المحتوى الرئيسى

مجلس التعاون العربي .. حلم أجهضه الغزو

02/16 13:17

تحل اليوم السادس عشر من فبراير الذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس مجلس التعاون العربي الذى كان يعد كيانا اقتصاديا يدفع باتجاه دعم الجهود الوحدوية الاقتصادية العربية نحو تحقيق الحلم العربي (السوق العربية المشتركة)، كما يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي التدريجي بين الدول الأعضاء وخاصة في الميادين الاقتصادية والمالية والصناعية والزراعية والنقل والمواصلات والاتصالات والثقافة والتعليم والإعلام والبحث العلمي والشؤون الاجتماعية والصحية والسياحية، سعيا نحو إقامة سوق مشتركة بين الدول الأعضاء وصولا إلى السوق العربية المشتركة والوحدة الاقتصادية العربية.

هو حلف عربي تم تأسيسه في بغداد في 16 فبراير 1989 بعد انتهاء حرب الخليج الأولى ليجمع كل من العراق والأردن واليمن الشمالي (وقتها) ومصر العائدة حديثًا إلى الحضن العربي في وقته (بعد تجميد عضويتها بالجامعة العربية إثر إبرام السادات معاهدة السلام مع إسرائيل).

تم تأسيس هذا الحلف بعد مجلس التعاون الخليجي الذي يجمع ست دول عربية مطلة على الخليج العربي عدا العراق. كان مخططًا لمجلس التعاون العربي أن يقوم بدور ريادي في المنطقة لولا الحروب التي أتت عليها، حيث كانت الرغبة في توثيق عرى التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بين أعضائها.

إعلان قيام مجلس التعاون العربي جاء تجسيداً وتتويجاً لتطور في العلاقات والمصالح المشتركة التي كانت قائمة بين الدول الأربع المؤسسة للمجلس في الفترات السابقة، حيث كانت معالم تلك العلاقات تتمثل في تزايد حجم التبادل التجاري الذي كان مستهدفاً أن يصل عام 1989 أي عام التأسيس إلى حوالي 500 مليون دولار بين الأردن ومصر، ومليار دولار بين الأردن والعراق، و500 مليون دولار بين مصر والعراق. وبالطبع فإن هذا الهدف تطور وازداد مع قيام المجلس، ويشار في هذا الصدد إلى حجم العمالة المصرية الكبير في كل من الأردن (حوالي 160 ألف عامل)، والعراق (حوالي 1.5 مليون عامل)، واليمن حوالي (60 ألف عامل) وهو ما يمثل أرضية من العمالة القائمة بين الدول المؤسسة وبشكل كبير قبيل قيام الاتحاد، يدعم ذلك تعاون عسكري ملموس في الحجم والمدى خاصة بين مصر والعراق، وكذلك بين العراق والأردن واليمن.

وعلى صعيد الشركات المشتركة فإنه يلاحظ وجود مجموعة من الشركات المشتركة بين مصر والأردن، وبين مصر والعراق، وبين مصر واليمن. كما ظهر التعاون في مجال البنية الأساسية خاصة في مشروعات ربط شبكات الكهرباء ومشروعات النقل والمواصلات، حيث جرى تأسيس الجسر البري بين العراق ومصر والأردن، وفي نفس الاتجاه جرى التنسيق الصناعي في قطاعات مختلفة، وجرى تبادل ثقافي واسع النطاق بين مصر والعراق واليمن، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية لتنظيم العمالة بين مصر والأردن، وأخرى بين مصر والعراق، وثالثة بين مصر واليمن.

وعلى صعيد المواطنين، أبرمت عدد من الاتفاقيات بين البلدان المؤسسة للمجلس تسمح بحرية تنقل مواطني المجلس بين الدول اﻷعضاء دون قيود، وهو ما خدم العمالة بين تلك الدول، وجزء من تلك الاتفاقيات ظل ساريًا حتى قبل الربيع العربي.

وبرغم أن مجلس التعاون لم يأت من فراغ ولا بقرار طارئ ومفاجئ، وإنما أتى نتيجة علاقات ثنائية متقدمة بين دوله الأربع حيث هناك الارتباطات الاقتصادية الثنائية واللجان العليا للتنسيق المشترك برئاسة رؤساء الوزراء، كما يقوم بينها الكثير من المبادلات التجارية والمشروعات المشتركة.. رغم كل هذا فإننا نعتقد أن المعطيات السياسية لعبت الدور الأساسي في قيام مثل هذا المجلس، وإن كانت كل دولة من دوله الأعضاء تحاول أن تخفي هذا السبب وتبرز بالمقابل الأسباب الاقتصادية، لكنها لم تكن تنكر الأسباب السياسية.

مصر كانت تعيش وسط جهود إعادتها إلى الجامعة العربية في جو من جهود عربية لتحقيق مصالحات عربية.

والعراق الذي ظهر بعد حرب الخليج الأولى كمنتصر في تلك الحرب وبعد أن ثبّت دورا مميزا له داخل الجامعة العربية خارج القاهرة، يريد أن يسد المعروف لمصر من جهة ويكرس نفسه كقائد له حضور في الساحة العربية.

ومصر في المقابل تريد أن تحافظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل وفي الوقت نفسه تريد أن تعود إلى الحظيرة العربية أيضاً بدورها التقليدي المميز، في حين يبتغي اليمن من وراء ذلك تحسين أوضاعه الاقتصادية باعتبار أن العراق يشكل قاعدة اقتصادية جيدة، وأن يدفع لنفسه بدور سياسي. أما الأردن فيريد أن يلعب دوراً سياسيا بعد أن كادت سوريا تحرمه منه، إضافة إلى الدافع الاقتصادي والمكاسب المتأتية من العلاقة المميزة مع العراق.

لم يدم هذا الحلف إلا لبضعة أشهر فقط حيث انفرط بمجرد غزو العراق لجارته الكويت سنة 1990، فالانهيار السريع لهذا المجلس إثر الاجتياح العراقي للكويت، والمواقف المتباينة لبقية أعضائه من هذه الحرب.

وأفصح الرئيس المصري حسني مبارك عن أهداف المجلس بعد اجتياح العراق الكويت: قائلاً “إن مجلس التعاون العربي كان له هدفان محددان”، مشيراً إلى أن القادة العراقيين استمروا في محاولة تحقيق الهدفين لمدة سبعة أشهر، وأوضح أن أحد الهدفين كان توقيع اتفاقية دفاع مشترك.

أما الهدف الثاني الذي أشار إليه الرئيس المصري فتمثل في توقيع اتفاقية أمن مشترك، وعلق الرئيس مبارك على هذه الاتفاقية بأنها كانت تهدف إلىى دمج أجهزة المخابرات بعضها ببعض.

كشف الرئيس المصري عما يعتقد بأنها الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إنشاء مثل هذا المجلس، وهذا الكشف المتأخر أو ما تلاه من تبعات حرب الخليج الثانية والأداء العربي المتواضع، يدلل على أن النوايا لم تكن بعيدة عن الشك وعدم الثقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل