الملتزم بدينه لا يعرف تكالبا على قناع الحياة الدنيا ولا يعرف التربص وانتهاز الفرص، ولا تحدثه نفسه أن تحوز يداه ما فى أيدى غيره، حيث أن المسلم يوقن أن المعطى هو الله، والمانع هو الله، وأن الرازق القوى المتين هو الذى يقدم ويؤخر ((.. تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)). لهذا ترى المسلم المهموم بأمر دينه متعلق بربه لا بالبشر، طالبا من الله وليس من الناس، صابرا غير متبرم، مقبلا على الآخر إقبال الصديق على صديقه أو إقبال الطبيب على مريضه.. ألم نقرأ الحديث القدسى عن رب العزة يعبر عن إرادته بجميع خلقه فيقول: «إن أطاعونى فأنا حبيبهم وإن عصونى فأنا طبيبهم».. نعم هذه رحمة الله، فالعصاة كلهم فى نظر المسلم مرضى وليسوا متمردين.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل