المحتوى الرئيسى

سؤال غربي وإجابات من 5 روايات.. هل هناك طريقة لتعلم الحب؟

02/16 18:05

هل هناك طريقة لكي نتعلم فيها الحب؟ نستخدم هنا الحب بمعناه العاطفي، أي تلك العلاقة التي تجمع شخصين. وهو سؤال ليس فلسفيا، بل سؤال عملي يبدو أن كثيرين من الغربيين يبحثون له عن إجابة، لم توفرها لهم المناسبات والأعياد التي أعطوها عنوان الحب في التسميات.

هناك إقبال كبير على شراء الروايات العاطفية، والتي كثير منها يندرج تحت تصنيف روايات الجيب، التي تقرأ في القطارات والمقاهي والحدائق العامة، فضلا عن الأعمال الكلاسيكية التي تعتبر العلاقات الإنسانية بما فيها من حب وكراهية خامتها الأرحب. هل يمكن أن نتعلم الحب؟ أو هل يمكن أن نعثر عليه في بطون الكتب؟ هنا محاولة للإجابة: “نحن نتوقع أن يكون الحب واحدا من أعظم الأفراح في حياتنا، ولكن في الواقع هو واحد من أكثر الطرق موثوقية نحو البؤس”.

هذا المقتبس هو من مقالة كتبها الروائي البريطاني السويسري المولد، آلان دي بوتون، نشرها مؤخرا، ولاحظ فيها ـ بناء على إحصائيات موثوقة ـ أن معدلات الطلاق تبلغ ذروتها خلال فترة أعياد الميلاد.

هناك رأي في أوساط بعض علماء الاجتماع والنفس، يقول إن اللوم في سوء التقدير لحقيقة وقيمة الحب في حياة البشر، يقع بالدرجة الأولى على مؤلفي الروايات وبالتالي الناشرين، الذين جعلوا من مشاعر الحب وجموح العواطف ثيمة ثابتة في الأعمال الأدبية، ما جعل الناس يقبلون على شرائها وقراءتها متوقعين أن يروا صورتهم في صفحاتها، أو يحاولون رسم صورهم بناء على تصوراتها الخيالية، فتكون النتيجة خيبة أمل كبيرة.

وقد نشرت المجلة الطبية البريطانية، مؤخرا، دراسة علمية تؤكد فيها أن الروايات التي تصدرها دار Mills & Boon (ميلز أند بوون) منذ أكثر من قرن، كانت عاملا مساهما في حدوث حالات من الطلاق والعلاقات غير الشرعية.

وقد بنت هذه الدار سمعتها على الروايات العاطفية التي تنشرها، والتي تتهم بأنها تجذّر شعورا مخادعا بالرومانسية، خصوصا لدى الإناث، يؤدي في نهاية الأمر إلى نوع من الانهزام أمام اصطدام الوهم بالواقع.

بسبب هذه الاتهامات قدمت الدار شهادة نشرتها قبل أيام صحيفة “الاندبندنت” البريطانية، برّأت فيها رواياتها من تهمة الإساءة إلى الحب، مشيرة إلى إن “الواقعية كانت دائما جزءا من الخيال الرومانسي”.

وعلى سبيل المثال، تقول الدار في شهادتها، إن الروائية شارلوت سميث (1749 ـ 1806)، وهي من المبكرين في كتابة روايات رومانسية، حقنت أعمالها بتفاصيل اجتماعية واقتصادية وفكرية تعكس حال المجتمع في الفترة الزمنية التي عاشت فيها.

ومنذ ذلك الوقت، بحسب (ميلز أند بوون) كان أبطالها يقعون فريسة مشكلات واقعية سواء مثل الأزمات الناشئة عن الزواج، أو الحمل غير الشرعي، أو الاغتصاب الزوجي وغيرها.

وبحسب ما يقوله الناقد ستيورات كوران، فإن أعمال سميث هي لحظات من الخيال تتسرب إليها عناصر من الواقع. بناء على ذلك تسمي الدار المتخصصة في نشر روايات الحب، أعمالها بـ”الواقعية الرومانسية”.

لكن المشكلة هنا، بحسب آلان دي بوتون، ليست في تحديد الرومانسية ولكن في تعريف الواقعية، ولذلك فإنه يعطي القراء نصيحة قد تساعدهم على اختيار ما يريدون قراءته لتطوير مهاراتهم العاطفية وإنقاذ علاقاتهم.

نصيحة بوتون تدعو القراء ألا يبالغوا في تمثّل الأبطال الدراميين أو نجوم السينما. فالواقع مهما جرى تجميله سوف يظل بعيدا عن الكمال. وهناك العديد من الروائيين الرومانسيين يعيرون انتباها لهذه الحقيقة، ومنهم بيني جوردون في روايته “الجائزة المرغوبة” (2011) الذي جعل بطله يقر بهذا الواقع. فها هو بطل الرواية كيرل يخبر بما يشبه المونولغ أنه دخل “في ظلام جعله غير قادر على السيطرة على الإطلاق.

إنه نوع من مصاصي الدماء العقلاء، وهو صدى لنفسه، وعندما يصبح مستثارا فإن الحل الوحيد هو تغذية الألم العاطفي للآخرين”. هذه الحال المضطربة كما تظهر في الرواية ستضع عبئا كبيرا على إلينا البطلة البالغة من العمر 19 عاما، لإنقاذ كيرل من نفسه ولتعزيز العلاقة بينهما. فكيرل هنا ليس هو البطل الخيالي الذي شيّدت له مثالا في خيالها، ولذلك فإنها تقول له: “لم أكن أحبك. أنا أحب شخصا ما أنا خلقته داخل رأسي وقلبي. شخص أعرف الآن أنه لم يكن موجودا. وكان هذا ضعفا وحمقا مني”.

الحب الذي يبدو عقيما في هذا العصر، وتختلط فيه التجارب والمفاهيم والخيبات والرغبات، لطالما كان حافزا أو هدفا للمخيال الروائي الإنساني، منذ زمن ألف ليلة وليلة وحتى زمن “هاري بوتر”. هنا خمس اختيارات من أعمال روائية كلاسيكية ومعاصرة غربية، رفرف الحب فوق صفحاتها الدرامية:

ربما كانت أعمال شكسبير مقررا مدرسيا قرأه معظم الطلاب، وقد يكون كثيرون شاهدوا الفيلم الذي صنعه باز لورمان (1996) من بطولة ليونارد دي كابريو، لكن إعادة قراءة شكسبير، وخصوصا روميو وجولييت بقصد استكشاف معالم العواطف الجياشة فيها هي تجربة تستأهل الخوض فيها مرة بعد مرة. طرفان متحاربان. شخصان متحابان. واثنان خطفهما الموت. ماذا يمكن أن تضيف إلى الرومانسية أكثر من ذلك؟ لقد استخدمنا اسم روميو في كتاباتنا وأحاديثنا اليومية كمعادل لغوي وفعلي للحب، وهو يستأهل قراءته للمرة الأولى أو مجددا على هذا الأساس.

هنري هو مسافر في الزمن يقع في حب مع كلير. يمكنك أن تتخيل فقط المشاكل التي تتبع. تلعب القصة مع الموضوعات الرومانسية الكلاسيكية، ولكنها تضفر تلك الموضوعات مع مضاعفات وعناصر من الخيال العلمي. بنية معقدة تقذف القارئ من الحاضر إلى الماضي أو المستقبل. مفارقات تنبسط معها وتنسحق المعاني والمعاناة الإنسانية، ويفتك الزمن الملتبس بحقائق القلوب.

إذا كنت لم تقرأ جين أوستن، وكنت تفترض أن أعمالها اقتصرت على سير نساء يقضين وقتهن في ملابس النوم وإقامة الحفلات وتزجية الأوقات الرتيبة، فإن روايتها “كبرياء وتحامل” ستجعلك تعيد النظر في تقييمها. إنها رواية عاطفية تقدم وثيقة ساخرة أحيانا، وصادمة غالبا، وحقيقية باستمرار عن العصر الفيكتوري في بريطانيا العظمى. فبطلة الرواية إليزابيث بينيت هي امرأة من نار، تبحث عن الحب، الذي تجده عند السيد دارسي الأرستقراطي. تنشأ عن العلاقة سلسلة من سوء الفهم، تكشف جوانب فظة من مجتمع السيّد والعبد. جين أوستن في هذه الرواية تقدم شهادة عن مجتمعها من خلال قصة حب.

هي قصة حرب تختبئ فيها قصة حب. قصة الملازم فريدريك هنري مع ممرضته كاترين خلال الحرب العالمية الأولى، تحت وقع المعارك الحربية واللحظات العصيبة. يكافح الملازم في البحث عن حبيبته وكأنه يريد الهروب من الحرب إلى الحب. الرواية في حقيقتها تبدو بعيدة عن الانشغال بمفاهيم الأنوثة والذكورة، هي معنية بالدرجة الأولى بالهم الإنساني الذي تزلزله ارتكابات الإنسان وحماقاته. وهنا تتبدى عبقرية همنجواي كراوٍ، وكاتب حميم، وناقد حقيقي للسياسة بما تعنيه من علاقات ومخاصمات وحروب.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل